تسونامي يضع سورية والمنطقة على مفترق طرق
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
#تسونامي يضع #سورية والمنطقة على مفترق طرق _ د. #منذر_الحوارات
أضاع نظام الأسد فرصًا عظيمة خلال العقد الماضي للوصول إلى تسويات تحقن دماء السوريين، لكنه لم يفعل ذلك، إما إرضاءً لرغبة داخلية في الانتقام، أو رضوخًا لمصالح فاعلين إقليميين ودوليين مستفيدين من استمرار النزاع، ولو على حساب معاناة الشعب السوري.
ولا يمكن وصف انهيار المدن السورية الواحدة تلو الأخرى، وصولًا إلى انهيار النظام وسقوط الأسد، إلا على أنه تطور يتجاوز مجرد انتصارات ميدانية لهيئة تحرير الشام نتيجة ضعف قوات النظام أو تخلي حلفائه الروس والإيرانيين عنه. بل إن ما حدث أشبه بتسونامي نتج عن خروج مارد مكبوت من قمقمه. كما لا يمكن تفسير تراجع قوات الجيش بأنه نتيجة للضغط العسكري فقط، فهذا تحليل يصعب قبوله منطقيًا. بل يمكن عزو ما حدث إلى استنكاف قيادات وأفراد الجيش عن حماية النظام.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: بعد سقوط النظام، هل تدخل سورية في مرحلة من الاستقرار النسبي مع صعود قوى جديدة؟ أم ستغرق في موجة من الفوضى والصراعات الأهلية الممتدة؟
مقالات ذات صلة تهديد الصورة النمطية للمهاجرين المراهقين.. 2024/12/10أكثر ما يخشاه العالم هو أن تدخل سورية في مرحلة من الفراغ والفوضى. فسقوط النظام يخلق فراغًا سياسيًا وأمنيًا خطيرًا، ويفتح المجال أمام تنافس فصائل متباينة التوجهات، مدعومة من أطراف دولية وإقليمية. تجارب ما بعد ثورات الربيع العربي وسقوط بعض الأنظمة تشير إلى أن الفوضى قد تكون المصير الأقرب إذا لم يتمكن السوريون من الوصول إلى توافق وطني شامل.
في المقابل، قد تحمل هذه اللحظة فرصة لإعادة تشكيل النظام السياسي على أسس جديدة تتجاوز إرث العقود الماضية، وتضع سورية على مسار مختلف تمامًا.
ما يحدث في سورية لن يتوقف عند حدودها. فهو جزء من تطورات ذات أبعاد إقليمية ودولية. التغيير في سورية يلقي بظلال ثقيلة على دول عدة، وفي مقدمتها إيران التي كانت طرفًا رئيسيًا في الصراع السوري بسبب سياساتها الإقليمية، بدأت تدرك أن حاجتها للطريق الذي يصلها بحزب الله لم تعد بالأهمية ذاتها بعد أن قررت الولايات المتحدة إعادة الحزب إلى السياسة. لهذا، لم تُبدِ حماسًا كبيرًا لنجدة النظام كما فعلت في 2014. يبدو أن قرارها بالتراجع نابع من قراءة استراتيجية ترى ضرورة التفاوض مع القوى الكبرى، خصوصًا الإدارة الأميركية المقبلة، لتجنب نتائج وخيمة عليها.
أما روسيا، فهي تواجه خطر خسارة موطئ قدمها في البحر المتوسط، مما يشكل نكسة كبيرة لمشروعها الاستراتيجي في المنطقة. موسكو تدرك أن الصراع مع الولايات المتحدة له كلفة عالية لا يمكنها تحملها.
تركيا، من جانبها، قد تكون من أكبر المستفيدين مؤقتًا من انهيار النظام. إذ تسعى إلى توسيع نفوذها وضمان مصالحها الأمنية، لا سيما في الشمال السوري. لكن هذا التوسع سيصطدم عاجلًا أم آجلًا مع مصالح قوى أخرى لا تريد للدور التركي أن يتجاوز حدودًا معينة.
