لماذا يعرض الخطاب الديني خرج الحلبة؟
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
غاية التدين السيطرة على النفس لا على الآخرين/ جلال الدين الرومي
بقلم: حسن أبو زينب عمر
(1)
لا تختلف عنزتان حول دور الخطاب الديني في التوعية والتربية والتوجيه حتى وسط المجتمعات غير المسلمة وأعنى هناك بطبيعة الحال الخطاب الإسلامي ..قبل ثلاثة سنوات على ما أظن استضافت ولاية البحر الأحمر ورشة عن المخدرات ودورها التدميري المميت للمجتمعات .
(2)
استرعى انتباهي في المشاركين أمريكي من أصل سوداني يزعم أنه يمتلك علاجا ناجزا من واقع تجربة شخصية عاشها في مدينة نيويورك حيث يقيم وحينما كنت مهتما بالقضية وخائفا على مستقبل الشباب وبالذات في الأحياء الطرفية الهامشية المنسية لمدينة بورتسودان حيث انتشر الداء انتشار النار في الهشيم وفعل فعلته الكارثية السوداء وسط مجتمع يسوده الجهل والأمية ..اقتربت من الخبير الأمريكي السوداني وطلبت منه أن يكشف لي عن العقار الذي جاء يه من أمريكا لعلاج الإدمان فحدث مالم يكن في الحسبان اذ وضع أمامي كتاب الله وقال لي هذا هو السلاح الذي يستخدمه لعلاج مرضاه المسيحيين واللادينين .قال لي انه يطلب من المدمن الكف عن الزنى وشرب الخمر ولعب الميسر فيعود اليه بعد فترة لا تتجاوز الشهرين ولسانه يلهج بالشكر انه استعاد صحته وعافيته واستقامته ولديه طلب واحد فقط يحلم بتحقيقه وهو الدخول في الإسلام I want to be a moslem .
(3)
الرواية تفتح على مصراعيها دور الخطاب الديني في مجتمعنا وهل يؤدي الدور المنوط به ..لا أريد شطبه كلية ولكنه دور باهت لازال يتحدث بلغة تجاوزها الزمن بكل المعايير ..دليلي هنا ثلاثة مشاهد عشتها في ولاية البحر الأحمر وأود ذكرها ..الأول هو الحرب الأهلية التي نشبت بين ثلاثة مكونات اثنية تخللتها فظاعات تشيب من هولها رؤوس الأجنة في أرحام النساء فقد استبيحت ممتلكات بالمليارات واشتعلت حرائق في أدوار سكنية وسفكت دماء ذكية لأبرياء ألقاهم انتماء عرقي ليس لهم يد فيه في أتون الموت .
(4)
في أحد المشاهد فان القاتل لم يكتفي بإطلاق النار عن كثب على رأس الضحية بل حمل الجثمان على ظهره والدماء تنزف من الرأس الممزقة وصب عليه الزيت وأضرم فيه النار وترك مالم تلتهمه النيران الى الكلاب الضالة في الأرض الخلاء ..أنا أشك أن كان لهذا القاتل حتى فتات من الثقافة الدينية بل أشك انه سمع بالآية التي تقول (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) سورة النساء الآية 93 .. قناعاتي هنا ان التوعية الدينية تلعب دورا محوريا في رأب الصدع ورتق النسيج الاجتماعي ولكن الغياب الذي ربما ورائه ضآلة الإمكانيات المخصصة وضعف الرؤية الدعوية حالت دون القيام بالدور المطلوب للأجهزة الدينية.
(5)
القضية الثانية فهي قضية انتشار المخدرات بصورة مخيفة وسط مجتمعاتالأحياء الطرفية والسبب ليس قصور دور الدعاة ورجال الدين وانما نمطية الخطاب فهو تكرار للوعظ التقليدي الذي تسمعه الناس دون كثير من الاكتراث الا من رحم ربي فهناك على سبيل المثال الجريمة البشعة التي مرت مرور الكرام وهي اقدام شاب على قتل والدته طعنا بالسكين في أحد الأحياء الشعبية حينما رفضت الأم إعطائه مالا طلبه لشراء المخدر الذي أدمنه ..مثل هذه الجرائم ينبغي استثمارها بالصورة المطلوبة لكونها نقطة الانطلاق الفعالة لمكافحة الآفة الخطيرة .
