مجرمون بلا قيود.. تحديات الأمن في سوريا بعد الأسد
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
في خضمّ الفوضى التي اجتاحت سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، برزت مشكلة خطيرة تُلقي بظلالها على الأمن والاستقرار، مع وجود مجرمين خطيرين بين المعتقلين المفرج عنهم من مختلف السجون في البلاد، مما يفرض تحديات جسيمة في ظل غياب الدولة وأجهزتها الأمنية.
وسارعت فصائل المعارضة إلى إطلاق سراح المعتقلين من مختلف السجون منذ بدء العمليات العسكرية التي أطلقتها في 27 نوفمبر (كانون الأول) من إدلب وصولاً إلى دمشق في 8 ديسمبر (كانون الثاني)، بما في ذلك الإفراج عن معتقلين من سجن صيدنايا سيئ السمعة.
وقال الناشط محمد الزعبي، من محافظة درعا، جنوبي سوريا، لـ"24"، إن "التمييز بين المعتقلين السياسيين والجنائيين كان أمراً صعباً عند فتح السجون وإطلاق سراح النزلاء". الجولاني: سنحوّل سجن صيدنايا إلى متحف - موقع 24صرح قائد "هيئة تحرير الشام"، أحمد الشرع، المعروف باسم "أبومحمد الجولاني"، أنه يجري جمع الأدلة من أجل محاكمة الرئيس السوري بشار الأسد الذي هرب إلى موسكو، بعد إسقاط نظامه الأحد الماضي.
وكشف ناشطون سوريون عن وجود محكومين على خلفية جرائم جنائية خطيرة بين المفرج عنهم، وهو ما يثير القلق، خاصة في ظل غياب أي أجهزة أمنية كالشرطة مع حل جميع الإدارات المحسوبة على النظام السابق. وتتراوح الجرائم التي ارتكبها هؤلاء بين القتل، والسرقة، مما يضيف بُعداً جديداً للمخاطر التي تواجه المجتمع السوري المنهك.
ويقول الناشط الزعبي: "الوضع الأمني كارثي، لدينا أناس يحملون السلاح وينتقلون من منطقة إلى أخرى بلا رادع. كثير من هؤلاء كانوا في السجون بسبب جرائم خطيرة، والآن هم أحرار بلا قيود."
ومع انهيار البنية التحتية الأمنية التي كانت قائمة في عهد الأسد، تجد المجتمعات المحلية نفسها في مواجهة مباشرة مع هؤلاء الأفراد، دون أي آليات لحفظ النظام أو إنفاذ القانون.
ويشير السكان المحليون إلى مخاوف من تصاعد أعمال العنف المرتبطة بالجريمة، والاعتداءات المسلحة، والنزاعات بين الفصائل، ما يجعل الحياة اليومية أكثر خطورة.
وفي ظل غياب الدولة المركزية، ظهرت مبادرات محلية لمحاولة فرض النظام، إذ تعمل بعض الفصائل المسلحة على تشكيل لجان أمنية مؤقتة، لكن هذه الجهود تُقابل بتحديات كبيرة.
يوضح الناشط الزعبي أن "هذه اللجان تفتقر إلى التدريب والتمويل، كما أنها تفتقر إلى الحيادية لأن أغلبها مرتبط بفصائل مسلحة ذات أجندات مختلفة."
إضافة إلى ذلك، فإن انعدام التنسيق بين المناطق والفصائل يزيد من صعوبة تطبيق أي حلول فعالة.
يرى المحلل السياسي عامر ملحم، أن الحلول المؤقتة ليست كافية لمواجهة هذه الأزمة.
بسبب الوضع الأمني والإرهاب..أمريكا تدعو رعاياها إلى مغادرة سوريا - موقع 24طالبت الخارجية الأمريكية مواطنيها، اليوم الإثنين، بمغادرة سوريا، لأن الوضع الأمني في البلاد لا يزال متقلباً وغير قابل للتنبؤ.وأضاف ملحم :" هناك حاجة ماسة إلى إنشاء أجهزة أمنية مستقلة وغير مرتبطة بالفصائل، تعمل على إعادة بناء الثقة في القانون والنظام. كما أن المجتمع الدولي قد يضطلع بدور محوري في دعم مبادرات محلية تهدف إلى إعادة تأهيل المجرمين وتوفير فرص دمجهم في المجتمع".
ومع ذلك، يظل هذا السيناريو بعيد المنال في ظل انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، "بدون دعم خارجي وهيكلية وطنية واضحة، سنبقى في دوامة الفوضى"، وفق الزعبي حديثه.
وأعلنت وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية فتح باب الانتساب لإدارة الأمن العام عبر الالتحاق بكلية الشرطة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سوريا الأسد سقوط الأسد الحرب في سوريا
إقرأ أيضاً:
ضربة إسرائيل القوية التي وحّدت إيران
أصبح الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر على إيران أحد أبرز الضربات العابرة للحدود في تاريخ المنطقة الحديث. فالعملية، التي تجاوزت كونها استهدافًا لمنصات صواريخ أو منشآت نووية، شملت اغتيالات بارزة وهجمات إلكترونية معقدة. من أبرز تطوراتها اغتيال عدد من كبار القادة الإيرانيين، بينهم اللواء محمد باقري، وفي الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس القوة الجوفضائية أمير علي حاجي زاده.
