شخبطة قصائد ورسم بين التقدير والانتقاص
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
هل يمكن وصف كم خيبة الأمل وصدمة المرء في واقع الوعي الثقافي حينما يصل إليه تعليق ممتعض بعد إعلان نتيجة جائزة أدبية متضمنا شاعرا مع الفائزين، كان التعليق هو «جائزة نقدية لشخبطة قصيدة؟!» والحقيقة أن قد يكون هذا رأيا غير معلن لكثير من الأحبة حولنا ممن لا يجدون في الأدب والفن عموما أكثر من «شخبطة» ولا في الأديب أو الفنان سوى «فاضي ما عنده شغل»! لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أتلقى فيها صدمة واقع تقدير الأدب والفن لدى بعض المحيطين بنا، بل ليست هي فكرتي وحدي ولا هي مرتبطة بزماني هذا وحده، لكنها قديمة في واقعنا العربي حين شاعت عبارة «ويل لمن أدركته حرفة الأدب» وما ذاك الويل إلا نتيجة احتراق داخلي واشتغال ذهني من جهة، وحسرة عدم التقدير وسوء التلقي من جهة أخرى، وإن كان بعض الأدباء واجهوا ذلك التجاهل بذاتية عالية كالمتنبي الذي لم يرَ في خصومه ومنتقديه سوى «متعجب أو حاسد أو جاهل» فإن بعضهم الآخر اختار العزلة والانكفاء والهروب عن هذه الحرفة المهلكة، ربما من الواجب أن نحمد الله أن ليست هذه فكرة جميع المعاصرين، وأن ما زال للأدب بعض بريقه متفاوتا بين من يجد في الرواية قيمة أعلى من الشعر أو من يرى بأن الشعر أعلى مقاما انطلاقا من منبريته وعاطفته، أولئك الذين يجدون الرسم أعلى شأنا من التصوير أو النحت أدق حرفة من الرسم، لكن أن يعيش بيننا من لا يجد في كل تلك الآداب والفنون أي قيمة، بل لا يجد أي بأس بوسمها بالـ«شخبطة» فتلك قاصمة التقدير وآخر طلقات الواقع على مقاومة الأديب أو الفنان.
أذكر قبل سنوات خلت أنني كنت وأقراني من الأدباء في معرض تكريم من مهرجان ثقافي ما، وكانت قيمة التكريم لكل شاعر «300 ريال عماني فقط»ومع ذلك كان ثمة تهامس أن 300 ريال بأكملها لقصيدة يكتبها شاعر؟!
لا أستطيع اليوم إلا اجترار الخيبة ذاتها والألم ذاته في تلقي تقدير المحيطين للأدب والفن، كما أذكر أن مما زادني وأقراني من الـ «مشخبطين» ألما وحسرة، أن المهرجان ذاته تضمن فقرات رقص، وعشوائيات مسرح تجاري هزيل (لا يراد هنا النيل من قيمة المسرح إذ للمسرح الواعي جادا كان أو ساخرا قيمته ووعيه ورسالته) حصل أصحابها على الآلاف دون أن يعترض أحد أو يرى في أعمالهم أي سقطة أو ضعف أو عبثية، كما أذكر أنني وعبر سنوات كنت أعجب من بعض المؤسسات المعنية بالعمل الثقافي تقديرها العظيم للأدباء والفنانين من خارج البلاد، وتقديمهم على العمانيين في كل شيء، ولا ينبغي أن يعتقد هنا أنه كرم ضيافة، ولا أنهم أعلى شأنا أو أثرى تجربة من العمانيين ولكن للأسف لا بد من الاعتراف أن ما زال «عازف الحي لا يطرب» ولا أقسى على المرء من أن يجد لوحة إعلانية توسطها اسم شاعر أو فنان عربي أو غربي وبعدها بثلث حجم الخط «بمشاركة شعراء عمانيين» أو «بمشاركة فنانين عمانيين» وكأن ليس لأولئك العمانيين أسماء، وكأن ليس لتلك الأسماء تجارب كاملة تعادل بل وقد تفوق تجربة ذلك المحتفى به!! فهل يرجى بعدها تقدير من الآخر لمبدعينا إن كنا ما زلنا نعتبرهم هامشا نستأنس به من فراغ اللوحة، وعبئا نسقطه بمجرد الذكر دون التقدير؟!
منطقي بعد كل ذلك انتقال موجة الانتقاص وضعف التقدير من الأفراد إلى المؤسسات إن لم تجد الأعمال الأدبية والفنية من ينهض بتقديرها من أهلها أنفسهم، ومن المهتمين بالشأن الثقافي كل العناية بمبدعيهم في كل المجالات، ومن المحيط الاجتماعي الذي يعيشون به ومعه وله، كثيرا ما يرى بعض المبدعين -مع هذه الموجة – ضرورة اختيارهم منطلقا خليجيا أو عربيا أو حتى عالميا تُرى عبره أعمالهم محليا، وتسمع خلاله أصواتهم المعتّقة البكر ليطرب الأهل لعزفهم المتعب من ترقب التقدير ومعاناة التهميش.
