لجريدة عمان:
2025-12-10@23:20:43 GMT

مصير مجموعة بريكس في ظل إدارة ترامب الثانية

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

في الثلاثين من نوفمبر سنة 2024، أدلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب بتصريح مدوّ عبر موقع إكس «تويتر سابقًا»، معلنا أن دول مجموعة بريكس تبتعد عن الدولار «بينما نقف مكتفين بالفرجة وهذا انتهى». لم يتزامن هذا التصريح فقط بعد شهر واحد من حضور كبار الشخصيات من ستة وثلاثين دولة وست منظمات دولية لقمة مجموعة بريكس السادسة عشرة التي عقدت في قازان بروسيا، بل أكد أيضا أن هذه الدول سوف تواجه «تعريفات جمركية بنسبة 100٪» سواء أكانت تنوي استعمال عملة مجموعة بريكس أو أي عملة أخرى بدلا من الدولار.

يأتي تهديد ترامب الجريء هذا في مرحلة حرجة في العلاقات الاقتصادية الدولية، إذ جاهر العديد من زعماء العالم من قبيل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بانتقاد دور الدولار بوصفه «سلاحًا». فضلا عن أن دعوة ترامب لفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على كندا والمكسيك و10% على الصين تثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه المجموعة الجديدة من التعريفات قادرة على حماية تفوق الدولار والهيمنة المالية الأساسية لمؤسسات مجموعة السبع.

بعد أن كان بريكس مجرد اسم مستعار ورد في تقرير جيم أونيل المصرفي في جولدمان ساكس سنة 2001 فأثار مخاوف بشأن تحالف من البلاد قد يتحدى، إن لم يحل محل دول مجموعة السبع، توسعت المجموعة الآن وأطلقت مجموعة مؤسسات موازية بديلا للنظام الدولي الليبرالي متاحا للدول الصغيرة ومتوسطة القوة. واعتبارا من عام 2024، بلغت حصة دول مجموعة بريكس من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية 34.9% مقارنة بنسبة 30.05% لمجموعة السبع، بينما بلغت حصة مجموعة السبع 43.28% في عام 2000، ولم تشكل مجموعة بريكس سوى 21.37%.

أثارت أيضا عودة ترامب إلى البيت الأبيض مخاوف بشأن ما إذا كانت دول مجموعة السبع، بقيادة زعيم يجاهر بالانعزالية في واشنطن، قادرة على الصمود في مواجهة كتلة بريكس. ففي أحد تجمعات حملته الانتخابية في ولاية ويسكونسن في الثامن من سبتمبر 2024، أدان ترامب بشدة اللادولرة في التجارة العالمية، مصرحا بوضوح بأنه «إذا تركتم الدولار فلن تتمكنوا من التعامل مع الولايات المتحدة لأننا سنفرض على بضائعكم تعريفة جمركية بنسبة 100%». ويفسر هذا التهديد سبب سعي الدول المتحالفة مع مجموعة بريكس إلى إيجاد بدائل للدولار على مدى السنوات الست عشرة الماضية. والواقع أن عضو مجلس الدولة الصيني يانج جيتشي قد أشار في نوفمبر 2017 خلال إدارة ترامب الأولى كيف أصبح «من الصعب بشكل متزايد على مفاهيم الحكم الغربية وأنظمته ونماذجه أن تواكب الوضع الدولي الجديد»، بل إنه ذهب إلى أن الحكم العالمي غرب القيادة قد «أخفق» وبلغ حدا «تعذر الإصلاح».

فلا غرابة إذن في أن تأسست مجموعة بريكس سنة 2009، أي بعد أزمة عام 2008 المالية العالمية مباشرة. ووفقا لتقرير صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية، تجاوز التبادل التجاري بين اقتصادات مجموعة بريكس التبادل التجاري بين دول المجموعة ومجموعة الدول السبع. ولمجموعة الدول التسع التي تمثل نصف سكان العالم وما بين ربع وثلث الاقتصاد العالمي أربعة أهداف: (1) إنشاء نظام مالي بديل للنظام الغربي، (2) تنسيق السياسة الاقتصادية بشكل أفضل، (3) السعي إلى تمثيل أكبر في الحكم العالمي، و(4) تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي. في حين أن الخطاب الاستراتيجي الذي وضعه المحللون يحاول تقييم تهديدات العواصم الغربية، فإن الأكاديميين الغربيين في مجال العلاقات الدولية أقاموا إطارا أفضل لتفسير هذه الظاهرة الفريدة في ضوء نظرية انتقال القوة. وتفسر نظرية انتقال القوة، التي صاغها أ.ف.ك. أورجانسكي أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميشيجان في عام 1958، كيف أن القوة المهيمنة السائدة في النظام الدولي تجد نفسها في خطر حرب ممنهجة عندما يظهر منافس صاعد ليلحق بقوتها المهيمنة المتضائلة أو يتفوق عليها. يشرح أورجانسكي كيف أن المعتدي يظهر من مجموعة صغيرة من البلاد القوية الساخطة، وتكون القوة الأضعف، لا الأقوى، هي المعتدية. وبتطبيق هذا على دول مجموعة بريكس، فإنه يفسر كيف يمكن لروسيا والصين أن تتناوبا مهمة الاستفادة من الجغرافيا والسكان والثقل الاقتصادي في طرح مجموعة جديدة من المنظمات الدولية العازمة على الحلول محل المؤسسات الغربية بقيادة مجموعة السبع.

