تشهد أسواق التداول العالمية تغيرات رئيسية في ظل التقدم التكنولوجي السريع، ومن أهمها ظهور العملات الرقمية التي أصبحت منافسة للعملات التقليدية في الأسواق المالية. وتعتبر البيتكوين المتصدرة الأولى للمشهد حيث بلغت قيمتها أمس الجمعة نحو 94 ألف دولار.

يأتي هذا، في حين تكثف البنوك المركزية في العديد من دول العالم جهودها لتطوير عملات رقمية يتم دعمها بضمانات حكومية، مما يمكّن من فتح آفاق جديدة، ومن أبرز هذه المحاولات ما تخطط له الولايات المتحدة، وروسيا والصين.

ونركز في هذا التقرير على تحليل البيانات السوقية لتوفير الرؤية الكاملة حول العملات الرقمية المتطورة والتركيز على البيتكوين بكونها العملة الأكثر تأثيرا على الأسواق المالية، بالإضافة إلى استعراض الدعم الذي تتمتع به من شخصيات بارزة مثل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مما يعزز من مكانتها في الاقتصاد العالمي.

مستقبل التداول

يعتقد الخبير الاقتصادي والمحلل المالي أحمد عقل أن العملات الرقمية من الممكن أن تكون من أبرز أدوات التداول في عام 2025، وقال إنه في ظل التسارع التكنولوجي من المتوقع أن يزداد الطلب على البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى، وأن تظهر عملات جديدة تؤدي إلى تغيرات جديدة في الأسواق.

إعلان

وأضاف -في تصريحات للجزيرة نت- أن انخفاض معدلات الفائدة الأميركية سيؤدي إلى تقليل الفجوة بين العوائد البنكية وفرص الاستثمار الأخرى، ويزيد من أهمية العملات الرقمية لدى المستثمرين الباحثين عن عوائد كبرى.

وتوقع عقل انخفاض الفائدة الأميركية إلى مستويات تتراوح بين 4% و3.75%، من 4.25% حاليا.

وأوضح عقل أن حجم سوق البيتكوين وصل إلى تريليوني دولار بنهاية عام 2024، مما يعكس تحولا كبيرا باتجاه تعزيزات سوق العملات الرقمية.

وقال عقل إن من العوامل الداعمة للبيتكوين انخفاض أسعار الفائدة والدعم الحكومي والتوترات الاقتصادية والجيوسياسية.

تحذير

في المقابل، حذّر الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية بجامعة السوربون كميل الساري، في تصريحات للجزيرة نت، من الاعتقاد أن البيتكوين ستكون العملة المستقبلية أو الوسيلة الأفضل لتحقيق الأرباح.

وأكد وجود خيارات أكثر أمانا، مثل الذهب بفضل تاريخه الطويل واستخداماته المتعددة في المجوهرات واحتياطات البنوك المركزية.

وحققت عملة بيتكوين (Bitcoin) عدة أرقام قياسية طوال عام 2024، وتجاوزت عتبة 100 ألف دولار لأول مرة، لتتصدر القطاع وسط ارتفاع أوسع للعملات المشفرة بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، حسبما ذكر موقع مجلة "فوربس" الأميركية.

لكن ارتفاعها التاريخي إلى 100 ألف دولار لم يكن الأداء الأفضل في السوق من قبل عملة مشفرة العام الماضي، وذلك بفضل العديد من العملات البديلة وعملات الميم (المتأثرة بإشارات مواقع التواصل الاجتماعي) التي ارتفعت بشكل كبير كذلك.

في الوقت نفسه، تحدث المحلل المالي أحمد عقل عن إمكانية ظهور عملات جديدة منافسة للبيتكوين بدعم من البنوك المركزية، مثل الدولار أو اليورو الرقميين، ومع ذلك، تظل البيتكوين أهم العملات الرقمية، لكنها تواجه تحديات في أن تكون الخيار الأول للاستثمار بسبب قلة عددها والارتفاع في أسعارها، مما يجعل المؤسسات الاستثمارية تحذر منها، ولا تعتمد عليها كخيار وحيد.

إعلان

ويرى عقل أن العملات المشفرة ستبقى جزءا مهما في الاستثمار، رغم اقتصار استخدامها على الأفراد بنسبة أعلى من المؤسسات الكبرى.

الفرص والمخاطر

يرى الخبير الاقتصادي كميل الساري أن البيتكوين تفتقر إلى أي حقيقة ذاتية، حيث تعتمد كامل قيمتها على المضاربات نتيجة التفاعل بين العرض والطلب، ويقول إن هناك العديد من متداولي البيتكوين يعتمدون على المضاربات لتحقيق المكاسب، مما يجعلها أكثر قربا للمقامرة منها إلى بيئة اقتصادية سليمة.

من جانبه، حذر عقل من المخاطر التي تواجه العملات المشفرة مثل اختراق الشبكات، التي قد تؤدي إلى خسائر كبيرة للمستثمرين.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، توقعت المحللة الفنية كاتي ستوكتون من شركة "فير ليد إستراتيجيز" -وفقا لتقرير من وكالة بلومبيرغ- أن تؤدي المخاطر إلى هبوط البيتكوين إلى نطاق سعري يتراوح بين 50 و52 ألف دولار.

سياسات الدول

تتسم دول الخليج العربي بالحذر تجاه العملات الرقمية، بسبب وجود بعض المخاوف الأمنية بالإضافة.

وبالنسبة للأردن والعراق فقد حذرا من مخاطرها مع إبداء الاهتمام بتقنيات البلوك شين. وفرضت كل من مصر والمغرب حظرا شديدا بسبب التخوف من عمليات غسيل الأموال مع وجود إشارات لإمكانية مراجعة هذا الحظر مستقبلا.