ختاما؛ لا يعادل تقدير المرء في بلاده أي تقدير آخر مهما علت قيمته المادية وتنوعت تشكلاته التسويقية، تلك هي مسؤولية المعنيين بالشأن الثقافي من متخذي القرار ومديري ورؤساء الوحدات الثقافية، والحقيقة التي لا ينبغي إغفالها أن ليس واجبهم مجرد تكريم وتقدير المتحقق من تجارب المبدعين المواطنين وحسب، إنما يتجاوز ذلك إلى التنقيب والبحث وتقصي إبداعات محلية لمّا تجد طريق وصولها بعد، ولم توافق حاضنة أحلامها حتى اللحظة، وليس في ذلك فضل أو منة؛ بل هو واجب مهني ومسؤولية وطنية لا بد منها ليتكامل هذا الوطن بكل مبدعيه في كل المجالات ومختلف التخصصات والمهارات والكفاءات بعيدا عن التهميش والانتقاص.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بلومبيرغ: ارتفاع قيمة الأسلحة الصينية بعد حرب باكستان والهند
قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأنباء إن الأسلحة الصينية شهدت ارتفاعا في قيمتها السوقية العالمية بعد أن أثبتت نجاحا في الحرب القصيرة التي دارت رحاها مؤخرا بين باكستان والهند.
وأضافت، في تحليل إخباري على موقعها الإلكتروني، أن الصراع الأخير بين الدولتين الجارتين في جنوبي آسيا يدفع إلى إعادة تقييم الأسلحة الصينية بما يخالف المفاهيم السائدة القائلة بتدني قدراتها مقارنة بالأسلحة الغربية، مما من شأنه أن يثير قلق الدول التي تتوجس خيفة من الصين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إزفيستيا: أسباب التصعيد الجديد في ليبياlist 2 of 2كاتبة هندية: الحقيقة هي إحدى ضحايا حرب الهند وباكستانend of listوقد أثار نجاح الطائرة الصينية الصنع من طراز "جيه-10 سي" (J-10C) في إسقاط مقاتلات من طراز رافال الفرنسية، التي يملكها الجيش الهندي، المخاوف في تايوان، الدولة التي تعدها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
وقد يزيد هذا النجاح من حجم صادرات الأسلحة الصينية إلى الدول النامية، وفق بلومبيرغ التي كشفت عن ارتفاع قيمة تلك الطائرة الصينية في الأسواق العالمية بأكثر من ربع سعرها السابق نهاية الأسبوع المنصرم.
قلق تايوانونقلت الوكالة الأميركية عن هو شيجين -رئيس التحرير السابق لصحيفة "غلوبال تايمز" القومية الصينية على وسائل التواصل الاجتماعي- القول إن على تايوان أن تشعر بالقلق، إذا صح أن الضربات الباكستانية حققت نجاحا.
إعلانومن جانبه، أكد شو هسياو هوانغ، الباحث في معهد أبحاث الدفاع والأمن القومي في تايبيه، أن تايوان ظلت تراقب من كثب الصدام بين باكستان والهند، وأن الأمر يتطلب إعادة تقييم القدرات القتالية الجوية للجيش الصيني التي ربما تضاهي -أو حتى تتجاوز- مستويات القوة الجوية الأميركية المنتشرة في شرقي آسيا.
وزعمت بلومبيرغ أن الجيش الصيني -الذي يعد الأكبر في العالم من حيث عدد أفراده- كان غارقا في الفضائح في وقت كان يسعى فيه الرئيس شي جين بينغ إلى تحديثه.
وقالت إن ذلك أثار تساؤلات حول مدى الجاهزية القتالية لقدراته الصاروخية القوية والسرية، والتي قد تلعب دورا حاسما في أي غزو لتايوان.
دحض الشكوكويبدو أن نجاح طائرات "جيه-10 سي" يدحض تلك الشكوك، رغم أنها لم تخض تجارب قتالية كثيرة، وتُستخدم للقيام بدوريات في مضيق تايوان.
ومع ذلك -وفقا للتحليل- لا يزال من غير المؤكد كيف سيكون أداؤها في مواجهة المقاتلات الأميركية من طراز "إف-16″، على سبيل المثال، التي تشكل الجزء الأكبر من الطائرات التايوانية وأثبتت قدرتها القتالية عبر عقود من الزمن.
وتعد الصين رابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم ولكن معظم عملائها من الدول النامية مثل باكستان، التي تعاني من محدودية مواردها المالية.
وتعتقد بلومبيرغ أن التطورات الأخيرة من شأنها أن ترفع مبيعات بكين من الأسلحة في وقت تستجيب فيه الاقتصادات الكبرى من أوروبا إلى آسيا لدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لزيادة الإنفاق الدفاعي.
فرصة جيدة لدول الجنوبويرى جيمس تشار -وهو أستاذ مساعد للدراسات الصينية في كلية إس راجاراتنام للدراسات الدولية ومقرها في سنغافورة- أن هناك فرصة جيدة لأن تكون منظومات الأسلحة الصينية أكثر جاذبية للمشترين المحتملين، خاصة في دول الجنوب، لافتا إلى أن المقاتلة من طراز "جيه-10 سي" ليست حتى أكثر الطائرات الصينية تقدما.
إعلانوحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد ارتفع متوسط صادرات الصين من الأسلحة إلى الخارج خلال السنوات الخمس الماضية بأكثر من 3 أضعاف ما كان عليه في الفترة من 2000 إلى 2004. ولا تنشر الحكومة الصينية والشركات المملوكة للدولة بيانات عن صادراتها من الأسلحة.
لكن متخصصين زعموا أن صادرات الأسلحة الصينية تعاني منذ سنوات من عيوب في أنظمة التسليح التي تستنزف -بناء على آرائهم- ميزانيات الأمن بسبب نفقات الصيانة، رغم أنها تبدو غير مكلفة.