منذ انطلاقة معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس ضد الكيان الصهيوني في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى العدوان الاسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الثالث عشر من حزيران/ يونيو الحالي باسم الأسد الصاعد، والصراع مع العدو الصهيوني المدعوم أمريكيا يشهد تطورات متسارعة شملت المنطقة والعالم، وحتى لو تم الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار بين العدو الصهيوني وإيران، فإن ذلك لا يعني أن الصراع انتهى وأن المعركة انتهت، فالصراع لم يبدأ مع معركة طوفان الأقصى ولن ينتهي مع توقف العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وردها على هذا العدوان، فالصراع بدأ منذ قيام هذا الكيان الصهيوني المدعوم من القوى الغربية ومنذ وعد بلفور البريطاني، مرورا بكل الحروب والمحطات التاريخية في هذا الصراع.



وقد يكون لشهر حزيران/ يونيو حصة وازنة من هذه المحطات، ففي حزيران/ يونيو 1967 شهدنا حرب الأيام الستة ضد سوريا ومصر والأردن والتي انتهت باحتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان، وفي حزيران/ يونيو من العام 1982 شهدنا الحرب على لبنان والتي انتهت باحتلال قسم كبير من الأراضي اللبنانية وصولا للعاصمة بيروت، وخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وكذلك خروج الجيش السوري من العديد من المناطق اللبنانية، وإن كان هذا العدوان قد أدى إلى نشوء المقاومة الإسلامية والوطنية اللبنانية والتي حررت الأراضي اللبنانية وغيرت مجرى الصراع.

إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟
واليوم نشهد فصلا جديدا من هذا الصراع والذي وصل إلى إيران من خلال العدوان الإسرائيلي-الأمريكي المشترك ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عبر عمليات متنوعة جمعت الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية، وكان مخططا لها لإسقاط النظام مع تدمير المنشآت النووية والمنظومات الصاروخية، إضافة للاغتيالات للقادة العسكريين والأمنيين والعلماء النوويين. واستغل العدو الصهيوني قدرته الأمنية في اختراق البيئة الإيرانية عبر شبكات العملاء لتحقيق ضربات قاسية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وكان لأمريكا دور فاعل في هذا العدوان عبر قصف المنشآت النووية، لكن الجمهورية الإسلامية نجحت في إقامة توازن رعب مع العدو الصهيوني وصولا لاستهداف القاعدة الأمريكية في قطر. وهذه الحرب القاسية التي عشناها خلال الأسبوعين الماضيين كشفت الكثير من الثغرات في الجوانب العسكرية والأمنية، ولكنها أفرزت نتائج مهمة ستكون لها تداعياتها الكبرى في هذا الصراع المستمر، والذي لا ينتهي بوقف إطلاق للنار أو أي اتفاق طالما أن هذا الكيان الصهيوني قائم وأن العدوان على الشعب الفلسطيني مستمر، وطالما أن العدالة مفقودة في فلسطين المحتلة.

لكن إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟

على ضوء ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين فإن هناك جملة ملاحظات وعبر ودروس يمكن وضعها بشكل أولي، وإن كنا بحاجة لدراسات موسعة لكل التطورات لوضع رؤية مستقبلية لكل القوى المعنية بهذا الصراع.

ومن هذه الدروس والعبر والمهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة:

أولا: أن هذا المشروع الصهيوني- الأمريكي لا يستهدف فقط تصفية القضية الفلسطينية أو القضاء على قوى المقاومة، بل يريد منع قيام أية قوة أو دولة في المنطقة تمتلك قدرات نووية أو تكنولوجية أو عسكرية يمكن أن تشكل خطرا على هذا الكيان، وأن الحرب لن تقتصر على إيران بل تشمل دولا كبرى أخرى في المنطقة وخصوصا تركيا وباكستان.

ثانيا: كشفت هذه الحرب حجم الثغرات الأمنية والعسكرية في إيران رغم كل التقدم والقدرات التي تتمتع بها، وهي تضاف إلى الثغرات الأمنية التي برزت خلال الحرب على لبنان، إضافة للتطور التكنولوجي الكبير الذي يتمتع به العدو الصهيوني، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للأداء من أجل معالجة الثغرات في المرحلة المقبلة.

مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل
ثالثا: نجحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في توجيه ضربات قاسية للكيان الصهيوني رغم الضربات القاسية التي تعرضت لها، ووضعت توازن رعب في هذا الصراع، وكل ذلك ستكون له تداعياته المستقبلية على هذا الصراع.

رابعا: إن خوض إيران المباشر لهذا الصراع ردا على العدوان الذي تعرضت له أدى إلى التفاف عربي وإسلامي حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولو على صعيد المواقف السياسية والإعلامية، وتراجعت الخلافات السياسية والمذهبية، وهذا يمكن أن يؤسس لعلاقات مستقبلية جديدة بين إيران والقوى الإسلامية وكذلك على صعيد العالم العربي والإسلامي.

