لماذا اتهمت واشنطن الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية ولم تتهم إسرائيل؟
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
يقول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بايدن -بحسب تقرير لموقع الجزيرة الإنجليزية- إن حكومة بلاده قررت أن قوات الدعم السريع السودانية والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت إبادة جماعية في حربها ضد القوات المسلحة السودانية التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023.
وأشار بلينكن إلى أن 638 ألف سوداني يعانون من أسوأ مجاعة في تاريخ السودان الحديث، وأكثر من 30 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وعشرات الآلاف من القتلى، معتبرة ذلك أسبابا سوّغت اتخاذ هذا القرار.
وفي حين استخدم بلينكن عبارات لاذعة في انتقاده قوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" واصلت الإدارة الأميركية الدفاع عن حليفتها إسرائيل وقائدها بنيامين نتنياهو ضد اتهامات مماثلة بالإبادة الجماعية.
أليس تعريف الإبادة الجماعية متفقا عليه عالميا؟بلى، الأمر كذلك.
وبحسب تعريف اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، فإن الإبادة الجماعية هي الأفعال التي تهدف إلى "التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو عنصرية أو دينية".
وبموجب الاتفاقية نفسها، فإن هذه الأفعال تشمل قتل أفراد المجموعة، والتسبب في أذى بدني أو عقلي خطير لهم، وتعمد إخضاع الجماعة لظروف معيشية يراد بها إهلاكها المادي كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب داخل الجماعة ونقل أطفالها عنوة إلى جماعة أخرى.
لكن بلينكن لم يشر إلى اتفاقية الإبادة الجماعية.
لماذا لم تستخدم الولايات المتحدة هذه الاتفاقية؟هذا الأمر غير واضح، طبقا لتقرير موقع الجزيرة الإنجليزية.
إعلانلقد أشار بلينكن إلى العديد من الدلالات على الطبيعة "العرقية" لما وصفه بالقتل المنهجي للرجال والصبيان، بما في ذلك الأطفال الرضع.
كما ذكر أيضا أن قوات الدعم السريع "استهدفت عمدا النساء والفتيات من مجموعات عرقية بعينها للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي" وهي كلها أفعال اتهمت جماعات حقوقية وجهات دولية إسرائيل بها في مناسبات عديدة.
ثم إن الاغتصاب والعنف الجنسي، اللذين أشار إليهما بلينكن، على أنها أسباب لاستنتاج أن قوات الدعم السريع ترتكب إبادة جماعية، هي ذاتها التي جرى توثيقها مرارا وتكرارا باعتبارها أسلحة تستخدمها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
ألم تقل الولايات المتحدة إن إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية؟بلى.
فحتى الآن، اتهمت العديد من المنظمات الحقوقية والجهات الدولية الفاعلة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي وإبادة جماعية، بينما دافعت الولايات المتحدة باستمرار عن حليفتها.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وصف الرئيس الأميركي جو بايدن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بأنه قرار "شائن".
وقد انتقدت الولايات المتحدة بالقدر نفسه -وبعبارات شديدة اللهجة- الإجراءات الدولية الأخرى التي تهدف إلى وقف الهجوم الإسرائيلي على غزة.
وكانت جنوب أفريقيا قد رفعت دعوى -في ديسمبر/كانون الأول 2023- أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل لارتكابها إبادة جماعية في غزة، وانضمت إليها منذ ذلك الحين أكثر من 10 دول أخرى.
وقد ادعى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي -في يناير/كانون الثاني- أن تلك القضية "لا أساس لها على الإطلاق".
وحاولت الولايات المتحدة رفض النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية التي قالت في ديسمبر/كانون الأول إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، لتنضم بذلك إلى العديد من المنظمات الحقوقية الأخرى التي قالت الشيء نفسه.
إعلان ما مدى شمولية الأدلة التي ترفضها الولايات المتحدة؟كثيرة جدا.
بالإضافة إلى أكثر من 45 ألفا و936 شخصا قتلتهم إسرائيل في غزة، هناك العديد من الروايات عن التطهير العرقي، واستخدام التجويع كسلاح حرب، فضلا عن التعذيب المنهجي والاعتداء الجنسي والاغتصاب للفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت الولايات المتحدة "إنذارا نهائيا" لإسرائيل لمدة 30 يوما بأن عليها أن تفعل المزيد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة التي كانت تتضور جوعا في ظل القصف الإسرائيلي.
وبعد مرور شهر، وبينما كانت المجاعة وشيكة شمال غزة نتيجة "الحصار داخل الحصار" الإسرائيلي واستمرارها في منع المساعدات، اختار الوزير بلينكن ألا يفعل شيئا مما ورد في إنذاره لإسرائيل.
ومع ذلك، فقد أقرت إدارته بأن القليل من شروط الإنذار النهائي لزيادة المساعدات قد تم الوفاء بها، هذا إن وجدت.
ماذا فعلت الولايات المتحدة أيضا؟أواخر ديسمبر/كانون الأول، ذهبت الولايات المتحدة إلى أبعد من ذلك، حيث ورد أنها أمرت بسحب تقرير خلص إلى أن الحصار الإسرائيلي على شمال غزة أدى إلى المجاعة التي طالما حذرت منها وكالات الإغاثة.
