منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، اجتاحت البلاد سلسلة من الأحداث والمعارك التي ألقت بظلالها على الشرق الأوسط بأسره، بدأت الثورة ضد الرئيس بشار الأسد كمظاهرات سلمية سرعان ما تحولت إلى صراع مسلح شمل فصائل متعددة وقوى دولية وإقليمية.

فمرورًا بالتدخلات الأجنبية، والسيطرة المتقلبة على المدن، وصولًا إلى انهيار حكم الأسد في 2024، هذه المحطات تستعرض تطور الأحداث التي شكلت سوريا في السنوات الماضية.

ففي مارس 2011 بداية الثورة، انطلقت أولى شرارات الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد في مختلف أنحاء سوريا، حيث تطورت هذه المظاهرات السلمية إلى ثورة مسلحة بعد استخدام النظام للعنف ضد المتظاهرين، ومع تصاعد الاشتباكات، بدأ الجيش السوري يشهد انشقاقات، ما أدى إلى تكوين فصائل معارضة.

أما في 2012 تصاعد العنف والمفاوضات، حيث شهد هذا العام تفجيرًا هائلًا في دمشق نفذه تنظيم "جبهة النصرة"، الجناح السوري لتنظيم القاعدة، كما شهد أيضًا أول جولات مفاوضات بين القوى العالمية في جنيف، التي أدت إلى اتفاق على ضرورة إجراء انتقال سياسي في سوريا، لكن الاختلافات حول آليات تطبيق هذه الفكرة أجهضت محاولات السلام.

وفي 2013 دور حزب الله والتدخلات الدولية، تدخل حزب الله اللبناني لدعم قوات الأسد، ما عزز الدور الإيراني في الصراع، في نفس العام، أعلنت واشنطن أن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري سيكون "خطًا أحمر".

وفي 2014 ظهور داعش والتدخل الدولي، انتشرت القوات التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في شمال سوريا والعراق، مما تسبب في اندلاع معركة جديدة على الأراضي السورية.

وفي هذا السياق، تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لقتال داعش، ما تسبب في توترات مع تركيا.

أما في 2015 التدخل الروسي والتحولات العسكرية، دخلت روسيا الحرب بشكل مباشر في 2015، عبر شن غارات جوية مكثفة لدعم قوات الأسد، مما غير موازين القوى لصالح النظام السوري، في الوقت نفسه، كانت المعارضة السورية تواصل تقدمها في الشمال الغربي.

أما في 2016 السيطرة على حلب، استطاع الجيش السوري وحلفاؤه استعادة مدينة حلب، وهو ما كان يعد أكبر انتصار للنظام في تلك الفترة، هذا الانتصار كان بداية مرحلة جديدة في الحرب السورية، حيث تزايد النفوذ الروسي والإيراني.

وفي 2017 تقدم الأكراد وعمليات إسرائيلية، حيث تمكنت القوات المدعومة من الأكراد من طرد داعش من الرقة، بينما واصلت إسرائيل ضرباتها الجوية ضد حزب الله في سوريا.

وفي 2018 استعادة الأراضي، استعاد الجيش السوري معظم المناطق المهمة، بدءًا من الغوطة الشرقية إلى درعا، ومع تزايد سيطرة القوات الحكومية على الأراضي السورية، انخفضت قدرة المعارضة على مواصلة قتالها.

وفي 2019 هزيمة داعش، فقد تنظيم داعش آخر معاقله في سوريا، في وقت قررت فيه الولايات المتحدة الإبقاء على قواتها في البلاد لحماية الأكراد.

و 2020 التجميد العسكري، ساعدت روسيا في وقف إطلاق النار في شمال سوريا بين القوات التركية والسورية، ما أدى إلى تجمد النزاع عند معظم خطوط المواجهة.

وفي 2023 عودة سوريا إلى الساحة العربية، وبعد سنوات من العزلة، عادت سوريا إلى الحاضنة العربية، وشارك الرئيس بشار الأسد في القمة العربية في جدة، ففي هذا الوقت، كانت التوترات مع حزب الله الإسرائيلي قد وصلت إلى ذروتها.

