جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-25@15:48:34 GMT

الهاربون من نعيم الوطن إلى فخ اللجوء

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

الهاربون من نعيم الوطن إلى فخ اللجوء

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

خلال الأسبوع الماضي تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطعًا مرئيًا لأحد الناجين من فخ اللجوء، وخلال هذا المقطع تحدث عمّا لقيه من عذاب، بمعناه الحرفي لهذه الأكذوبة التي يُروِّج لها المخادعون والخونة والمرتزقة، الذين جُنِّدوا من أجل ذلك، وباعوا أنفسهم لمن يتربص بأوطانهم. ومن المؤسف أن هناك من يعتقدون أنَّ اللجوء سوف يكون ملاذًا لهم وجنة يجدون فيها كل ما يتمنوه، وكل ما يظنون خطأً أنهم حُرموا منه في أوطانهم من حرية وديمقراطية وانفتاح وعمل وثراء وحياة أفضل وكل ما يحلمون به، أو ما شاهدوه في أفلام سينمائية أو سمعوه من قصص خيالية وروايات، ولكن الواقع يصدمهم عندما تتلاشى أوهامهم، ويصبح كل ما ظنوا أنه نعيمًا مجرد خيوط وهن تمسكوا بها فهوت بهم إلى رحلة الندم والضياع والمعاناة.

قصص كثيرة نسمعها عن الهاربين من نعيم أوطانهم إلى جحيم اللجوء في بلاد غريبة عنهم ومجتمعات لا تشبه مجتمعاتهم، توقعوا أن يجدوا فيها الحياة الكريمة والعيش الرغيد، وبدلًا من ذلك لم يجدوا إلا الاستغلال والغربة والوقوع في شباك الغواية وأصبحوا رهن خيارات محدودة لا يملكون تقرير مصيرهم، باعوا أنفسهم وأوطانهم لمن يتربص بها، فإما السمع والطاعة لمن بيده أمرهم أو محاولة الرجوع إلى الوطن الذي أساءوا إليه ولم يراعوا فضله عليهم، ولذلك تجد كثيراً منهم يكيل الشتم والذم والتشفّي لوطنه ورموزه ويتطاول عليه بلا خجل أو وجل، وانتهى الحال بالعديد منهم إلى الانتحار أو محاولة الانتحار، بعدما وصل إلى مرحلة الاكتئاب نتيجة الصراع النفسي الذي عانى منه.

قضية اللجوء التي بتنا نسمع عنها ونشاهد عيِّنات ممن غُرِّر بهم يُقبلون على هذه الخطوة دون وعي أو تفكير عميق أو حتى بحث حقيقي منهم قبل الإقدام عليها، وهنا يجب أن يُدرك الجميع أنَّ اللجوء نظَّمه القانون الدولي في معاهدة جنيف للاجئين 1951 وبرتوكولها في عام 1967 وقبلهما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948، وقد عَرَّفت هذه الاتفاقيات والقوانين من هو اللاجئ، وما يترتب عليه من حقوق وواجبات، ومتى يكون الفرد لاجئًا وما التزامات الدولة المُستقبِلة تجاه طالبي اللجوء. والعملية ليست بكل تلك السهولة التي يظنها البعض، وأن مجرد طلبه للجوء فإنه سوف يجد الأذرع مفتوحة تستقبله بكل راحة وبدون أدنى إجراءات.

الوضع الذي يواجه اللاجئ من لحظة طلب اللجوء إلى الحصول عليه هو وضع مُعقد جدًا، من حيث مكان السكن والمعاملة والإثباتات التي يجب أن يقدمها للبلد اللاجئ إليه، وعليه أن يبرهن استحقاقه للجوء وفق الشروط التي حددها القانون الدولي الخاص باللجوء، والذي عرَّف اللاجئ بأنه هو الشخص الذي أُجبر على الفرار من بلده بسبب الاضطهاد أو الحرب أو العنف. وأن يكون لديه خوف من الاضطهاد لأسباب تتعلق بالعِرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي أو العضوية في فئة اجتماعية مُعينة، ولا يشمل التعريف مجرد الخوف من كل ما ذكر في التعريف إذ يجب أن يكون ذلك واقعًا مُثبتًا.

بعد ذلك يأتي دور الدولة المستقبلة التي تقع عليها واجبات ضمن الاتفاقيات المذكورة سابقًا، ولكن علينا أن ندرك أنه لا توجد دولة مُستعدة لقبول لاجئين بشكل مُطلق ومُريح للغاية، فمشكلة اللاجئين تمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول خاصة مع انتشار الصراعات الدولية في مناطق مختلفة من العالم، لذلك عقَّدت كثير من الدول إجراءات قبول اللاجئين، وخاصة فيما يتعلق بالسكن والإيواء والغذاء؛ حيث خصَّصت مخيمات اللجوء التي تفتقر لكثير من الخدمات، خاصة في تلك الدول التي باتت هدفًا للنازحين من مناطق الصراع أو حتى الباحثين عن الهجرة من أوطانهم، وقد يكون هذا الواقع الذي يصادفه اللاجئ الحالم بعالم وردي هو أول الصدمات التي يتلقاها في طريق الهروب من وطنه.

هذا جزءٌ يسير مِمَّا ينتظر اللاجئ الذي سوف يخضع لاحقًا لسلسلة طويلة من الإجراءات التي عليه أن يثبتها وأن يقدم الكثير من الإثباتات التي تؤكد تعرضه للاضطهاد بناء على عرقه أو دينه أو جنسه أو آرائه السياسية أو انتمائه لجماعة، لذلك يلجأ الكثير من طالبي اللجوء إلى إيهام الدول المستقبلة بأنهم يتعرضون لكل ذلك، خاصة الجانب السياسي من خلال المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي واستغلالها في الترويج لادعاءاتهم، معتقدين أن ذلك سوف يؤثر في سبيل حصولهم على اللجوء، ولكن للأسف يدركون متأخرين أن ملفات اللجوء لا تعامل بهذه الطريقة السطحية، وإنما هناك سلسلة طويلة جدًا من التحقيقات والبحث والتحري والتدقيق والتواصل مع المنظمات الدولية والدول فيما بينها، وهذا أمر بديهي يجب أن يدركه الناس قبل أن يفكر أي فرد في الدخول إلى هذا النفق المظلم.

اللجوء ليس سيئًا بالمُطلق فقد يكون ملاذًا حقيقيًا للمُضطهدين والمُحارَبين في أوطانهم وهو السبيل الوحيد أمام الفارين من مناطق الصراع والبلدان التي تجتاحها فتن الطائفية والقبلية والعنصرية والاضطرابات السياسية وسياسات القمع والعنف ضد الآراء والأفكار، أما بخلاف ذلك فهو الحمق بعينه والغباء الذي يقود صاحبه إلى التهلكة الحقيقية، ولذلك يعجب المرء عندما يجد من يترك بلدًا مثل بلدنا ينعم اهلها بالأمن والأمان والاستقرار وسط مجتمع مُتكافل مُتراحم مُحافظ على قيم ومبادئ الدين الحنيف ويُراعي أفراده تعاليم الإسلام ويتحلوا بالأخلاق الحسنة والخصال الحميدة، ويعيش الناس بين حريص على القيم ومتسامح مع الآخرين ومتعايش مع الاختلاف ومُتقبِّل للرأي.

هذا الوطن الذي لم يُسجَّل في سجونه مُعارِضًا سياسيًا ولم يخرج من ابنائه من ينادي بالطائفية، ولم يكن يومًا مُصادِرًا للفكر والرأي عندما يُطرح في سياقه الصحيح الهادف، وعندما يُقال في موضعه دون تطاول وبذاءة واتهام وتجنٍ، هذا الوطن الذي عرفت قيادته بالحكمة والصفح منذ أول يوم أُطلقت فيه عبارة "عفا الله عمَّا سلف" إلى يوم قيل "إننا سوف نرتسم خطى السلطان الراحل"، كان التسامح مبدأً، والعفو عن مقدرةٍ منهجًا، والتعامل بالتي هي أحسن نبراسًا؛ فكانت علاقة القيادة بالشعب علاقة الوالد بأبنائه الذين يُخطئون ليتحملهم ويصفح عنهم ويأخذ بأيديهم إلى طريق الصواب، فهل مثل هذا الوطن يُترك ويُعق ويُشتم، ويخرج من ذي لب وعقل وقلب سليم؟ وهل مثل هذه القيادة الرشيدة تُقابل بالنكران والجحود؟ فهل من مُعتبر؟!

أن تُغرف نفسك في الديون والقضايا، وأن تتورط في حقوق العباد، وأن تخسر تجارتك وأملاكك فهذا أمر وارد جدًا ويحصل في كل مكان وزمان، ولكن أن تفقد القيم والاخلاق والمروة وترمي كل أخطائك على الوطن وتتحول لشخص ناقم يُسيء إلى وطنه من خارج الحدود وتدعو أبناءه إلى سلوك مسلكك، وأنت تعلم علم اليقين أن ما وقع بك هو نتيجة أخطائك، فهذا هو الحمق بعينه.

أن تُسيء لرموز الوطن وترمي التهم جزافًا لكل من لا يروق لك، وانت تعلم علم اليقين أن هذا مُخالف للنظام الأساسي للدولة والقوانين والأنظمة، ومخالف لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف وقيم المجتمع، وعندما تُحاسب باسم القانون تخرج للعالم لتُصوِّر نفسك مُضطهدًا ومظلومًا وتظن أن اللجوء هو بوابة الفرج والخلاص؛ فهذا هو الجحود ودناءة الخُلق التي لا يتقبلها ابناء هذا الوطن العزيز.

تحيةً لأولئك الذين وضعوا الوطن في قلوبهم حيثما كانوا، الذين تحمَّلوا شظف العيش وعندما تعرض الوطن لأزمة وشِدة تذكروا خير الوطن عليهم وما قدمه لهم؛ فصبروا وكانوا السند والحارس الأمين.. تحية لأولئك الذين خرجوا من الوطن بحثًا عن الرزق فكانوا خير رُسل.. تحية للأبلاء والأجداد الذين علَّمونا أن الوطن لا يُقدَّر بثمنٍ ولا يُساوم عليه بسعرٍ.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: الذين سوف يُقتلون قريباً من هم؟

الذين سوف يُقتلون قريباً من هم؟

آخر الليل
إسحق أحمد فضل الله
الأحد/١٠/يناير/٢٠٢١
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنذ أوائل أيام الإنقاذ سلسلة الموت الطبيعي جداً … تنطلق
طائرة أبو قصيصة أول من صنع السلام
طائرة قرنق بعد أن وصل إلى السلام
طائرة المجلد نصف قادة الرتب العليا
طائرة الزبير بعد أن نجح في صناعة الثقة تمهيداً للحوار
طائرة … طائرة … طائرة …
ومرحلة أخرى للمدنيين … والموت بطريقة طبيعية جداً
ونسي … وعبد الوهاب عثمان و مدير الصافات وأحمد الإمام. و … و …
ومدير الصافات الذي يجعل السودان يصنع طائرة متقدِّمة جداً يموت موتاً طبيعياً جداً في حادث حركة مع أن الطريق كان خالياً
وأحمد عثمان مكي العبقري الذي كان يُرشَّح لخلافة الترابي يموت موتاً طبيعياً في حادث حركة وكل أوراقه تختفي
وعبد الوهاب عثمان عبقري الإقتصاد الذي كان إستخراج البترول جزءاً من عبقريته يموت فجأة موتاً طبيعياً (عثمان من فرائده أنه كان في جلسة محادثات مع وفد صندوق النقد والجلسة تطول والرجل يرفض أن يُسلِّم للوفد بمطالب الصندوق التي دمَّرت كل بلد وافق عليها عثمان يطيل الأجتماع لأنه يعرف ما سوف يقع
وما ينتظره يقع
والوفد الألماني يتحول أعضاؤه إلى بعضهم ويتحدَّثون بالألمانية ويقولون نعرض عليه كذا وكذا …
وعندما ينتهي حديثهم ويتَّجِهون إليه ليُقدِّموا عرضهم الرجل الشايقي المشلخ يقول لهم بصوت خفيض
_ _ أنا أقبل بالعرض الثاني …
نظروا إليه في ذهول ثم إنفجروا في ضحك عنيف
عثمان كان يقول جملته الأخيرة باللغة الألمانية التي يجيدها تماماً
وشخصيات مميزة جداً ومثقفة جداً كانت هي من يقود من تحت الأرض
ومنها ( أ …. س ) المليونير الذي لما كان الحصار يخنق البلد كان هو من يأتي للبلد بكل ما يجعل الجنيه يبقى ثابتاً
والعالم يدق رأسه بالحيط يسأل …. كيف تظل الإنقاذ على سيقانها رغم كل الضربات
والرجل يموت فجأة موتاً طبيعياً
ومن الشخصيات كان هناك الكنزي
والكنزي الذي كان هو الصلة بين الدولة والعالم يموت فجأة في مكتبه بصورة طبيعية بمسدس يجعل ضربات القلب تنخفض ثم تتوقف
…………..
والأسابيع الماضية حتى العامة يلاحظون أن الكورونا لا تقتل إلا الشخصيات القيادية المثقفة الإسلامية
وأيام سقوط الطائرات كانت سلسلة السقوط تصلح لأمرين إثنين
تصلح لإبعاد القادة الذين يستطيعون الوقوف في وجه مخطط غسل السودان من كل الكفاءات
ويصلح لإتهام قادة الدولة المسلمة بأنهم يغتالون بعضهم
…………
وقبل أعوام ثلاثة نُحدِّث عن أن أمريكا التي تبحث عن بديل البشير تعرض رئاسة السودان على نافع وعلي عثمان وقوش … وكلهم يرفض
والأجواء لعلها هي التي تجعل قوش يعد نفسة للرئاسة
ويشرع في الإعداد بأسلوب جديد
الأسلوب الذي يبدأ بإبعاد كل من يمكن أن يقف في طريق قوش
والبشير يبعد قوش بعد حادثة هجوم خليل
( هل كان يعقل أن جيشاً من ثلاثة آلاف مقاتل بعرباته وغبارها الهائل يقطع آلاف الأميال في الصحراء حتى العاصمة دون أن تشعر به المخابرات ) ؟؟؟
والسؤال هذا كان يحول قوش من مدير لجهاز الأمن إلى (مستشار) أمني للبشير
وقوش من خلف سلسلة طويلة لا نريدها كان ينسج خيوطه حتى قحت
مراحل إذن … مراحل يركب بعضها بعضاً في طريق هدم السودان والإسلام
والمراحل ما فيها هو أن كل أحد يخدع غيره ويخدعه غيره
وزحام المخادعات نقص بعضه أمس
المشهد الأخير في المسرحية كان هو
القراي وجذب عيون الناس بعيداً عن الإتفاق مع إسرائيل …
والمسرحية فصلها القادم تحت قيادة الماسونية هو
× الإغتيالات …..
وسلسلة من الإغتيالات يقول كل شيء أنها سوف تقع
عندها ما يكتمل هو
كل الشخصيات التي يمكن أن تقف ضد مشروع الهدم …… يجري التخلص منها … ثم ؟
ثم الشيوعي يجد الشاهد الأعظم على أن كل أجهزة المخابرات التي تعمل الآن ( جيش وشرطة وأمن) كلها أجهزة عاجزة فاشلة
عندها الأجهزة هذه يجري حلّها و إستبدالها بجهاز أمن شيوعي يضع البلد بكاملها في كف الحزب الشيوعي
ثم مرحلة بعدها قادمة لا نستطيع الحديث عنها ..

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حنكش عن كلام الشيخ نعيم: منفصل عن الواقع!
  • هل ننتظر أن تُهدى الوزارة جائزة جديدة لا يعرف المواطن قيمتها، بينما يمشي فوق أرصفة متهالكة؟ هل نحتاج إلى لجنة دولية تذكّرنا بأن شارع الملك عبد الله الثاني يجب أن يُزيَّن لا أن يُنسى؟! نعم، شارع الملك عبد الله الثاني لا بد أن يكون: ممرًا أخضرًا بالأشجار وا
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: الذين سوف يُقتلون قريباً من هم؟
  • سيناريوهات عبور الهلال لربع نهائي مونديال الأندية
  • ناجي من منطقة المثلث الحدودية يروي لنا معاناة النازحون الهاربون من جحيم الجنجويد
  • اللواء عادل العمدة: اللجوء إلى إغلاق مضيق هرمز يؤثر على حركة التجارة
  • الشيخ نعيم قاسم: إيران ستنتصر وتهديد ترامب باغتيال السيد الخامنئي عملاً دنيئاً
  • نعيم قاسم: إيران ستنتصر لأنها صاحبة حق
  • نقيب المحامين: الرسوم القضائية تمس حق المواطن في اللجوء لقاضيه الطبيعي
  • محافظ دمشق السيد ماهر مروان: نتابع بقلق واستنكار شديدين التفجير الإرهابي الجبان الذي استهدف كنيسة مار إلياس بمنطقة الدويلعة في دمشق مخلفاً خسائر في الأرواح والممتلكات مما يُعدّ اعتداء صارخاً على أمن المواطنين وسلامة الوطن