فاجأت المعارضة السورية العالم عندما بدأت هجوما مفاجئا ضد المواقع التي يسيطر عليها النظام السوري في شمال غرب سوريا، وفي غضون 72 ساعة، تمكنت بشكل لافت من طرد قوات الأسد من مساحات شاسعة من حلب، وهو ما أعاد "هيئة تحرير الشام" إلى المنطقة لأول مرة منذ ثماني سنوات.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد، صموئيل راماني، في مقال نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية إن "انتصار هيئة تحرير الشام أعاد وجود الثوار في حلب ومهد الطريق لذوبان جليد الحرب الأهلية السورية".



وأضاف راماني أنه "كما كان متوقعا، ردت الطائرات المقاتلة الروسية - التي تدعم حليفهم الأسد - بقصف المناطق التي يسيطر عليها الثوار في حلب وإدلب، كما انضمت ميليشيات كتائب حزب الله المتحالفة مع إيران إلى القتال نيابة عن الدكتاتور".


وأكد أنه "بغض النظر عما ستفعله روسيا وإيران بعد ذلك، فإن هجوم هيئة تحرير الشام حطم سراب الاستقرار الاستبدادي الذي يسمح للأسد بقمع السوريين دون عقاب، وبالنسبة لبوتن، فإن ضعف الأسد يمثل حبة مريرة بشكل خاص يصعب بلعها، فقد وصلت الطائرات الروسية ومرتزقة مجموعة فاغنر إلى سوريا في عام 2015 وساعدوا الأسد في تحويل مجرى الحرب الأهلية، وكان ذلك وحشيا، لكنه فعال".

وبين أن "الكرملين كان قد نجح في الترويج لنموذجه السوري لمكافحة التمرد في الدول الأفريقية مثل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، التي واجهت تهديدات متصاعدة من الإرهاب العابر للحدود الوطنية، وأقنع النجاح الحاسم للتدخل العسكري الروسي عدوه التاريخي السعودية بالتعامل مع موسكو وعزز بشكل لا يقاس مكانة روسيا كقوة عظمى في الشرق الأوسط".

واعتبر أن "انتصار روسيا في سوريا كان دائما قائما على الأساطير، وعلى الرغم من إصرار بوتين على أن روسيا لعبت دورا حيويا في قطع رأس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وتنظيم القاعدة، فإن أكثر من 90 بالمئة من غاراتها الجوية استهدفت الثوار السوريين غير المنتمين إلى أي من المجموعتين الإرهابيتين، ولقد شوهت معركة خشام في شباط/ فبراير 2018 صورة قوة مجموعة فاغنر بشكل لا يمكن إصلاحه، حيث لقي 200 من مرتزقتها حتفهم على أيدي الجيش الأمريكي".

وقال راماني "الآن تم استئصال أكبر أسطورة على الإطلاق، وهي استقرار سوريا، ومن أجل وضع الملح على جراح روسيا، فإن محنة الأسد هي جزئيا نتاج سوء تقدير خطير من جانب موسكو، فقد أجبر الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا على تحويل الموارد العسكرية تدريجيا من سوريا، وتم إعادة نشر طائرات مقاتلة من طراز سو 25 ونظام دفاع جوي من طراز إس 300 على الخطوط الأمامية في أوكرانيا، ومع نقل القوات الروسية المتمرسة في سوريا إلى أوكرانيا وعدم اندماج بعض مرتزقة مجموعة فاغنر مع القوات المسلحة الروسية بعد تمرد يفغيني بريغوزين المشؤوم في حزيران/ يونيو 2023، تضاءلت قدرة الكرملين على حماية الأسد".

وأشار إلى أن "الأسد لجأ إلى القوات الإيرانية لتحل محل القوات الروسية المغادرة، لقد بدا كل شيء مستقرا حتى أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر واندلاع حرب غزة، ولقد ضربت إسرائيل بانتظام مطاري دمشق وحلب، حيث وفرا الدعم الأساسي لتهريب الأسلحة الإيرانية، كما أدى انخراط روسيا مع حماس وحزب الله إلى تدمير قنوات الاتصال القائمة مع إسرائيل بشأن الضربات على سوريا".

وأضاف "لقد حولت روسيا الأفراد القليلين إلى تسع نقاط مراقبة في مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها سوريا ووجد قادة الحرس الثوري الإيراني أنفسهم مرارا وتكرارا في خط النار. وقد أدى هذا إلى خلق فراغ أمني استغلته هيئة تحرير الشام".