أما في 2024 انهيار النظام، بعد هجوم المعارضة على حلب، بدأ الجيش السوري في التراجع بسرعة، وفي غضون أيام، سيطرت المعارضة على معظم المدن الكبرى، ليتمكنوا من دخول دمشق معلنين بذلك نهاية حكم بشار الأسد.

الجدير بالذكر إنه على مدار 14 عامًا، شهدت سوريا حربًا دموية غيرت وجه المنطقة، ورغم محاولات النظام وحلفائه الحفاظ على السيطرة، فإن تصاعد الضغوط العسكرية والسياسية في 2024 قد شكل نهاية حقبة طويلة من حكم الأسد، واليوم مع سقوط دمشق، يبدأ فصل جديد في تاريخ سوريا بعد أكثر من عقد من المعاناة والصراع المستمر.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: احتجاجات ضد الرئيس احتجاجات اسقاط اشتباكات الاحتجاجات الازمة السورية الاشتباكات التدخل الدولي التدخل الروسي التدخلات الأجنبية الجيش السورى الحرب السورية الرئيس بشار الأسد الشرق الأوسط العراق القوات المدعومة العسكرية القوى العالمية المظاهرات السلمية المدن الكبرى المظاهرات الولايات المتحدة النظام السوري

إقرأ أيضاً:

نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إلى قلب المواجهة

وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسائل مزدوجة، داعياً ضمنياً الإيرانيين إلى الانقلاب على النظام، وملوّحاً بأن العمليات العسكرية قد تؤدي إلى إسقاطه. كما كشف عن مشاركة طيارين أميركيين في إسقاط المسيّرات الإيرانية، في محاولة لدفع واشنطن نحو انخراط أوسع في المواجهة. اعلان

خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات تحمل في طياتها رسائل مزدوجة ومحمّلة بالدلالات، تعكس عمق الرهانات الإسرائيلية في الصراع الجاري مع إيران. فقد بدا واضحاً من خلال كلامه، أن المعركة الحالية لم تعد تقتصر على حدود الردع أو البرنامج النووي الإيراني، بل تمضي نحو إعادة رسم المشهد الإقليمي بأكمله، وفق رؤية إسرائيلية ترى أن لحظة التغيير الحاسمة قد حانت.

خطاب موجّه إلى الداخل الإيراني: تحريض على الانقلاب الناعم؟

"النظام الإيراني ضعيف، ونحن سنغير وجه الشرق الأوسط"، هكذا لخّص نتنياهو رؤيته، ملمّحاً إلى شرخ داخلي قد يتحوّل إلى حراك شعبي ضد النظام. ولم يكن عبثاً أن يفاخر بضرب "مبنى الإذاعة والتلفزيون" و"الرادارات المركزية"، وهي منشآت مدنية الطابع، تحمل رمزية سيادية وإعلامية داخل إيران. فمثل هذه الأهداف لا تُختار عشوائياً، إذ يتم تحديدها لإيصال رسالة ميدانية وسيكولوجية إلى الداخل الإيراني مفادها أن: النظام لم يعد قادراً على حمايتكم أو السيطرة على الصورة.

وتحدث نتنياهو بصراحة عن أن "إسقاط النظام في إيران قد يكون نتيجة للعمليات العسكرية"، متجنباً تقديمه كهدف مباشر، لكنه في الوقت ذاته يراهن على الانهيار الداخلي، لا بفعل القنابل وحدها، بل من خلال تراكم الضغط الشعبي الناتج عن الضربات المتكررة على منشآت حيوية، في وقت تعاني فيه طهران أساساً من أزمات اقتصادية خانقة.

رسائل لواشنطن: نحو توريط محسوب؟

أما الرسالة الثانية، فكانت موجهة بوضوح إلى واشنطن، حليفة إسرائيل التاريخية. فقد كشف نتنياهو أن "الطيارين الأميركيين يشاركون في إسقاط المسيّرات الإيرانية"، في اعتراف علني يضع الولايات المتحدة في صلب الاشتباك العملياتي، ولو بشكل غير مباشر. هذا التصريح لم يأتِ بمعزل عن تصاعد الضغط على إدارة ترامب، التي وإن أبدت حرصاً على عدم التورط الكامل، تجد نفسها تدريجياً منخرطة في ميدان باتت فيه مصالحها وقواتها عرضة للهجمات الإيرانية والردود الإسرائيلية.

وقد يكون نتنياهو بهذه التصريحات يسعى لدفع واشنطن نحو شراكة أشمل، أو على الأقل إلى موقف أكثر حزماً، لا سيما وأن أحد المسؤولين في إسرائيل قال في تصريحات سابقة إن "الضربة القاضية للنظام الإيراني بيد أميركا وحدها". وهذا التلميح لا يخلو من محاولة بناء سردية سياسية داخلية في إسرائيل، مفادها أن تل أبيب أنجزت نصف الطريق، لكن إكمال المهمة يستوجب إرادة أميركية حاسمة.

Relatedترسانة إيران الصاروخية: أي منها لم يدخل بعد في المواجهة مع إسرائيل؟ترامب في تهديد مُبطّن: على إيران التفاوض قبل فوات الأوانالتلفزيون الإيراني يستأنف البثّ بعد انقطاع قصير بسبب ضربة إسرائيلية مباشرةبرنامج نووي وشرق أوسط "جديد"

وبينما تتوالى الضربات المتبادلة، قال نتنياهو إن "هدفنا هو القضاء على البرنامج النووي الإيراني، وسنحقق هذه النتيجة"، مضيفاً أن هناك "أهدافاً أخرى" لم يفصح عنها، مما يترك الباب مفتوحاً لتوسيع العمليات وربما نقلها إلى ساحات أخرى.

وفي الوقت الذي يصف فيه التهديد الصاروخي الإيراني بأنه "وجودي"، يبدو نتنياهو عازماً على إزالته من جذوره، معتبراً أن العمليات الجارية ليست مجرد رد عسكري، بل بداية مرحلة جديدة تُفضي – بحسب رؤيته – إلى تغيير قواعد اللعبة في المنطقة بأسرها.

بين الواقع والطموح

ورغم أن نتنياهو يتحدث بنبرة المنتصر، إلا أن الواقع لا يزال معقّداً، إذ أن إيران أثبتت قدرتها على الرد، واستهدفت مدناً إسرائيلية بصواريخ وصلت إلى تل أبيب وحيفا، ما شكّل ضغطاً شعبياً داخل إسرائيل ودفعها لتكثيف الحملة العسكرية. ومع ذلك، فإن تل أبيب لا تخوض حرباً تقليدية، بل معركة سياسية وأمنية ونفسية متعدّدة المستويات، تأمل من خلالها تحقيق أكثر من هدف في ضربة واحدة.

في النهاية، لا يُمكن الجزم بمآلات هذا التصعيد، لكن المؤكد أن خطاب نتنياهو الأخير يرسم ملامح إستراتيجية أكثر طموحاً من مجرد ردع عسكري. بل يمكن أن تُقرأ وكأنها محاولة هندسة جديدة للمنطقة، يكون فيها إسقاط النظام الإيراني احتمالاً مفتوحاً، لا هدفاً معلناً. وبين الطائرات الأميركية، والاحتجاجات المحتملة، والمنشآت النووية، تتحرك إسرائيل ضمن معادلة معقدة، والرهان الأكبر: تغيير قواعد اللعبة، لا فقط نتائجها.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • سوريا.. تجارة وصناعة الكبتاغون مستمرة رغم سقوط النظام
  • نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إلى قلب المواجهة
  • عودة دفعة من العائلات السورية من تركيا إلى ريف دير الزور الشرقي بعد تهجير قسري دام 14 عاماً
  • ورقة بحثية: إسرائيل تشن حربًا داخل إيران.. تفكيك الثورة دون إسقاط الدولة
  • لماذا لم تتفاعل تونس مع التغيير السياسي في سوريا؟
  • عاجل| من غزة إلى طهران.. كيف مهّدت الحرب على حماس الطريق لهجوم إسرائيلي أوسع على إيران؟
  • إسقاط النظام أولا.. أحمد موسى: البرنامج النووي الإيراني لم يعد الهدف الأول لإسرائيل
  • وزير خارجية السعودية ومبعوث واشنطن إلى دمشق يبحثان دعم سوريا
  • إيهود باراك: إسرائيل لا تقدر على إسقاط النظام الإيراني
  • الهيئة العامة للطيران المدني السوري تعلن فتح الأجواء السورية بشكل كامل