انتفاضة 2 ديسمبر.. محطة فاصلة في مواجهة مليشيا الحوثي
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
مثّلت انتفاضة 2 ديسمبر 2017، التي قادها رئيس الجمهورية الأسبق الزعيم علي عبد الله صالح - طيّب المولى ثراه- ضد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، محطة هامة في مسار الأحداث اليمنية، وأصبحت منارة تضيء درب التحرر من كهنوت الإمامة بجلبابها الحوثي.
جاءت الانتفاضة بعد سنوات من محاولات عديدة من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام لتعديل اعوجاج الحركة الحوثية التي نفذت في 21 سبتمبر/أيلول 2014 انقلاب مليشياوي، واجتاحت العاصمة اليمنية صنعاء، واستمرت في تجريف المؤسسات الحكومية من منسوبيها، وإحلال قياداتها ومواليها، علاوة على حملات النهب والجبايات المنظمة.
وقال محللون سياسيون ومراقبون لوكالة "خبر" إن الانتفاضة اندلعت نتيجة لاستمرار الحوثيين في نهب موارد الدولة، وفرض الجبايات على المواطنين والتجار، وأحياء الفعاليات والأنشطة الطائفية بتمويل الزامي من التجار والمواطنين، إلى جانب امتناعهم عن صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ عام 2016.
ووفقًا للمحللين، رافق النهب المنظم للموارد والجبايات تزايد ملحوظ في حملات الاعتقالات التعسفية بحق المعارضين والناشطين، حتى داخل مناطق سيطرتهم، ما اعتبره الزعيم صالح في خطاباته تجاوزا لكل الحدود، داعيا الشعب اليمني إلى مواجهة تلك الانتهاكات.
وانطلقت شرارة الانتفاضة من صنعاء، حينما دعا الزعيم صالح أبناء الشعب إلى تنظيم انتفاضة شعبية، مؤكدا على ضرورة "تصحيح المسار"، لتبدأ أصنام المليشيا تتهاوى تباعا، بدءا من صنعاء حتى حجة والمحويت وغيرها.
أُصيبت المليشيا الحوثية المدعومة من إيران بحالة إرباك شديدة، وسارعت بسحب مليشياتها من مختلف الجبهات، ودفعت بكامل ثقلها العسكري مسنودة بآليات ووحدة مدفعية نحو منزل الزعيم صالح بعد أن أغلقت جميع مداخل العاصمة ثم الشوارع المحيطة بمنزله في حي حدة وسط صنعاء.
خاض الزعيم صالح معركة غير متكافئة حينما واجه بندقيته الشخصية، وخلفه حرسه الخاص، جحافل المليشيا مسنودة بغطاء ناري كثيف بالأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف الدبابات والـ"آر بي جي"، ليسجل ملحمة أسطورية استمرت نحو 48 ساعة، قبل أن يرتقي شهيداً في الرابع من ديسمبر.
ووصف خبراء عسكريون هذه الانتفاضة بواحدة من أندر الانتفاضات وأكثرها شجاعة في تاريخ الشعوب. ولطالما انطلقت شرارتها من قلب عاصمة البلاد في ظل غياب أبسط دعم عسكري ولوجستي.
عروض وإغراءات
رفض الزعيم صالح عروض وإغراءات المليشيا مقابل التنازل عن مطالب شعبه وأهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، والقبول بعودة الإمامة الكهنوتية التي جثمت على صدر اليمن حقبة من الزمن، بعباءة الحوثية المنحدرة من ذات السلالة الظلامية أصلاً والعائدة لأخذ ثأر أسلافهم الطغاة من الشعب اليمني وجمهوريته ووحدته.
وبقدر ما شكّل استشهاد الزعيم صالح خسارة فادحة على الصف الجمهوري والشعب اليمني المقاوم للنظام الكهنوتي، إلا أن دعوته نفخت في جسد الشعب المنهار من جور القمع والجبايات وتقييد الحريات، روح النضال، وبعثت فيه عزيمة الكفاح ضد الطغيان والذود عن أهداف الثورة السبتمبرية، التي ولدت منها عهد جديد قائم على العدل والمساواة، وانعتق بولادتها شعب من عبودية السلالة ودعاة الحق الإلهي بالثروة والحكم.
استمرت المليشيا في ملاحقة أقارب الزعيم الشهيد صالح وقيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه، حيث زجّت بالآلاف منهم في معتقلاتها، بينهم صحفيين وناشطين وقبليين، رغم أنه لم يكن لهم أدنى مشاركة مسلحة في هذه الانتفاضة.
ومع أن اسم وصورة صالح أصبحا كابوسا يؤرق المليشيا، فإن ترديد هذا الاسم أو رفع صورة صاحبه يُعدّ جريمة في معايير هذه العصابة، ومصير صاحبها تغييب وتعذيب إلى أجل غير مسمى. إلا أن هذا الصلف فشل أمام وهج الانتفاضة التي نجحت في استعادة ثقة الشعب بنفسه، حيث توالت التحركات المناهضة لسياسة القمع والنهب الحوثي سواء قبليا أو مجتمعيا أو حقوقيا، ولذا زخرت البلاد بالعديد من الوقفات التي قابلتها قمع ووحشية، لكنها تزداد يوما بعد آخر.
هذه المخرجات هي في الأساس، حسب المراقبين والمحللين، نواة الانتفاضة، وشكلت نقطة تحول في الوعي الشعبي تجاه ضرورة مقاومة الحوثيين، ولا تزال أيضا تمثل رمزا للتحدي في وجه ممارساتهم.
بالقدر نفسه، فضحت انتفاضة 2 ديسمبر حدود الشراكة السياسية مع المليشيا الحوثية، مؤكدة أن تلك المليشيا لا تسعى إلا لتعزيز سيطرتها المطلقة على السلطة والموارد، وهو ما فضح عورتها أمام الشعب اليمنية ويحتم على جميع الأطراف المناوئة لهذه المليشيا أخذ كل ذلك بعين الإعتبار.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الزعیم صالح
إقرأ أيضاً:
أوكازيون المليشيات.. (الما عنده مليشيا ما عنده عيشة)
حيدر المكاشفي
تلزمني الامانة في البدء ان انسب الشطر الثاني من العنوان أعلاه لصاحبه الذي للأسف لم اتعرف على اسمه، يبدو ان صاحب هذا العنوان المعبّر (الما عنده مليشيا ما عنده عيشة) عندما هاله اكتظاظ سوق ام دفسو المليشي بالمليشيات، قرر ان يرتاد هذا السوق العامر ويلحق به مليشيته الخاصة، فكتب يقول (الواحد عشان يحفظ حقه لازم يسمي المليشيا باسمه، ما كمان يا جماعة ما ممكن انا اتعب واكوّن لي مليشيا فيها سلاح ومقاتلين وتاتشرات وحرب وموت واطلق عليها اسم وهمي كدا، لازم تكون بإسمي عشان الناس تعرف وتحفظ المقامات والحقوق
والعِرف يكلم الماعِرف.. الليلة قوات عثمان عبدالجبار، بكرة حا يكون متحرك ستنا بت صالح لتحرير المثلث، وقوات الشفيع ود احمد لفك الحصار عن الابيض وتحريرها من دنس التمرد، مافي اي مشكلة الرحم موجود والخصوبة عالية.. والما عنده مليشا ما عنده عيشة)..وقد اعادت حكاية (الما عنده مليشيا ما عنده عيشة) للذاكرة، شعار سابق مشابه لها فحواه (موتر وكلاش.. مال بلاش)، والغريبة ان هذا الشعار كان قد انتشر في وسط حالة من الاضطراب والفلتان والسيولة مثل التي تشهدها البلاد الآن وتسببت في تزايد اعداد المليشيات، حيث وجد بعض المتفلتين ضالتهم في الدراجة البخارية (موترسايكل) والبندقية الآلية (كلاشنكوف)، وإتخذوها سبيلاً ليوصلهم الى الثراء العريض بأسرع فرصة وأسهل وسيلة مستفيدين في ذلك من حالة الاضطراب والسيولة التي افرزتها حرب دارفور، فتأسوا بالمثل السالب الذي يقول (دار أبوك كان خربت شيل ليك منها شلية)، ولهذا صار شعار هذه الجماعة (موتر وكلاش.. مال بلاش).. ليحتل راكب الموتر وحامل الكلاش، مكان الجن الراكب الجواد وشايل جيم ثري، في وراثة عجيبة لتراث العنف والقتل والسطو وإشاعة الذعر وبث الفوضى، وتعاقب اجيال الفواجع والمصائب والمحن التي لا تأتي فرادى بل محنة تعقبها فاجعة تليها مصيبة وهكذا دواليك، فدلاليك الحروب والصراعات لم تكف لحظة عن الرزيم إلا بالمقدار الزمني الذي يسمح بنقلها الى مكان آخر، وستظل هذه الكأس دائرة ما ظلت ثقافة الحرب هى السائدة، وثقافة الحرب لا تسود إلا حين تضمر الدولة وتغيب قيمة المواطنة وتصبح المليشيات هى من يأخذ الحق والقانون بيده..
الحقيقة الماثلة اليوم ان المليشيات بعد حرب الندامة ما انفكت تتكاثر باضطراد حتى باتت عصية على التعداد مضافاً اليها المليشيات القديمة، وقد ظللنا بين الحين والآخر نسمع عن تكوين مليشيا جديدة أو تنسيقية جديدة، ولا غرابة فهذا التكاثر المليشي يتسق ويتناغم مع السياق السياسي والعسكري الذي افرزته الحرب ومؤداه (من أراد ان يستنفع فليكوّن له مليشيا، ومن ان أراد ان يستوزر عليه ايضاً تكوين مليشيا ليخوض بها حرب الكرامة)، اما المليشيات القائمة اصلاً ووالغة في الحرب فحقها في الاستنفاع محفوظ، وليس بالضرورة ان تكون المليشيا المنتفعة حاملة للسلاح، وانما يمكن ايضا ان تكون كتيبة اعلامية أو فصيلة من المحللين (الاصطراطيجيين) وهؤلاء حقهم في الاستنفاع على قاعدة (انفع واستنفع) محفوظ كذلك، وقد تجلى ذلك بوضوح في مضاغطة كثير من كتاب البلابسة والفلول لرئيس وزراء (حكومة الامل) كامل ادريس، بتحذيره تحذيراً مغلظاً من ان يأتي بوزراء لا سهم لهم ولا نصيب في حرب الكرامة، فماذا تُراه فاعل صاحب حكومة الامل والحوكمة والعلم والحداثة والرقمنة مع هؤلاء البلابسة مع انه هو ايضاً بلبوسي..والمشكلة ليست فقط في عدد المليشيات المتزايد وانما ايضا في عملية التجنيد الواسعة المستمرة لضم اشخاص جدد، ومنحهم رتب عسكرية مختلفة بغرض (تكبير الكوم)، وقد اسفت لقبول الزميل عطاف عبدالوهاب المنضم حديثاً لمليشيا العدل والمساواة قبوله رتبة صول فهذه الرتبة المتدنية لا تليق بمن ينتمي للوسط الصحفي، وتنخرط المليشيات في عمليات تكبير الكوم حتى تضمن نصيب اكبر فى كيكة السلطة والثروة، ووجود اكثر داخل القوات النظامية حين يحين اجل عملية الدمج والتسريح، وتعيد هذه العملية الى المشهد ما سبق ان حدث ابان اتفاقية عام 1972 بين حكومة مايو وقتها وحركة الانانيا الجنوبية، حيث نشطت الانانيا في تجنيد الكثيرين، ليتضح لاحقاً بعد استيعابهم فى الجيش بأنهم غير مؤهلين لينضموا لأي مستوى من المستويات داخل القوات المسلحة، وحتى لا تتكرر تلك التجربة الكارثية، لابد من حسم ظاهرة التجنيد ال(سمبلا) الذي يتم على طريقة اوكازيون السلع والبضائع قبل البدء عمليا فى تطبيق الترتيبات الأمنية، ولكن للأسف ان هذا التجنيد الجزافي يتم بدعم ومساندة قيادات الجيش التي تشرّف احتفالات التخريج..وهذا والله أمر مقلق على البلاد، ان لا يمر وقت إلا وتسمع بكيان جديد يعلن التسلح، أو أناس يدعون للتسلح، أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تصور للناس أن الحل لأزماتهم هو حمل السلاح. فخلال الأشهر القليلة الماضية احصيت شخصياً الاعلان عن خمسة كيانات مسلحة ترفع شعارات وقضايا جهوية، وتدعو الناس للتسلح بدعوى الدفاع عن أنفسهم، وحماية مصالحهم، وبعضها يلوح بالانفصال. والحقيقة الصادمة ليست هناك إحصاءات دقيقة معلنة وموثقة عن عدد الحركات والكيانات المسلحة في السودان، لكن بعض التقارير تحدثت عن أكثر من 80 حركة، بعضها لا وجود حقيقياً لها على الأرض، لكنها تبقى مهددة للأمن والاستقرار، وعائقاً أمام تحقيق السلام المستدام..
الوسومحيدر المكاشفي