وأوضح أنه بينما "يرحب الغرب بأخطاء روسيا، إلا أنهم لا يغطون على العواقب الكارثية لفك ارتباطه بسوريا، وبعد أن استعاد الأسد حلب بوحشية في عام 2016، تخلى الغرب عن الثوار السوريين الذين دعمهم منذ عام 2011، احتفظت الولايات المتحدة بالعقوبات الاقتصادية ضد سوريا وأحبطت استثمارات إعادة الإعمار من خلال التوقيع على قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين في عام 2019".

واعتبر أنه "لم يتم تطبيق هذه التدابير بشكل كافٍ، ولقد خلق حلفاء الأسد متاهة من الشركات الواجهة لحماية أنفسهم من الانهيار الاقتصادي في سوريا والاحتفاظ بالسلطة، وشجع موقف الغرب المتساهل شركاءه العرب على التخلي عن القتال ضد الأسد".


 ومع تطبيع مصر والإمارات والبحرين للعلاقات مع دمشق، هرب الأسد من العزلة الإقليمية، وكانت القشة الأخيرة هي إعادة الأسد إلى جامعة الدول العربية، والتي مهدت الطريق للمصالحة بين السعودية وسوريا والذوبان المحتمل للجليد بين سوريا وتركيا، بحسب ما قال راماني.

وختم انه "مع تفكك نواة المعارضة السورية المعتدلة وتخلي حلفائها السابقين عن قضيتهم، تولت هيئة تحرير الشام شعلة ثوار الربيع العربي الذين تحدوا الأسد بشجاعة في عام 2011، والتنازل عن القتال ضد الأسد لمجموعة كانت على علاقة مع تنظيم القاعدة طوال معظم وجودها وتدافع عن "الجهاد الشعبي" هو استسلام مهين للغرب، وأنه مع تهديد الحرب الأهلية شبه المجمدة في سوريا بالاشتعال من جديد، أصبحت لدى الغرب فرصة غير متوقعة لتصحيح هذه الأخطاء التاريخية. والآن حان الوقت لكي يطور الغرب بعض الشجاعة الأخلاقية في مواجهة إرهاب هيئة تحرير الشام ووحشية الأسد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية المعارضة السورية سوريا الأسد إيران روسيا إيران سوريا الأسد روسيا المعارضة السورية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هیئة تحریر الشام فی سوریا فی عام

إقرأ أيضاً:

نجل مفتي سوريا السابق يكشف تفاصيل اعتقال والده.. ماحقيقة إعدامه؟

أشار عبد الرحمن حسّون إلى أن والده أصدر فتاوى "صريحة بمنع المساس بالمتظاهرين"، بل ذهب إلى حد التصريح بأن "كل يد تمتد على المواطنين ينبغي أن تُقطع"، موجهاً كلامه آنذاك إلى بشار الأسد بقوله: "شلت كل يمين تمتد على الناس"، مؤكداً أن القضية "ليست قضية خبز بل قضية كرامة".

نفى وزير العدل السوري مظهر الويس، بشكل قاطع، صدور أي حكم بالإعدام بحق أحمد بدر الدين حسّون، مفتي الجمهورية السابق.

وقال الويس في تصريح لقناة "العربية" إن ملف حسّون لا يزال قيد النظر القضائي، وقد تم تحويله من وزارة العدل إلى قاضي التحقيق في وزارة الداخلية.

وأضاف أن الإجراءات القانونية لم تصل بعد إلى مرحلة إصدار حكم، سواء بالإدانة أو البراءة.

اتهامات رسمية تشمل "التحريض على القتل"

في أغسطس/آب الماضي، نشرت وزارة العدل السورية مقاطع مصورة من جلسات التحقيق مع شخصيات بارزة تولّت مناصب رفيعة في عهد النظام السابق، من بينهم أحمد بدر الدين حسّون، إلى جانب العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي سابقاً، ومحمد الشعار، وزير الداخلية الأسبق، واللواء إبراهيم حويجة، رئيس إدارة المخابرات الجوية السابق.

وأظهرت المقاطع أن قاضي التحقيق وجّه إلى حسّون تهمة "التحريض والاشتراك والتدخل في القتل". وفي يوليو/تموز الماضي، أعلن النائب العام تحريك دعاوى الحق العام ضد هذه المجموعة، في أول إجراء قضائي علني يُدرج ضمن المسار المعلن للعدالة الانتقالية.

