قدمت الصين تعازيها في وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أمس الأحد عن عمر يناهز 100 عام.

وحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج، أن كارتر كان "القوة الدافعة" وراء إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ أكثر من 40 عامًا.

وأضاف أن كارتر "قدم مساهمات مهمة في تطوير العلاقات الصينية الأمريكية والتبادلات الودية والتعاون بين البلدين".

كان رجلا صالحا.. ترامب ناعيا كارتر: أعطيه أعلى درجات احترامي رغم اختلافي معهفقدنا زعيمًا رائعًا.. بايدن ينعى جيمي كارتر.. ويعلن 9 يناير 2025 يومًا للحداد الوطنيالبيت الأبيض ينكس الأعلام حدادا على جيمي كارترالرئيس السيسي ناعيا جيمي كارتر: أحد أبرز قادة العالم عطاء للإنسانية

من ناحية أخرى، كتب السفير الصيني لدى الولايات المتحدة شيه فنج، في منشور على منصة "إكس": "إن مساهمته التاريخية في تطبيع وتنمية العلاقات الصينية الأمريكية سوف تظل دائما في ذاكرة الشعب الصيني".

وفي عهد كارتر، أقامت الولايات المتحدة رسميًا علاقات دبلوماسية مع الصين في عام 1979، حيث رحب الرئيس الأسبق بالزعيم الصيني دينج شياو بينج في البيت الأبيض - وهي أول زيارة يقوم بها زعيم شيوعي صيني إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وتوفي جيمي كارتر، الذي يعد الرئيس الـ39 للولايات المتحدة في بلينز بولاية جورجيا محاطًا بعائلته، وذلك عن عمر يناهز 100 عام.

وكان كارتر قيد رعاية المسنين في المنزل منذ فبراير2023 بعد سلسلة من الإقامات القصيرة في المستشفى.

وأصبح كارتر أكبر رئيس سابق على قيد الحياة عندما تجاوز الرقم القياسي الذي سجّله الرئيس الراحل جورج بوش الأب في مارس 2019.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصين الخارجية الصينية جيمي كارتر وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين المزيد جیمی کارتر

إقرأ أيضاً:

نجحت الصين وفشلت أمريكا

 

حاتم الطائي

الصين تحقق لأول مرة فائضًا تجاريًا يتخطى تريليون دولار

◄ تحويل الأزمات إلى فرص يعكس نهجًا صينيًا اقتصاديًا متوازنًا

◄ العولمة والانفتاح والمصالح المتبادلة.. مثلث التفوق الاقتصادي في عالم اليوم

 

الصعود الصيني الكبير خلال العقدين الماضيين لم يتحقق صدفةً أو نتيجة لظروف دولية مُتداخلة، وإنما كُتب بجُهد وعبقرية الإرادة الصينية، التي تستمد طاقتها الكامنة من جذورها الضاربة في أعماق الحضارة الإنسانية؛ فالصينيون انطلقوا في مسيرة تطورهم على ما يملكونه من موارد غنية وعقول لامعة، وانتهجوا فلسفةً تتسم بالحكمة والهدوء والانفتاح على الآخر، مع الاحتفاظ بهويتهم الأصيلة كأحد أقدم الشعوب في الأرض.

أقولُ ذلك، وقد تابعت باهتمام شديد ما كشفت عنه الأرقام الرسمية؛ حيث تجاوز الفائض التجاري للصين تريليون دولار لأول مرة، وهو الأمر الذي عزاه المحللون والخبراء إلى اتجاه المُصنِّعين الساعين لتفادي الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى شحن مزيد من صادراتهم إلى أسواق غير أمريكية، ما أسهم في تسجيل قفزة كبيرة في الصادرات الصينية إلى أوروبا وأستراليا وجنوب شرق آسيا.

هنا نستطيع أن نكتشف ملمحًا رئيسًا من ملامح النمو الصيني، والمُتمثِّل في تحويل التحديات إلى فرصٍ، فعندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا في 2024، سارع بشن حرب تجارية على الصين، تحت مزاعم "التدابير الحمائية"، وتمثَّلت في فرض رسوم جمركية وصلت في بعض محطاتها إلى أكثر من 155%، ما يعني استحالة التصدير تقريبًا. في المُقابل، تعاطت الصين مع الأزمة برؤية نِديّة، وفي كل مرة اتخذ فيها ترامب قرارًا برفع الرسوم الجمركية، أعلنت بكين عن قرار مُماثل، ردًا على القرار الأمريكي. لكن على عكس التفكير الأمريكي العقيم والمحدود، سعت الصين إلى البدائل فورًا، وبدأت في تغيير بوصلة صادراتها، واتجهت بقوة إلى الأسواق الأوروبية والأسترالية، وكذلك الآسيوية والعربية.

الموقف الصيني الشُجاع الذي واجه الأزمة بحلول غير تقليدية، انعكس على الأداء الاقتصادي؛ إذ لم تتأثر المصانع الصينية جرّاء الحرب التجارية الأمريكية؛ بل على العكس سجّلت نموًا في الإنتاج والصادرات، فقد كشفت بيانات جمركية أنَّ الصادرات الصينية نمت بمقدار 5.9% على أساس سنوي في نوفمبر، متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى نموها بمقدار 3.8% فقط! هذا التحول اللافت يؤكد أن القرارات الأمريكية لم تكن أبدًا قائمة على أُسس اقتصادية، وإنما استندت إلى رغبات وأهواء رئيس نرجسي ينظر إلى القضايا بنظرة شخصية، تعتمد على رؤيته الذاتية للأمر، وليس على رأي مؤسسات الدولة، وهو ما تجّلى بوضوح في عديد القضايا الأخرى، سواء في العلاقات مع أوروبا أو قضايا الشرق الأوسط، أو حتى في الأزمة التي تتفاقم حاليًا مع فنزويلا، والتي لا أساس منطقيًا لها سوى شخصنة القضية بسبب مواقف الزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو، المناهضة للاستعمار والإمبريالية في صورتها الأمريكية المُعاصرة.