في معرض سعيها إلى تحقيق هدف إيجاد نظام مالي بديل، أنشأت دول مجموعة بريكس، من خلال ثقل الصين الاقتصادي، بنك التنمية الجديد، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية، وترتيب الاحتياطي الطارئ، بهدف تحدي بروز صندوق النقد والبنك الدوليين. ويذهب الأساتذة ساوري كاتادا وسينثيا روبرتس وليزلي إليوت أرميجو في كتابهم «بريكس والحكم المالي الجماعي»، إلى أن هذا النادي الفريد المؤلف من قوى صاعدة قد توحد حول مصلحتها المشتركة في «مراجعة عالمية» من خلال موارد القوة العسكرية والمالية للتأثير في النتائج الدولية من خلال نظرية النادي.

ويوضح الأستاذان ديبورا لارسون وأليكسي شيفتشينكو، في كتابهما «السعي إلى المكانة: السياسة الخارجية الصينية والروسية»، أن علم النفس الاجتماعي يفسر حاجة هاتين القوتين الصاعدتين إلى السعي إلى التفوق في مجال جديد تعزيزا لتحقيقهما مكانة القوى العظمى. ومع وجود هذه المؤسسات الجديدة متعددة الأطراف، فإن تولي إنشاء هذه المؤسسات البديلة يعكس قوتها ومكانتها المتزايدتين، بدافع من الإحباط الناجم عن عدم تلقي الاعتراف المتناسب مع قوة الصين وصعودها.

ومع ذلك، فإن المشككين في مجموعة بريكس وإدارة محور الصين وروسيا لنظام مالي عالمي بديل يسارعون إلى إبراز التفاوتات الهائلة في القدرات الاقتصادية بين دول مجموعة بريكس ومؤسسات مجموعة السبع السائدة. ويعرض باري إيكنجرين، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، هذه القيود بسرده أن عملة الرنمينبي الصينية تمثل أقل من 6٪ من تسويات التبادل التجاري، وأن البنوك الصينية تدير 3٪ فقط من المعاملات اليومية من حيث القيمة لمراكز المقاصة في الولايات المتحدة، وأن قدرة بكين على توفير السيولة والخصوصية وقوانين حماية البيانات تظل غائمة. داخل مجموعة بريكس، ثمة خطوط صدع أمنية وجيوسياسية بين الدول الأعضاء، وتثير هذه شكوكا حول قدرة هذا المنتدى على أن مواتيا لأي نوع من التعاون. فعلى سبيل المثال، ظلت الصين والهند تخطوان بحذر منذ اشتباك جالوان الحدودي عام 2020، الذي أدى إلى مقتل عشرين جنديا هنديا وأربعة جنود صينيين. وقد أدت عواقب هذه الحلقة من الصراع الحدودي على طول الحدود الصينية الهندية إلى تعميق نيودلهي للعلاقات مع الولايات المتحدة، مثلما تبين في زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الرسمية إلى واشنطن عام 2023 التي أثمرت أكبر صفقات التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة والهند. وقد أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنه قبل عشرين عاما، لم يكن هناك تعاون دفاعي على الإطلاق، في حين أن البلدين ـ اعتبارا من عام 2023 ـ «تشتركان في إنتاج وتطوير أنظمة رئيسية». فضلا عن ذلك، فإن ضم دول شرق أوسطية من قبيل إيران ومصر والإمارات العربية المتحدة بعد قمة بريكس 2023 يثير تساؤلات حول تماسك بريكس، في ضوء التنافس الإقليمي الذي قد يرثه هذا التجمع الكبير الآن. كما أمن ضم المملكة العربية السعودية أخيرا يثير الشكوك، في ضوء تنافسها الأمني المستمر مع إيران. وقد أوضحت الرياض هذه النقطة خلال قمة بريكس 2024 في قازان، حيث لم يحضر وزير الخارجية السعودي إلا اليوم الأخير فقط، موضحا أن المملكة تتحوط في التزامها بالنادي الذي تعتبره ناديا للقوى المتوسطة.

