مسار الحرب السورية.. 14 عامًا من الصراع والدمار نحو إسقاط بشار الأسد
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، اجتاحت البلاد سلسلة من الأحداث والمعارك التي ألقت بظلالها على الشرق الأوسط بأسره، بدأت الثورة ضد الرئيس بشار الأسد كمظاهرات سلمية سرعان ما تحولت إلى صراع مسلح شمل فصائل متعددة وقوى دولية وإقليمية.
فمرورًا بالتدخلات الأجنبية، والسيطرة المتقلبة على المدن، وصولًا إلى انهيار حكم الأسد في 2024، هذه المحطات تستعرض تطور الأحداث التي شكلت سوريا في السنوات الماضية.
ففي مارس 2011 بداية الثورة، انطلقت أولى شرارات الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد في مختلف أنحاء سوريا، حيث تطورت هذه المظاهرات السلمية إلى ثورة مسلحة بعد استخدام النظام للعنف ضد المتظاهرين، ومع تصاعد الاشتباكات، بدأ الجيش السوري يشهد انشقاقات، ما أدى إلى تكوين فصائل معارضة.
أما في 2012 تصاعد العنف والمفاوضات، حيث شهد هذا العام تفجيرًا هائلًا في دمشق نفذه تنظيم "جبهة النصرة"، الجناح السوري لتنظيم القاعدة، كما شهد أيضًا أول جولات مفاوضات بين القوى العالمية في جنيف، التي أدت إلى اتفاق على ضرورة إجراء انتقال سياسي في سوريا، لكن الاختلافات حول آليات تطبيق هذه الفكرة أجهضت محاولات السلام.
وفي 2013 دور حزب الله والتدخلات الدولية، تدخل حزب الله اللبناني لدعم قوات الأسد، ما عزز الدور الإيراني في الصراع، في نفس العام، أعلنت واشنطن أن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري سيكون "خطًا أحمر".
وفي 2014 ظهور داعش والتدخل الدولي، انتشرت القوات التابعة لتنظيم داعش الإرهابي في شمال سوريا والعراق، مما تسبب في اندلاع معركة جديدة على الأراضي السورية.
وفي هذا السياق، تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لقتال داعش، ما تسبب في توترات مع تركيا.
أما في 2015 التدخل الروسي والتحولات العسكرية، دخلت روسيا الحرب بشكل مباشر في 2015، عبر شن غارات جوية مكثفة لدعم قوات الأسد، مما غير موازين القوى لصالح النظام السوري، في الوقت نفسه، كانت المعارضة السورية تواصل تقدمها في الشمال الغربي.
أما في 2016 السيطرة على حلب، استطاع الجيش السوري وحلفاؤه استعادة مدينة حلب، وهو ما كان يعد أكبر انتصار للنظام في تلك الفترة، هذا الانتصار كان بداية مرحلة جديدة في الحرب السورية، حيث تزايد النفوذ الروسي والإيراني.
وفي 2017 تقدم الأكراد وعمليات إسرائيلية، حيث تمكنت القوات المدعومة من الأكراد من طرد داعش من الرقة، بينما واصلت إسرائيل ضرباتها الجوية ضد حزب الله في سوريا.
وفي 2018 استعادة الأراضي، استعاد الجيش السوري معظم المناطق المهمة، بدءًا من الغوطة الشرقية إلى درعا، ومع تزايد سيطرة القوات الحكومية على الأراضي السورية، انخفضت قدرة المعارضة على مواصلة قتالها.
وفي 2019 هزيمة داعش، فقد تنظيم داعش آخر معاقله في سوريا، في وقت قررت فيه الولايات المتحدة الإبقاء على قواتها في البلاد لحماية الأكراد.
و 2020 التجميد العسكري، ساعدت روسيا في وقف إطلاق النار في شمال سوريا بين القوات التركية والسورية، ما أدى إلى تجمد النزاع عند معظم خطوط المواجهة.
وفي 2023 عودة سوريا إلى الساحة العربية، وبعد سنوات من العزلة، عادت سوريا إلى الحاضنة العربية، وشارك الرئيس بشار الأسد في القمة العربية في جدة، ففي هذا الوقت، كانت التوترات مع حزب الله الإسرائيلي قد وصلت إلى ذروتها.
أما في 2024 انهيار النظام، بعد هجوم المعارضة على حلب، بدأ الجيش السوري في التراجع بسرعة، وفي غضون أيام، سيطرت المعارضة على معظم المدن الكبرى، ليتمكنوا من دخول دمشق معلنين بذلك نهاية حكم بشار الأسد.
الجدير بالذكر إنه على مدار 14 عامًا، شهدت سوريا حربًا دموية غيرت وجه المنطقة، ورغم محاولات النظام وحلفائه الحفاظ على السيطرة، فإن تصاعد الضغوط العسكرية والسياسية في 2024 قد شكل نهاية حقبة طويلة من حكم الأسد، واليوم مع سقوط دمشق، يبدأ فصل جديد في تاريخ سوريا بعد أكثر من عقد من المعاناة والصراع المستمر.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احتجاجات ضد الرئيس احتجاجات اسقاط اشتباكات الاحتجاجات الازمة السورية الاشتباكات التدخل الدولي التدخل الروسي التدخلات الأجنبية الجيش السورى الحرب السورية الرئيس بشار الأسد الشرق الأوسط العراق القوات المدعومة العسكرية القوى العالمية المظاهرات السلمية المدن الكبرى المظاهرات الولايات المتحدة النظام السوري
إقرأ أيضاً:
من طوفان الأقصى إلى الأسد الصاعد: دروس وعبر في مواجهة المشروع الصهيوني
منذ انطلاقة معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس ضد الكيان الصهيوني في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى العدوان الاسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الثالث عشر من حزيران/ يونيو الحالي باسم الأسد الصاعد، والصراع مع العدو الصهيوني المدعوم أمريكيا يشهد تطورات متسارعة شملت المنطقة والعالم، وحتى لو تم الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار بين العدو الصهيوني وإيران، فإن ذلك لا يعني أن الصراع انتهى وأن المعركة انتهت، فالصراع لم يبدأ مع معركة طوفان الأقصى ولن ينتهي مع توقف العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وردها على هذا العدوان، فالصراع بدأ منذ قيام هذا الكيان الصهيوني المدعوم من القوى الغربية ومنذ وعد بلفور البريطاني، مرورا بكل الحروب والمحطات التاريخية في هذا الصراع.
