تركة ثقيلة من الفساد والحرب.. هل تستطيع الحكومة السورية الجديدة النهوض بالاقتصاد؟
تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT
نفذ مصرف سوريا المركزي مؤخرا أول تحويل دولي مباشر عبر نظام سويفت، ونقلت رويترز أن حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية قد وجه دعوة رسمية للبنوك الأميركية لإعادة العلاقات المصرفية بعد الإطاحة ببشار الأسد.
ويأتي هذا التحويل بعد سنوات طويلة من فرض الدول الغربية لأحد أكثر أنظمة العقوبات صرامة نتيجة قمع النظام المخلوع للاحتجاجات عام 2011.
ورفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن سوريا، مما قد يبعث الآمال لدى السوريين بتحسن في الحالة الاقتصادية العامة والأمور المعيشية بعد عقود عاشوها من فساد ممنهج مارسه النظام المخلوع في مؤسسات الدولة وعلى اقتصادها، وبعد حرب طاحنة استنزفت موارد البلاد ونظام سخرها للقمع والدمار.
وتعيش البلاد تحديات اقتصادية بارزة تقع أمام طريق التعافي وقرارات الحكومة السورية، وذلك منذ سقوط النظام وتركه إرثا ثقيلا واقتصادا منهكا سيحتاج سنوات من الإصلاح والدعم الدولي الكافي لكي يتم الوصول إلى حالة مستقرة.
إضرار النظام المخلوع بالاقتصادانتهجت عائلة الأسد طوال فترة حكمها أساليب من الفساد وتكريس اقتصاد البلاد بما يخدم مصالحها والمقربين، والاحتكار والمحاصصة، ليكون هذا التعدي أحد أسباب قيام الثورة التي واجهها بالقمع والدمار، مما أوصل الحالة الاقتصادية إلى الحضيض.
وأشارت دراسة -نُشرت في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2024- إلى أن النظام قد لازمته صفة الاشتراكية منذ استحواذ حزب البعث على الحكم، لكن تلك الصفة كانت نظرية فقط واستخدمت بطريقة انتقائية صبت في مصالح النظام، حيث ركز حافظ الأسد على الاشتراكية كشعار أكثر من كونها تطبيقا، وراح ابنه بشار بعدها للسوق الاجتماعية في سبيل منح رجال أعمال محسوبين عليه مزيدا من الصلاحيات والقدرة على العمل بحرية ومراكمة الثروة لصالح وكلائه.
وتقول الدراسة -التي أعدها باحثون في مركز جسور للدراسات- إن فترة نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي كانت من أسوأ الفترات في تاريخ سوريا المعاصر، حيث ارتفع الدَّيْن العام للدولة إلى أعلى مستوياته، وخرجت رؤوس أموال كبيرة من سوريا، ليتصاعد التضخم وتهبط قيمة الليرة.
إعلانوكان يوجد بشكل فعلي ملكية من ضمن الملكيات الموزعة خصصت للأسرة الحاكمة وتتضمن الثروات الطبيعية وشبه الطبيعية، بحسب الدراسة. تلك الملكية كان يتم إخفاء مواردها تماما لصالح آل الأسد والمقربين منهم، بشكل خاص آل مخلوف الذين أعطاهم حق الاستثمار بالاتصالات وحقوقا واسعة في مجالات العقارات والبنوك، إضافة لإدارتهم عدد كبير من الثروات.
وقد ذكرت دراسة أعدها الباحث محمد صارم في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن الاقتصاد السوري برمته كان محمولا على الفساد، طبيعة ونشأة وسلوكا، وكان المحرك الرئيس للعمليات الاقتصادية وسبب علتها، وكان وظيفيا ومتسقا داخليا فيما يتعلق بالغاية النفعية للقوى الفاعلة في مركزي القرارين الاقتصادي والسياسي.
ونوهت الدراسة، التي تناولت الفساد الاقتصادي في سوريا، إلى أن حرب النظام على المجتمع السوري لم تبدأ عام 2011، وإنما كان قد أعلنها منذ زمن طويل بأشكال مختلفة عبر هيمنة السلطة على الاقتصاد، وتسيّد أمراء الفساد، وحرمان المجتمع من عوائد الثروات العامة بما ينذر بالكارثة المتوقعة.
كما أشارت إلى أن الاقتصاد السوري مهشم ويحتاج بالضرورة إلى مساعدات خارجية لإعادة الإعمار، وهو شر لا بد منه لاختصار زمن التعافي، لكن المساعدات المشروطة قد تتحول إلى نقيض غايتها، وتشكل عبئا إضافيا، يجب التنبه إليه وعدم الانزلاق في مساراته.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست مطلع العام، فإن 13 عاما من الحرب جعلت الاقتصاد السوري في حالة خراب، في حين وصلت الخدمات العامة إلى حافة الانهيار، مضيفة أن حالتها اليوم، أسوأ مما كانت عليه قبل سقوط نظام الأسد.
أثر الحرب على المواردوأشارت دراسة أعدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إلى أن النظام قد وجّه موارد الدولة ومقدراتها لخدمة آلة الحرب، حيث أصبحت النفقات العسكرية المكون الأكبر للإنفاق العام الذي كان على حساب الجانب التنموي، ليتحول الاقتصاد إلى "اقتصاد نزاع"، ويؤدي إلى دمار موارد البلاد وتحول مقوماتها الاقتصادية إلى مصادر لاستدامة العنف.
وأظهرت الدراسة، التي نشرت في يوليو/تموز 2020، أن استنزاف الحرب للموارد قد أدى إلى انخفاض إنتاج النفط وهبوط العائدات المرتبطة به، وبالنسبة للإيرادات فقد انخفضت في الأوعية الضريبية وتراجعت في قطاعات السياحة، ليتم تسجيل خسائر متراكمة في الناتج المحلي الإجمالي السوري.
وفي حديث مع الخبير الاقتصادي خالد التركاوي للجزيرة نت يقول فيه إن "أخطر ما قام به النظام هو تسخير موارد الدولة لخدمة الحرب، بمعنى أنه حول الاقتصاد الإنتاجي إلى اقتصاد حرب، يعني بشكل ما ذهبت كل موارد الدولة لخدمة معركة النظام ضد الشعب".
وكان قد حوّل النظام مصانع عدة إلى إنتاج السلاح والبراميل، وفي القطاع الطبي تحولت المشافي العامة إلى مشافي حربية أو ميدانية للجنود فقط أو بإعطائهم الأولية، وحتى المؤسسات التي ليس لها علاقة بالحرب كان يؤخذ موظفوها إلى الجبهات أو الأعمال الأمنية بحسب التركاوي.
وقد أدت سياسات النظام ضمن الحرب التي مورست على التجار ورجال الأعمال إلى مغادرة الكثير منهم إلى مختلف الدول، وكذلك نقل معاملهم والمصانع والورشات.
إعلانوبحسب التركاوي، فإنه "قد نُقل جزء كبير من رؤوس الأموال لخارج سوريا نتيجة فرض النظام المخلوع المحاصصة عليهم فترة الحرب، مما أدى إلى تعطل في الجهاز الإنتاجي ونقص الدخل المحلي، وأولئك التجار الذين قد يصل عددهم إلى عشرات الآلاف والمتوزعون في مختلف البلدان ليس من السهل عودتهم الآن".
وقد أشار تقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية إلى أن نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة، لتسببه في انهيار شبه كامل للبنية الاقتصادية بعد السياسات التي نفذها على مدار سنوات طويلة، لا سيما فترة الحرب.
التعافي والتحدياتوأشارت دراسة أخرى أجراها مركز حرمون للدراسات المعاصرة إلى أن "التحدي الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه الإدارة السورية الحالية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التحديات التي واجهت الاقتصاد السوري لم تغب عن سياقات تطور الدولة السورية منذ نشأتها".
وتتضمن الدراسة أهدافا حتى يتعافى الاقتصاد السوري، وأنه من الضروري استعادة تشغيل مصادر النفط والطاقة واستثمار الموارد الطبيعية، وتطوير القطاع الزراعي باعتباره ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، وترميم رأس المال البشري، من خلال دعم عودة المهجرين داخليا واستقطاب القدرات المهاجرة خارج البلد، والعمل على ترميم رأس المال الاجتماعي وفق إستراتيجيات التعليم والعمل المجتمعي المدني والتشاركية.