بينما وجدت السلطات الإسرائيلية نفسها، في يوليو/تموز، سببا للتحقيق مع 10 جنود متورطين في اغتصاب جماعي لأسرى فلسطينيين في المعتقلات.
ومع ذلك، اكتفت الولايات المتحدة على ما يبدو بإلإعراب عن "القلق" من تصرفات إسرائيل، واستخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع الدعوات لوقف إطلاق النار 4 مرات، ولم تتخذ أي إجراء ضد حليفتها.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت الإدارة الأميركية الحالية عن خطط لبيع أسلحة إضافية بقيمة 8 مليارات دولار لإسرائيل، ليتوج بها الرئيس بايدن ولايته التي أوشكت على الانتهاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات قوات الدعم السریع الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة إبادة جماعیة العدید من
إقرأ أيضاً:
فرض عقوبات على قادة الدعم السريع السوداني
صراحة نيوز-أعلنت بريطانيا عقوبات على قادة قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية، المتهمين بارتكاب عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي، وهجمات متعمّدة ضد المدنيين في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان.
أكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر أن “الجرائم الشنيعة… لا يمكن أن تمرّ من دون عقاب”.
أُعلن عن العقوبات يوم الخميس، واستهدفت أربع شخصيات بارزة ضمن قوات الدعم السريع، من بينهم عبد الرحيم دقلو، نائب قائد القوات وشقيق قائدها محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.
وبموجب هذه العقوبات، تواجه الشخصيات الأربعة تجميد أصولها وحظر سفر دولي.
أوضح مسؤولون بريطانيون أن صور الأقمار الصناعية من الفاشر تكشف عن تجمّعات لجثث، وأرضٍ مخضّبة بالدماء، ومقابر جماعية يُشتبه في وجودها، في إطار ما وصفته المملكة المتحدة بأنه “حملة ممنهجة لبث الرعب والسيطرة على المدينة عبر الإرهاب”.
اعتبرت إيفيت كوبر أن الفظائع في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”، متهمة قوات الدعم السريع بعمليات إعدام جماعية، واستخدام التجويع كسلاح، والاغتصاب الممنهج كأداة حرب مخططة مسبقًا.
أكدت وزيرة الخارجية أن العقوبات تستهدف بشكل مباشر أولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء، بينما ستقدّم حزمة المساعدات المعزّزة دعمًا إنسانيًا منقذًا للحياة للمتضررين.
تعهدت كوبر بأن “المملكة المتحدة لن تدير ظهرها، وستظل دائمًا إلى جانب الشعب السوداني”.
إلى جانب العقوبات، أعلنت المملكة المتحدة عن تقديم 21 مليون جنيه إسترليني إضافية كمساعدات إنسانية للمجتمعات المتضررة من النزاع، لتوفير الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية وحماية النساء والأطفال.
وستدعم هذه الحزمة الجديدة نحو 150 ألف شخص من خلال الرعاية الطبية والمأوى، بالإضافة إلى الحفاظ على قدرة المستشفيات على تقديم الخدمات.
يرتفع بذلك إجمالي الدعم الإنساني البريطاني للسودان هذا العام إلى 146 مليون جنيه إسترليني، وسط تدهور الوضع الإنساني الذي يعتبر الأسوأ في العالم، مع حاجة حوالي 30 مليون شخص للمساعدة، وتشريد 12 مليون داخليًا، وفرار نحو خمسة ملايين إلى دول الجوار.
عززت لندن ضغوطها الدبلوماسية خلال الأشهر الماضية، إذ اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني قرارًا تقوده المملكة المتحدة للتحقيق العاجل في فظائع الفاشر.
قدمت المملكة المتحدة أيضًا دعمًا فنيًا لآليات العدالة الدولية، واستثمرت 1.5 مليون جنيه إسترليني في مشروع “سودان ويتنس” لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإغاثي.
وأشار مسؤولون إلى أن عقوبات إضافية قيد الدراسة ضمن جهود إنهاء الإفلات من العقاب.
حثّت الحكومة البريطانية جميع أطراف النزاع، بما في ذلك قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، على السماح بوصول غير مقيد للعاملين في مجال الإغاثة وضمان سلامة المدنيين المحاصرين.
القادة المستهدفون بالعقوبات هم:
عبد الرحيم حمدان دقلو: نائب قائد قوات الدعم السريع وشقيق “حميدتي”، متهم بالقتل الجماعي، الإعدامات العرقية، العنف الجنسي، الاختطاف، والهجمات على مرافق صحية.
جدّو حمدان أحمد: قائد قوات الدعم السريع في شمال دارفور، متهم بعمليات قتل جماعي، العنف الجنسي، والاختطاف.
الفاتح عبد الله إدريس: عميد في قوات الدعم السريع، متهم بالإشراف على أعمال عنف ضد المدنيين على أساس إثني وديني.
تيجاني إبراهيم موسى محمد: قائد ميداني في الدعم السريع، متهم بالاستهداف المتعمد للمدنيين في الفاشر.