(6)
اللامعقول هنا ان الجريمة حدثت خروجا عن التقاليد والأعراف المتبعة وسط مجتمع يجرد الانسان من رجولته اذا تجرأ ورفع يده على امرأة اذ فهذا من أكبر التابوهات) فالمرأة في هذه المجتمعات مقدسة فما بالك حينما يسن شاب نصل سكينه لينهال طعنا في جسد التي حملته 9 أشهر في بطنها ثم أغدقت عليه العطف والأمومة حتى أصبح رجلا مكتمل العقل مفتول العضلات .ابراز هذه الجريمة بالنفخ فيها واستخدام تفاصيلها تحت مانشيت كبير هو الترويج لصحيفة يخطط رئيس تحريرها لزيادة مبيعاتها بل تعمل على توسيع مدارك المجتمع نحو الدور المميت الذي تلعبه المخدرات وهو ما عجزت فيه حلقات الوعظ الناعمة التي يرددها الأئمة والخطباء عن أحاديث الحرام والحلال داخل المساجد .
(7)
ثالثة الأثافي كانت مرض (الكورونا) اللعين الذي انتبه العالم أجمع لخطورته فاتخذ إجراءات صارمة نحو الالتزام بلبس الكمامات والتباعد في الصلوات داخل المساجد مع تقليص عدد المصليين .. حدث هذا في الحرم المكي حيث تتجه شطره وجوه مئات الملايين في العالم وحدث هذا في مساجد ديار الإسلام من الباكستان شرقا الى المغرب غربا ومن تركيا شمالا الى مصر جنوبا .. وحدنا في السودان وقفنا ضد الموج ..وحدنا أصبحنا الصوت النشاز في هذه المنظومة فقد وقف أصحاب الكتف في الكتف والقدم في القدم بالمرصاد لكل من أشار الى الآية الكريمة (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة الآية 195 في مسلك غريب لا تفهم منه الا انه (رجالة) وليست حماية لحياة الانسان الذي كرمه الخالق .
(8)
حينما ساد العناد وركوب الراس والمرض القاتل يهدد بحصد المزيد من الأرواح اتخذ الوالي قرارا بمنع الصلاة في المساجد فجاءنا صوت المؤذن يقول (صلوا في رحالكم يرحمني ويرحمكم الله) ..العبر والدروس المستفادة من القضية المطروحة هي غياب الخطاب الديني عن قضايا الساعة وهي قضايا كثيرة وعلى رأسها قضية البيئة المنهارة التي هي سبب ونتيجة لقضية التلوث والتدني الصحي وما يطرحه من إفرازات هي السبب المباشر في انتشار الأمراض المعدية وارتفاع نسبة الوفيات ..قضية المرأة التي تترك بيتها وأطفالها وزوجها ومسئولياتها لتلبية دعوات في الفاضية والمقدودة ومنها أيضا اقامتها داخل وخارج المستشفيات لزيارة مريض منوم .
(9)
قضايا العطالة المتفشية وسط الشباب وقتل الوقت الثمين في الأندية والمقاهي ..ثم هناك أيضا ضرورة الترويج لثقافة العمل التطوعي وسط المجتمع بإبراز حسناته سدا لحاجة أصحاب الحاجة (من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ) .كلها قضايا يمكن أن يلعب فيها الخطاب الديني دورا رائدا .
(10)
ان الخطاب الديني كان يمكن أن يلعب دورا أكثر إيجابية لو تم استثماره في القضايا التي ترتبط بحياة الناس ومعايشهم في الدنيا والآخرة بدلا من تشنيف الآذان بقصص (طير الأبابيل وأفيال أبرهة) وهي قصص بدأ الجميع بها الدراسة أطفالا في المدارس الابتدائية. وهو ما درج عليها امام مسجدنا الذي هدد بالتوقف عن مهمة امامة المصلين في المسجد اذا تم تطبيق نظام التباعد درأ لانتشار مرض (الكورونا) قبل أن يخصص شهرا كاملا خلال خطبة الجمعة عن عودة المسيح الدجال والشمس التي تشرق من المغرب كأهم علامة من علامات قيام الساعة.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الخطاب الدینی
إقرأ أيضاً:
التدريب الديني أولاً.. نيويورك تايمز: الولاء يطغى على الكفاءة في بناء الجيش السوري الجديد
أضاف التقرير أن التدريبات العسكرية تفتقر إلى المحتوى العملي، إذ يُخصَّص الأسبوع الأول بالكامل لدروس دينية، من بينها محاضرة استمرت ساعتين ونصف الساعة حول مولد النبي محمد.
أفاد تقرير خاص نشرته صحيفة نيويورك تايمز بأن السلطات السورية الجديدة، التي تولّت الحكم قبل عام بعد سقوط نظام بشار الأسد، بدأت بإعادة تشكيل المؤسسة العسكرية التي أُقيلت بالكامل عقب استيلاء فصائل متشددة على السلطة، بعد أن كانت أداة للقمع طوال خمسة عقود من حكم العائلة الحاكمة.
وبحسب التقرير، تعتمد قيادة الجيش السوري الجديد على دائرة مقرّبة من رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، القائد السابق لفصيل "هيئة تحرير الشام"، في تعيينات المناصب القيادية، حتى لو كان المرشّح يفتقر إلى الخبرة العسكرية أو المؤهلات الأكاديمية.
وأشار التقرير إلى أن مقابلات أُجريت مع ما يقرب من عشرين جندياً وقائداً ومجنداً جديداً في مختلف أنحاء سوريا كشفت أن المقاتلين السابقين في "هيئة تحرير الشام" يحصلون على أولوية في التعيينات، متجاوزين ضباطاً انشقوا عن جيش الأسد وتملكوا خبرة تنظيمية طويلة.
ونقلت الصحيفة عن عصام الريس، المستشار العسكري في مجموعة "إيتانا" البحثية السورية، قوله إن "قائداً من هيئة تحرير الشام لا يملك حتى شهادة الصف التاسع يُعيّن اليوم على رأس كتيبة، ومؤهلُه الوحيد هو ولاؤه لأحمد الشرع".
التدريب الديني يطغى على المهارات العسكريةوأضاف التقرير أن التدريبات العسكرية تفتقر إلى المحتوى العملي، إذ يُخصَّص الأسبوع الأول بالكامل لدروس دينية، من بينها محاضرة استمرت ساعتين ونصف الساعة حول مولد النبي محمد.
وأوضح مجنّدون سابقون أن الحظر الصارم على التدخين أثناء الخدمة دفع العشرات إلى الانسحاب، بينما طُرد آخرون لعدم الالتزام. ونقلت الصحيفة عن أحد المتدربين في بلدة مارع بريف حلب قوله إن عدد المجندين في دفعته تراجع من 1400 إلى 600 خلال ثلاثة أسابيع.
وأشار مسؤولون ومقاتلون سابقون إلى أن هذا النهج التعليمي يعكس الأيديولوجية السُّنية المحافظة التي كانت "هيئة تحرير الشام" تتبنّاها خلال سيطرتها على إدلب.
غياب الأقليات عن المؤسسة العسكريةولفت تقرير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الجيش السوري الجديد لم يدمج أياً من الأقليات الدينية أو العرقية، رغم أن سوريا مجتمع متعدد الأديان.
ونقل التقرير عن مسؤول دفاعي سوري، تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، أن الحكومة لم تحسم بعد ما إذا كانت ستسمح للأقليات بالالتحاق بالجيش.
Related الجيش السوري الجديد: من العقيدة البعثية إلى التوجّه الجهادي.. ماذا بعد؟بضوء أخضر أمريكي.. دمج نحو 3500 مقاتل أجنبي في الجيش السوريتركيا توقع اتفاق تعاون عسكري مع سوريا وتتعهد بتدريب الجيش السوريوأشارت الصحيفة إلى أن استبعاد العلويين والشيعة، على وجه الخصوص، يثير مخاوف من اشتعال جديد للعنف الطائفي، خاصةً بعد موجات القتل التي شهدتها البلاد خلال العام الماضي، والتي قالت جماعات حقوقية إن قوات متحالفة مع الحكومة شاركت فيها.
وأشار التقرير إلى أن هيمنة الولاءات الشخصية على القيادة العسكرية تعرقل المفاوضات الجارية منذ أشهر مع "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تسيطر على مناطق الشمال الشرقي.
وأوضح أن هذه المجموعة تملك هيكلاً قيادياً منظماً، لكن التقدم في مسار دمجها ضمن الجيش الوطني ظل ضئيلاً.
تدريبات دون معايير حرب حديثةوقال تقرير الصحيفة إن التدريبات لا تتضمّن أي محتوى حول قوانين الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، باستثناء توجيهات شفهية بعدم تعميم أفعال الأفراد على كامل المجموعات.
ونقلت نيويورك تايمز عن عمر الخطيب، قائد عسكري في حلب و خريج قانون، قوله: "في جيشنا، يجب أن توجد شعبة متخصصة في الوعي السياسي ومنع جرائم الحرب. هذا أهم من تدريبنا على عقيدة دينية نعرفها سلفاً".
وذكر التقرير أن الحكومة السورية أبرمت اتفاقاً أولياً مع تركيا لتدريب الجيش، بحسب ما أكده قتيبة إدلبي، مدير الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية.
غير أن الاتفاق، وفق إدلبي، لا يشمل توريد أسلحة أو معدات عسكرية بسبب استمرار العقوبات الأمريكية على سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أنها أرسلت قائمة مفصلة من الأسئلة إلى وزارة الدفاع السورية، بما في ذلك استفسارات حول معايير التجنيد وتمثيل الأقليات والهيكل القيادي، لكنها لم تتلقَّ أي ردّ بعد عدة طلبات متكررة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة