أكَّد الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي لذوي الهمم، أنَّ العالم يقف أمام درس عظيم من دروس الحياة، حيث يعلِّمنا هذا الدرسُ أنَّ الجمال الحقيقيَّ هو ما يسكن القلوب، وأن القيمة الحقيقية للإنسان لا تُقاس بمظاهر القوة أو الكمال الجسدي، بل تُقاس بما يحمله الإنسان في قلبه من عزيمةٍ صادقة، وما يبذله في دنياه من خيرٍ وعمل.

المفتي: نعمل خلال الفترة المقبلة على إعادة منظومة القيم الأخلاقية المفتي: واجبنا تجاه القضية الفلسطينية ليس مجرد تعاطفٍ عابر بل هو التزامٌ دينيٌّ

وأشار إلى أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد وضع موازين الكرامة بقوله تعالى: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»، حيث تساوت في حضرته الأشكال، واختفت الحدود بين قادرٍ ومحدود.

وتابع: ثم جاء الحبيب المصطفى ﷺ ليزيد المعنى تفصيلًا في الحديث الذي رواه مسلم: «إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعْمَالِكُمْ». فما أعظمها من رسالة تُحرر الروح من قيود الصورة، وتدفعها للبحث عن الجوهر، الجوهر الذي يبرُز في ذوي الهمم كالشمس في وسط النهار.

وأشاد بهؤلاء الأبطال الذين قدَّر الله لهم أن يُواجهوا الحياة بقوةٍ استثنائية، حيث لم يثنِهم ضعفٌ، ولم يَعقْهم نقصٌ عن بلوغ العُلا، بل تراهم في كل خطوةٍ يزرعون الإلهام، وفي كل نظرةٍ يُضيئون الأمل، وكأنهم يُخبروننا أن التحدي ليس عدوًّا، بل هو صديقٌ يحمل في طياته سرَّ الإنجاز.

وتابع قائلًا: كم من يدٍ لا تبطش، ولكنها تُعلِّم، وكم من قدمٍ لا تسير، ولكنها تُخلِّد الأثر، وكم من لسانٍ لا ينطق، ولكنه يُحدِّثنا بلغةٍ أبلغ من لغة الكلمات، هؤلاء هم مَن يُعيدون تشكيل معاني الحياة، ويكتبون بإنجازاتهم سطورًا تبقى شاهدةً على أن العظمة تكمن في السعي، وأن الكرامة تكمن في الصبر.

ودعا إلى أن نكون -نحن أصحابَ النِّعم الظاهرة- دعمًا لهم وسندًا، نحطم القيود التي تعترض طريقهم، ونفتح أمامهم الآفاق التي يستحقون أن يبدعوا فيها، مؤكدًا أن يومهم هذا يجب أن يكون فرصةً لنا لمراجعة أنفسنا ونسأل: ماذا قدمنا لهم؟ وكيف شاركنا في رفع معاناتهم؟

واختتم فضيلته بالدعاء قائلًا: نسأل الله أن يجعلنا لهم عونًا وسندًا، وأن يوفقنا لخدمتهم بكل إخلاص.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: م فتي الجمهورية مفتي الإفتاء

إقرأ أيضاً:

الجذور الحقيقية للمافيا

على عكس الصورة الشائعة التي تربط المافيا بعصابات الشوارع الأميركية مثل آل كابوني، فإن للمافيا جذورها العميقة في الطبقة المتوسطة العليا الصقلية في القرن التاسع عشر، حيث نشأت من الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أعقبت النهضة الإيطالية ونهاية الاقتصاد الإقطاعي.

وكما يشير المؤرخ جان إيف فريتينييه، المتخصص في كوزا نوسترا (المافيا الصقلية)، فإن المافيا لم تولد بين فقراء الريف، وإنما في المناطق المزدهرة المحيطة بباليرمو حيث أعاد بعض أفراد البرجوازية الجديدة المحرومين من المنافذ الصناعية تدوير ممارسات إقطاعية استغلالية في مجتمع ليبرالي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون تستبعد أن تقوض عصابة تدعمها إسرائيل سلطة حماس بغزةlist 2 of 2وول ستريت جورنال: وثائق تبرز كيف اختطف نظام الأسد آلاف الأطفالend of list

ورغم اعتراف فريتينييه بوجود مافيا أخرى مثل كامورا في نابولي وندرانجيتا في كالابريا، فإنه يقدم "النموذج الصقلي" باعتباره الإطار الأفضل لتحليل الظواهر التاريخية للمافيا.

القبض على زعيم المافيا الإيطالية مارك بيارت في الدومينيكان وسط وجود أمني مكثف (رويترز) العلاقة بالنخب

ويلفت الكاتب، في تقريره بمجلة لوبوان الفرنسية، إلى أن البارون التوسكاني ليوبولدو فرانشيتي كان أول من رصد هذه الظاهرة في سبعينيات القرن التاسع عشر، عندما أشار إلى أن المافيا تختلف عن العصابات الإجرامية الشائعة في تنظيمها وعلاقاتها الوثيقة بالنخب.

