يمانيون../
في الوقت الذي تستمرُّ فيه وتيرةُ التصعيد اليمني ضد العدوّ الصهيوني بالتزايُدِ بشكل ثابت ضِمْنَ المرحلة الخامسة من عمليات الإسناد، وتتزايدُ معها وتيرةُ استهداف البحرية الأمريكية، في مشهدٍ يعكسُ سيطرةً واضحةً على مجريات كُـلّ مسارات المواجهة.

جاء الاعتداءُ المتزامِنُ الأولُ على اليمن، الجُمعة، من قِبَلِ ثلاثي معسكر الصهيونية (العدوّ الإسرائيلي، وأمريكا، وبريطانيا) ليبرز المزيد من دلائل فشل وعجز هذا الثلاثي على مستوى كُـلّ طرف فيه وعلى مستوى “التنسيق” بين تلك الأطراف، فعلى عكس صورة “الردع” المزيفة التي كان يأمل العدوّ أن يرسُمُها من خلال العدوان المتزامن والتهديدات التي رافقته، ظل واقع الانسداد السياسي والتكتيكي والعملياتي هو المتصدر لواجهة المشهد، بدءًا بتقييمات العدوان نفسه، وُصُـولًا إلى أصدائه في وسائل إعلامه ومراكز دراساته.

العدوانُ الذي أعلن العدوُّ الصهيوني أنه تم “تنسيقُه تكتيكيًّا” ليتم بشكل متزامن، لم يأتِ في الحقيقة بأي جديد على المستوى التكتيكي والعملياتي المتعلق بأهداف “الردع” التي يريد العدوّ تحقيقها والتي لا تزال على نفس القدر من الاستحالة، فالغارات استهدفت مجدّدًا منشآت خدمية مدنية يريد العدوّ أن يجعل من قصفها ورقة ابتزاز للشعب اليمني وهو مسعى وُلد ميتًا منذ البداية، وأما قصف دار الرئاسة ومحيط ميدان السبعين في صنعاء أثناء موعد الاحتشاد المليوني، فهو وإن مَثَّلَ “تصعيدًا” بحسب ما أكّـد المجلس السياسي الأعلى، فهو تصعيد على مسار ارتكاب الجرائم ضد الشعب اليمني، وليس على مسار إضعاف قدرته على مواصلة المعركة أَو التأثير على قرار قيادته، وهو تصعيد قد تم الرد عليه شعبيًّا بشكل صريح ومهين للغاية للعدو، من خلال التحدي الذي أعلنته الحشود المليونية في ميدان السبعين أثناء الغارات وبعدها، كما أكّـدت القيادة السياسية أنه سيتم الردُّ عليه عسكريًّا.

والحقيقةُ أن القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ قد تجاوزت أصلًا في سقفِ ومدى وكثافة عملياتها العسكرية مستوى العدوان وأفقدته حتى قيمته الاستعراضية مسبقًا، فالغارات العدوانية جاءت بعد ثلاث ضربات متلاحقة استهدفت “يافا” المحتلّة بثلاث طائرات مسيرة عجزت منظومات العدوّ عن اعتراضها، بالإضافة إلى استهداف مجموعة حاملة الطائرات (هاري ترومان) للمرة الرابعة على التوالي منذ وصولها قبل أسابيع قليلة، وهذه العمليات ترسم معادلة تميل كفتها العملياتية والتكتيكية بشكل واضح لصالح القوات المسلحة اليمنية، على مستوى امتلاك زمام المبادرة أولًا، ثم على مستوى امتلاك الخيارات المتنوعة والقدرة على مواكبة كُـلّ التحَرّكات العدوانية وضرب الأهداف الحساسة بما يؤثر على واقع العدوّ مباشرة، فمجموعة حاملة الطائرات (ترومان) قد اضطرت مجدّدًا للهروب من موقع تمركزها البعيد أصلًا شمالي البحر الأحمر، فيما كشف لجوءُ العدوّ الصهيوني إلى شن غاراته تزامنًا مع العدوان الأمريكي البريطاني عن فشل كبير في تجاوز العقبات العملياتية والاستخباراتية واللوجستية التي يواجهها في اليمن، ومحاولة تعويض ذلك الفشل باستعراضِ “التنسيق” الزماني مع الأمريكيين والبريطانيين.