هذه الاغتيالات تشكل أقسى ضربة تتعرض لها القيادة العسكرية الإيرانية منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). ومع ذلك، فإن الهجوم يتجاوز كونه عملية عسكرية بحتة؛ فهو تجسيد لعقيدة سياسية بُنِيَت على مدى عقود.
رغم التصريحات الإسرائيلية التي تصف العملية بأنها إجراء استباقي لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، فإن المنطق الإستراتيجي العميق يبدو أكثر وضوحًا: زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية وصولًا إلى انهيارها.
فلطالما اعتبر بعض الإستراتيجيين الإسرائيليين والأميركيين أن الحل الوحيد لاحتواء الطموحات النووية الإيرانية يكمن في تغيير النظام. وهذه الحملة تندرج في هذا التوجه القديم، لا فقط عبر الوسائل العسكرية، بل من خلال ضغوط نفسية وسياسية واجتماعية داخل إيران.
تُظهر التطورات الأخيرة أن العملية ربما صُمِمَت لإشعال شرارة انتفاضة داخلية. فالخطة مألوفة: اغتيال القادة، حرب نفسية، حملات تضليل، واستهداف رمزي لمؤسسات الدولة.
في طهران، أفادت التقارير بأن الهجمات الإلكترونية المدعومة إسرائيليًا والغارات الدقيقة أصابت مباني حكومية ووزارات، وعطلت مؤقتًا البث التلفزيوني الوطني؛ أحد أركان البنية الإعلامية للجمهورية الإسلامية.
في المقابل، تعكس التصريحات السياسية الإسرائيلية هذا المسار. ففي لقاءات مغلقة وتصريحات صحفية محددة، أقر المسؤولون بأن المنشآت النووية الإيرانية المحصنة عميقًا- بعضها مدفون لأكثر من 500 متر تحت جبال زاغروس والبرز- لا يمكن تدميرها دون تدخل أميركي مباشر باستخدام قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، التي لا تستطيع حملها سوى قاذفات B-2 أو B-52 الأميركية. وغياب هذه الإمكانات جعل القادة الإسرائيليين يقتنعون بأن وقف البرنامج النووي الإيراني لن يتحقق إلا بتغيير النظام.
إعلانهذا السياق يمنح الأفعال العسكرية والسياسية الإسرائيلية بعدًا جديدًا. فبعد الهجمات، كثفت إسرائيل رسائلها الموجهة إلى الشعب الإيراني، ووصفت الحرس الثوري ليس كمدافع عن الوطن، بل كأداة قمع ضد الشعب.
وكانت الرسالة: "هذه ليست حرب إيران، بل حرب النظام." وقد ردد شخصيات من المعارضة الإيرانية في الخارج- كرضا بهلوي نجل شاه إيران السابق، ولاعب كرة القدم السابق علي كريمي- هذا الخطاب، مؤيدين الهجمات، وداعين إلى إسقاط النظام.
لكن يبدو أن الإستراتيجية حققت عكس ما كانت ترجوه. فعوضًا عن إشعال ثورة جماهيرية أو تفكيك الوحدة الوطنية، عززت الهجمات شعورًا عامًا بالتماسك الوطني عبر مختلف التيارات. حتى بعض المنتقدين التقليديين للنظام عبّروا عن غضبهم مما اعتبروه اعتداءً أجنبيًا على السيادة الوطنية. وتجددت في الوعي الجماعي ذكريات التدخلات الخارجية- من انقلاب 1953 بدعم الـCIA، إلى حرب العراق- مفجّرة ردة فعل دفاعية متأصلة.
حتى بين نشطاء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"- التي أشعلت احتجاجات وطنية إثر مقتل مهسا أميني عام 2022 أثناء احتجازها- برز تردد واضح في دعم أي تدخل عسكري أجنبي. ومع انتشار صور المباني المدمرة وجثث الجنود الإيرانيين، تراجعت مطالب التغيير السياسي لصالح خطاب الدفاع عن الوطن.
وبرزت شخصيات عامة ومعارضون سابقون للجمهورية الإسلامية يدافعون عن إيران ويُدينون الهجمات الإسرائيلية. فقد صرح أسطورة كرة القدم علي دائي: "أفضل الموت على أن أكون خائنًا"، رافضًا أي تعاون مع الهجوم الأجنبي. أما القاضي السابق والمعتقل السياسي محسن برهاني فكتب: "أُقبّل أيادي جميع المدافعين عن الوطن"، في إشارة إلى الحرس الثوري وبقية القوات المسلحة.
ما بدأ كضربة عسكرية محسوبة ضد أهداف محددة، قد ينتهي بتعزيز النظام لا بإضعافه؛ عبر حشد وحدة وطنية وتكميم الأصوات المعارضة. فمحاولة صنع ثورة من الخارج قد لا تفشل فقط، بل قد تنقلب ضد من خطط لها.
وإذا كان الهدف النهائي لإسرائيل هو تحفيز انهيار النظام، فقد تكون قد قللت من شأن الصلابة التاريخية للنظام السياسي الإيراني، ومن قوة التماسك الذي يولده الألم الوطني.
وبينما تسقط القنابل ويُقتل القادة، يبدو أن النسيج الاجتماعي الإيراني لا يتفكك، بل يعيد نسج نفسه من جديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline