خطبتا الجمعة بالحرمين: الحِلم من خصال الأخلاق العظيمة.. والرضا بالقضاء من موجبات السعادة والفرج
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
ألقى الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله حق تقاته، وتعظيمه، والخضوع لأمره، والانقياد لشرعه، قال تعالى ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾.
وقال إن من أسماء الله الحسنى “الحليم”، وقد وَصَفَ تبارك وتعالى نفسَه بالحلْم فقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾، وقال سبحانه ﴿وَٱللَّهُ غَنِيٌ حَلِیمࣱ﴾. وهي صفة كمال، تقوم على الحكمة والعلم والصبر.
وأوضح أن الحليم سبحانه هو الصبور ذو الصفح والأناة، الذي لا يستخفُّهُ جهل الجاهلين، ولا عصيان العاصين، وهو يُشاهد جحودَ الكفار وفجورَ الأشرار وكيدَ الفجّار، ولكنه لا يُعجّل بالعذاب، ولا يسارع في الانتقام، مع كمال قدرته وقوته وجبروته، فيؤخّرُ وينْظر، ويؤجّل ولا يعجّل، ويستر ويغفر.
وهو الحليم الذي يُدِرُّ على خلقِه النِّعمَ الظاهرةَ والباطنة مع معاصيهم وكثرة زلاتهم.
وأكد فضيلته أن حلمه ليس عن عجزٍ أو ضعفٍ حاشاه سبحانه، بل يحلُم عن مقابلة العاصين بعصيانهم، ويستعتِبُهم كي يتوبوا، ويمهلُهم كي ينيبوا، ولِيُقيم الحجة عليهم بأنهم لم يُصلِحُوا قلوبَهم وأعمالَهم بعدَ حلمِه عليهم.
ولو أنه تعالى عاجَلَ العصاة بالعقوبة لما بَقي أحدٌ على وجه الأرض، قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾.
وبين الدكتور الغزاوي أن الله -عز وجل- لا يغيب عنه من أمرنا شيء؛ فهو سبحانه مطلع على أعمالنا في كل وقت وحين، وعالمٌ بجميع أحوالنا فِي كل ساعة وفي كل نفَسٍ وكلِّ طَرفةِ عين، قال تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا یَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةࣲ فِي ٱلۡأَرضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَاۤءِ وَلَا أَصۡغَرَ مِن ذَ لِكَ وَلَا أَكۡبَرَ إِلَّا فِي كِتَـٰبࣲ مُّبِینٍ﴾. وفي هذا تذكرة لكل من استحوذ عليه الشيطان، وسولت له نفسه العصيان، أن الله جل وعلا كان معه حين عمل السيئات، وكان معه عندما فرط في جنب الله وارتكب الموبقات، وهو سبحانه لو أراد أخذه في وقته لأخذه، ولم يُمهله حتى يوافيَ أجلَه، كان يقدر أن يأخذه وهو يخالف الحق ويتبع غير سبيل المؤمنين.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: مَن أعظمُ مِن ربنا جودًا وكرمًا؟! ومَن أوسَعُ منه مغفرةً وحلمًا؟! كم من خير منه على خلقه نازل، وكم من شرٍّ منهم إليه صاعد. يعصيه العاصون ويتجرأ عليه المتجرئون وهو شاهدٌ غيرُ غائب، ولأفعالهم مراقب، يكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يَعْصُوه، ويتولى حفظَهم كأنهم لم يُخالفوه.
وأضاف فضيلته: فما أحلمَ اللهَ على من عصاه! لكنَّ جهلَ العاصين قد يبلغ مداه، فالمشركون مِنْ عُتُوِّهم وَعِنَادِهِمْ وَشِدَّةِ تَكْذِيبِهِمْ اسْتَفْتَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَاسْتَعْجَلُوا الْعَذَابَ، وَتَقْدِيمَ الْعُقُوبَةِ، قال سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: “اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَاهْدِنَا لَهُ، وَوَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِهِ”.
إنه الحليم سبحانه الذي ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾.
وأكد الدكتور فيصل غزاوي أن حلم الله تعالى يستوجب محبته لأن الحليم محبوب، فكيف بربنا الجليل سبحانه الموصوف بكمال الحلم وتمامه. كما أن الحلم من الخِصَال العظيمة التي يُريد الله من عباده أن يتخلقوا بها، قال القُرطبيُّ -رحمه الله-: “فمن الواجب على من عَرَفَ أن ربَّهُ حليمٌ على من عصاه أن يحلُم على من خالف أمره، فذاك به أولى حتى يكون حليمًا، فينال من هذا الوصف بمقدار ما يكسر سَوْرَة غضبه، ويرفع الانتقام عمن أساء إليه، بل يتعود الصفح حتى يعودَ الحِلم له سجية، قال تعالى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور﴾ فكما تحب أن يحلُمَ عنك ربك فاحلُم أنت عمن تحت يديك؛ لأنك متعبَّدٌ بالحلم مُثابٌ عليه”.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان خطبة الجمعة اليوم، وقال إن الله تعالى يبتلي عباده بالهموم وبالشدة والضراء، داعيًا إلى الرضا بأقدار الله، والحرص على دفع تلك الهموم بحزم وعزم، وعدم الاستسلام لها والاسترسال في طريقها.