وفي حين أن لأعضاء بريكس سمات واضحة، من قبيل أنها دول غير غربية، فإن التنافسات الأمنية فيما بينها قد أثبتت أنها تشكل عقبات أمام التحول إلى منظمة كاملة العضوية ملزمة التعاهد ذات أي مظهر من مظاهر الالتزام الأمني. ويسارع الكتاب إلى ربط الافتقار النسبي للثقل الاقتصادي بالمنظمات التي تقودها الولايات المتحدة بالإضافة إلى هذه الطائفة الكبيرة من المنافسين الجيوسياسيين، التي كشفت عيوبا خطيرة، وبخاصة في حالتي التنافس بين الهند والصين وبين إيران والسعودية فضلا عن تأطيرها بوصفها تحالفا مناهضا للغرب.

ما من صيغة واضحة لما يشكل عضوا مثاليا في بريكس، كما أنه ما من مسار واضح لهذه الدول الأعضاء لرسم أي شكل من أشكال التنسيق. ولا تزال التقييمات السلبية لبريكس باعتبارها نمرا من ورق أو بيتا من ورق شائعة في عام 2024 شيوعها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وعقد العشرينيات منه عندما لم يكن لدى المجموعة مؤسساتها متعددة الأطراف صينية القيادة وعندما لم يكن لها القدر نفسه من النفوذ الاقتصادي. وفي حين أن بعض اللاعبين من قبيل نيودلهي وبرازيليا وأنقرة يتحوطون ضد عدم اليقين لكسب المزيد من القوة التفاوضية مع واشنطن، يزعم آخرون أن أعضاء جددا من أمثال مصر وإثيوبيا يعملون ببساطة على تعميق العلاقات مع الأعضاء غير الغربيين، خلافا لروسيا أو إيران. وإدخال ترامب في المعادلة على رأس كتلة مجموعة السبع لا يشير بداهة إلى أي تشديد للتحالف داخل مجموعة بريكس. ومع ذلك، فإنه قد يؤدي إلى تسريع القضايا المشتركة بشأن مخاوف من قبيل التعاون المناخي والحكم المالي لصالح الدول الأعضاء التي تخضع بالفعل لعقوبات شديدة.

ريمون تنوير حسين باحث مساعد في برنامج معهد الشرق الأوسط للتكنولوجيا الاستراتيجية والأمن السيبراني.

عن ذي ناشونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة دول مجموعة بریکس مجموعة السبع فی حین أن من قبیل

إقرأ أيضاً:

22 ديسمبر.. حسم الصراع على رئاسة غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات

لا صوت يعلو فى غرفة الصناعات المعدنية  باتحاد الصناعات  حالياً فوق صوت إنتخاب الرئيس الجديد والوكيلين بعد الإنتخابات التى  كانت قد جرت فى التاسع والعشرين من أكتوبر الماضى وأسفرت عن فوز" 12 " بعضوية مجلس إدارة الغرفة ،ثم قام وزير الصناعة والنقل بعد ذلك بتعيين ثلاثة أعضاءجدد فى الغرفة ليصبح عدد أعضاء  مجلس الإدارة  لدورة 2025 /2029 نحو 15  عضواً .
تحدد يوم 22 ديسمبر الحالى لإنتخاب الرئيس الجديد للغرفة والوكيلين بحضور مستشار مجلس الدولة والمدير العام للإتحاد خالد عبد العظيم ومدير الغرفة . تعقد جلسة التصويت بمقر الغرفة بالإتحاد بحضور كل أعضاء مجلس الإدارة المنتخب والمعين .
يترأس الجلسة أكبر الأعضاء سناً .وتشمل قائمة مجلس الإدارة الجديد ، المهندس علاء ابو الخير "من مجموعة حديد عز " ،والمهندس حسن المراكبى رئيس مجلس إدارة مجموعة المراكبى للصناعات المعدنية ،والمهندس  عمرو قنديل رئيس مجلس إدارة شركة قنديل للمسطحات والجلفنة ، وشريف عياد العضو المنتدب لشركة ميتاد حلوان  ،وهولاء الأربعه  يمثلون المستوى الأول وفقا لحجم رأس المال المستثمر والذى يقل عن 200 مليون جنيه  . أم المستوى الثانى الذى يتراوح رأسمالهم المستثمر بين 50 و150 مليون جنيه فيمثله " 4 " أعضاء ممن فازوا فى الإنتخابات وهم ، جمال الجارحى رئيس مجلس إدارة مجموعة الجارحى ،طارق الجيوشى رئيس مجلس إدارة شركة الجيوشى للصلب ،على رضوان صاحب مصانع رضوان بالعامرية بالأسكندرية ،خالد عبد الله ويعمل فى صناعة الألومنيوم .
أما الأربعه الآخرون الذين فازوا فى الإنتخابات ويمثلون المستوى الثالث من حيث حجم الإستثمارات حيث تصل إستثماراتهم لنحو 50 مليون جنيها فهم ،إيهاب وصفى " مصنوعات ذهبية " ،عمر عبد العزيز "مسابك "، رأفت قطب "مسابك " ،أحمد رضوان "مسابك " .أما الثلاثة الذين شملهم قرار وزير الصناعة بالتعيين  فهم ، المهندس محمد السعداوى رئيس القابضة المعدنية ،واللواء محمود فكرى "من السويس للصلب " ،والمهندس عمرو لبيب "من مجموعة السويدى " .
علمت "الوفد " أن مقعد رئيس الغرفة شبه  محسوماً لصالح المهندس علاء ابو الخير  نائب رئيس مجموعة حديد عز نظراً  لدماثة أخلاقه فى المقام الأول ،بالإضافة إلى الكفاءة الكبيرة والخبرات العريضة التى يتمتع بها فى إدارة مصانع  الصلب العملاقة  ، وقد يكون  جمال الجارحى الذى لم  يحصل على أى منصب بالغرفة من عام 2019 سوى  دخوله عضوا بمجلس الإدارة  للدورة الجديدة  "2025- 2029 "  بعد نجاحه فى الإنتخابات  التى جرت فى أكتوبر الماضى  واحداً  من الوكيلين الجديدين للغرفة  اللذان سيتم التصويت عليهما  .

يذكر أن رئيس إتحاد الصناعات كان قد أعلن  فى الخامس عشر من أغسطس الماضى عن فتح باب الترشح لعضوية مجالس إدارات الغرف الصناعية للدورة 2025 – 2029  لمدة 15 يوما ، وبعد غلق باب الترشيح بدأت الإتخابات  إعتبارا من يوم  15 أكتوبر فى  21 غرفة  صناعية هى ،الحبوب ومنتجاتها ، الصناعات النسيجية ،مواد البناء ،الحرف اليدوية ،التطوير العقارى ،منتجات الأخشاب والأثاث ،صناعة السينما ،الصناعات الكيماوية ،دباغة الجلود ، الدعاية والإعلان ،الصناعات المعدنية ، غرفة مقدمى خدمات الرعاية الصحية ، الصناعات الغذائية ، الصناعات الهندسية ، الملابس الجاهزة ، صناعة الجلود ، تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات ، البترول والتعدين ،الطباعة والتغليف ،الأدوية ومستحضرات التجميل ،تطوير وإستصلاح الأراضى الصحراوية .

مقالات مشابهة

  • وزير الذكاء الاصطناعي الكندي يفتتح اجتماعات مجموعة السبع ويعلن اتفاقيات رقمية جديدة
  • 22 ديسمبر.. حسم الصراع على رئاسة غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات
  • المحكمة الإدارية العليا تحدد مصير 257 طعن على نتيجة انتخابات المرحلة الثانية للنواب اليوم
  • وزير الاتصالات يعتمد تشكيل مجلس إدارة البريد
  • أمريكا تعلن خفض تمويل أوكرانيا
  • واشنطن تدفع نحو إشراك تركيا ضمن القوة الدولية في غزة..والاحتلال يرفض
  • مسؤول أمريكي يكشف لـCNN عدد التأشيرات التي ألغتها إدارة ترامب والأسباب
  • ترامب يحذر الدول التي تغرق الولايات المتحدة بالأرز الرخيص
  • علامات استفهام.. مصير غامص لـ 4 نجوم بـ الأهلي في ميركاتو الشتاء
  • ترامب يعلن «القوة القصوى» ضد فنزويلا ويحرك حاملة طائرات وآلاف الجنود