ويبقى عدم الوضوح والضعف في الرقابة والتشريعات متصدرا المشهد أمام تبني العملات الرقمية في المنطقة العربية.

وعن هذا، يقول كميل الساري إن الصين اتخذت موقفا شديدا تجاه البيتكوين، فرفضت الاعتراف بها، لأنها تشكل خطرا على اقتصادها ولا يخدم مصالحها التجارية العالمية.

أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد أشار الساري إلى أنه يشبه الموقف الصيني، لأنه يسعى لحماية عملته، اليورو، من مضاربات البيتكوين العشوائية، والتركيز على دور البنك المركزي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

من ناحية أخرى، ذكر الساري أن السلفادور اعترفت رسميا بالبيتكوين كعملة قانونية، إلا أن قرارها هذا ووجه بالعديد من الانتقادات، وذلك بسبب ضعف اقتصادها واعتماده المحدود.

إعلان

 مواقف دونالد ترامب من العملات الرقمية

في مقابلة أجرتها شبكة "سي إن بي سي" الشهر الماضي، قال ترامب سنحقق شيئا مميزا من خلال الاستفادة من العملات المشفرة.

وعند سؤاله عن نيته في إنشاء احتياطي من العملات المشفرة مشابه لاحتياطي النفط، أجاب قائلا "نعم، أعتقد ذلك".

ويرى الاقتصادي كميل الساري أن هناك احتمالا كبيرا لتغيير ترامب موقفه تجاه البيتكوين، إما بسبب الخوف من تأثيرها السلبي على الاقتصاد الأميركي، أو تحت ضغط السلطات النقدية والمالية.

وعلى الرغم من أن دعم ترامب المستمر قد يرفع قيمة البيتكوين لمستويات تصل إلى 150 ألف دولار، فإن المخاطر المتعلقة بالتلاعب قد تؤدي إلى انهيار العملة، مما قد يضر بشعبيته، خاصة بين المستثمرين الأميركيين الأكثر اعتمادا عليها.

أما المحلل المالي عقل، فيرى أن دعم إدارة ترامب قد يُسهم في صعود البيتكوين إلى 150 ألف دولار أو أكثر، لكنه يحذر من مخاطرها، مثل التقلبات العالية في الأسعار، والتحديات التقنية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العملات الرقمیة العملات المشفرة من العملات ألف دولار

إقرأ أيضاً:

ستاندرد آند بورز تُبقي التصنيف الائتماني لفرنسا عند AA- مع نظرة مستقبلية سلبية

أبقت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني لفرنسا عند مستوى AA-، مع الحفاظ على النظرة المستقبلية السلبية، وهو ما يعني احتمال خفض التصنيف في المستقبل. وكانت الوكالة قد أرفقت تصنيفها السابق بنظرة سلبية، دون أن تصدر أي تعليق جديد في قرارها الأخير، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت وكالة "إس آند بي غلوبال" قد أعلنت في وقت سابق عن تعديل نظرتها المستقبلية لتصنيف فرنسا إلى "سلبية"، مشيرة إلى استمرار الغموض المالي بعد فترة من الاضطرابات السياسية، بما في ذلك التحديات في تمرير الميزانية وتفاقم العجز.

وذكرت الوكالة حينها أن "تغيير النظرة المستقبلية يعكس ارتفاع ديون الحكومة وضعف التوافق السياسي لمعالجة العجز الكبير في الميزانية، في ظل آفاق نمو اقتصادي غامضة"، مؤكدة الإبقاء على التصنيف عند AA-، وهو مستوى يبعد سبع درجات عن فئة السندات غير المرغوب فيها، ويتطابق مع تصنيف كل من جمهوريتي التشيك وسلوفينيا.

جاء هذا القرار في وقت صادقت فيه فرنسا مؤخرًا على ميزانية عام 2025، بعد جدل برلماني حاد أدى إلى انهيار الحكومة السابقة. ويأتي ذلك في ظل دعوات من صندوق النقد الدولي، الذي شدد في تقريره السنوي على ضرورة اتخاذ إجراءات مستدامة للحد من عجز الميزانية والسيطرة على تصاعد الدين العام، وسط انخفاض في العائدات الضريبية وتزايد الإنفاق الحكومي في مناخ سياسي منقسم.

طباعة شارك ستاندرد نظرة مستقبلية التصنيف الائتمان فرنسا الوكالة

مقالات مشابهة

  • محمد عطية الفيومي: إطلاق خريطة استثمارية جديدة تسهل الطريق أمام المستثمرين
  • أسعار الفضة تتراجع محليا وترتفع عالميا: فرص استثمارية واعدة رغم التقلبات
  • معركة الوعي والتعبير بين هارفارد وأخواتها
  • مختص: تغيرات مستقبلية متوقعة بالتركيبة الأسرية السعودية ونمط الحياة
  • أسعار العملات المشفرة مقابل الدولار
  • في الأسواق اللبنانية.. لماذا أصبح شراء أكثر من حبتين من هذا المنتج ممنوعًا؟
  • العملات الرقمية.. بين المخاطر والفرص
  • اقتصاديون إسرائيليون يهاجمون الحكومة لتسبّبها بتضييع فرص استثمارية ضخمة
  • انخفاض سعر البتكوين وسط التوترات التجارية ومخاطر التضخم في الولايات المتحدة
  • ستاندرد آند بورز تُبقي التصنيف الائتماني لفرنسا عند AA- مع نظرة مستقبلية سلبية