وبيّن الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان أن طبيعة الإنسان متغيرة، وأحواله متقلبة، فمن سرور وأفراح، إلى أحزان وأكدار وأتراح، ومن يسر وعطاء ونعم، إلى ضيق وحرمان ونقم، ومن صحة وعافية وسلام، إلى أمراض وأسقام وآلام، كل ذلك مما يستوجب على المؤمن الحمد والشكر على الخير والنعم، والحمد والصبر على البلاء والنقم، فلله الحمد على كل حال، وله الحمد على ما قضى، وله الشكر على ما أنعم به وأعطى.
وذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستعيذ بالله من الهم والحزن، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال” رواه البخاري.
وبيّن فضيلته أن الهمّ أحزان، وضيقٌ في الصدر، وانقباضٌ المزاج، وقلقٌ وتوتّر عصبي، وحِدّة وكآبة وتفكير سلبي، وعملية استنزاف للقوى البدنية والعقلية، كما أن الهم نصف الهرم، وسبب المرض والسقم، وجالب الخمول والكسل، والضعف والفشل، وخيبة الأمل، وداء عضال، ومقتٌ ووبال، وكآبة وتوتر وانفعال، واضطراب وأوهام.
وأضاف بأن الشيطان يسعى إلى تحزين المؤمن، وإثارة همومه وغمومه وأحزانه، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
وتابع مبينًا أن الشيطان قد يستدرج الإنسان فيؤزه إلى هاوية الهموم والغموم والأحزان، فيضيق صدره، ويضيع وقته، ويضل تفكيره، ويتعكر مزاجه، ويفقد صوابه، ويستنزف قواه وطاقته، ويفقد سعادته وراحته، ويخيب منه الأمل، ويتردى في أوحال الكسل، ويتقاعس عن العمل، ويصده عن النشاط والبذل، ويسترسله القلق والتوتر، فيغشاه العبوس والكآبة، واليأس والقنوط والإحباط.
ونبّه فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن الله -جل وعلا- يبتلي عباده بالسراء والضراء، وبالشدة والرخاء، إما لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم، فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وإما أن يكون الابتلاء بسبب المعاصي والذنوب وعدم المبادرة إلى التوبة، قال تعالى: {وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}.
وأوضح الشيخ عبدالله البعيجان أن الرضا بالقضاء من موجبات السعادة والفرج، والسخط من موجبات الشقاء والبلاء والحرج، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط” رواه الترمذي.
وذكر أن الرضا يوجب سعادة وطمأنينة في البال، وراحة في النفس، وانشراحًا في الصدر، وعدم الرضا يوجب الهموم والغموم والأحزان، والقلق والأرق وعدم الاطمئنان، ولن يفرج الهم مصيبة، ولن ينفس الحزن كربة.
وأضاف: إن من أسباب انشراح الصدر وزوال الهموم والغموم والأحزان الهداية والإيمان، وتوحيد الله الواحد الديان، قال تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. وكلما ازداد الإنسان إيمانًا وتوحيدًا ازداد صدره انشراحًا.
ومن أسباب انشراح الصدر وزوال ضيقه وهمومه وغمومه ملازمة ذكر الله وتلاوة القرآن، والدعاء ومناجاة الله لرفعه.
ومن أسباب السرور والابتهاج وانشراح الصدر وذهاب الهم والغم والحزن الأعمال الصالحة؛ فالبر والتقوى والإحسان إلى الخلق بالقول والفعل وأنواع المعروف يدفع الله بها الهموم والغموم، وكذلك كثرة السجود والاستغفار، وملازمة ذكر الله الواحد القهار، وكثرة التسبيح وقراءة القرآن، والتضرّع إلى الله، والإقبال عليه جلّ جلاله، واللجوء إليه، والتوكّل عليه سبحانه في كل الأمور، والاستعانة به في كل حال.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية قال تعالى على من
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر يوضح المفهوم الشامل لتعظيم شعائر الله
عقد الجامع الأزهر، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" وذلك بحضور كل من؛ الدكتور علي مهدي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، والدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات، بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الشيخ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر.
