داليا عبد الرحيم تكتب: وتتواصل مسيرة التميز
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
٢٣ فبراير ٢٠٢٣.. يظل هذا اليوم خالدًا فى تاريخ الصحافة المصرية والعربية ولا يمكن أن يغفله أى مؤرخ فى هذا المجال.. فى ذلك اليوم أطلقت «البوابة» مشروع الأعداد الخاصة، التى تتناول موضوعًا واحدًا عبر عدة محاور «من الجلدة للجلدة» كما يقولون.. وكانت لتلك الأعداد صداها الملموس بين قراء العربية، وفوجئنا بكثيرين فى أرجاء الوطن العربى أو العرب المقيمين فى دول الغرب يطلبون الأعداد فى صيغة PDF.
وبمناسبة احتفال المؤسسة بمرور ١٠ سنوات على إصدار جريدة «البوابة» الورقية، نعاود إصدار الأعداد الخاصة، يوم السبت من كل أسبوع..
وبعد تفكير طويل بين الزملاء، اخترنا أن ندشن الإصدار الثانى من هذه الأعداد بعدد عن عميد العقل والفكر والأدب العربى طه حسين، واستندنا فى ذلك إلى كوننا دعاة استنارة نؤمن بإعمال العقل وندافع عن الفكر الحر الذى يبنى الأوطان ولا نهاب أصحاب التفكير المغلق ولا نخشى من مواجهة كل من تسول له نفسه النيل من الوطن ورموزه، فلم نجد أقرب من طه حسين إلى مثل هذه الأفكار، فانطلق الزملاء فى إعداد المادة اللازمة للعدد، ليكون بين يدى القارىء آملين أن نكون قد نجحنا فى هذا الإطار فى تقديم وجبة متنوعة ومتجددة، من خلال عدة موضوعات تستعرض أفكار العميد المتضمنة فى مؤلفاته، والمعارك الثقافية التى خاضها بلا هوادة، كما نتناول موقفه الواضح من جماعة الإخوان الإرهابية، ولا ننسى دوره فى المجال الفنى فنقدم تفاصيل المعركة القانونية التى خاضها فى المحكمة حول فيلم «ظهور الإسلام»، ونتناول بالتفصيل مسرحية «الأيام» التى تناولت مسيرته الطويلة..
وكان ضروريًا أن نتوجه إلى مسقط رأسه للقاء أحفاد رفاق العميد، بمن فيهم محفظه للقرآن الكريم، وكان لا بد أن نذهب إلى استراحته فى تونا الجبل التى شهدت تصوير فيلم «بين الأطلال»..
وإجمالًا، فإن ما نود التأكيد عليه أننا حرصنا على تنوع المادة مع عمق التناول، مع وعد بأن نكون دائمًا عند حسن ظن القارىء العزير.. ومعًا، نتصفح عدد العميد طه حسين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: طه حسين الإعلامية داليا عبد الرحيم البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
نجاة عبد الرحمن تكتب: 19 كفنا في الصباح الباكر
في صباح الجمعة 27 يونيو 2025، تعطلت الحياة في عدد من قرى مركز الباجور بمحافظة المنوفية.
لم تكن صدمة عادية، ولا حادثًا يُضاف إلى قوائم المرور. بل كانت مأساة مفتوحة: 19 روحًا غادرت بلا وداع، و3 ناجين بالكاد ما زالوا يتنفسون.
الناس الذين خرجوا باكرًا إلى العمل، ربما دون حتى شرب الشاي، لم يعودوا إلى بيوتهم.
ساروا في طريق يعرفونه جيدًا، يركبونه كل يوم، ويمرون على نفس المفارق، وربما دعوا الله أن يصلوا فقط في الوقت المناسب. لكنّ الطريق لم يكن في مزاج جيد.
الحادث الذي لا يشبه غيره
ما حدث لم يكن خطأ فرديًا، ولا سوء حظ عابر. في أحد قطاعات الطريق الإقليمي، أمام قرية مؤنسة، اصطدمت شاحنة نقل ثقيلة بميكروباص مزدحم بالبسطاء. لم يكن هناك مجال للفرار أو حتى الانتباه.
الميكروباص تحول إلى شظايا من المعدن واللحم. الأجساد انشطرت، والوجوه تلاشت ملامحها، ولم يستطع المسعفون التفرقة بين من كان يجلس في المقدمة أو في الخلف. كل ما بقي: أشلاء على الأسفلت، وملابس مُلطخة، وهواتف محمولة ترن دون إجابة.
من المسؤول؟ الطريق؟ السائق؟ الدولة؟
في لحظات الكارثة، لا يصمد المنطق كثيرًا أمام الصدمة. لكن ما يجب أن يقال بوضوح هو أن هذا الطريق تحديدًا، الطريق الإقليمي، صار مسرحًا دائمًا للموت. الحوادث عليه لا تُعد، وكل مرة تتشابه التفاصيل: شاحنة تسير بسرعة أو بلا رقابة، طريق بلا كاميرات، ونقل جماعي فقير الإمكانات يركب فيه البسطاء.
ليست مصادفة
الضحايا.. ليسوا أرقامًا
من ماتوا لم يكونوا أسماء على ورق تقارير. بل آباء خرجوا من أجل قوت أولادهم، وأمهات يساعدن في المصاريف، وشبابًا ربما كانوا يحلمون بالزواج، أو بشراء دراجة، أو حتى بيوم إجازة. كل ضحية كانت لها قصة معلّقة في بيت، ومكان على مائدة، ونداء كان يُنتظر بعد العصر.
في كفر السنابسة، وصنصفط، وبلمشط، وسبك، وزاوية رازين، تحولت الجنازات إلى موجات بكاء عام، وامتلأت صفحات الفيسبوك بصور الراحلين، في حفلة وداع افتراضية حزينة.
200 ألف جنيه… وذاكرة لا تُعوّض
أعلنت وزارة القوى العاملة تعويض أسر المتوفين بـ200 ألف جنيه، والمصابين بـ20 ألفًا. ولن يشك أحد في نية الدولة، ولا في سرعة التحرك. لكن لا يمكن اختزال الحياة في رقم. ولا يمكن تعويض أم فقدت ولدها، بقرار مالي مؤقت.
المطلوب ليس فقط التعويض، بل الاعتراف بأن ما حدث لم يكن قدرًا معزولًا، بل نتيجة تراكمات من الغياب المؤسسي.
ما بعد الموت
من السهل أن ننتظر نشرات الأخبار، أو نحتسب الشهداء عند الله. لكن ماذا بعد؟ من سيحاسب السائق؟ من سيراجع خطة تأمين الطريق؟ من يراقب الحمولة، والسرعة، والتراخيص؟ من يتعامل مع النقل الجماعي العشوائي باعتباره ملفًا أمنيًا وصحيًا لا يقل خطورة عن الإرهاب؟
الطريق لا يغفر
الحوادث ستتكرر، والموت لن يتوقف عن عبور الطرق، ما لم تتغير فلسفة التعامل مع السلامة، من كونها رد فعل إلى كونها سياسة وقائية حقيقية.
ما لم نفعل، سيأتي يوم قريب، ونكتب مقالًا جديدًا بنفس النغمة، ولكن بأسماء أخرى، وأحزان جديدة.
لم تكن فاجعة الباجور مجرد حادث… بل جرس إنذار، ينبغي أن يُسمع جيدًا، وأن يُتبعه فعل لا عزاء فقط.