فقد أكد الدبلوماسي العماني المخضرم لبرنامج "الجانب الآخر" أن الولايات المتحدة والغرب يقفان مع إسرائيل ويقدمان لها الحماية على نحو يُفشل كل محاولات السلام.

ومع ذلك، فإن ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية يمثل "بداية القصة الحقيقية"، لأنها اللحظة التي يمكن للعرب أن يقدموا فيها الدعم للفلسطينيين، كما يقول ابن علوي.

لقد عُرف ابن علوي بقلة الكلام وندرة الظهور وتجنب الضجيج حتى وهو يعمل على تفكيك مشكلات معقدة بين أطراف إقليمية أو دولية، وكان طوال فترة عمله مرآة لبلاده التي تتجنب الصخب، وقد نجح في أخفاء كثير من مخاطر السياسة خلف ملامحه الهادئة وابتسامته البسيطة.

إسرائيل تتحكم في العرب

وعلى عكس ما عرف به من كتمان كان ابن علوي صريحا جدا في حديثه، وقال إن الصراع مع إسرائيل لن يكلف العرب إلا 6 أشهر من دعم المقاومة، لكنه أكد في الوقت نفسه أن الواقع مغاير لهذا، إذ تسعى الدول منفردة إلى التصالح مع تل أبيب.

ووفقا للمسؤول العماني السابق، فإن إسرائيل "لا تسمح للعرب بمناقشة القضية الفلسطينية لأنها تسيطر على قرارهم، لأن خططها أبعد من فلسطين".

لذلك، فإن العرب من وجهة نظر ابن علوي "سيكونون في خطر لو لم يكن الجيش المصري موجودا، لأن إسرائيل تريد تنفيذ خططها بالقوة".

إعلان

أما الفلسطينيون فلا يملكون سوى تقديم التضحيات من أجل الحصول على حريتهم، ورغم ذلك هم منقسمون على من يحكم أو على الطريقة التي يجب التعامل بها مع الاحتلال، وفق ابن علوي.

وحتى باتفاقات التطبيع الأخيرة التي جرت بين إسرائيل وبعض الدول العربية فإنها -من وجهة نظر ابن علوي- بحاجة لاختبار حتى يمكن معرفة سلبياتها وإيجابياتها.

وبالعودة إلى شخص يوسف بن علوي نفسه فقد ولد ونشأ في مدينة صلالة جنوبي السلطنة، وعمل بالفلاحة قبل أن ينتقل إلى العاصمة مسقط في رحلة بحرية استمرت شهرا ونصف الشهر.

وفي شبابه، انخرط الرجل في "ثورة ظفار" التي شهدتها السلطنة بين 1965 و1975، لكنه ما لبث أن قاتل في صفوف قوات السلطان عندما تغيرت نظرته، وبدا له أن ما يجري تمردا وليس ثورة.

وطوال عمله وزيرا للخارجية اتسم ابن علوي بالكتمان والنأي عن الصراعات التي تنأى بنفسها عن النزاعات والحروب التي تجتاح المنطقة من أقصاها إلى أقصاها.

ومن العاصمة، تنقّل ابن علوي بين دول خليجية عدة، قبل أن يستقر به الحال في الكويت موظفا إداريا في إحدى المدارس ثم موظفا في الجيش، لينتقل بعدها إلى العاصمة المصرية القاهرة ليعمل فيها مذيعا إخباريا.

وعندما اندلعت ما تعرف بـ"ثورة ظفار" في العام 1965 كان ابن علوي ممثلا لها في القاهرة لكنه انتقل إلى جانب السلطان بعد مؤتمر حمرين سنة 1968 على إثر تفرق ثوار ظفار إلى جبهات متعددة تحصل كل واحدة منها على دعم بلد من البلدان.

40 عاما من الدبلوماسية

ومع وصول السلطان قابوس بن سعيد إلى الحكم في يوليو/تموز 1970 وتبنيه خيار المصالحة مع ثوار ظفار عاد يوسف بن علوي إلى مسقط ليعمل مبعوثا سلطانيا إلى عدد من الدول العربية.

وخلال هذه الوظيفة حمل الرجل رسائل السلطان الجديد إلى العواصم العربية، والتي كانت تدور كلها حول تقديم صورة عُمان الجديدة التي تريد الاندماج مع محيطها العربي فاستقبلته كافة الدول عدا اليمن الجنوبي في ذلك الوقت.

إعلان

ومنذ 1971 تنقّل ابن علوي بين عدد من المناصب في الدبلوماسية العمانية، فعمل سفيرا ثم وزير الدولة للشؤون الخارجية سنة 1982 ثم الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية سنة 1992، ليصبح وجه عُمان في كافة المحافل تقريبا.

مفاوضات إيران النووية

ومن المعروف أن السلطنة استضافت الاجتماعات السرية الأولى بين الولايات المتحدة وإيران، وهي الاجتماعات التي تطورت لاحقا وأنتجت ما عرفت بـ"خطة العمل الشاملة" عام 2015، والتي انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب منها بعد 3 سنوات من تطبيقها.

وكان يوسف بن علوي لاعبا رئيسيا في المفاوضات النووية، لكنه رفض الحديث عن كواليسها، وقال إن هذا "ليس مسموحا به"، مكتفيا بوصف الاتفاق بأنه "من أهم الاتفاقات في العالم كونه سيوقف نشاط إيران النووي إلى الأبد".

وفي حين يبدو الخلاف الغربي الإيراني أيديولوجيا يقول ابن علوي إن مشكلة الغرب مع إيران تكمن فقط في سعيها لتصنيع قنبلة نووية وليس في أي شيء آخر، واصفا حصول طهران على قنبلة نووية بأنه "غير مسموح به".

وبعد 40 سنة في العمل الدبلوماسي قال ابن علوي بوضوح إن كافة القادة الأميركيين والأوروبيين يعلنون صراحة أنهم سيحمون تل أبيب ولن يلزموها بفعل شيء لا تريده.

ورغم أن بلاده لم تكن جزءا منه فإن يوسف بن علوي يرى أن الربيع العربي "لم ينته بعد"، وأن مشكلة العالم العربي "تكمن في أن أغلبيته من الشباب، في حين مناهجه التعليمية لا تزال قائمة على تقديس الأشخاص".

لذلك، فإن خروج الدول العربية من أزمتها السياسية الحالية يكمن في التخلي عن فكرة التقديس التي هي أصل الخلاف برأي الدبلوماسي العماني الكبير الذي يجزم بأن مصير العرب كلهم وليس الخليجيون فقط واحد لا يمكن تجزئته.

14/12/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تستهدف تدريبات "قوة الرضوان" في جنوب لبنان

أفادت تقارير لبنانية يوم الجمعة، بوقوع ضربات جوية إسرائيلية مكثفة استهدفت مناطق في جنوب لبنان والبقاع الغربي، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف مجمعا تدريبيا تابعا لحزب الله للمرة الثانية هذا الأسبوع. 

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارات على المنطقة الواقعة بين بلدتي الزرارية وأنصار، وكذلك المنطقة الواقعة بين تفاحتا والبيسارية في الجنوب.

وأضافت الوكالة أن 4 غارات استهدفت منطقتي المحمودية والجرمق قرب العيشية في منطقة جزين. كما أشارت إلى أن 4 غارات أخرى ضربت وادي زلايا في البقاع الغربي، مؤكدة أن تحليق الطائرات الإسرائيلية مستمر على علو متوسط فوق المنطقة.

بيان الجيش الإسرائيلي

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان أن قواته شنت هجوما على مجمع تدريب وتأهيل يستخدمه مقاتلو وحدة الرضوان التابعة لحزب الله في جنوب لبنان.

وقال الجيش في بيانه إن هذا هو الهجوم الثاني الذي يستهدف مجمع تدريب لحزب الله هذا الأسبوع. وأضاف أن عناصر الحزب يتلقون تدريبات على الرماية واستخدام أسلحة مختلفة بهدف تنفيذ "عمليات إرهابية" ضد القوات والمواطنين الإسرائيليين.

وأشار البيان أيضا إلى أن الجيش استهدف بنى تحتية عسكرية إضافية تابعة للتنظيم في مناطق أخرى جنوب لبنان.

واعتبر الجيش الإسرائيلي أن إجراء التدريبات العسكرية وبناء بنى تحتية لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل يشكل "انتهاكا للتفاهمات" و"تهديدا" لدولة إسرائيل، مؤكدا استمراره في العمل على "إزالة أي تهديد".

 

مقالات مشابهة

  • عبر الخريطة التفاعلية.. ما أهمية المنطقة التي وقع فيها كمين تدمر؟
  • جيش غامض يقود حروب إسرائيل المقبلة في المنطقة
  • ضغوط لحسم الصراع مع إسرائيل وحصر السلاح
  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • باراك يتحدث عن علاقة إسرائيل بجيرانها ويرجح قرب الاتفاق مع سوريا
  • الفتوى وقضايا الواقع الإنساني.. ندوة دولية نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة
  • إسرائيل تستهدف تدريبات "قوة الرضوان" في جنوب لبنان
  • إسرائيل توحّد الخصوم في المنطقة
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ليلى علوي تشيد بـ”القصص”: رؤية سينمائية صادقة للعائلة المصرية عبر الزمن