وقد يكون لشهر حزيران/ يونيو حصة وازنة من هذه المحطات، ففي حزيران/ يونيو 1967 شهدنا حرب الأيام الستة ضد سوريا ومصر والأردن والتي انتهت باحتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان، وفي حزيران/ يونيو من العام 1982 شهدنا الحرب على لبنان والتي انتهت باحتلال قسم كبير من الأراضي اللبنانية وصولا للعاصمة بيروت، وخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وكذلك خروج الجيش السوري من العديد من المناطق اللبنانية، وإن كان هذا العدوان قد أدى إلى نشوء المقاومة الإسلامية والوطنية اللبنانية والتي حررت الأراضي اللبنانية وغيرت مجرى الصراع.
إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟
واليوم نشهد فصلا جديدا من هذا الصراع والذي وصل إلى إيران من خلال العدوان الإسرائيلي-الأمريكي المشترك ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عبر عمليات متنوعة جمعت الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية، وكان مخططا لها لإسقاط النظام مع تدمير المنشآت النووية والمنظومات الصاروخية، إضافة للاغتيالات للقادة العسكريين والأمنيين والعلماء النوويين. واستغل العدو الصهيوني قدرته الأمنية في اختراق البيئة الإيرانية عبر شبكات العملاء لتحقيق ضربات قاسية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وكان لأمريكا دور فاعل في هذا العدوان عبر قصف المنشآت النووية، لكن الجمهورية الإسلامية نجحت في إقامة توازن رعب مع العدو الصهيوني وصولا لاستهداف القاعدة الأمريكية في قطر. وهذه الحرب القاسية التي عشناها خلال الأسبوعين الماضيين كشفت الكثير من الثغرات في الجوانب العسكرية والأمنية، ولكنها أفرزت نتائج مهمة ستكون لها تداعياتها الكبرى في هذا الصراع المستمر، والذي لا ينتهي بوقف إطلاق للنار أو أي اتفاق طالما أن هذا الكيان الصهيوني قائم وأن العدوان على الشعب الفلسطيني مستمر، وطالما أن العدالة مفقودة في فلسطين المحتلة.
لكن إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟
على ضوء ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين فإن هناك جملة ملاحظات وعبر ودروس يمكن وضعها بشكل أولي، وإن كنا بحاجة لدراسات موسعة لكل التطورات لوضع رؤية مستقبلية لكل القوى المعنية بهذا الصراع.
ومن هذه الدروس والعبر والمهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة:
أولا: أن هذا المشروع الصهيوني- الأمريكي لا يستهدف فقط تصفية القضية الفلسطينية أو القضاء على قوى المقاومة، بل يريد منع قيام أية قوة أو دولة في المنطقة تمتلك قدرات نووية أو تكنولوجية أو عسكرية يمكن أن تشكل خطرا على هذا الكيان، وأن الحرب لن تقتصر على إيران بل تشمل دولا كبرى أخرى في المنطقة وخصوصا تركيا وباكستان.
ثانيا: كشفت هذه الحرب حجم الثغرات الأمنية والعسكرية في إيران رغم كل التقدم والقدرات التي تتمتع بها، وهي تضاف إلى الثغرات الأمنية التي برزت خلال الحرب على لبنان، إضافة للتطور التكنولوجي الكبير الذي يتمتع به العدو الصهيوني، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للأداء من أجل معالجة الثغرات في المرحلة المقبلة.
مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل
ثالثا: نجحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في توجيه ضربات قاسية للكيان الصهيوني رغم الضربات القاسية التي تعرضت لها، ووضعت توازن رعب في هذا الصراع، وكل ذلك ستكون له تداعياته المستقبلية على هذا الصراع.
رابعا: إن خوض إيران المباشر لهذا الصراع ردا على العدوان الذي تعرضت له أدى إلى التفاف عربي وإسلامي حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولو على صعيد المواقف السياسية والإعلامية، وتراجعت الخلافات السياسية والمذهبية، وهذا يمكن أن يؤسس لعلاقات مستقبلية جديدة بين إيران والقوى الإسلامية وكذلك على صعيد العالم العربي والإسلامي.
خامسا: إن امتلاك القدرات الصاروخية والعسكرية والتكنولوجية غير التقليدية هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي لوقف أي عدوان، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات العلمية المستمرة، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للمواجهة في المرحلة المقبلة.
سادسا: إن مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل على كافة الأصعدة.
هذه بعض الخلاصات والعبر الأولية التي يمكن استنتاجها بشكل أولي وبعض المهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة، وإن كنا بحاجة لدراسات أعمق لكل ما جرى منذ معركة طوفان الأقصى إلى عملية الأسد الصاعد وما تلاها من معارك مواجهات، والصراع مستمر ولن يتوقف مع وقف إطلاق النار أو توقف إحدى الجبهات عن القتال المباشر.
x.com/kassirkassem