خبراء: نأمل في استثمار الذكاء الاصطناعي لتعزيز حضور العربية على الساحة الرقمية
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
بمناسبة اقتراب يوم اللغة العربية الموافق 18 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أكد خبراء وباحثون على ضرورة تكثيف الجهود لاستثمار التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز حضور اللغة العربية على الساحة الرقمية العالمية، وتمكينها رقمياً لتضاهي اللغات العالمية الأخرى، موضحين أن نسبة المحتوى العربي على الإنترنت لا تتجاوز 3%.
وعن التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، قالوا لـ24: "يتجلى تأثير الذكاء الاصطناعي في توفير الأدوات المعرفية ومصادر التعليم الغنية، وإنشاء حالة تعليمية مميزة وتوسيع دائرة الاستهداف وتهيئة الظروف لتنفيذ استراتيجيات التعلم الذاتي.
وحول إمكانية مساهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز وتطوير اللغة العربية، قال رئيس قسم تطوير المحتوى الثقافي بدائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، الدكتور موسى الهواري: "تُعد اللغة العربية من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، إذ يتجاوز عدد الناطقين بها 400 مليون شخص، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بلغات وثقافات أخرى، ولعبت العربية دوراً محورياً عبر التاريخ في نقل الثقافة والمعرفة، حيث أسهمت في تعزيز التواصل الحضاري والحوار الثقافي بين الحضارات عبر العصور المختلفة".
وأضاف: "رغم ثراء اللغة العربية بالمحتوى والمعرفة، إلا أن وجودها الرقمي يظل محدوداً، حيث لا يتجاوز المحتوى العربي على الإنترنت نسبة 3%، إذ يفرض هذا الواقع على الحكومات والمؤسسات الثقافية والأكاديمية، إلى جانب الخبراء العرب، تكثيف الجهود لاستثمار التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز حضور اللغة العربية على الساحة الرقمية العالمية، وتمكينها رقمياً لتضاهي اللغات العالمية الأخرى".
وأوضح: "تُمثّل اللغة العربية تحدياً فريداً لأنظمة الذكاء الاصطناعي نظراً لتعقيدها وغناها بالأساليب والتعابير اللغوية، ومع ذلك، أحرزت تطبيقات الذكاء الاصطناعي تقدماً ملحوظاً في التعامل مع هذه الخصوصية باستخدام خوارزميات التعلُّم العميق والشبكات العصبية التي تفهم السياق والنوايا بشكل يقارب الفهم البشري، يمكن لهذه التطبيقات تحسين أنظمة الترجمة الآلية، وتطوير تقنيات التعرّف على الصوت العربي وتحويله إلى نصوص دقيقة، بما يساهم في التغلب على تحديات التنوع في اللهجات وطريقة النطق، إضافة إلى ذلك، تلعب أنظمة التصحيح اللغوي والتدقيق الإملائي المدعومة بالذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في اكتشاف الأخطاء اللغوية والنحوية وإصلاحها، مما يثري المحتوى العربي الرقمي ويعزز جودته".
وفي حديثه عن التحديات التي تواجه اللغة العربية في أنظمة الذكاء الاصطناعي، أكد الدكتور الهواري: "على الرغم من المكانة المتميّزة للغة العربية، والتي تحتل المرتبة السابعة عالمياً من حيث الاستخدام، إلا أنها تواجه تحديات عديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، من أبرزها: ضآلة المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت، ونقص الموارد الرقمية المفتوحة عالية الجودة والمتاحة للباحثين والمطورين، والتنوع المحدود في الموضوعات والمجالات المتوفرة باللغة العربية، وضعف الترجمة الدقيقة من وإلى العربية، مما يعيق التفاعل مع المحتوى العالمي، وغياب الإمكانات الكافية لدى المؤسسات البحثية والأكاديمية لدعم تطوير اللغة العربية تقنياً، وقصور محركات البحث الموجهة للغة العربية في تقديم نتائج دقيقة وفعالة، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، نتيجة إعادة نشر المحتوى دون إذن أو نسبه لمصادر أخرى،" موضحاً أن مواجهة هذه التحديات تتطلب وضع استراتيجيات شاملة تتبنى التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتعزيز اللغة العربية وحمايتها في العصر الرقمي".