النجل: والدي لم يكن مفتياً حقيقياً بل أداة في مخطط النظام

وفي مقابلة مع قناة "المشهد"، قال عبد الرحمن حسّون، نجل المفتي السابق، إن والده "كان مفتياً بالمعنى العام العريض، وفق المخطط الذي أراده له بشار الأسد ووزيره محمد عبد الستار السيد"، مضيفاً: "أرادوا أن يكون مفتياً بلا عمل وبلا حقيقة".

ولفت إلى أن والده انخرط منذ عام 2011 في الدفاع عن "الإنسان الثوري"، من خلال مبادرات شملت "السعي لإطلاق سراح المعتقلين، ومحاولة المصالحة بين الحكومة والشعب عبر وساطة علماء، على رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي"، فضلاً عن "كبح التغول السلطوي الذي أوغل في قتل السوريين".

Related الأمم المتحدة تحذّر من انتهاكات خطيرة تستهدف الأقليات في سوريا وتدعو إلى تحقيقات مستقلةسوريا الانتقالية.. مكاسب دبلوماسية في الخارج وتحديات كبيرة في الداخلكيف يمكن إعادة إعمار سوريا في ظل نقص التمويل وتباين التقديرات؟ فتاوى صريحة واتهامات مبنية على مقطع مقتطع

وأشار عبد الرحمن حسّون إلى أن والده أصدر فتاوى "صريحة بمنع المساس بالمتظاهرين"، بل ذهب إلى حد التصريح بأن "كل يد تمتد على المواطنين ينبغي أن تُقطع"، موجهاً كلامه آنذاك إلى بشار الأسد بقوله: "شلت كل يمين تمتد على الناس"، مؤكداً أن القضية "ليست قضية خبز بل قضية كرامة".

واعتبر الابن أن الاتهامات الحالية تستند إلى "فتوى مجتزأة من 40 ثانية"، وتساءل: "هل يُعاقب والدي اليوم على مقطع لا يعكس سياقه الكامل؟".

وأوضح عبد الرحمن أن والده احتجز في مطار دمشق الدولي أثناء محاولة سفره للعلاج، رغم حيازته جواز سفره ومرافقة أحد أبنائه ووالدته.

وقال إن التقارير الطبية المقدمة إلى الجهات المعنية تشير إلى إصابته بـ"الديسك، واعتلال قلبي، وبريفجان أذني، إضافة إلى كتلة في رقبته".

ولفت إلى أن شائعات عن إعدام والده تنتشر بين الحين والآخر، آخرها في "فترة عطلة التحرير"، ما تسبب بـ"ألم كبير للعائلة، خصوصاً والدتي التي فقدت بصرها من البكاء عليه".

نداء إلى الشرع

وجّه عبد الرحمن نداءً إلى رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، مطالباً إياه بـ"الرأفة بحالة والدي الذي يقارب الثمانين من عمره"، ويعاني من أمراض متعددة بينما يقبع في "زنزانة منفردة ضيقة لا تتسع لشخصين".

وقال: "لو كان والدي مجرماً، لهرب منذ البداية، لكنه أيقن أنه كان مُبعداً عن السلطة، فلماذا يُعاقب الآن؟"، مضيفاً: "نحن مع العدالة، ونطالب بها، لكننا نقف في وجه العدالة الانتقائية".

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، برزت دعوات واسعة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وتفعيل آليات العدالة الانتقالية.

وفي 17 مايو/أيار 2025، أصدر الرئيس الانتقالي أحمد الشرع مرسوماً أنشأ بموجبه "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، كهيئة مستقلة تُعنى بإحقاق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة خلال حكم النظام.

وتستند الهيئة إلى أحكام الإعلان الدستوري السوري لعام 2025، لكنها لم تبتّ بعد في أي دعوى، رغم مرور أكثر من عام على انهيار النظام وبدء الإجراءات القضائية الأولية ضد بعض رموزه.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • دورية عسكرية أميركية سورية تتعرض لإطلاق نار في سوريا
  • ألمانيا تتهم روسيا بشن هجوم سيبراني استهدف نظام ملاحتها الجوية
  • بوتين: التجارة بين روسيا وإيران تسجل نموا مستمرا
  • بوتين: التجارة بين روسيا وإيران تسجل نموا
  • بوتين: العلاقات بين روسيا وإيران تتطور بشكل إيجابي
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • نجل مفتي سوريا السابق يكشف تفاصيل اعتقال والده.. ماحقيقة إعدامه؟
  • ارتفاع وتيرة العمليات النوعية التي تنفذها أوكرانيا ضد روسيا
  • عام من التكويع.. قراءة في مواقف الفنانين السوريين بعد سقوط الأسد
  • سوريا تُحبط عملية تهريب مخدرات كبيرة.. قادمة من لبنان