ويذكر أن البداية الإجرامية للمافيا "نظمها أساسًا أعضاء البرجوازية الجديدة"، مشيرا إلى أن هؤلاء البرجوازيين، لا سيما عناصر الغابيلوتي -وهم وكلاء أثرياء للعقارات الإقطاعية القديمة- استطاعوا التستر على عنفهم وراء "أوميرتا"، وهي قانون صمت مستوحى من المحافل الماسونية والكاربوناري، وهم بذلك يُجسّدون طبقة استغلالية سرية لا تزال تُسيطر على مساحات شاسعة من العولمة حتى اليوم، وفقا لما جاء في تقرير بمجلة لوبوان الفرنسية.

ويؤكد فريتينييه أن هذه المنظمات الإجرامية لم تختفِ بسقوط جدار برلين، بل أصبحت عنصرًا محوريًّا في "الجانب المظلم" للعولمة، ووفقًا لفرانشيسكو بارباغالو، وهو مؤرخ معروف للكامورا، فإن قضية المافيا "أصبحت جزءًا أساسيا من تاريخ السلطة".

إعلان

ويستذكر فريتينييه أن المافيا شكلت العمود الفقري للعصابات التي هاجرت إلى أميركا (شيكاغو ونيويورك ونيو أورلينز)، في أعقاب تدفق المهاجرين من أصول إيطالية، ويتتبع صعود هذه الطوائف المافياوية، مشيرًا إلى أن أحداث القرن العشرين -النضال ضد النقابات الزراعية ثم الشيوعية- منحت هذه العصابات الإجرامية دعمًا قويًّا، وبالذات خلال الحرب الباردة.

وقد بدأت إيطاليا، من خلال قوانين مثل قانون روجنوني-لا توري (1982) وإصلاحاته (1992)، معركة نموذجية ضد هذه الطوائف، لتصبح بذلك نموذجًا يُحتذى، لا سيما لفرنسا في الوقت الحالي، وفقا للكاتب.

ويوضح فريتينييه أن دور النساء في هذه الظاهرة المافياوية غامض للغاية، فبينما كانت بعضهن من بين الأكثر نشاطًا في مكافحة الجريمة المنظمة، فإن أخريات، على العكس من ذلك، كنّ من بين الأكثر نشاطًا في ترسيخ ما يُطلق عليه البعض "روح المافيا".

ومن المعروف لدى المهتمين بقضايا المافيا، وفقا للمؤلف، أن زوجات زعماء هذه المنظمة غالبا ما يربين أطفالهن بطرح السؤال التالي: "وأنت، هل أنت رجل؟"، لتشجيعهم على مخالفة القانون والتصرف مثل والدهم.

وأخيرًا، يُحذّر المقال من الحلول المُبسّطة، مُذكّرًا بأن نهاية حظر الكحول لم تجعل حدا لمافيات صقلية الأميركية، لأن دخلها يأتي أساسًا من الابتزاز والفساد، لذا فإن مكافحة المافيا تتطلب فهمًا مُفصّلًا للروابط بين القوة الاقتصادية والعنف الخفي والتراث الثقافي، وهو تحدٍّ كبير للمجتمعات الغربية الحديثة، عل حد تعبير الكاتب.

ويختم الكاتب بالذهاب إلى أن الشيء المثير للاهتمام في المافيا هو أن كل ما يبدو إيجابيا في العالم الطبيعي (دور الأسرة، حقوق الدفاع، اللامركزية، العولمة، وما إلى ذلك) يمكن أن يتحول إلى أسوأ الحلول…، مشيرا إلى أن فرنسا بدأت تعترف، وإن بشكل متأخر وبعد عقود من الإنكار، أنها مع المافيا تواجه تحديا إجراميا هائلا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • أفضل استثمار في الحياة بلا منازع
  • جوارديولا عن غزة: قوة العالم تكمن في عدم الصمت
  • المفتي حجازي حيا قوى الأمن لجهودها وإنجازاتها لصالح الوطن واستقراره
  • حكم أداء العمرة بعد الفراغ من مناسك الحج.. المفتي السابق يرد
  • 20 عامًا على رحيل عبد الله محمود.. الفنان الذي اختصر عمره في أدوار لا تُنسى (تقرير)
  • لم أعد أحب نفسي ولا أحب الحياة أيضا
  • هل يجوز البقاء في مكة بعد طواف الوداع؟.. المفتي السابق يجيب
  • المفتي العام للمملكة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح موسم حج 1446هـ
  • الجذور الحقيقية للمافيا
  • لودريان وباراك إلى بيروت وشكوك متصاعدة حول لجم التصعيد وعمل لجنة المراقبة