وتشير الدراسة التي أعدها عبد الناصر الجاسم، إلى ضرورة تهيئة الموارد عبر المباشرة بأعمال البنى التحتية، بالتوازي مع قطاع الاتصالات والطاقة والمياه، حيث تسهم هذه القطاعات في الإسراع بتحقيق الاستقرار وتوطين الموارد البشرية والمالية والمادية.
وتشير تقارير إلى حاجة الاقتصاد السوري إلى نحو 10 سنوات من أجل العودة إلى مستويات 2011، وذلك بعد أن فقد نحو 85% من قيمته خلال 12 عاما ليصل إلى 9 مليارات دولار في 2023 مقابل 67.5 مليار دولار في 2011، وفقا للبنك الدولي.
ويتمثل التحدي الاقتصادي الأبرز أمام الحكومة الجديدة في كيفية التعامل مع القطاع العام المتضخم بحسب واشنطن بوست، وأن سوء الإدارة والفساد في عهد نظام الأسد قد أدى إلى تضخم في قوائم الرواتب.
وأشار تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية إلى أن خبراء اقتصاديين أجمعوا على أن إصلاحا اقتصاديا في سوريا لن يتم إلا بدعم خارجي ومساعدات دولية.
ويزداد تحدي إنعاش الاقتصاد صعوبة أمام الحكومة، في ظل اقتصادات سياسية متصدعة، ولّدها النزاع فيما مضى وترسخت في مناطق جغرافية مختلفة، مما نتج عنه تفاوت في الأنماط الاقتصادية وتقطع لسلاسل القيمة الوطنية، بحسب ورقة بحثية قام بها مركز عمران للدراسات.
مساعي الحكومة الجديدةوسبق أن صرّح وزير الاقتصاد السوري نضال الشعار بأن بلاده بحاجة إلى ما لا يقل عن تريليون دولار لإعادة بناء اقتصادها، وهو رقم يفوق كثيرا تقديرات البنك الدولي السابقة.
وفي فترة مبكرة من توليها إدارة البلاد، كشفت الحكومة عن خطة لتسريح نحو ثلث موظفي القطاع العام، مع خصخصة أكثر من 100 شركة حكومية خاسرة، وإزالة ما يُعرف بـ"الموظفين الأشباح" من كشوف الرواتب.
وكان الشعار قد أعلن عن خطة تهدف إلى تحفيز القطاع المصرفي واستقطاب الكفاءات السورية من الخارج، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني، مع التركيز على مدينة حلب كنقطة انطلاق.
وفي سعيها لإلغاء مؤسسات حكومية غير فعالة، قامت الحكومة بحل "مؤسسة التجارة الخارجية" و"مجالس الأعمال السورية" القديمة، لتسهيل التجارة الخارجية وإعادة هيكلة العلاقات الاقتصادية على أسس جديدة.
وسبق أن أعلنت الحكومة تبنيها لنهج "اقتصاد السوق التنافسي"، وإصدارها تعريفة جمركية جديدة لحماية الصناعات الوطنية وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات السوري، إضافة إلى تبسيطها النظام الضريبي ومنحها عفوا عن العقوبات المالية السابقة، لتشجيع المستثمرين على العودة.
إعلانوقد حاولت الحكومة الحد من أزمة الكهرباء في البلاد بحسب تقارير، لكن الحلول المؤقتة التي نفذتها لم تنجح في إنهاء حالة الانقطاع رغم توقيعها اتفاقية الغاز مع قطر، حيث لا تزال العاصمة ومناطق شاسعة في سوريا تعاني من الظلام لفترات طويلة من اليوم.
وجاء في تقرير لـ"إندبندنت عربية" نشر مؤخرا، أن ملفات الفساد والاحتكار ما زالت تتكشف بشكل مستمر، وذلك رغم مرور أشهر على سقوط النظام، ومع كل يوم جديد تعلن الحكومة السورية الجديدة عن ملف آخر من ملفات الفساد المستشري الذي طال جميع القطاعات في البلاد.
ومنذ بداية العام وقعت الحكومة السورية عددا من الاتفاقيات والعقود، منها اتفاقيات إدارة وتشغيل موانئ ومناطق حرة، ومذكرات تفاهم مع دول إقليمية، واتفاقيات تمويل دولي، وإعادة التفاوض بشأن اتفاقيات سابقة موروثة من النظام المخلوع.