بدورها أكدت الباحثة الأكاديمية الدكتورة موزة بن خادم المنصوري: "اللغة العربية من أهم اللغات في العالم، وهي عنوان هويتنا العربية، ورمز كياننا القومي، وهي جامعة شملنا وموحدة كلمتنا وحافظة تراثنا، قال تعالى :" إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" سورة يوسف/ 2 وهي أفصح لغات التخاطب بين الناس وأبينها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم في النفوس لذا فمن المهم إتقان اللغة العربية الفصحى، إيمانا منا بأهميتها ومكانتها في ترسيخ الهوية القومية والإبداع والانتماء، كما أن اللغة العربية تمتاز بخصائص فريدة تساعد على برمجتها آليا وبشكل يندر وجوده في لغات أخرى، مثل الانتظام الصوتي، والعلاقة بين طريقة كتابتها ونطقها، مما يظهر قابلية اللغة العربية للمعالجة الآلية".
وأضافت: "احتل الذكاء الاصطناعي أهمية كبيرة بما يخدم شتى ميادين الحياة الإنسانية المعاصرة، وإن التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية يتجلى في توفير الأدوات المعرفية ومصادر التعليم الغنية، وإنشاء حالة تعليمية مميزة وتوسيع دائرة الاستهداف وتهيئة الظروف لتنفيذ استراتيجيات التعلم الذاتي".
وقالت: "إن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم يعطي القدرة على مواجهة تحديات التعليم اليوم وابتكار ممارسات التعليم والتعلم ومن ثم تسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، ولا شك أن تعليم اللغة العربية قد استفاد من الذكاء الاصطناعي من خلال ظهور برامج ومنصات تعليمية للغة العربية استفاد منها كثير من المتعلمين في العالم بما يتناسب مع وقتهم، كما استفاد المعلمون في إبداع برامج تعليمية وتوفير مصادره القيمة واستغلال أوقاتهم مما يسهل العملية التعليمية، على سبيل المثال برنامج أديب وهو قاموس محوسب وترجمان يهتم بالترجمة الآلية والقارئ للتعرف على النصوص العربية المطبوعة وتطبيق الرديف للتحليل الصرفي وتحويل النص المكتوب إلى صوت مسموع، يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى تيسير تعليم اللغة العربية على نطاق أوسع".
وتساءل الباحث والأكاديمي الدكتور أحمد عبد المنعم عقيلي: "هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الإنسان في تعليم اللغة العربية وتعلّمها؟ وهل لدخول الذكاء الاصطناعي ميدان اللغات وتعليمها دور إيجابي أم سلبي؟ موضحاً أن التكنولوجيا والتعامل معها، تحتاج إلى خبرة ودراية وتمكن من وسائلها، وخصوصاً حين يتعلق الأمر باللغات وتعليمها، وخصوصاً اللغة العربية التي تتسم بالغنى المعرفي والعمق الدلالي".
وأشار إلى الدور المهم الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في أتمتة قواعد اللغة النحوية والصرفية، وتقديم البرامج الداعمة والمناسبة لتعليمها، مثل: برامج الإعراب والنحو الآلي، وبرامج الصرف والعروض الآلية، وبرامج التشكيل والضبط الآلي وغيرها، وقد أكدت هذه البرامج مجتمعة على أهمية وفاعلية وقدرة هذه البرامج، على تسهيل قواعد العربية وإضفاء طابع السرعة والغنى المعرفي عليه، ولكن هذه الفوائد لا تعني أن توظيف الذكاء الاصطناعي في تعليم اللغة العربية، لا يعاني من نقاط سلبية تحتاج منا الحذر في التعامل معها، لعل من أهمها القدرة على ترشيد الذكاء الاصطناعي وتوجيهه، ليكون توظيفه في تعليم اللغة العربية متوازناً ودقيقاً، بعيداً عن المبالغة والتكلف، بحيث لا يطغى دوره على دور معلم اللغة العربية، لأن المعلم، هو المحور وأساس العملية التعليمية".
وبيَن أن الذكاء الاصطناعي ليس سوى وسيلة مساعدة في تعليم اللغة العربية، من خلال البرامج التطبيقية المرتبطة بمخرجات تعليم اللغة العربية، والتعامل معها، نذكر منها: المدقق اللغوي الإلكتروني، الذي يتناول النص اللغوي، ويشير إلى الأخطاء الواردة فيها، لينبه الكاتب إلى مواضعها ليقوم بتصحيحها، إضافة إلى المعاجم الرقمية، وبرامج الترجمة الفورية، التي تقوم بتناول النصوص اللغوية، ومن ثم إخراجها صوتياً، مما يسهل التعامل معها، والوصول إليها، بسهولة وسرعة، وكذلك برامج تحليل النصوص اللغوية والأدبية، مما يمكنها من إحصاء تردد الكلمات، وعدد مرات تكرارها، علاوة على برامج كشف الانتحال والسرقات، وبرامج استخراج النصوص من الصور أو إضافتها إليها، وبرامج الإعراب والصرف، وغيرها كثير من البرامج.
وختم الدكتور عقيلي: "لا شك أن هذه البرامج المرتبطة بالذكاء الاصطناعي برامج مهمة، ذات أثر محوري في تعلم اللغة العربية وتعليمها، لكنها على أهميتها، لم تثبت وبدقة أنها قادرة على تجاوز الإمكانات الإنسانية، لتحل محلها، فهي مهمة وذات دور كبير ولكنها بحاجة لمعلم خبير قادر على توظيفها في تعليم اللغة العربية بشكل دقيق وصحيح، ومن دونه لا يمكنها أن تقدم الفائدة المنشودة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اللغة العربية الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی لتعزیز فی تعلیم اللغة العربیة الذکاء الاصطناعی فی العربیة على
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!
في خطوة رائدة نحو تحسين إدارة مرض السكري، أعلنت شركتا IBM وRoche عن تطوير حل ذكي مشترك يُعالج واحدة من أكثر التحديات الصحية تعقيدًا: العبء اليومي المستمر لمراقبة مستويات السكر في الدم.
جاءت النتيجة على شكل تطبيق مبتكر يحمل اسم Accu-Chek SmartGuide Predict، يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات الجلوكوز قبل حدوث التغييرات المفاجئة، ما يمنح المستخدمين فرصة استباق الأحداث واتخاذ قرارات صحية مبنية على التوقع لا رد الفعل.
تنبؤ بسكر الدم... كما تتنبأ بالأحوال الجوية
يأخذ التطبيق مفهوم مراقبة السكري إلى بُعد جديد، إذ لا يكتفي بإظهار مستوى السكر الحالي، بل يرسم خريطة لتوجهاته المستقبلية. تمامًا كما تعتمد على نشرة الطقس لتخطط ليومك، يمكنك الآن الاعتماد على هذا التطبيق للتخطيط لمستويات سكر في الدم خلال الساعات المقبلة.
ويعمل التطبيق بالتكامل مع جهاز الاستشعار المستمر للجلوكوز من Roche، حيث يعالج البيانات لحظيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليمنح المستخدم رؤى دقيقة تساعده على تفادي التقلبات المفاجئة والخطيرة في مستويات الجلوكوز.
ثلاث ميزات رئيسية تحدث فرقًا حقيقيًا
يمتاز تطبيق SmartGuide Predict بثلاث وظائف رئيسية، كل منها يستهدف قلقًا شائعًا لدى مرضى السكري:
* Glucose Predict: ميزة تعرض تصورًا لمسار مستوى الجلوكوز خلال الساعتين المقبلتين، ما يمنح المستخدم وقتًا كافيًا لتعديل نظامه الغذائي أو أخذ جرعة إنسولين وقائية.
* Low Glucose Predict: بمثابة نظام إنذار مبكر، ينبّه المستخدم باحتمال حدوث انخفاض حاد في السكر قبل 30 دقيقة تقريبًا من وقوعه—وقت كافٍ لاتخاذ إجراء تصحيحي سريع.
