بما أن هذا هو المقال الأخير الذى أكتبه هنا فى العام 2024 فقد اخترت أن أكتب فى مسألة عامة بعيدا عن شواغل السياسة وغيرها.
هناك مقولة تقول «إن الفرق بين الأمر الجيد والأمر العظيم هو الاهتمام بالتفاصيل», ومقولة أخرى تقول «إن الشيطان يكمن فى التفاصيل», ويقول الفنان الإيطالى الشهير مايكل أنجلو الذى عُرِف بدقته اللامتناهية فى النحت: «الأمور الصغيرة هى التى تصنع الكمال، ولكن الكمال ليس أمرًا صغيرًا», ويقول الشاعر الكبير نزار قبانى مخاطبا حبيبته بلقيس الراوي: « كل ما فى الأمر أن تفاصيلك الصغيرة، ليست صغيرة», فمما لا شك فيه أن التفاصيل دائمًا ما تصنع الفرق فى حياتك على جميع المستويات، أو بمعى آخر فإنه كلما توفرت الدقة تحسنت النتائج, فالشخص المدقق ليس كما يحلو للبعض أن يسموه « نمكي» أو بالعامية «مزودها حبتين», وإنما هو شخص يريد للشيء أن يكون مثلما يريد ومثلما خطط له.
ما دفعنى لأكتب فى هذا الموضوع هو ما ألاحظه من بعض الناس فى المعاملات اليومية سواء الشخصية أو العملية من عدم اكتراث للتفاصيل وتسيير الأمر على أى حال بغض النظر عن الشكل الذى سيبدو عليه أو عن النتيجة المنتظرة, وعدم الاهتمام ببذل الجهد للوصول إلى الشكل والنتيجة المرضية للكل مهما كان نوعه.
ألاحظ مع الأسف أن إهمال التفاصيل بدأ يتزايد فى حياتنا بشكل مزعج بداية من لغة الحوار و التواصل الشخصى بين البشر مرورا بالمعاملات فى العمل وصولا إلى نظرتنا نحن لأنفسنا و طموحنا لمستقبلنا .
تفاصيل المحادثات العادية والتواصل الشخصى بين البشر على اختلاف تعاملاتهم سواء من دائرة الأهل والأصدقاء أو من دائرة العمل, حتى الحوارت الشخصية باللغة العادية باتت هى الأخرى تحتاج إلى ترجمة لمعرفة المقصود, رغم أنها من نفس اللغة المستخدمة بين البشر, هناك استسهال أو قل كسل كبير فى استخدام اللغة وكلمات وأدوات الاستفهام وكأنه عيب مثلا أن نستخدمهما لنسهل على من نخاطبه ان يفهم مقصدنا!
إن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة مهارة تسهم فى تحسين حياتنا وتحقيق الهدف من وراء كل عمل نقوم به, إنَّ الحرص الشديد والمراجعة والمتابعة الدقيقة لبعض التفاصيل، التى يعدها البعض غير مهمة أو غير ضرورية، قد يحدث فارقًا كبيرًا على المدى الطويل، بل قد يحل مشكلة كات لفترة طويلة عصية لى الحل.
فى تصورى إن هناك رابطا وثيقا بين الدقة والاهتمام بالتفاصيل من جانب وبين النموذج الأمثل لإدرة حياتنا, ففى أبسط صورة أنك حين تبتسم لمن تقابله ابتسامة غير مسببة قد تدخل إلى نفسه السعادة وفى نفس الوقت فأنت حريص على مكارم الأخلاق، وأن تتحدث إلى الآخرين بطريقة مُهذبة، مهما كان الموضوع المطروح للحوار, ومهما كانت درجة الاختلاف فيه, فهذه تفاصيل صغيرة تكون الصورة الذهنية عنك لدى الآخرين, لذلك يقولون إن الاختلاف ثقافة, أن تسير بين الناس بتصرفاتك وسلوكك الإيجابي، ستجعل من حولك أكثر سعادةً، خاصة عندما نفكر فى تفاصيل حياتنا اليومية ومهامنا الروتينية, وكم البشر الذين نتعامل معهم يوميا, أن تقول شكرا لمن يؤدى لك خدمة مهما كانت بسيطة حتى ولو كانت هذه مهمته, فلن ينقصك الأمر شيئا, ولكن سيزيد من رابط الود مع الناس, إبداء رغبتك واستعدادك الدائم لمساعدة الآخرين فيما تستطيع أن تقدمه لهم فهذا فى حد ذاته سلوك إيجابى يندرج تحت بند التفاصيل الصغيرة فى حياتنا, أن تراجع ما تكتبه للآخرين عبر الرسائل القصيرة مرة واثنتين فهذه تفاصيل صغيرة مهمة قبل أن تضغط على زر «أرسل»، فمما لا شك فيه لو راجعت ما كتبته، سوف تجد دون شك كلمة بسيطة بحاجة إلى تعديل أو مسافة زائدة بحاجة إلى حذف، هذا التعديل البسيط قد يصنع الفارق فى مستوى الرسالة، وفى نظرة من ينتظرها لك.
حرصى الشديد على مراعاة أدق التفاصيل فى حياتى جعلنى أدرك معنى جودة الحياة وبتُّ أشعر براحة أكبر, وعندى حالة رضا لأننى أراجع ما أفعله مرة واثنتين قبل أن أعتمده, وأتصور لو ركزنا أكثر فى تفاصيل حياتنا وعلاقاتنا المتعددة مع من حولنا، سوف نحدث نقلات نوعية فى حياتنا تساعدنا على الاستمرار فى التطور والتحسن.. كل عام وأنتم بخير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كل عام وأنتم بخير يا خبر التفاصيل الصغيرة د حسام فاروق
إقرأ أيضاً:
مدحت العدل يكشف شغفه بكتابة سيرة أم كلثوم: "الفنان لا يموت"
جاءت تصريحات الشاعر والسيناريست مدحت العدل لتعيد تسليط الضوء على تقديره العميق لشخصية كوكب الشرق أم كلثوم، مؤكدًا أن مكانتها الاستثنائية تستحق أكثر من عمل فني، وأن جوهر القيمة يكمن في كيفية سرد سيرتها ومسارها الفني الخالد.
وأوضح العدل أن الكتابة عن أم كلثوم كانت شغفًا شخصيًا بالنسبة له، مؤكدًا: «أم كلثوم هي اللي حببتني في الكتابة عنها.. ورغم إني ما قابلتهاش، نجحت بيها.. وزي ما قلت في ختام المسرحية: الفنان لا يموت».
وتحدث العدل عن ارتباطه العميق بمصر خلال لقاءه مع برنامج «لمن يهمه الفن» مع الإعلامية أميرة نور عبر «نغم إف إم»، مؤكدًا: «بحب مصر بجنون.. وفكرة الانتماء دايمًا شاغلاني، وزي ما قال البابا شنودة: مصر مش وطن بنسكن فيه.. مصر وطن ساكن فينا».
وكشف العدل أن أكثر كوبليه مؤثر في مسيرته كان ما كتبه ضمن أوبريت «الحلم العربي»: «كلمة صدق في أغنية تتقال وتعدي في ثانية.. جايز من بعد سنين تتغير بيها الدنيا»، مشيرًا إلى أن لقب «الشاعر مدحت العدل» هو الأقرب لقلبه لأنه الأكثر تعبيرًا عن هويته.
وتناول العدل كواليس كتابة مسلسل «حارة اليهود»، موضحًا أن بدايته جاءت من كوبليه كتبه للفنانة سميرة سعيد: «رغم اختلاف اللسان وإن البشر ألوان.. متفرقين في النوايا والشكل والأديان.. لكن إلهنا واحد.. رب البشر واحد.. وكلنا إنسان».
واستعاد العدل ذكرياته مع أغنية «آيس كريم في جليم»، مؤكدًا أنها لم تكن موجهة له في البداية، إذ كان من المفترض أن يكتبها المخرج خيري بشارة، لكنه كتبها خلال ليلة واحدة دون نوم، موضحًا أنه لم يحصل على أجر مقابل سيناريو الفيلم.