لكن استقرارا لم يطرأ على الليرة السورية منذ سقوط النظام، إضافة لعدم تحسنها وبقاء التضخم، مع ارتفاع عام في الأسعار في عموم البلاد وتصريحات متكررة عن تحديثات في العملة وطباعة نسخ جديدة للأوراق النقدية.
كما سبق أن أعلنت الحكومة عن نيتها رفع رواتب شريحة واسعة من موظفي القطاع العام بنسبة تصل إلى 4 أضعاف، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة السوریة الاقتصاد السوری النظام المخلوع إلى أن
إقرأ أيضاً:
جبهة أقليات جديدة تواجه الحكومة السورية بزعامة قسد
الحسكة- انطلقت -يوم الجمعة الماضية- في مدينة الحسكة السورية، فعاليات مؤتمر "وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا" الذي تنظمه قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بمشاركة ممثلين عن المكونات العرقية والطائفية في البلاد.
المؤتمر شهد حضورا لافتا لشخصيات من خارج مناطق سيطرة قسد، حيث ألقى الشيخ حكمت الهجري، أحد شيوخ عقل طائفة الدروز في السويداء، كلمة مصوّرة عبر الإنترنت، أكد خلالها ضرورة وحدة الصف الوطني وحماية حقوق جميع السوريين.
كما شارك غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى، الذي دعا إلى إقامة دولة مدنية، علمانية، تعددية ولامركزية، باعتبارها الضمانة الحقيقية لوحدة سوريا وحماية تنوعها.
وتُعد مشاركة زعماء من الطائفتين الدرزية والعلوية -اللتين ارتبطتا تاريخيا بدمشق– إشارة سياسية بارزة على مساعي قسد لتوسيع شبكة تحالفاتها مع الأقليات خارج نطاق سيطرتها، في محاولة لبلورة جبهة سياسية أوسع يمكن أن تلعب دورا مؤثرا في مرحلة ما بعد الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
يأتي ذلك وسط تصاعد التوترات السياسية والأمنية، مما يعزز أهمية فتح قنوات للحوار بين مختلف المكونات لمواجهة التحديات المشتركة.
وجاءت مشاركة الهجري على خلفية أحداث دامية شهدتها محافظة السويداء في يوليو/تموز 2025، حيث اندلعت اشتباكات بين فصائل درزية وعشائر بدوية، أسفرت عن مقتل أكثر من 350 شخصا، -وبحسب مصادر مقربة من الهجري-، فإن هذه التطورات دفعت شخصيات بارزة إلى البحث عن تحالفات جديدة.
وأكد مصدر مقرب من الهجري للجزيرة نت أن مشاركته في مؤتمر الحسكة بتاريخ 8 أغسطس/آب 2025 جاءت لتعزيز الوحدة الوطنية في ظل التحديات الأمنية والسياسية المعقدة، خاصة بعد أحداث السويداء، وأوضح المصدر أن الهجري يرى في المؤتمر فرصة لفتح حوار شامل يدعم قيام دولة ديمقراطية لامركزية تضمن حقوق جميع المكونات، معتبرا أن التنوع السوري بما يشمله من الكرد والعرب والسريان والأيزيديين ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها.
إعلانوأشار المصدر (فضل عدم الكشف عن هويته) إلى أن أحداث السويداء الأخيرة تعكس غياب مؤسسات دولة عادلة، مما فاقم من حالة الانفلات الأمني وزاد التوترات بين المكونات، وشدد على أن الهجري يرفض اتهامات التحريض على الفتنة، ويؤكد أن هدفه حماية أبناء السويداء، مع الدعوة لإنهاء فوضى السلاح عبر مؤسسات شرعية.
كما لفت إلى أن الهجري يدعو إلى حلول سياسية بعيدة عن القمع أو الانفصال، ويرى في نموذج الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا خطوة نحو دولة سورية موحدة تحترم التنوع.
وأوضح المصدر أن مشاركة الشيخ غزال غزال، تأتي في سياق "تصاعد مخاوف الطائفة العلوية من استمرار الانتهاكات بحقها، خاصة بعد موجات من الاستهداف الطائفي خلال الأشهر الماضية"، لتدفع هذه المخاوف غزال إلى الدعوة لنظام سياسي لامركزي أو فدرالي، إلى جانب المطالبة بحماية دولية للمدنيين، كرد فعل على ضعف مؤسسات الدولة في توفير الحماية.
