لجريدة عمان:
2025-12-13@14:05:26 GMT

البلاد السعيدة

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

ما إن سمعت بخبر تدشين مشروع الرحلة الاستكشافـية « سلطنة عمان جوهرة العرب» حتى قفز إلى ذهني مباشرة أول كتاب قرأته عن عبور صحراء الربع الخالي، وكان بعنوان البلاد السعيدة لمؤلفه برترام توماس والذي يعيد هذا المشروع إحياء رحلته التاريخية التي قام بها للربع الخالي عام 1928. رجعت إلى مكتبتي التي كساها الغبار لأجد الكتاب بنسخته القديمة حين قامت وزارة التراث القومي والثقافة آنذاك بطباعة الكتاب فـي 1982 بترجمة شيخ المترجمين محمد أمين عبدالله.

شجعتني الذكرى لأعيد قراءة الكتاب من جديد وكأنني أقرأه لأول مرة فعنوانه يدفع أي قارئ لمعرفة ما هي البلاد السعيدة ولم هي سعيدة؟ ولماذا اختار المؤلف هذا العنوان الذي هو فـي الأصل الاسم الذي أطلقه الرومان القدماء على البلاد العربية التي تقع فـي جنوب الجزيرة العربية وتحديدا ظفار واليمن ومنه استقى المؤلف عنوان كتابه استذكارا للتاريخ واحتفاء بتراث وعراقة وحضارة تلك البلاد وأهلها التي كما قال المؤلف عنها بأنها «تدل على حضارات سبئية أو معينية قد اندثرت قبل ظهور الإسلام» وبهذا التساؤل يبدأ المؤلف كتابه فـي البحث عن أصل العرب العاربة والمستعربة وهذا التساؤل دفعه إلى الحصول على بعض الجماجم البشرية القديمة والقيام بفحص وقياس الجماجم البشرية لبعض رفقائه ومساعديه بغية الحصول على إجابة لتساؤلاته تلك وإرسال بعض منها إلى لندن مسقط رأسه للدراسة.

لم أنته من قراءة الكتاب فهو يقع فـي 400 صفحة ويحتوي على 20 فصلا تحدثت عن الموقع الجغرافـي والتاريخي لظفار والعادات والتقاليد التي كانت سائدة فـي ذلك الزمان فـي بدايات ثلاثينيات القرن الماضي ووصف بديع لتضاريس المنطقة والناس والقبائل التي تسكن ظفار وجبال القرا وبدايات رحلته فـي عبور الرمال ابتداء من مدينة صلالة على سواحل بحر العرب إلى مدينة الدوحة القطرية على سواحل الخليج العربي مرورا بصحراء الربع الخالي والصعاب التي تعرض لها فـي سبيل إتمامه لتلك الرحلة باعتباره أول مستكشف يقوم بتلك الرحلة المجهولة فـي الأراضي التي لم تطأها قدما مستكشف قبله باستثناء القبائل البدوية التي كانت تقطن أو ترحل فـي تلك الصحراء الشاسعة.

للكتاب والرحلة قيمة حضارية ومعرفـية ليس فقط لسكان الجزيرة العربية أو العرب بوجه عام وإنما للعالم أجمع، فالصحراء الشاسعة والتي كانت مجهولة للعالم أجمع وتعتبر من أكثر الأماكن غموضا وخطورة فـي العالم لا يجرؤ أي مغامر على عبورها واستكشافها ورسم خرائط تفصيلية عنها، إلى أن جاء برترام توماس وقرر الدخول فـي مغامرة فشل فـيها من سبقه من الرحالة والمستكشفـين من أمثال ريتشارد بيرتون الذي لم يكتب لرحلته النجاح، غير أنه أي توماس فتح الباب على مصراعيه لباقي المستكشفـين والرحالة الأوروبيين لاستكشاف الربع الخالي من أمثال جون فـيلبي المعروف باسم عبدالله فـيلبي الذي استطاع عبور الربع الخالي تلاه بعد ذلك بسنوات قليلة الفريد ثيسجر الملقب بـ «مبارك بن لندن» الذي اقتفى أثر برترام توماس وعبدالله فـيلبي فـي عبور الرمال العربية وكتب كتابا مهما عن عبوره للرمال.

قد يكون هذا الكتاب من أجمل الكتب التي كتبت فـي أدب الرحلات خصوصا عن البدو والصحراء ولا يماثل هذا الكتاب فـي روعته كما قلت إلا كتاب آخر لرحالة انجليزي أيضا هو الفريد ثيسجر فـي كتابه الممتع «الرمال العربية» الذي أصدره فـي 1959 أي بعد مضي ما يقارب الثلاثين عاما من الرحلة التي قام بها برترام توماس ويتحدث فـيه عن رحلاته التي قام بها فـي عبور الربع الخالي مع رفاقه من البدو من القبائل بأسلوب وصفـي أدبي شاعري يختلف عن الأسلوب المستخدم فـي كتاب البلاد السعيدة الذي يميل إلى الأكاديمية والتحليل العلمي.

مما قاله برترام توماس فـي كتابه عن البلاد السعيدة «الربع الخالي ليس مجرد بحر من الرمال بل هو شهادة حية على قدرة الإنسان على الصمود والتكيف فـي أصعب الظروف» وفـي وصف البدو الذين رافقهم خلال رحلته وصفهم توماس فـي كتابه بأنهم « سادة الصحراء الحقيقيون يعيشون بارتباط لا ينفصل مع الطبيعة ويجدون فـي بساطتها مصدر قوتهم».

