"أنا لا أقول الحقيقة.. وكل ما أقوله حقيقة".. عبارة نُقشت على قبر يوناني قديم يعتقد أنه قبر "كريتياس"، أحد أقرب تلاميذ الفيلسوف اليوناني الأشهر سُقراط.
بدأ أبو محمد الجولاني "أحمد حسين الشرع" والمصنف إرهابيا، حياته في الحادية والعشرين من عمره، حينما التحق بتنظيم التوحيد، الذي تحول في نهايات 2003م، عقب الغزو الأمريكي للعراق، الذي تحول سريعًا إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، تحت قيادة الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي "أحمد فضيل نزال الخلايلة، الذي تطور بعد ذلك إى مجلس شورى المجاهدين في العراق ثم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وكلها تنظيمات إرهابية.
كعادة التنظيمات الإرهابية حصل الإرهابي "أحمد الشرع" على لقب "أبو محمد الجولاني"، بسبب أصوله في بلده فيق بحوران جنوب الجولان المحتلة، شخصية "الشرع" الانتهازية الوصولية مكنته من الوصول إلى قيادات الإرهابية في العراق من أبو مصعب الزرقاوي إلى أبو بكر البغدادي مرورًا بأبي عمر البغدادي، وألقى القبض عليه من قبل القوات الأمريكية في العراق ووضع في سجن بوكا، وخرج في عام 2008م، ليواصل القتال في العراق.
تمكن "أحمد الشرع" والمصنف إرهابيا، من التقرب إلى أبو بكر البغدادي، زعيم داعش في العراق، وما أن بدأت الأزمة السورية، حتى اقترح على أبوبكر البغدادي أن يتوجه إلى سوريا لبدء معركة ضد النظام السوري، فوافق البغدادي وأمده بالرجال والعتاد والمال، على أن يعمل ضد النظام السوري دون تسمية إسلامية أو إعلان تبعتهم وبيعتهم لأبي بكر البغدادي وتنظيم داعش الإرهابي، وما أن يتمكنوا ويصبحوا قوة في المعارك ضد النظام السوري يعلنوا صفتهم الإسلامية تحت اسم جبهة النصرة الإرهابية، ثم بعد ذلك يعلنوا تبعيتهم للتنظيم في العراق، لتصبح الدولة الإسلامية في العراق والشام.
فعل الإرهابي أحمد الشرع، ما أمره به الإرهابي أبو بكر البغدادي بشكل كامل، باستثناء رفضه إعلان تبعيته لداعش في العراق، الأمر الذي أثار غضب أبو بكر البغدادي، ومتحدثه أبو محمد العدناني وقتها، وحدث فيما يسمى بتنظيم جبهة النصرة انشقاق بين رافض ومؤيد، فسير البغدادي رجال إلى سوريا ليعلنوا الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، فاستغاث برئيس تنظيم القاعدة وخليفة أسامة بن لادن، أيمن الظواهري الذي حكم لصالح الإرهابي أحمد الشرع.
اشترك مع بعض الفصائل فيما يُسمى جبهة تحرير الشام، التي تلقت دعمًا ماديًا ومعنويًا ولوجيستيا من الجار التركي المعادي والرافض لنظام بشار الأسد ولأكراد سوريا، ثم توالت الأحداث حتى رحيل الأسد فما المستقبل.. ؟!
الأمر جد بسيط دون دخول في تحليلات عميقة وهو أوضح لذي البصر مثل وضوح شمس منتصف نهار يوم في يوليو.
-تنظيم انتخابات في سوريا يفوز فيها تنظيم الإخوان الإرهابي، لتتحول سوريا إلى مركز عربي وعالمي للإخوان على غرار نظام الراعي الرسمي النظام التركي.
-سيبقى الإرهابي أحمد الشرع "أبو محمد الجولاني"، كقائد لإسقاط الأسد برمزيته دون تولى مناصب رسمية تُذكر.
-قد تختلف الفصائل الإسلامية فيما بينها وتدور حرب، سُرعان ما تنتهي بسيطرة الأقوى سلاحًا وتمويلًا الإرهابي "أحمد الشرع".
-يسيطر على الجيش قيادات تابعة للجولاني بشكل مباشر أو غير مباشر.
-سيتأسس ميليشا مسلحة على غرار الحرس الثوري الإيراني، ستكون فوق الجيش وفوق القانون ويكون هدفها حماية الإرهابي أحمد الشرع وفرض كلمته النهائية كما الحال في إيران ولكن بدل المشروع الشيعي سيكون هناك مشروعا سنيا.
-المشروع السني أو الحرس السني له أهداف عدة منها مواجهة الامتداد الشيعي الإيران وقطع دابره، وتقليد النظام الإيراني في تصدير ثورته الإرهابية إلى باقي الدول العربية وإعادة الوضع لجماعة الإخوان الإرهابية.. هذا غيض من فيض.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإخوان سوريا داعش تنظيم داعش الوضع في سوريا الإرهابي أبو محمد الجولاني أبو بکر البغدادی الإسلامیة فی فی العراق أبو محمد
إقرأ أيضاً:
في ذكرى ميلاده.. أحمد خالد توفيق العرّاب الذي غيّر وجه الأدب العربي
"نحن نكتب لأن هناك من يُصغي، حتى وإن لم نرَه... نكتب لأن الكلمات تخلق العالم، وتنقذنا من قسوته"، بهذه الروح، عاش الدكتور أحمد خالد توفيق، وبهذه الروح كتب، فصار للعربية جسرٌ جديد إلى قلوب الشباب، وصار هو العرّاب الذي قاد أجيالًا كاملة في رحلات بين السطور، بين الرعب والفانتازيا، بين الطب والحياة، بين الموت ومعناه الحقيقي.
وُلد أحمد خالد توفيق في 10 يونيو 1962 بمدينة طنطا، محافظة الغربية، نشأ في أسرة مصرية عادية، ودرس الطب في جامعة طنطا حتى حصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة، لم يكن الطب نهاية الطريق، بل كان بداية موازية لمسارٍ آخر، سلكه بشغف أكبر: الكتابة.
دخل عالم الأدب من أوسع أبوابه في التسعينيات، حين كتب أولى سلاسله الشهيرة "ما وراء الطبيعة" عام 1992، بعد أن رفضت المؤسسة العربية الحديثة روايته الأولى، لتعود وتطبعها بعد إصراره ومثابرته، كانت تلك البداية فقط، سرعان ما تبعتها سلاسل مثل "فانتازيا" و"سفاري"، التي أسرت القلوب وأطلقت الخيال من قيوده.
في زمنٍ كانت فيه المكتبات تمتلئ بالكتب المترجمة ويفتقر الشباب العربي لأدب يعبر عنهم، جاء أحمد خالد توفيق ليمنحهم بطلاً يشبههم، بأسلوب سهل عذب، يحمل عمقًا خلف بساطته، وروحًا ساخرة خلف وقاره، لم يتعالَ على القارئ، ولم يتكلف الفلسفة، بل خاطب القلوب قبل العقول، فتعلّق به القرّاء كأنهم وجدوا صوتهم في كلماته.
كتب أكثر من 500 كتاب بين سلاسل، وروايات، ومقالات، وترجمات، لكن روايته "يوتوبيا" التي صدرت عام 2008 كانت علامة فارقة، إذ خرج بها من إطار أدب الشباب إلى ساحة الرواية العربية الجادة، وتُرجمت إلى أكثر من لغة، لتُعرف كواحدة من أجرأ الروايات في نقد الواقع المصري.
ومع الوقت، تحوّل "العرّاب"- كما أطلق عليه قراؤه- إلى ظاهرة ثقافية، لم يكن فقط كاتبًا يروي قصصًا، بل كان أبًا روحيًا لجيلٍ بأكمله، منحهم الأمل حين ضاق الواقع، وفتح لهم أبواب الخيال حين أُغلقت النوافذـ، كان صوتًا حنونًا في زمنٍ صاخب، وخفيف الظل في عتمةٍ ثقيلة.
ولم تكن حياته تخلو من مواقف إنسانية، فقد عُرف بتواضعه الشديد، وحرصه على التواصل الدائم مع قرائه، لا سيما على الإنترنت، حيث كان يجيب على أسئلتهم، ويشاركهم مخاوفهم وطموحاتهم، حتى باتوا يشعرون بأنه صديق حقيقي لا مجرد مؤلف.
روى أحدهم مرة أنه التقاه مصادفةً في معرض الكتاب، وكان يرتدي ملابس بسيطة ويحمل حقيبة ظهر، كأي زائر عادي، لم يكن يحيط نفسه بهالة نجومية، بل بتواضع العلماء ودفء المعلمين، حكى له الشاب عن تأثره بسلسلة "ما وراء الطبيعة"، فابتسم العرّاب وقال: "الحمد لله إن الكلام ده نفعك.. أنا كنت بكتبه لنفسي في الأول."
رحل أحمد خالد توفيق في 2 أبريل 2018، عن عمر ناهز 55 عامًا، لكن وفاته لم تكن نهاية، بل بداية فصل جديد من الحب والوفاء، شيّعه الآلاف، وذرف القرّاء الدموع، وكأنهم فقدوا قريبًا لا كاتبًا، ومنذ ذلك اليوم، تحوّلت صفحاته ومؤلفاته إلى مزارات أدبية، يعود إليها الناس بحثًا عن الدفء، والفهم، والحنين.