في خطوة تشريعية مهمة اقترب مشروع قانون قواعد وإجراءات التصرف في أملاك الدولة الخاصة من الخروج للنور بعد طول انتظار لآلاف المواطنين الراغبين في تقنين أوضاعهم، واستجابة من القيادة السياسية لصوت المواطن وتوصيات برلمانية وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة إلى إعداد مشروع قانون جديد ينظم عملية تقنين الأوضاع ويتضمن تبسيط الإجراءات للمواطنين حرصاً على مصلحتهم وحفاظاً على حق الدولة، بما يضمن تذليل المعوقات التي واجهت تطبيق القانون رقم 144 لسنة 2017، ويسرع إجراءات المعاينة والفحص والبت في الطلبات.


مشروع القانون أحيل من الحكومة إلى البرلمان وتم مناقشته والموافقة عليه في مجلس الشيوخ وحالياً معروض على مجلس النواب لمناقشته وإقراره خلال الأيام القليلة المقبلة، والحقيقة هى خطوة جيدة تؤكد جدية وإرادة الدولة في حل العديد من المشكلات المتراكمة والموروثة من عقود سابقة، وتأتي بعد إصدار قانون التصالح على بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، وإلغاء الاشتراطات البنائية التي صدرت عام 2021، فضلاً عن اختصار الخطوات الزمنية لإصدار تراخيص البناء، وأخيراً خطوة جادة لإنهاء ملف تقنين الأوضاع لواضعي اليد على أراضي أملاك الدولة، حتى يتم غلق هذا الملف تماما، واتخاذ إجراءات رادعة ضد أي مخالفات وتعديات جديدة على أملاك الدولة.
فهناك آلاف المواطنين يقطنون في مساكن منذ عشرات السنين ومنهم من توفى ويعيش أبنائهم وأحفادهم في تلك المنازل، وحالات أخرى مختلفة، ويرغبون فى الاستقرار وتقنين أوضاعهم، وهناك أعداد حاولت أن تقنن وضعها في ظل القانون السابق رقم 144 لسنة 2017 ولم يتمكنوا بسبب الإجراءات المعقدة والبيروقراطية والمغالاة في الأسعار خاصة أن من بينهم مواطنين بسطاء وغير قادرين من الفئات الأولى بالرعاية، فبشرى سارة لهم هذا القانون الجديد الذي يفتح مدة جديدة لتلقي طلبات التقنين لمدة 6 أشهر يجوز مدها لفترة ستة أشهر أخرى بقرار من رئيس الجمهورية، نتمنى أن يتم الإسراع في إصدار القانون ولائحته التنفيذية وتطبيقه على أرض الواقع وإزالة المعوقات السابقة التي واجهت تطبيق قانون 144.
وفي ضوء ذلك تأتي أهمية مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن قواعد وإجراءات التصرف في أملاك الدولة الخاصة، والذي يأتي في إطار توجيهات القيادة السياسية للتيسير على المواطنين وتخفيف الأعباء عنهم وتيسير إجراءات تقنين الأوضاع، فهذا القانون يمنح فرصة جديدة لآلاف المواطنين الراغبين في تقنين أوضاعهم، بعد غلق باب تلقي طلبات التقنين منذ 5 سنوات، كما يشمل عشرات الآلاف من طلبات التقنين التي قدمها واضعو اليد في ظل قانون 144 لسنة 2017، ولم يتم فحصها أو البت فيها، أو الطلبات التي رفضت، فيمنحها الفرصة لتقنين أوضاعها في ظل القانون الجديد دون سداد رسوم جديدة للفحص والمعاينة طالما سددوا من قبل.
وبالتالي هناك مئات الآلاف من الطلبات متوقع أن تتقدم لتقنين أوضاعها بعد إقرار القانون الجديد في ظل ما يتضمنه من تيسيرات وتسهيلات وتلافي أوجه القصور والمعوقات التي ظهرت أثناء تطبيق القانون السابق، وخاصة فيما يتعلق بالتسعير وتشكيل لجان بعدد كاف للفحص والمعاينة وضمان تقليل المدد الزمنية للفحص والبت في الطلبات.
مشروع القانون يمنح الحق في التصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة عن طريق الاتفاق المباشر، لواضع اليد الذى قام بالبناء عليها، أو لمن قام باستصلاحها أو باستزراعها بالفعل، وكذلك المتخللات وزوائد التنظيم قبل تاريخ 2023/10/15، وهذا التصرف يمكن أن يكون بالبيع أو بالإيجار المنتهي بالتملك أو بالترخيص بالانتفاع، وبالتالي يكون هناك بدائل أمام الراغبين في التقنين إما بالتملك أو الإيجار المنتهى بالتملك أو بالترخيص بالانتفاع، وهذه خطوة جيدة.
كما أن إقرار مشروع قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف في أملاك الدولة الخاصة سيسهم في إدخال مليارات الجنيهات للخزانة العامة للدولة في حالة تطبيق القانون بشكل سليم وتيسير الإجراءات للمواطنين، ليتم الحفاظ على استقرار المراكز القانونية لواضعي اليد بعد التقنين والحفاظ على حقوق الدولة أيضاً، فضلاً عن أن حصيلة التقنين ستؤول للخزانة العامة وجزء منها سيوجه للمشروعات التنموية والقومية في المحافظات.
أخيراً.. ما أتمناه هو الإسراع في إصدار القانون ولائحته التنفيذية وإزالة أي معوقات تواجه التطبيق على الأرض، وأن يتم مراعاة البعد الاجتماعي في التسعير وعدم المغالاة في الأسعار مع المواطنين البسطاء غير القادرين، ومنح تيسيرات في السداد من خلال التقسيط وإقرار تخفيضات لغير القادرين، وأتوجه بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي لحرصه على مصلحة المواطنين وتوجيهه بسرعة إصدار هذا القانون.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النائب حازم الجندي مجلس الشيوخ البرلمان أملاك الدولة الخاصة أملاک الدولة التصرف فی

إقرأ أيضاً:

قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد

آخر تحديث: 13 دجنبر 2025 - 9:36 ص بقلم:ادهم ابراهيم أثار القرار الأخير الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، والقاضي باتخاذ إجراءات قانونية بحق كل من يحرض أو يروج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية، موجة من التخوفات المشروعة.
فالقرار، رغم مايراه البعض من هدف معلن يتمثل في حماية الاستقرار، يثير في المقابل تساؤلات مشروعة تتعلق بحرية الرأي والتعبير التي نصّت عليها المادة (38) من الدستور العراقي، وبالخصوص في ظلّ بيئة سياسية معقّدة ومثقلة بإرثٍ ثقيل من الأزمات.
حيث يكفل الدستور العراقي حرية التعبير والصحافة والتجمع، بل يعتبر انتهاك تلك الحريات جريمة يُحاسَب عليها القانون. ويقع على القضاء واجب دستوري أساسي يتمثل في مراقبة التشريعات والقرارات بما يضمن عدم المساس بهذه الحقوق، لأن المساس بها يعني المساس بروح النظام الديمقراطي نفسه. وهنا يتولد السؤال الجوهري: كيف يمكن التوفيق بين قرار كهذا وبين الالتزام الدستوري بحماية الحريات، خصوصاً إذا كانت صياغته قابلة لتأويلات واسعة؟ لقد عانت دول عديدة من صعوبة الانتقال من أنظمة شمولية إلى أنظمة تقوم على سيادة القانون . ومصداقية القضاء، في أي تجربة ديمقراطية، لا تقوم على النصوص وحدها، بل على السلوك القضائي ذاته : النزاهة، الحياد، والالتزام بوقائع القضايا دون تأثير سياسي.فثقة المجتمع بالقضاء ليست ترفاً، بل شرطاً أساسياً لاستقرار الدولة. وحين تتزعزع تلك الثقة، يبدأ المواطن بالتشكيك في قدرة القضاء على حماية الحقوق وتحقيق العدالة. في العراق، تتصدر ملفات الفساد المشهد السياسي، وهي ملفات تمسّ مباشرةً حياة المواطن وخدماته الأساسية: الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، والإعمار.ومع ذلك، يلاحظ كثيرون أن الادعاء العام لا يتحرك بالزخم نفسه تجاه ملفات الفساد الكبرى، رغم وجود تصريحات علنية واعترافات تُعرض في وسائل الإعلام حول هدر المال العام وتقاسمه. وهذا التفاوت في الحزم يثير تساؤلات لا يمكن تجاهلها:
هل يُحاسَب من ينتقد الفاسدين قبل محاسبة الفاسدين أنفسهم؟ وأين هي المذكرات القضائية بحق سراق المال العام مقارنةً مع إجراءات تُتخذ ضد المنتقدين أو الإعلاميين أو الناشطين؟وهل أصبح النقد السياسي جريمة؟ الخلط بين “إسقاط النظام” كفعل عنفي أو تحريضي، وبين نقد الأحزاب أو المسؤولين، يشكّل خطراً على الديمقراطية.فانتقاد الأداء السياسي، والسؤال عن الخدمات، والاعتراض على الفشل الإداري، والمطالبة بالإصلاح، ليست دعوات لهدم النظام الديمقراطي، بل أدوات لحمايته وتصويبه.
وعندما يصبح مجرد السؤال عن الخدمات العامة مقدمة لاتهام بالترويج لإسقاط النظام، فإن معنى المواطنة يتعرض للاهتزاز، ويصبح الفضاء العام ضيقاً إلى حدّ الاختناق .كما ان هناك ازدواجية خطيرة حيث لا يُحاسَب خطاب الكراهية والطائفية بنفس القدر؟
فبالرغم من وجود قوانين واضحة تجرّم التحريض الطائفي وخطاب الكراهية، إلا أن المحاسبة لا تطال إلا فئات محددة، بينما تبقى فصائل مسلحة وأحزاب تمتلك أذرعاً عسكرية خارج نطاق المساءلة، بالرغم من ان ذلك يشكل خرقاً دستورياً واضحاً. ان القرارات التي تصاغ بعبارات عامة وفضفاضة تمنح السلطة التنفيذية مساحة واسعة للتأويل، قد تتحول مع الوقت إلى أدوات لتكميم الأفواه.وكلما اقترب القضاء من العمل السياسي، أو بدا وكأنه حامٍ للسلطة لا للمجتمع، دخلت الدولة في مسار خطير يهدد جوهر النظام الديمقراطي ويقربه من أنماط حكم استبدادية، حتى لو كانت ترتدي عباءة الديمقراطية . المعركة الحقيقية التي ينتظرها العراقيون ليست معركةً ضد منشور في منصّة إلكترونية، بل معركة ضد شبكة فساد متجذرة تهدر الثروة العامة وتفرغ الدولة من معناها.وحين يرى المواطن أن من يتجرأ على كشف الفساد يُلاحق، بينما من يمارس الفساد يُحمى، فإن الإحباط يتحول إلى غضب، والغضب إلى فقدان ثقة، وفقدان الثقة إلى التمرد. إن بناء دولة قانون حقيقية يتطلب قضاءً مستقلاً لا يخشى مواجهة الفاسدين، ويعتبر حماية المواطن أولوية فوق حماية المسؤول.حماية النظام لا تتحقق بتقييد النقد، بل بتقوية المؤسسات، وتحقيق العدالة، واستعادة ثقة الناس. فالدول لا تنهض بإسكات الأصوات، بل بالاستماع إليها، ولا تستقر بالخوف، بل بالعدالة.والقضاء، بما يمثّله من سلطة مستقلة، هو حجر الأساس في هذا البناء؛ فإذا فقد استقلاله، اهتزّ كل شيء من بعده.

مقالات مشابهة

  • قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
  • مشروع قانون لتشديد عقوبة نشر الشائعات بمصر.. ونقابة الصحفيين تحذّر
  • إلغاء قانون قيصر يعيد الأمل للسوريين بمستقبل أفضل
  • زايد بن حمد: تعديل بعض أحكام قانون مكافحة المواد المخدرة خطوة محورية تعزّز المنظومة الوطنية في هذا المجال
  • الدولة يناقش قانون التنظيم الصناعي الموحد وتعديل نظام الجمارك الخليجي
  • أسعد الشيباني: إلغاء قانون قيصر يمثل "انتصارا"
  • النواب الأمريكي يقر مشروع قانون شامل للسياسة الدفاعية بـ 900 مليار دولار
  • المستشارة القضائية الإسرائيلية: مشروع قانون تجنيد الحريديم قد يقلل الدافعية للخدمة العسكرية
  • مجلس النواب الأميركي يقر مشروع قانون لإلغاء "عقوبات قيصر"
  • المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية تعترض على قانون تجنيد الحريديم