وافتتح الدكتور علي مهدي، الملتقى بحديثه عن تعظيم شعائر الله، موضحًا أن التعظيم يعني الخضوع الكامل حِسًا ومعنًى، لأن الخضوع يمثل درجة عالية من الاحترام لشعائر الله سبحانه وتعالى، مستشهدًا بقول ابن عباس في تفسير تعظيم الشعائر: “إن تعظيم شعائر الله معناها: استسمانها واستحسانها”، وهذا يدل على تقديم القيمة العالية والأفضل، ويعكس كمال التقدير، وكمال المهابة والإجلال.
ويبين هذا ما رواه عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أهدى عمر "بختيًا" (نوع من الإبل)، وعُرض عليه ثلاثمائة دينار مقابلها، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله إن كان يبيعه ليشتري بثمنه بدنًا (للهدي)، أجابه النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، انحره".
ويُستفاد من هذا الحديث أنه لو جاز بيع الهدي بعد أن تعين في النذر لأذن فيه النبي، لأن البدن يكون أوفر لحمًا للمساكين من النجيب (الناقة الكريمة) الذي لا لحم فيه كثير، وهذا يؤكد على أن تقديم الأفضل والأكثر قيمة هو جزء من تعظيم شعائر الله.
وأوضح الدكتور علي مهدي أن تعظيم شعائر الله يعني الامتثال لأوامره سبحانه وتعالى، وهذا يتطلب من المسلم الخضوع الكامل والاستقامة التامة، بحيث يكون ظاهره وباطنه ملتزمًا بأمر الله تبارك وتعالى، فالمسلم مطالب بأن يكون ظاهرًا وباطنًا ملتزمًا بأوامر الله، وأن يقبل على ربه بقلب سليم، وأن يعامل خلقه بأخلاق حسنة. هذا الشمول في الالتزام هو جوهر تعظيم الشعائر، فلا يقتصر الأمر على الشعائر التعبدية الظاهرة فقط، بل يشمل كل جوانب حياة المسلم، وأن يدرك الإنسان مقام الله سبحانه وتعالى وأنه "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"، أي أن الله يعلم أدق التفاصيل وأكثرها خفاءً مما يصدر عن الإنسان، محذرا من الاحتيال على شعائر الله، لأنه هذا السلوك في تعامل العبد مع الله عز وجل وجلاله، وهو ما يبنه الحديث الشريف، أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ ، فيما أضربُ يتيمي؟، قالَ صلى الله علهي وسلم: ما كنتَ ضاربًا منهُ ولدَكَ، غيرَ واقٍ مالَكَ بمالِهِ، ولا مُتأثِّلٍ منهُ، ومن هذا الاحتيال أيضًا التقصير في أداء الذكاة أو منعها، وهو أمر منهي عنه، لأن شعائر الله جاءت لبناء الإنسان بناء متكامل لا اعوجاج فيه ولا نقص.
من جانبه قال الدكتور ربيع الغفير إن التقوى تتجاوز كونها مجرد شعور قلبي أو نية باطنة، بل هي سلوك يترجم إلى أفعال ظاهرة وباطنة، ومن أبرز هذه الأفعال تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى، لهذا السبب، ارتبطت التقوى بتعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى في آية واحدة من القرآن الكريم، ما يؤكد على العلاقة الوثيقة بينهما.
كما أن الحق سبحانه وتعالى يريد من خلقه التسليم الكامل لأمره، ويكافئ على ذلك القلوب المتوكلة عليه والتي لا ترجو سواه، هذه المكافأة هي من النتائج المباركة لتعظيم شعائر الله، إذ أن "ليس كل قلب صالح لهذه المكافأة"، فالقلوب التي تعظم شعائر الله بصدق هي وحدها المؤهلة لنيل هذه العطايا الإلهية، لأنها تجسد التقوى الحقيقية والتسليم التام، مبينًا أن تعظيم شعائر الله يمثل البوصلة التي توجه القلب والجوارح نحو مرضاة الله، فالقلب التقي هو الذي يستشعر عظمة الله في كل شعيرة، وهذا الاستشعار يدفعه للامتثال التام.
وذكر الغفير، أن تعظيم شعائر الله أوسع وأشمل من أن نقتصرها على عبادة بعينها دون غيرها من العبادات، فمفهوم شعائر الله يتعدى الطقوس الدينية الظاهرة ليشمل كل جوانب الحياة: من العلم والعبادة إلى المعاملات، وهذا الشمولية تتطلب أن يكون الالتزام بها في الظاهر والباطن، فالتقوى الحقيقية تظهر في هذا الشمول، حيث يصبح كل فعل وقول للمسلم، وكل نية في قلبه، تعظيمًا لشعائر الله إذا كان يبتغي بها وجه الله تعالى.