وأكثرُ من ذلك، فقد كشف لجوءُ العدوّ الصهيوني إلى مزامنةِ عدوانه الجديد على اليمن مع العدوان الأمريكي البريطاني عن فشل سياسي أَيْـضًا في مساعي التحشيدِ الدولية والإقليمية التي يمارسُها العدوُّ منذ فترة بشكل معلَن؛ مِن أجلِ إشراك العالم والمنطقة في استهدافِ اليمن، حَيثُ بات واضحًا من خلالِ العدوان الثلاثي أن “إسرائيل” لم تجد سوى الأطراف المنخرطة مسبقًا في مساندتها ضد اليمن، وهو ما كان قد انعكس من خلال فضيحةٍ إعلامية مُنِيَ بها العدوُّ قبل أَيَّـام عندما حاولت وسائلُ إعلامه الترويجَ لشائعات بشأن تحضيرات مصرية مزعومة للتحَرّك ضد اليمن قبل أن تنفيَ مصر صحةَ تلك الشائعات تمامًا، وبالتالي فَــإنَّ مزامنةَ الاعتداءاتِ على اليمن للاستعراض بوجود “تحالف” ما، لا قيمةَ لها؛ لأَنَّ صنعاءَ تواجِهُ بالفعل هذا “التحالف” منذُ مدة، ومُجَـرّد مزامنة الغارات لا يغيِّرُ شيئًا من واقع الفشل والعجز المعلَن والمعترف به بشكل متكرّر من قِبَلِ كُـلّ طرف من أطراف هذا “التحالف” الصهيوني، وهذا ما أكّـدته بوضوح طبيعة أهداف العدوان الثلاثي.

الأصداءُ داخلَ جبهة العدوّ أثناء وقبل وبعد العدوان الثلاثي كانت هي أَيْـضًا تؤكّـدُ ذلك، حَيثُ أكّـدت وسائلُ الإعلام العبرية وجودَ حالة استنفار قُصوى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة؛ تحسُّبًا لضربات يمنية، وهو ما يُمَثِّلُ تأكيدًا واضحًا على إدراك العدوّ لحقيقة أن الاعتداءاتِ على اليمن “منسَّقةً” كانت أم متفرقة، لن تؤثرَ على قرارِ مواصلة وتصعيد عمليات الإسناد واستهداف العمق الصهيوني، وهو أَيْـضًا ما أكّـدته تحليلاتٌ عبرية جديدةٌ حاولت الالتفافَ على حقيقة “استحالة ردع اليمن” فقط لتعودَ إلى الاعتراف بها، حَيثُ كتب رئيس الاستخبارات العسكرية السابق في كيان العدوّ، ومدير منظمة “مايند إسرائيل” الاستشارية، عاموس يادلين، إن “الردع ضد الحوثيين ليس هدفًا نهائيًّا، وَإذَا اختارت “إسرائيل” تعريف الردع ووقف إطلاق النار كهدف، فلا بد أن يكون هذا مصحوبًا بجُهْدٍ طويلِ الأمد لإسقاط النظام تحتَ ضغوطٍ عسكرية واقتصادية وتنظيمية هائلة” حسب وصفه، معتبرًا أن “إهمال هذا الموضوع بعد تحقيق ردع مؤقَّت هو وصفةٌ لمفاجأة أُخرى من عدوٍّ أثبت بالفعل قدرتَه على المفاجأة”.

بعبارة أوضح، فَــإنَّ ما يقولُه “يادلين” هنا هو إنه لا يمكنُ ردعُ اليمن فقط بالضربات العسكرية مهما بلغ حجمها، وإنه هدف “الردع” الفعلي لن يتحقّق حتى إن توقفت العمليات اليمنية مؤقتًا، وهو إنجازٌ افتراضي أصلًا ولا يزال مستحيلَ التحقّق بدون وقف الإبادة الجماعية في غزة، الأمر الذي يعني أنه حتى بعد القفز على الواقع ومحاولة الهروب نحو وهم تحقيق “ردع مؤقت” في المستقبل، فَــإنَّ المشكلة ستبقى قائمة طالما لم يتم التخلص تمامًا من “النظام” في اليمن، وهو هدف أكثر استحالة قياسًا على استحالة تحقيق الردع المؤقت أولًا، وهو ما أكّـدته اقتراحاتُ “يادلين” التي تضمنت الاستعانةَ بحكومة المرتزِقة ومحاولة التغلب على “عقيدة” اليمنيين و”وعيهم” ومحاربة نشاطِهم الإعلامي، فهذه الاقتراحاتُ تذكّر بنفس المأزق الذي واجهته الولاياتُ المتحدة عندما بدأت عدوانها المباشِرَ على اليمن قبل عام كامل، حَيثُ تحدث المسؤولون الأمريكيون بصراحة عن الحاجة إلى ما وصفوه بـ “تحدي الرواية” اليمنية إعلاميًّا، وحاولوا عمليًّا تحريكَ المرتزِقة، بلا جدوى.

والحقيقةُ أن كُـلَّ ما تنشُرُه وسائلُ إعلام العدوّ حولَ كيفيةِ التعامل مع اليمن يمثِّلُ تكرارًا لانعكاساتِ المأزِق الأمريكي والبريطاني الذي لم يتغير منذ عام كامل، بل أصبح أسوأ، سواء من ناحية الافتقار إلى معلومات استخباراتية أَو الفشل في التحشيد الإقليمي والدولي والمحلي، وُصُـولًا إلى الفشل في كسب معركة “الرواية” الإعلامية؛ الأمر الذي يؤكّـد الانسداد المسبق لكل الآفاق التي يحاول محللو العدوّ ومراكز أبحاثه استكشافَها.

وفي هذا السياق أَيْـضًا فقد نشر مركَزُ “ستراتفور” الأمريكي الاستخباراتي تقييمًا مطوَّلًا لخيارات العدوّ الصهيوني في مواجهة الجبهة اليمنية، ووجد أن مساعيَ التصعيد العسكري وتحشيد الحلفاء الدوليين والإقليميين لن تواجهَ فقط العقبات العملياتية والاستخباراتية بل ستواجه مخاطرَ اشتعال حريق أوسعَ في المنطقة، خُصُوصًا إذَا تورطت دُوَلٌ خليجية أَو أطراف محلية، كما وجد المركَزُ أن سياسَةَ “الاغتيالات” التي لا ينفَكُّ قادةُ العدوّ الصهيوني عن التهديد بها، لن تؤتيَ إلا “نتائجَ عكسية” بحسب تعبير المركز، بما في ذلك تعزيز القوة السياسية الوطنية لصنعاء التي يأمل العدوّ تقويضَها من خلال هذه الاستراتيجية.

ووفقًا لكل ما سبق، فَــإنَّ لجوءَ العدوّ الصهيوني إلى مزامنة عدوانه على اليمن مع الاعتداءات الأمريكية البريطانية لا يمثل سوى تتويجٍ لواقع انعدام الخيارات العسكرية والسياسية وأوراق الضغط الفاعلة ضد جبهة الإسناد اليمنية، وهو واقع يتشاركُ فيه الصهاينةُ مع الأمريكيين والبريطانيين بحِصَصٍ متساويةٍ في العجز ومتفاوتة في الخسائر.

ضرار الطيب المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدوان الثلاثی على مستوى على الیمن من خلال ف ــإن

إقرأ أيضاً:

وقفات في أمانة العاصمة تنديدا بجرائم العدو الصهيوني

وجدد المشاركون في الوقفات، التفويض لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وأنهم رهن إشارته وعلى جهوزية كاملة لتنفيذ توجيهاته وخوض المعركة مع أعداء الله الأمريكان والصهاينة وأذنابهم وعملائهم حتى تحقيق النصر.

ورددوا شعارات الحرية والعزة والجهاد والاستنفار لمواجهة قوى الطغيان والاستكبار العالمي، والمؤكدة على الموقف الثابت في نصرة غزة والقضية الفلسطينية وقضايا الأمة.

واستنكر بيان صادر عن الوقفات، استمرار العدو الصهيوني في ارتكاب جرائمه ومجازره الوحشية بحق الشعب الفلسطيني ما أدى إلى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى ۷۰،۱۲5 شهيدا و۱۷۱،۰۱5 جريحا منذ العدوان على غزة.

وأشار إلى أن العدو الصهيوني يستمر في مفاقمة معاناة أهلنا في غزة العزة والضفة الغربية من خلال ممارساته الإجرامية المتمثلة بعرقلة دخول المساعدات، ونسف المباني وتعذيب وقتل الأسرى وغيرها من الجرائم المدعومة أمريكيا بشكل كامل والتي تعتبر نقضا لكل العهود ونكثا لكل الإتفاقيات.

وأوضح إنه وبالتزامن مع كل هذا يستمر العدو الصهيوني في ارتكاب الجرائم في لبنان واستباحة سوريا وتهديد مصر والأردن سعيا منه لفرض معادلة الاستباحة، كما تستمر أياديهم القذرة السعودية والإماراتية في العبث بوحدة الشعب اليمني والاستهداف للأراضي اليمنية في حضرموت والمحافظات المحتلة خدمة للأمريكي والاسرائيلي.

وجدد البيان التأكيد على ثبات موقف الشعب اليمني المساند والمناصر لغزة وحزب الله وشعوب الأمة العربية والإسلامية.

وأكد أن أبناء أمانة العاصمة على جهوزية كاملة واستعداد عالي لخوض جولة الصراع القادمة والحتمية مع أعداء الله الأمريكان والصهاينة وعملائهم المنافقين متى وجه السيد القائد بذلك.. مؤكدا أن التعبئة العامة مستمرة.

ودعا البيان قبائل اليمن الأبية إلى استمرار وقفاتها المسلحة والمؤثرة.. حاثا الجميع على الاستمرار بزخم أكبر في دخول دورات التعبئة العامة العسكرية، ودعم القوة الصاروخية والجوية والبحرية.

وأكد أن أمن واستقرار الجبهة الداخلية مسؤولية الجميع.. مشددة على أهمية العودة إلى الله والثقة به والاستجابة الكاملة لتوجيهاته بتوفير كل عوامل النصر والصمود المعنوية والمادية.

مقالات مشابهة

  • استشهاد طفلة فلسطينية بنيران جيش العدو الصهيوني جنوبي قطاع غزة
  • العدو الصهيوني يعتقل 6 فلسطينيين من قلقيلية و رام الله
  • “سد مارب”.. الإعجاز الهندسي الذي يثبت عظمة الهوية اليمنية في القرآن والتاريخ
  • طبيبتان فلسطينية وسورية في مواجهة اللوبي الصهيوني (بورتريه)
  • العدو الصهيوني يشن حملة اعتقالات واسعة في القدس و الضفة المحتلة
  • لليوم الـ 57 تواليا..العدو الصهيوني يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار في غزة
  • إعادة هندسة العدوان على اليمن
  • العدو الصهيوني يقتحم بلدات في الضفة الغربية
  • وقفات في أمانة العاصمة تنديدا بجرائم العدو الصهيوني
  • أبناء الحديدة يجددون دعمهم لفلسطين ولبنان ويدعون للنفير لمواجهة مخططات تمزيق اليمن