قد تكون هذه الرحلة الاستكشافـية لجوهرة الجزيرة العربية بمثابة تسليط الضوء على سلطنة عمان كوجهة عالمية تجمع بين التراث الثقافـي والطبيعي والسياحي ولتذكر العالم بالدور الحضاري الذي كانت تلعبه سلطنة عمان ليس فقط فـي المجالات السياسية والعسكرية وإنما أيضا فـي مجالات الاستكشاف والسياحة والجمال الطبيعي الخلاب، وكما أن الأماني قد تتحقق بإتمام هذه الرحلة بإصدار كتاب توثيقي عنها فإنني أطمع هنا بأن يتم إعادة طباعة كتاب البلاد السعيدة مرة أخرى باللغتين العربية والانجليزية ليكون مرجعا للعالم فـي التعرف على سلطنة عمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الربع الخالی سلطنة عمان فـی کتاب

إقرأ أيضاً:

سايمون شيمانسكي رئيس قسم النمو في شركة إكس تي بي العالمية: الذكاء الاصطناعي شريك ومساعد في الرحلة المالية وعملية الاستثمار

أكد سايمون شيمانسكي رئيس قسم النمو في شركة إكس تي بي العالمية أن على أهمية تحكم الناس بأموالهم بأنفسهم، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي من المفترض أن يكون شريكاً ومساعداً في الرحلة المالية وعملية الاستثمار، بحيث لا يتخذ القرارات بالنيابة عن الأفراد.
وقال شيمانسكي على هامش فعاليات القمة المالية من جوجل التي أقيمت مؤخراً بالتزامن مع أسبوع أبوظبي المالي في جزيرة السعديات في أبوظبي:” من المفترض أن يقدم الذكاء الاصطناعي الإجابات بشكل أسرع للأفراد، ويعطي مراجعة أفضل وصورة أوضح لكل ما يحدث في القطاع المالي، ولكن أساسًا القرار يجب أن يتخذه الناس بأنفسهم”.

وأضاف شيمانسكي:” نركز على الحلول التي تساعدنا كمؤسسة على تقديم خدمة أفضل لعملائنا، وبدأنا بدعم العملاء، واستقبال العملاء الجدد، والتحقق من الهوية (KYC)، وهذه كانت الحلول التي ركزنا عليها في البداية، والآن، نحن نركز على تقديم حلول الذكاء الاصطناعي كحلول أمامية، مع خطط لتوسيع هذه الحلول للعملاء الحاليين والمحتملين داخل تطبيقنا”.

وذكر الذكاء الاصطناعي بالنسبة له أصبح شريكاً يومياً في كل ما أقوم به، وقال:” لا أتعامل معه على أنه وحي سيقدم لي الإجابات والحلول لمشاكلي، بل أراه كشريك نقاش يمكنني التحدث معه ومناقشة كل أفكاري وكل قراراتي المحتملة ورؤيتي الاستراتيجية للشركة، سواء من منظور استراتيجي أو تكتيكي، أنا أتحدث مع فريقي، ومع كبار المسؤولين في المنظمة، لكن أيضًا لدي “نقاشات” مع الذكاء الاصطناعي تساعدني على اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل”.

وأعرب شيمانسكي عن اعتقاده أن تأثير الذكاء الاصطناعي سيكون كبيرًا في كل مكان حول العالم، وربما تختلف الطريقة التي يعمل بها من مكان لآخر.
وقال:” في رأيي، هذه خطوة كبيرة للبشرية، وما علينا فعله كبشر هو فهم كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا، لا ينبغي أن نفكر بالذكاء الاصطناعي على أنه تهديد لوظائفنا أو لأعمالنا، بل يجب أن نراه كأداة تساعدنا على أن نصبح أفضل، ونطور أنفسنا، وبمجرد أن نتمكن من القيام بذلك، سيكون له تأثير هائل على كل قطاع وكل منطقة في العالم، لأنه سيزيد إنتاجيتنا، ويعزز فعاليتنا، ويزيد من إبداعنا، وهذا بدوره سيعطينا نتائج أفضل في المستقبل”.


مقالات مشابهة

  • توماس فريدمان يقدم قراءته التحليلية لإستراتيجية ترامب للأمن القومي
  • سايمون شيمانسكي رئيس قسم النمو في شركة إكس تي بي العالمية: الذكاء الاصطناعي شريك ومساعد في الرحلة المالية وعملية الاستثمار
  • تشكيلات كثبان وحقول نجمية وسبخات.. لماذا «الربع الخالي» من أكبر الصحاري الرملية في العالم؟
  • توماس مولر ينقلب على رونالدو: بلا نقاش.. ميسي الأفضل في التاريخ!
  • مغامرو «نقتفي أثر أسلافنا» يختتمون مسيرًا بريًا تراثيًا في ولايات الداخلية
  • رحلة غامضة لطائرة عسكرية أميركية في اليابان تثير التساؤلات
  • عندما يفارق راكب الحياة أثناء الرحلة الجوية.. هكذا تتصرف الطواقم
  • السكة الحديد تسير الرحلة (37) لقطارات العودة الطوعية للأشقاء السودانيين
  • السكة الحديد تسير الرحلة 37 لقطارات العودة الطوعية للأشقاء السودانيين
  • ٢٩ ساعة في الجو: رحلة تشاينا إيسترن بين شنغهاي وبوينس آيرس تسجل رقما قياسيا للسفر فائق الطول