القرار الصيني بالتوسع في الأسواق الأخرى خارج أمريكا؛ حيث كثفت جهودها لتنويع أسواق صادراتها، وسعت إلى توطيد العلاقات التجارية مع جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي، كما استفادت من الانتشار العالمي لشركاتها لإقامة مراكز إنتاج جديدة تُتيح لها وصولًا برسوم جمركية منخفضة إلى الأسواق. وتؤكد الإحصاءات الرسمية ذلك؛ إذ انخفضت الشحنات الصينية إلى الولايات المتحدة بواقع 29% على أساس سنوي في نوفمبر الماضي، في حين نمت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بمقدار 14.8%، وارتفعت الشحنات إلى أستراليا 35.8%، واستقبلت اقتصادات جنوب شرق آسيا سلعًا صينية بزيادة 8.2%.

هذه الأرقام تُؤكد أنَّ إيمان الصين بمفاهيم وتطبيقات العولمة يتحقق على أرض الواقع؛ فالصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تؤمن أنَّ النمو العالمي لا يتحقق إلّا بتكاتف الجهود والتعاون الدولي القائم على المصالح المتبادلة، لا على الحروب التجارية والرسوم الجمركية المُبالغ فيها.

الصينيون يقرأون التاريخ جيدًا ويُدركون الأبعاد الحضارية في مختلف المراحل، باعتبارهم شعب صاحب حضارة، وليس طارئًا على الإنسانية كما هو الحال بالنسبة للأمريكيين الذين لم يؤسسوا أبدًا حضارة بمفهومها الصحيح، وإنما استطاعوا- بفضل الإمكانيات المالية وتوافد المهاجرين من كل أنحاء العالم- بناء منظومات متطورة في مختلف المجالات. في المُقابل، ما يزال ترامب وإداراته يؤمنون بالأفكار الاستعمارية القائمة على فرض الإرادات وإجبار الخصوم على الخضوع تحت عصا الابتزاز والترهيب تارة، والتهديد بأعمال عسكرية ومخابراتية تارةً أخرى. وما يؤكد على عنجهية وحماقة هذا التوجه، أنهم لم يُدركوا أنَّ مثل هذه السياسات القذرة لا تصلح مع حضارة كبيرة مثل الحضارة الصينية، التي نجحت قبل آلاف السنين في عبور البحار والمحيطات والوصول إلى أبعد نقطة، في لحظة تواصل حضاري ربطت العالم بأسره شرقًا وغربًا، جنوبًا وشمالًا، وهو ما يُعرف باسم "طريق الحرير"، الذي لم يكن مجرد طريق للقوافل التجارية وحسب، وإنما سبيلًا نحو البناء الحضاري القائم على الرؤية الإنسانية السامية للعالم، باعتباره كيانًا واحدًا، أو بلغة اليوم "قرية عالمية صغيرة".

ويبقى القول.. اليوم وبعد قرابة عامين من حرب تجارية شنَّها الرئيس الأمريكي منذ عودته إلى البيت الأبيض، فإنَّ الصين انتصرت في هذه الحرب العبثية، فيما تكبدت أمريكا الخسائر واحدة تلو الأخرى. انتصرت الصين لأنها رفضت سياسة العصا والجزرة، ورفضت أن تخضع وتنكسر في حرب إرادات سياسية واقتصادية لا حرب إيرادات جمركية، وعلى الدول الساعية لبلوغ مكانتها بين الأمم أن تُحافظ على الندية في التعامل مع القوى العالمية، لا سيما تلك القوى التي ترتكز على أفكار استعمارية واستعلائية، وأن السبيل الوحيد للنجاح هو العمل والإنتاج، وليس التكاسل والتخاذل، وأنه إذا ما قررت أمة من الأمم أن تتفوق مع الأخذ بأسباب هذا التفوق؛ فالنجاح حليفها والانتصار رفيق دربها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تدمر: الداخلية السورية تؤكد قتل المنفذ .. عنصر أمني وراء الهجوم على القوات الأمريكية
  • نجحت الصين وفشلت أمريكا
  • تاريخ العلاقات الصينية اليابانية.. عقود من التوتر والتعاون
  • الفلبين: إصابة 3 صيادين في هجوم لخفر السواحل الصيني في بحر الصين الجنوبي
  • قوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة.. الولايات المتحدة تكشف التفاصيل
  • أزمة الصناعة الدفاعية الأمريكية: انهيار القدرة الإنتاجية في مواجهة التوسع الصيني السريع
  • فرصة مقيدة: هل تستفيد الصين من تراجع القوة الناعمة الأمريكية؟
  • الولايات المتحدة ترحب بإعادة بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • الرئيس الكوبي: احتجاز الولايات المتحدة لناقلة نفط قبالة فنزويلا قرصنة وتصعيد للعدوان ضد دولة شقيقة