إنتخاب الرئيس يتأرجح مناصفة بين التفاؤل والتشاؤم
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
يصعب على الكتل النيابية التكهُّن، منذ الآن، بأن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية المقررة في التاسع من كانون الثاني المقبل ستنتهي إلى ملء الشغور الرئاسي، في ظل الغموض الذي يكتنف مواقفها، مع انقطاع التواصل بين المعارضة و«الثنائي الشيعي» للتفاهم على رئيس توافقي، وكثرة عدد المرشحين الذين سيخضعون حكماً إلى غربلة، بالتلازم مع انكبابها على حسم خياراتها الرئاسية، بدءاً من مطلع العام الجديد؛
وكتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": جلسة انتخاب الرئيس تبقى قائمة، ولا مجال لتأجيلها، في ظل الضغوط الدولية لإخراج انتخابه من المراوحة، لكن هذا لا يعني أن «الدخان الأبيض» سيتصاعد من القاعة العامة للبرلمان، حتى لو بقيت مفتوحة لدورات متتالية؛ ما لم تبادر الكتل النيابية لتقديم التسهيلات لانتخابه، الذي يبقى حتى الساعة يتأرجح مناصفةً بين التفاؤل والتشاؤم، وهذا يفرض التلاقي في منتصف الطريق للتوافق على رئيس يحظى بحيثية مسيحية وازنة يُرضِي الشيعة، ويتمتع بالمواصفات التي حددتها اللجنة «الخماسية» لإنقاذ لبنان؛ خصوصاً أن انتخابه بات ملحّاً ليأخذ على عاتقه، بالتعاون مع حكومة فاعلة محصَّنة، بحزمة من الإصلاحات، مواكبة تطبيق القرار «1701» لإنهاء الحرب مع إسرائيل، وإعادة إدراج اسم لبنان على لائحة الاهتمام الدولي.
ومع أن اسم قائد الجيش لا يزال يتقدم السباق الرئاسي، فإن مَن يؤيده من النواب ليسوا في وارد ترشيحه للرئاسة إلا في حال توافرت لهم الضمانات، بحصوله على ثلثَي أعضاء البرلمان، أي 86 نائباً، حسماً للجدل حول تعديل الدستور.
وفي المقابل، فإن رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الذي لا يبدي حماسة لتعديل الدستور، سيواجه صعوبة، كما يقول مصدر نيابي وسطي لـ«الشرق الأوسط»، في التوافق على رئيس يتناغم انتخابه مع التحولات التي شهدتها المنطقة، ما دام الاصطفاف بداخل البرلمان بدأ يتغير مع توجه أكثرية النواب المنتمين للطائفة السنية للتموضع في منتصف الطريق بين المعارضة وخصومها، وعلى رأسهم الثنائي الشيعي الذي بات يفتقر إلى تأييد بعضهم ممن اقترعوا في جلسة الانتخاب الأخيرة لمرشحه زعيم تيار «المردة»، سليمان فرنجية، في مواجهة منافسه، الوزير السابق جهاد أزعور. وبكلام آخر، فإن انتخاب الرئيس في الدورة الأولى بحاجة لتأمين النصاب بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، أي 86 نائباً، لانعقادها وتأمين انتخاب الرئيس بنفس العدد، فيما انعقاد دورة الانتخاب الثانية يتطلب حضور الثلثين، على أن يُنتخب رئيساً بأكثرية مطلقة، «أي نصف عدد النواب زائد واحد (65 نائباً)». لذلك، ومع استعداد الكتل النيابية لحسم خيارها، فإنها قد تجد نفسها في مأزق يستعصي على هذا أو ذاك؛ تأمين تأييد 65 نائباً لمرشحها في جميع دورات الانتخاب، مع امتناع مؤيدي عون عن ترشيحه، ما لم يتأمن العدد النيابي المطلوب لإيصاله للرئاسة، رغم أن الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، كان أول مَن أيَّده، وهذا لم يلقَ ارتياح حليفه بري، بذريعة أنه استعجل في قراره، وكان الأفضل له التريُّث لبعض الوقت. ويؤكد المصدر النيابي أن انصراف الكتل النيابية لجوجلة أسماء المرشحين سيضع قوى المعارضة في اجتماعها الموسع في الثاني من الشهر المقبل أمام حسم موقفها ترشحاً، واقتراعاً، في ضوء القرار النهائي لرئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بخوضه المعركة أو عزوفه عن الترشح، رغم أن عدداً من النواب المنتمين إلى كتلته بادروا إلى ترشيحه. ويقول إن المطلوب من المعارضة أن تقول كلمتها، لأنه لم يعد في مقدورها اتباع سياسة المناورة، قبل أسبوع من موعد جلسة الانتخاب، وبات عليها الخروج من حالة الإرباك وتفويت الفرصة على خصومها الذين يراهنون على أن انقسامها في تأييدها للعماد عون سيضعف قدرتها على الإتيان برئيس يكون لها القرار الراجح في إيصاله إلى بعبدا.
ويسأل المصدر: ماذا لو قرَّر رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، الاستدارة نحو تأييده لجعجع، مع أنها تستبعد ذلك؛ كونه أول من بادر إلى إعداد لائحة بأسماء المرشحين تداول فيها مع بري و«حزب الله»؛ رغبة منه بتقديم نفسه على أنه أحد صانعي الرؤساء، ويكشف أنه تشاور مع الحزب الذي أبلغه بأنه لا يضع «فيتو» عليهم، وهم 3، يتردد أن الثنائي لا يمانع تأييدهم. ويلفت إلى أن المعارضة تراقب ما يُنسب للفريق الآخر بأن الثنائي الشيعي يدرس تأييده لترشيح أزعور الذي لا يزال اسمه في عِداد المرشحين. في محاولة، من وجهة نظره، لإحراج المعارضة وإرباكها، ويقول إن المعارضة لن تكون منزعجة وترحِّب بهذه الخطوة، وتسأل عن مدى استعداده، أي الثنائي، لتأييده الذي يتسبب بإزعاج حليفه فرنجية الذي تبنى ترشيحه في دورة الانتخاب الأخيرة ضد منافسه أزعور، ويصر «حزب الله» على ترشيحه مجدداً، ربما لقطع الطريق على جعجع في حال قرَّر الترشح. وعليه، فإن بري، كما يقول المصدر، سينزل بكل ثقله لانتخاب رئيس توافقي، مهما طالت دورات الانتخاب، وبالتالي لن يسمح بأن تنتهي كسابقاتها من الجلسات بتعطيل انتخابه. لكن تبقى كلمة الفصل للميدان النيابي، وما إذا كان الثنائي الشيعي سيعيد النظر في موقفه من تعديل الدستور، بعد أن يكون استخدمه في وجه عون لتحسين شروطه؛ بدءاً بتقاسمه الشراكة، بانتخابه، باعتبار أن لا تسوية إلا مع بري ولا يمكن تخطيه.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الکتل النیابیة الثنائی الشیعی
إقرأ أيضاً:
تحرّك دبلوماسي مصري نحو باكستان.. مباحثات تشمل غزة والتعاون الثنائي
توجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، صباح السبت، إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، في زيارة رسمية تستهدف تعزيز مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث التطورات الإقليمية المتسارعة، وفق ما أعلنته وزارتا الخارجية في البلدين.
وقالت الخارجية المصرية في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على منصة "فيسبوك"، إن عبد العاطي غادر القاهرة متوجها إلى إسلام آباد في زيارة عمل تستمر يومين، مشيرة إلى أنه سيعقد سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين الباكستانيين لبحث آفاق التعاون الثنائي وسبل توسيعه، إلى جانب تبادل وجهات النظر بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.
ووفق البيان، سيجري وزير الخارجية المصري أيضًا مباحثات مع ممثلي عدد من كبرى الشركات الباكستانية، في مؤشر إلى رغبة القاهرة في جذب استثمارات جديدة وتوسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين، غير أن البيان لم يقدّم تفاصيل إضافية حول طبيعة هذه اللقاءات.
من جانبها، أوضحت وزارة الخارجية الباكستانية، في بيان منفصل، أن زيارة عبد العاطي تأتي استجابة لدعوة رسمية من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية محمد إسحاق دار، مشيرة إلى أن الزيارة تعكس "العلاقات الودية والمتجذرة بين البلدين، والمبنية على الإيمان المشترك والقرب الثقافي والتوافق في وجهات النظر بشأن العديد من القضايا".
وأكّد البيان أنّ الزيارة من المتوقع أن تُسهم في تعزيز التوجّه الاستراتيجي للعلاقات المصرية ـ الباكستانية، ودفعها نحو مجالات تعاون أوسع تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والدفاعية والثقافية، إلى جانب دعم تواصل الشعوب بين البلدين.
PR No.3️⃣5️⃣8️⃣/2️⃣0️⃣2️⃣5️⃣
Curtain Raiser: Visit of the Foreign Minister of Arab Republic of Egypt to Pakistan https://t.co/FTQPkMCaOF
????⬇️ pic.twitter.com/hQ18OZW6gQ — Ministry of Foreign Affairs - Pakistan (@ForeignOfficePk) November 29, 2025
وتشمل أجندة الزيارة عقد اجتماع ثنائي بين عبد العاطي ونظيره الباكستاني، يعقبه اجتماع موسّع على مستوى الوفود لمناقشة مختلف ملفات العلاقات المشتركة، إضافة إلى استعراض الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها تطورات الأزمة في غزة والتصعيد الإسرائيلي المستمر.
دفء دبلوماسي متصاعد
وتأتي زيارة وزير الخارجية المصري في سياق ما يبدو أنه حراك دبلوماسي متنامٍ بين القاهرة وإسلام آباد خلال الأشهر الأخيرة، عكسه تبادل الزيارات والاتصالات رفيعة المستوى.
ففي أيار/مايو الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، رغبة القاهرة في تعزيز علاقاتها الثنائية مع باكستان وتطويرها في مختلف المجالات.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شارك شهباز في "قمة السلام حول غزة" التي استضافها منتجع شرم الشيخ، في زيارة أبرزت اهتمام باكستان بالانخراط في الجهود الإقليمية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وفي الشهر ذاته، أجرى رئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير زيارة رسمية إلى القاهرة، أكد خلالها ـ وفق بيان للجيش المصري ـ التزام بلاده بتطوير التعاون الدفاعي والعسكري مع مصر، وهو ما اعتُبر خطوة إضافية في مسار تقارب أكبر بين المؤسستين العسكريتين في البلدين.
آفاق التعاون
وتشكل زيارة عبد العاطي إلى إسلام آباد محطة جديدة في مسار إعادة تنشيط العلاقات المصرية ـ الباكستانية، خصوصًا في ظل سعي البلدين إلى تنويع شراكاتهما السياسية والاقتصادية، وتعزيز التنسيق تجاه الملفات الإقليمية التي تشهد تحولات عميقة، وفي مقدمتها الحرب على غزة وأمن البحر الأحمر والعلاقات مع الخليج وإيران.
ومن المتوقع أن تركز المحادثات الثنائية أيضًا على تعزيز التعاون التجاري والاستثماري، وزيادة التبادل الاقتصادي، إلى جانب بحث فرص جديدة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة والتدريب العسكري.