* Night Low Predict: خاصية تُعد الأهم لكثير من المرضى، إذ تتنبأ بخطر انخفاض السكر أثناء النوم وهو أكثر الأوقات خطورة. التطبيق يقيم المخاطر قبل النوم ويقترح ما إذا كانت وجبة خفيفة ليلية ضرورية.
يقول موريتز هارتمان، رئيس قسم حلول المعلومات في شركة Roche: «من خلال تسخير قوة التكنولوجيا التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن لتطبيق Accu-Chek SmartGuide Predict أن يمنح مرضى السكري قدرة أكبر على اتخاذ قرارات استباقية لإدارة حالتهم الصحية بثقة ووعي».
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أبحاث السكري
تتجاوز فوائد التعاون بين IBM وRoche الجانب العلاجي، لتصل إلى مجال الأبحاث السريرية. فقد طوّرت الشركتان أداة ذكية مدعومة بمنصة watsonx من IBM، تعيد تعريف كيفية تحليل البيانات في التجارب السريرية.
بدلًا من العمليات اليدوية البطيئة، تقوم الأداة الجديدة برقمنة وتصنيف وترجمة البيانات السريرية المجهولة الهوية، وربطها تلقائيًا بمعلومات أجهزة مراقبة السكر ونمط حياة المشاركين في الدراسة.
والحصيلة؟ اكتشاف أنماط وارتباطات دقيقة في وقت قياسي ما يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في فهم المرض وتطوير أساليب العلاج، وربما يكون أكثر تأثيرًا على المدى البعيد من التطبيق ذاته.
تحالف فريد بين التكنولوجيا والصحة
يجمع هذا التعاون بين قوتين من عالمين مختلفين: خبرة IBM التقنية والذكاء الاصطناعي من جهة، وخبرة Roche في علوم الحياة والرعاية الصحية من جهة أخرى. وهو نموذج ناجح لتكامل الصناعات لخدمة احتياجات صحية حقيقية.
يقول هارتمان: «شراكتنا طويلة الأمد مع IBM تعكس الإمكانات الكبيرة للابتكار بين الصناعات في تقديم حلول فعّالة لاحتياجات صحية غير ملبّاة، وتسريع الوصول إلى نتائج علاجية أفضل».
وأضاف كريستيان كيلر، المدير العام لـIBM في سويسرا: «التعاون مع Roche يُبرهن على قوة الذكاء الاصطناعي عندما يُستخدم لهدف واضح: دعم المرضى في إدارة حالاتهم بشكل أفضل. نحن نوفر بيئة تقنية موثوقة، آمنة، ومخصصة تُعزز الابتكار في مجال الرعاية الصحية».
دلالات الابتكار لمستقبل التكنولوجيا الصحية؟
بعد سنوات من متابعة التكنولوجيا الصحية، يمكن القول إن هذه الشراكة مختلفة. فهي لا تقدم وعودًا فضفاضة، بل تركز على حل واضح وملموس لمشكلة تؤثر على أكثر من 590 مليون شخص حول العالم يعيشون مع مرض السكري.
إنّ التحول من الإدارة التفاعلية إلى الإدارة التنبؤية لا يُعد مجرد تحسين، بل تغيير في قواعد اللعبة. فبدلًا من انتظار المشكلة، أصبح بالإمكان توقعها ومنعها. الذكاء الاصطناعي هنا لا يستبدل الإنسان، بل يزوّده بالمعلومة في الوقت المناسب ليحسن اتخاذ القرار.
التطبيق متاح حاليًا فقط في سويسرا، وهي خطوة مدروسة لاختبار فعالية النظام قبل تعميمه عالميًا. ومن المتوقع أن يتابعه قطاع الرعاية الصحية عن كثب.
إذا أثبتت هذه التجربة نجاحها، فقد تفتح الباب أمام حلول مشابهة لأمراض مزمنة أخرى، مثل أمراض القلب، الربو، أو حتى اضطرابات الجهاز العصبي كمرض باركنسون.
وفي الوقت الراهن، يبقى الهدف الأساسي هو منح مرضى السكري القدرة على عيش حياة أكثر راحة واستقرارًا حتى أثناء نومهم. وهو هدف إنساني نبيل، يستحق أن يُسخّر له الذكاء الاصطناعي بكل إمكاناته.