الأوضاع في بورتسودان: بين ضغوط النزوح واستراتيجيات الهيمنة
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
زهير عثمان
شرق السودان، بولاياته الثلاث: البحر الأحمر، كسلا، والقضارف، يمثل حاليًا أحد أكثر المناطق استقرارًا نسبيًا في السودان، مما جعله مقصدًا لآلاف النازحين الهاربين من ويلات حرب 15 أبريل 2023. وقد باتت ولاية البحر الأحمر، وتحديدًا مدينة بورتسودان، مركزًا إداريًا مؤقتًا للبلاد، مستقطبة الباحثين عن خدمات أساسية، وعلى رأسها استخراج الأوراق الثبوتية.
ضغط النزوح ومآسي الإيواء
مع توافد آلاف النازحين، فتحت ولاية البحر الأحمر أكثر من 25 مركز إيواء، إلا أن هذه المراكز تفتقر إلى الخدمات الأساسية، مما دفع كثيرين للبحث عن مساكن للإيجار أو المغادرة إلى ولايات أخرى. ارتفاع الإيجارات ومستوى المعيشة في بورتسودان زاد من معاناة النازحين، خاصة بعد إغلاق بعض مراكز الإيواء لإعادة استخدام المدارس.
وفي ظل نقص مياه الشرب، مع امتلاك هيئة مياه البحر الأحمر سبعة ناقلات فقط لتغطية المدينة، باتت أزمة المياه واحدة من أكبر التحديات. ومع الجهود المحدودة التي تبذلها بعض المنظمات الدولية لتوفير المواد الغذائية، لجأ العديد من النازحين إلى التسول في الأسواق والمساجد للحصول على لقمة العيش.
المشهد الأمني والتحشيد العسكري
رغم حالة الاستقرار النسبي، يواجه الشرق تهديدات أمنية متزايدة. تشهد المنطقة تحشيدًا عسكريًا من فصائل مختلفة، بعضها من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، وأخرى حديثة التشكيل تلقت تدريبها في دول حدودية. إلى جانب ذلك، يتواجد تحالف أحزاب وحركات شرق السودان بقيادة شيبة ضرار، الذي يثير احتكاكات مع القوات المسلحة السودانية بين الحين والآخر.
هذا الوضع أدى إلى نزاعات بين القوى العسكرية المختلفة حول السيطرة على موارد وسلطة شرق السودان، حيث تتهم بعض الفصائل الحركات المسلحة القادمة من دارفور بالسيطرة على العقارات التجارية في بورتسودان، مما خلق حالة من الغضب والتوتر داخل المجتمعات المحلية.
دور حكومة الأمر الواقع
في خضم هذه الأوضاع، تسعى حكومة الأمر الواقع في بورتسودان إلى فرض سيطرتها من خلال تقسيم الكيانات السياسية والمجتمعية. تُتهم الحكومة بتغذية الانقسامات لضمان الهيمنة على المشهد السياسي في المنطقة، ما يعمق حالة التشاحن بين القوى المحلية ويعزز من خطاب الكراهية والتوتر الاجتماعي.
تداعيات محتملة
يشير مراقبون إلى أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة في الشرق. انتشار السلاح بشكل غير منظم، ودعم القوات غير النظامية بذريعة الاستنفار أو المقاومة الشعبية، يعزز احتمالية نشوب نزاعات جديدة. إذا لم يتم احتواء هذه التوترات بوسائل قانونية وعادلة، فقد تجد الحرب طريقها إلى الشرق، مما يهدد استقراره الهش.
وإن ما يمر به شرق السودان، وخاصة بورتسودان، يعكس مأساة إنسانية مركبة وضغوطًا سياسية وأمنية متشابكة. إن معالجة هذه الأوضاع تتطلب رؤية وطنية شاملة، تبدأ بتوفير الخدمات الأساسية للنازحين، مرورًا بنزع فتيل التوترات بين الفصائل المسلحة، ووصولًا إلى تحقيق عدالة اجتماعية وسياسية تنهي سياسة الهيمنة وتقسيم الكيانات التي تنتهجها حكومة الأمر الواقع.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: البحر الأحمر فی بورتسودان شرق السودان
إقرأ أيضاً:
ذا صن: اليمنيون ينجحون في فرض معادلات ردع جديدة داخل البحر الأحمر
وسلطت صحيفة "ذا صن" البريطاني في تقرير صادر عنها، الضوء على القدرات العسكرية المتطورة التي بنتها اليمن خلال السنوات الماضية والتي أربكت واشنطن والكيان الصهيوني وأوروبا على حد سواء.
وأفاد التقرير أن هذه القدرات شكلت مصدر قلق حقيقي للاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة حيث أثرت العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، دعما واسناداً لغزة، على حركة التجارة في الموانئ الصهيونية، خاصة مع فرض اليمن حصاراً بحرياً فعالاً أدى إلى شلل حركة ميناء أم الرشراش "ايلات" واغلاقه نهائياً.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى فشل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والاتحاد الأوروبي، في كسر إرادة اليمنيين، الذين نجحوا في فرض معادلات ردع جديدة داخل البحر الأحمر، رغم كل المحاولات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والتدخلات السياسية.
وأضاف التقرير أن الردود الصهيونية والأمريكية على القدرات اليمنية جاءت مترددة وجزئية تعكس حالة الإرباك والقلق المتصاعد من تصاعد قوة اليمن العسكرية التي تعيد تشكيل قواعد الاشتباك وتضع تحديات كبيرة أمام المشروع الأمريكي في المنطقة، مؤكداً أن المعركة في البحر الأحمر أصبحت اليوم نموذجًا واضحًا لصمود اليمن وقدرتها على مواجهة التحديات الكبرى رغم الحصار والضغوط الدولية المتواصلة.