وقال مصدر مقرب من غزال -للجزيرة نت-، إن الشيخ يدعم تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات، ويرفض اللجان الحكومية التي "تغطي على الجرائم"-بحسب تعبيره.
وأضاف المصدر (فضل عدم الكشف عن هويته) أن دعوة غزال ذات طابع إنساني وتهدف لحماية جميع المكونات في سوريا بما ينسجم مع قيم السلام والتعايش.
وأشار إلى أن غزال يعتبر النظام اللامركزي أو الفدرالي وسيلة لضمان حقوق الأقليات من الكرد والدروز والمسيحيين ويخدم تشكيل حلف سياسي في مناطق سيطرة قسد للتفاوض مع دمشق، بهدف إعادة بناء الثقة ومنع تكرار الانتهاكات في مناطق مثل الساحل السوري.
وأكد المصدر التزام الشيخ غزال بالعدالة الانتقالية والشفافية، داعيا المجتمع الدولي للاستجابة لنداءاته من أجل إنهاء معاناة السوريين عبر حل سياسي شامل، مبينا أن رؤيته تمثل صوتًا للوحدة والصمود في مواجهة محاولات تمزيق النسيج الاجتماعي.
وتسعى قسد من خلال مؤتمر الحسكة إلى تعزيز شرعيتها على المستويين المحلي والدولي، خاصة بعد استبعادها من بعض جلسات الحوار الوطني، فيما أكد مصدر مقرب من قيادة قسد -للجزيرة نت- دعمها لتشكيل حلف سياسي يضم زعماء الأقليات بهدف توحيد مطالب الكرد والعرب والسريان/الآشوريين والتركمان، وتقديمها في حوار مع دمشق.
وشدد المصدر، الذي لم يكشف هويته، على التزام قسد بالتنوع العرقي والديني في شمال وشرق سوريا، وعلى تمثيل عادل لجميع المكونات بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وأوضح أن الحلف الجديد يمثل وسيلة لتعزيز مكانة قسد محليا ودوليا، وأنها تدعم إقامة نظام حكم لامركزي يحافظ على وحدة سوريا ويمنح المناطق الشرقية استقلالية إدارية، مع استعدادها لدمج قواتها في الجيش الوطني بشرط الاحتفاظ بهيكليتها لحماية مكتسبات المنطقة من تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية.
كما دعا المصدر إلى حوار وطني شامل بضمانات دولية، مؤكدا التزام قسد بالعدالة الانتقالية والتعاون مع لجان تحقيق دولية محايدة لمعالجة الانتهاكات المزعومة.
إعلانوطالب الولايات المتحدة وفرنسا بدعم الحلف السياسي في صياغة الدستور الجديد، مشددًا على استمرار قسد في حماية مناطقها من التدخلات التركية والعمل على بناء سوريا ديمقراطية.
تحذير حكومي
في المقابل، تعتبر الحكومة السورية أن تحركات قسد تهدد وحدة البلاد، وترى أن أي تحالفات خارج إطار الدولة والحوار الوطني هي محاولات لتقسيم سوريا ويعكس تصريح الباحث السياسي عبد الله الخير، المقرب من الحكومة، هذا الموقف، إذ اعتبر أن مؤتمر الحسكة محاولة لفرض أجندات انفصالية تخدم مصالح خارجية.
وأكد الخير في حديثه للجزيرة نت أن الحكومة ترفض أي تحالفات سياسية خارج الحوار الوطني، محذرا من أن مشاركة شخصيات مثل الهجري وغزال قد تُستغل لأهداف جيوسياسية. وشدد على التزام دمشق بحماية التنوع ضمن دولة موحدة، ورفض الحكم اللامركزي الذي يضعف السلطة المركزية.
وأضاف الخير أن أحداث السويداء الأخيرة تؤكد الحاجة إلى تعزيز وجود الدولة لمنع الفوضى، معتبرا أن دعوات قسد قد تؤجج التوترات الطائفية، كما حذر من أن الحلول السياسية التي تنطلق من مناطق معينة لن تُقبل على نطاق وطني، داعيا إلى صياغة دستور جديد برعاية الحكومة السورية.
وشدد على أن التدخلات الخارجية التي تستغل قضية الأقليات تمثل خطرا على وحدة البلاد، وأن الحكومة ماضية في إعادة بناء سوريا موحدة.