الدول العربية تراقب المشهد بقلق وترقب. الخوف ينبع من احتمال أن يشكل سقوط النظام فصلًا جديدًا من الربيع العربي، لكن في الوقت نفسه، هناك تفاؤل لدى البعض بإمكانية خروج سورية من تحت النفوذ الإيراني، ما يفتح المجال لإعادتها إلى الحاضنة العربية.
إسرائيل ترى انهيار النظام تهديدًا وفرصة. التهديد يكمن في احتمال أن يؤدي الفراغ الأمني إلى ظهور جماعات أكثر عدائية تهدد أمنها. أما الفرصة، فتتمثل في إنهاء الوجود الإيراني في سورية، وهو مكسب استراتيجي كبير.
الولايات المتحدة تبدو المستفيد الأكبر من المشهد. فهي تراقب من بعيد انهيار النفوذ الروسي والإيراني في سورية وتراجع الطموح الصيني، وهذه أهداف استراتيجية لطالما سعت لتحقيقها. ورغم أنها تبدو بعيدة عن الأحداث، إلا أنها الفاعل الأبرز في صياغة المشهد الحالي.
لا يبدو أن تسونامي الجولاني سيتوقف عند مكان حدوثه، وإن كان أول ضحاياه نظام الأسد. بل من الواضح أنه سيمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، لأنه ليس مجرد انعكاس لصراع داخلي، بل لحظة فاصلة قد تعيد تشكيل مستقبل سورية والمنطقة.
السؤال الأهم: هل يستطيع السوريون تجاوز هذا المنعطف التاريخي لبناء دولة جديدة؟ أم ستتحول بلادهم إلى ساحة لتصفية الحسابات الداخلية والإقليمية والدولية؟ الإجابة لن تفصح عن نفسها إلا بمرور الأيام والأسابيع المقبلة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تسونامي سورية فی سوریة
إقرأ أيضاً:
من بينها التعويض..إيران تضع شرطين لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الخميس، إن على الولايات المتحدة أن تقدم تعويضات عن الخسائر التي لحقت ببلاده جراء الهجمات التي شنتها خلال حرب يونيو/حزيران الماضي، وذلك كشرط أساسي لاستئناف المفاوضات النووية بين الطرفين.
وفي مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"، أوضح عراقجي أن على واشنطن أن "تفسر سبب استهدافها لإيران في منتصف المفاوضات، وأن تقدم ضمانات تحول دون تكرار مثل هذه الهجمات مستقبلًا".
ويأتي تصريح عراقجي في سياق ما يبدو تشديدًا لموقف طهران قبيل استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة. وقال إن على واشنطن أن تتحمل مسؤولية الأضرار التي تسببت بها وأن تقدم خطوات ملموسة لبناء الثقة، ردًا على مقترح المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف باستئناف الحوار.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، تبادل ويتكوف وعراقجي رسائل خلال فترة الحرب، أكد فيها الأخير ضرورة التوصل إلى "حل يخدم مصلحة الطرفين" لإنهاء الأزمة المستمرة حول برنامج إيران النووي.
كما شدد عراقجي على ضرورة أن يتضمن أي اتفاق مقترح تعويضات مالية وضمانات أمنية بعدم استهداف إيران مجددًا خلال مسار التفاوض، دون أن يقدم تفاصيل إضافية بشأن طبيعة هذه التعويضات.
وفي سياق متصل، تعرض الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لانتقادات حادة من عدد من الصحف المحافظة، عقب مقابلة أجراها مع الصحفي الأميركي تاكر كارلسون أعلن فيها دعمه لاستئناف المفاوضات مع واشنطن.
من جانبه، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا الشهر، بأنه لا يشعر بالحاجة الملحّة للتفاوض مع إيران، مشيرًا إلى أن المواقع النووية الإيرانية "دُمرت". وأضاف أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع الترويكا الأوروبية، حددت نهاية أغسطس/آب المقبل كموعد نهائي للتوصل إلى اتفاق.
وكانت واشنطن قد أجرت خمس جولات من المحادثات مع طهران قبل شن غاراتها الجوية في يونيو/حزيران، والتي وصفها ترامب بأنها "أنهت" البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي تدعي إيران إنه غير صحيح.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن