سوريا من الحضن العربي إلى الأحضان التركية والصهيونية
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
القاضي/ علي يحيى عبدالمغني
أنفقت السعوديّة ودول الخليج خلال عقد من الزمن عشرات ومئات المليارات من الدولارات لتدمير سورية، ونقل إليها الأتراك والأمريكيون الجماعات والعناصر التكفيرية من كافة دول العالم لإسقاط النظام السوري، إلا أنه صمد في وجه هذه المؤامرة الدولية، وتمكّنت سوريا بمساعدة الحلفاء من جُلِّ المحافظات السورية التي وصلت إليها هذه الجماعاتُ التكفيرية.
دفعت إيران وحزب الله أثمانًا باهظة في هذه الحرب الكونية، التي استمرت عشر سنوات تقريبًا، إلا أن النظامَ السوريَّ للأسف لم يستغل هذا النصر الذي تحقّق، ويثبت وجوده ووجود حلفائه على الأرض، ويعيد إعمار ما دمّـرته الحرب، وظن أنه في مأمنٍ من عودتها مجدّدًا.
بتخطيطٍ أمريكي وصهيوني مع النظام التركي، غيَّرت السعوديّة ودول الخليج طريقة تعاملها مع النظام السوري، وبدأ “ابن زايد وابن سلمان” يغازلان “بشار الأسد” باستضافته في الرياض وأبو ظبي، وفتح سفارتيهما في دمشق، وإعادة سورية إلى الجامعة العربية، وإقناعه بضرورة تخليه عن حلفائه، لإعادته إلى الحضن العربي، مقابل إعادة إعمار سوريا وفك الحصار المفروض عليها، وكذلك فعل النظام التركي عن طريق روسيا، وانخدع بهذه الوعود الكاذبة.
وقع الأسد في المصيدة، فبدأ يضايق حلفاءه الذين حافظوا على بقائه، ويقلص وجودهم في سوريا، فأخرج سفير صنعاء من السفارة اليمنية وسلّمها للأطراف الموالية للإمارات والسعوديّة، وزوّدهما بمعلوماتٍ دقيقة ومفصلة عن تواجد إيران وحزب الله وبعض القيادات الفلسطينية في سوريا ولبنان.
وحتى تعود سوريا إلى الحضن العربي وَكما كانت دولةً مدنية علمانية بعيدة عن الصراعات الإقليمية والدولية خالية من وجود محور المقاومة؛ قدمت السعوديّة والإمارات والأتراك المعلوماتِ التي وصلتها من المخابرات السورية عن تواجد إيران وحزب الله وبعضِ القيادات الفلسطينية في كافة المحافظات السورية للإدارة الأمريكية وحكومة الكيان اللتين تكفلتا بإخراج سوريا من محور المقاومة وإعادتها إلى الحضن العربي.
خلال العدوان “الصهيوأمريكي” على قطاع غزة ولبنان تلقت إيرانُ وحزبُ الله ضرباتٍ موجعةً في سوريا، كشفت ظهر الأسد وأظهرت عورته وقلّمت مخالبَه، وما أن توقف العدوان الصهيوني على لبنان حتى بدأ الإرهاب التركي الخليجي يجتاح المدن والبلدات السورية التي تساقطت كالفراش، واحدةً تلو الأُخرى حتى وصلت الجماعات المسلحة إلى العاصمة دمشق خلال أَيَّـام معدودة دون أن يطلق الجيش السوري طلقة واحدة لإيقاف هذا الاجتياح المدروس والمعد مسبقًا.
وجد الأسد نفسه وحيدًا في ميدان المعركة، وفريسة سهلة للحيوانات التركية والأمريكية، ولم يكن أمامه سوى اللجوء إلى الدب الروسي الذي أخذ نصيبَه من الكعكة، وأثبت حُسن نواياه للأمريكي في سوريا ليعوِّضَه عنها في أوكرانيا، وبذلك خسر الدبُّ والأسدُ وجودَهما في دمشق واللاذقية وغيرهما.
سقطت سوريا من الأحضان العربية إلى الأحضان الصهيونية والتركية، التي باتت اللاعب الوحيد فيها، والمستفيد الأول من تدميرها، وبات الأسد جثةً هامدةً في المتحف الروسي، والقطط والفئران تنبش ضريحَ والده، والعصابات الصهيونية على بُعد عشرين كم من دمشق العاصمة، وفي الختام الأسد استسلم للقطط، والعرب سلّموا سوريا لأيادٍ أمينةٍ تركية وصهيونية.
* أمين عام مجلس الشورى
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الحضن العربی فی سوریا
إقرأ أيضاً:
النجاة من سجون سوريا فيلم وثائقي يكشف فظائع سجون الأسد
يسلط الوثائقي "النجاة من سجون سوريا" الضوء على السنوات القاسية التي قضاها المعارض السوري شادي هارون في معتقلات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، كاشفا فظائع التعذيب والانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون.
ويأخذ الفيلم المشاهدين في رحلة مؤلمة داخل الزنازين التي شهدت معاناة عشرات آلاف السوريين، كما يتضمن شهادات صادمة لأشخاص كانت لهم أدوار محورية في تأجيج تلك المعاناة، مثل سجان ومعذب وممرضة زورت أسباب وفاة المعتقلين، وسائق جرافة حفر المقابر الجماعية التي دُفن فيها المئات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تفاصيل مثيرة عن هجوم إسرائيلي على سفينة أميركية عام 67 خلف 34 قتيلاlist 2 of 2الصين تحكم قبضتها على المعادن النادرة وتربك التصنيع العالميend of listواستعرض تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية محاور هذا الوثائقي الذي أنتجته شبكة "بي بي سي" مشيرا إلى أن هارون كان يبلغ من العمر 27 عاما حين اعتقل عام 2011 لمشاركته في الاحتجاجات السلمية ضد نظام بشار.
ووفق التقرير، اعتقل هارون بتهمة تشكيل جماعة إرهابية، وعاش 10 سنين من التعذيب والإهانات والتنكيلات.
تعذيب ممنهجويتناول هذا العمل الوثائقي، بإشراف المخرجة والصحفية سارة عبيدات، الجوانب النفسية والإنسانية العميقة لتجربة هارون وشقيقه هادي الذي اعتقل أيضا، حسب التقرير.
ونقل تقرير الصحيفة البريطانية أن الفيلم يصف رحلتهما بأنها محاولة شجاعة لاستعادة جزء من الحقيقة بشأن مصير المعتقلين المفقودين، إضافة إلى كونها شهادة حية على الصمود في وجه "القمع والظلم".
إعلانويرافق الفيلم هارون في زيارته الأولى منذ الإفراج عنه إلى مواقع احتجازه السابقة، حيث يستعرض عبر لقطات حية شهاداته عن الانتهاكات التي تعرض لها، وكذلك ظروف عشرات الآلاف من المعتقلين الذين يُقدر عددهم بـ100 ألف شخص اختفوا قسرا في سجون النظام.
وبحسب فايننشال تايمز، يؤكد هارون أن سجانيه كانوا يتفننون في أساليب التعذيب، مضيفا أن "هدفهم الرئيسي من كل ما فعلوه كان جعلنا نشعر بأننا أقل من البشر، وكأننا حشرات، وكأننا لا شيء".
وفي أحد المشاهد التي نقلها التقرير، يُظهر هارون للكاميرا سلاسل كانت تُستخدم لتعليق السجناء من أنابيب معدنية، كما يوثق الفيلم مشاهد من مكاتب حكومية مهجورة تحوي وثائق مرتبطة بسجن صيدنايا، وتظهر بيروقراطية التعذيب الممنهج.
شهادات متورطينويتضمن الفيلم -حسب التقرير- شهادات نادرة لمتورطين سابقين في شبكة سجون الأسد، منهم منشقون وآخرون بقوا في صفوف نظام بشار حتى النهاية.
وأعرب بعضهم عن ندمهم أو زعموا أنهم تصرفوا تحت التهديد، بينما لم يُبدِ مسؤولون رفيعو المستوى أي شعور بالذنب، وحمّل الفيلم الجميع مسؤولية فشلهم الأخلاقي على حد سواء.
وتذكر فايننشال تايمز أن المخرجة أكدت -في مقابلاتها مع هؤلاء الشهود- أهمية الاعتراف العلني بالذنب، وطرحت أسئلة "تمس الضمير الإنساني والعدالة" حسب التقرير، في محاولة لكشف عمق المأساة الإنسانية التي شهدتها السجون السورية.
وشدد هارون في الفيلم على رسالة مفادها أن غياب قادة النظام عن الساحة لا يعفيهم من المحاسبة، ودعا إلى استمرار جهود توثيق الجرائم والتحقيق، ويقول إن الحرب قد تكون انتهت ولكن معركة العدالة -بحسب تعبيره- بدأت للتو.