خامسا: إن امتلاك القدرات الصاروخية والعسكرية والتكنولوجية غير التقليدية هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي لوقف أي عدوان، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات العلمية المستمرة، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للمواجهة في المرحلة المقبلة.

سادسا: إن مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل على كافة الأصعدة.

هذه بعض الخلاصات والعبر الأولية التي يمكن استنتاجها بشكل أولي وبعض المهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة، وإن كنا بحاجة لدراسات أعمق لكل ما جرى منذ معركة طوفان الأقصى إلى عملية الأسد الصاعد وما تلاها من معارك مواجهات، والصراع مستمر ولن يتوقف مع وقف إطلاق النار أو توقف إحدى الجبهات عن القتال المباشر.

x.com/kassirkassem

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الإيرانية الإسرائيلي إيران إسرائيل طوفان الاقصي الاسد الصاعد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة مواجهة المشروع الصهیونی معرکة طوفان الأقصى فی المرحلة المقبلة طوفان الأقصى إلى العدو الصهیونی مراجعة شاملة المقاومة فی وهذا یتطلب هذا الصراع ما جرى فی هذا

إقرأ أيضاً:

إيران تحذر من مشروع «طريق ترامب» في القوقاز: سذاجة سياسية لا يمكن قبولها

أكد مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، اليوم الأحد، أن بلاده لن تسمح بإنشاء ما وصفه بـ”الممر الأمريكي” أو “ممر زنغزور” الاستراتيجي في منطقة القوقاز، مشددًا على أن هذا المشروع يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي ويغير الخريطة الجيوسياسية في المنطقة.

ووصف ولايتي الحديث عن نية الولايات المتحدة استئجار هذا الممر، الذي يربط أذربيجان بمنطقة نخجوان ذات الحكم الذاتي عبر الأراضي الأرمينية، بأنه “سذاجة سياسية”، مشبهًا إياه بمحاولة استئجار قناة بنما الشهيرة، في إشارة إلى عدم واقعية هذه الخطوة ومدى تعقيدها.

وجاءت تصريحات ولايتي في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي بعد توقيع اتفاق سلام ثلاثي في واشنطن، الجمعة الماضية، بين رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، وبوساطة مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تم الاتفاق على منح واشنطن حقوقًا حصرية لتطوير هذا الممر الاستراتيجي الذي سيُعرف رسميًا باسم “طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين”.

ويهدف الممر إلى تعزيز الاتصال الإقليمي ودعم التعاون الاقتصادي بين أرمينيا وأذربيجان وأطراف أخرى في المنطقة، غير أن إيران، التي تطل حدودها على القوقاز، عبرت عن رفضها التام لهذا المشروع، معتبرةً أن وجود قوة أجنبية في مثل هذا الموقع الاستراتيجي يهدد استقرار المنطقة بأسرها.

وكانت الخارجية الإيرانية حذرت أمس السبت من أن طهران ستستخدم “كل الوسائل” لمنع تنفيذ هذا الممر، مشددة على أن أي تدخل أجنبي بالقرب من حدودها يشكل تهديدًا لأمنها القومي وللأمن الإقليمي في جنوب القوقاز.

في سياق متصل، أكد ولايتي رفض إيران القاطع لأي محاولات لنزع سلاح “حزب الله” اللبناني، مؤكدًا أن الحزب أصبح أقوى من أي وقت مضى، ويظل القوة الأساسية في حماية لبنان وأمنه. كما أكد ضرورة الحفاظ على “الحشد الشعبي” في العراق باعتباره ركيزة أساسية لاستقرار هذا البلد.

مقالات مشابهة

  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 12 أغسطس
  • عمليات كتائب القسام ضمن معركة "طوفان الأقصى" 11 أغسطس
  • كتائب الأقصى تعرض مشاهداً لدك جنود وآليات العدو الصهيوني في كف القرارة
  • الخارجية الإيرانية تدين جريمة اغتيال عدد من الصحفيين إثر العدوان الصهيوني على غزة
  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 11 أغسطس
  • إيران تحذر من مشروع «طريق ترامب» في القوقاز: سذاجة سياسية لا يمكن قبولها
  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 10 أغسطس
  • بحضور مفتي الجمهورية.. جامعة عين شمس تمنح الباحث ذو النورين درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية
  • بدء دورة “طوفان الأقصى” لعدد من منتسبي القطاع التربوي في محافظة صنعاء
  • سلطنة عُمان تُدين قرار العدو الصهيوني إعادة الاحتلال قطاع غزّة