مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية ينال جائزة عالمية من الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين (فيديك)
تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT
نال مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية إحدى جوائز إدارة وتطبيق العقود التي ينظمها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين (فيديك) 2024، تقديراً لإصداره وتعميمه نموذج عقد محدث لاتفاقيات البناء والتصميم والمقاولات والعقود القصيرة وفق نظام «فيديك» وتطبيقها على جميع المشاريع الرأسمالية الحكومية في إمارة أبوظبي.
وتسلّم مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية جائزة «أفضل متعامل من أصحاب المشاريع» لعام 2024، على ضوء التحديثات الذي نفذها على نموذج العقد واتفاقيات البناء المعتمدة في المشاريع الرأسمالية الحكومية، وأثرها الكبير على النهوض بمعايير المشتريات وحل النزاعات، وكفاءة تنفيذ المشاريع، حيث تولى المركز تعميم النموذج المحدث للعقد على جميع الجهات الحكومية، ما يلزم الجميع بتطبيقه واستخدامه، في خطوة تعكس الالتزام بتعزيز الابتكار والعمل المشترك للارتقاء بقطاع البنية التحتية في أبوظبي. ويشمل نموذج العقد المحدث توسعة مهام ومسؤوليات المهندس المسؤول عن المشروع، وإلزام الأطراف المتعاقدة على الرجوع لمجلس فض النزاعات والتحكيم في حال النزاعات، بهدف توفير حلول موضوعية تضمن العدالة لجميع الأطراف.
وقال معالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل: «يتفوق المركز في إرساء معايير نموذجية لقطاع البناء والإنشاء، وتعكس هذه الجائزة التزام المركز بالنزاهة التشغيلية وتبني نهجاً واضحاً للابتكار، ما يجعل من مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية مثالاً مُلهماً يحتذي به القطاع على مستوى المنطقة».
وقال المهندس ميسرة محمود عيد، المدير العام بالإنابة لمركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية: «يسعدنا هذا التقدير وتسلم هذه الجائزة التي تعد إنجازاً يضاف إلى مسيرتنا وجهودنا المتواصلة الرامية إلى إرساء أفضل المعايير العالمية والممارسات التي تسهم في النهوض بقطاع المشاريع الرأسمالية الحكومية والبنية التحتية في الإمارة، ما يؤكد التزامنا بتحويل التحديات إلى فرص والارتقاء بجودة تنفيذ المشاريع الرأسمالية لحكومة أبوظبي».
ويشار بأن الجائزة تأتي في أعقاب تقدّم دولة الإمارات إلى المرتبة الخامسة عالمياً في مؤشر البنية التحتية للجودة للتطور المستدام، ما يؤكد التزام الدولة بإنشاء بنى تحتية متكاملة ومستدامة تخدم طموحاتها المستقبلية.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: مرکز أبوظبی للمشاریع والبنیة التحتیة المشاریع الرأسمالیة
إقرأ أيضاً:
متى تتحرر القضية الفلسطينية من قبضة المشاريع الكبرى؟
صراحة نيوز – بقلم / د. منذر الحوارات
لم تكن القضية الفلسطينية ومنذ لحظة ولادتها، مجرد صراع شعب على أرضه، بل كانت دوماً ملعباً فسيحاً للمشاريع الكبرى التي وجدت فيها تربة خصبة لتسويق أيديولوجياتها، افتُتحت فصول المأساة الفلسطينية عشية أكبر حدث شهدته المنطقة: «سقوط الدولة العثمانية»، حيث جاء وعد بلفور عام 1917 كجزء لا يتجزأ من مشروع إعادة تشكيل الإقليم، لم يكن الوعد معزولاً، بل تزامن مع اتفاقية سايكس- بيكو، ومع بدء تقسيم التركة العثمانية بين القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وفي نهاية تلك الحقبة الاستعمارية، صدر قرار التقسيم عام 1947 كتتويج لمشروع دولي كان الفلسطيني أكبر الخاسرين فيه: فقد أرضه دون أن يُسأل عن رأيه، وغُيّب عن مشهد صياغة مصيره.
ثم دخلنا في مرحلة تشكّل الدول القطرية الحديثة، وكانت فلسطين، قضيتها الأولى، فاندفعت هذه الدول، التي لم تكن تمتلك الخبرة الكافية، لاجتثاث المشروع الصهيوني، وكانت النتيجة كارثية في نكبة عام 1948، التي كرّست وجود إسرائيل كقوة عسكرية، وأجهزت على أجزاء إضافية من الأرض الفلسطينية، ومع صعود المشروع القومي العربي، تحوّلت القضية الفلسطينية إلى عنوان مركزي، بل إلى رافعة للمشروع كله، جُندت الجماهير، وأُطلقت الشعارات، وعُلّقت الآمال، لكن المشهد انتهى بهزيمة عام 1967، التي لم تقتصر على خسارة فلسطين، بل طالت أراضي دول عربية أخرى، كانت فلسطين، كالعادة، الخاسر الأكبر، ورغم بعض التقدم في حرب أكتوبر 1973، إلا أن العرب توصلوا سريعاً إلى قناعة مؤلمة: «كلفة الحرب مع إسرائيل باهظة جداً» وهكذا بدأ مسار «السلام الاستراتيجي»، وأخذت اتفاقيات كامب ديفيد شكلها النهائي، وتراجع الحلم القومي خطوة إثر أخرى، في هذه الأثناء، أُتيحت للفلسطينيين فرصة هشة للاستقلال في القرار، فتحركت منظمة التحرير الفلسطينية نحو مسار تفاوضي لم يُجمع عليه الداخل الفلسطيني، لكنه حقق بعض المكاسب الرمزية والمادية، غير أن الحلم ظل معلقاً.
وبينما لم تكن الجراح قد التأمت، صعد مشروع جديد، هذه المرة باسم الإسلام: فكان التيار الجهادي السني الخارج من رحم أفغانستان، ثم المشروع الإسلامي الشيعي الذي بزغ من طهران عام 1979 مع الثورة الخمينية، كلا المشروعين تبنّى فلسطين، لكن ليس كقضية شعب يسعى للتحرر، بل كرمز في معركة كونية ضد «الطاغوت» أو «الاستكبار العالمي»، انتهى المشروع السني إلى تنظيمات كـ»القاعدة» و»داعش»، التي ألحقت ضرراً هائلًا بصورة القضية الفلسطينية، وربطتها بالإرهاب، أما المشروع الشيعي، فقد بلور ما يُعرف بمحور «المقاومة»، والذي استبدل الجيوش النظامية بجماعات مسلحة موازية للدولة، وأطلق عقيدة قتالية تقوم على استنزاف العدو لا من أجل إنجاز سياسي، بل من أجل «محوه»، ولو كان الثمن سحق المجتمعات التي تنطلق منها هذه الحركات، لم تكن إيران لتقبل بهذه القاعدة حين اقترب الخطر منها، وعندما باتت هي المعنية بالخسائر، تغيّرت القواعد، إسرائيل، بدورها، قرأت هذا النمط جيداً، واستثمرته لصالحها، أقنعت سكانها والغرب بأنها مهددة بالإبادة، فانهالت عليها المساعدات والتسليح والدعم السياسي، بينما شعوب محور المقاومة تُسحق اقتصادياً، وتُكمم سياسياً، وتُستنزف في حروب لا ترى لها أفقاً.
وعبر هذه الاستراتيجية، تمكنت إسرائيل من امتصاص صدمة 7 أكتوبر 2023، وصواريخ حزب الله، وضربات الحوثيين، بل وحتى الصواريخ الباليستية الإيرانية، كان الرد الغربي أكبر من الحدث، وكان الاحتضان الدولي لإسرائيل غير مسبوق، لا لأنها «مظلومة» فعلاً، بل لأنها أتقنت تسويق مظلوميتها عبر رواية محكمة: «نحن نحارب للبقاء».
واليوم، ونحن نشهد لحظة تبدو مفصلية، يبدأ حزب الله مفاوضات لتسليم سلاحه للدولة اللبنانية، وتجلس إيران إلى طاولة التفاوض مع واشنطن، وحماس تتباحث مع إسرائيل بشأن الأسرى واليوم التالي لغزة، وفي الخلفية، تستمر فلسطين في النزيف: دماءً وأرضاً وذاكرة.
لكن المأساة لا تنتهي هنا، فثمة من يسعى لاختطافها من جديد، هذه المرة عبر مشروع «اليسار العالمي» الذي يرى في فلسطين «ضحية نموذجية»، يُصفق لها في الساحات الأكاديمية، وتُرفع صورتها في تظاهرات الشباب الغاضب في الغرب، لكنها تظل بالنسبة له مجرد أداة في معركة رمزية ضد الرأسمالية والتاريخ الاستعماري، ولا أحد من هؤلاء مستعد لأن يضع يده في يد الفلسطيني ليبني معه مساراً حقيقياً لإنهاء المأساة والاحتلال، ويتكرر المشهد والاختطاف مستمر، والضحية واحدة «فلسطين».
لقد آن الأوان لإعادة تعريف القضية الفلسطينية كما هي: لا بوصفها شعاراً في خدمة مشروع أياً يكن، بل كصراع شعب حي، على أرض محتلة، من أجل الكرامة والعدالة، ولأجل وطن حُرّ، كل ذلك لا يعني عزلها عن سياقها الإقليمي والدولي، ولكن تحريرها من أن تُستخدم كرمز دعائي، أو كأداة تكتيكية لمشاريع لا تمت لها بصلة.
بالتالي فإن فلسطين لا يجب أن تكون مشروعاً أممياً ولا قومياً ولا دينياً، فلسطين هي فلسطين، وكل محاولة لتجييرها لغير ذلك، هي طعنة أخرى في خاصرتها النازفة.