المالية العراقية توقف تنقلات الموظفين لتجنب العجز المالي.. وثيقة
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
المالية العراقية توقف تنقلات الموظفين لتجنب العجز المالي.. وثيقة.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي
إقرأ أيضاً:
رسوم ترامب لن تأتي بالوظائف الموعودة
ترجمة - قاسم مكي
هل ستحقق سياسات ترامب الحمائية الأهداف التي يتطلع إليها ناخبوه ؟ الإجابة: لا. أهم هذه الأهداف إيجادُ عدد كبير من الوظائف الجديدة في الصناعة التحويلية. هذا هو الوعد الذي قُدِّم للعمال الصناعيين السابقين وللمدن المتداعية التي يعيش فيها العديدون منهم. للأسف إنه وعد كاذب. ترامب يحكم من أجل خدمة مصالحه ولكن أيضا مصالح الأثرياء الذين يحمِّلُهم العديد من هؤلاء الناخبين (دون أن يكونوا مخطئين تماما في ذلك) مسؤوليةَ التسبب في محنتهم. روبرت لورانس الأستاذ بمدرسة كنيدي في جامعة هارفارد والباحث بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي درس بالأرقام هذا الجانب في ورقة نشرت في يونيو تحت عنوان «إنهاء العجز التجاري بالكاد يزيد حصة التوظيف الصناعي في الولايات المتحدة.» تساءل لورانس عن حجم التوظيف الإضافي الذي سيتحقق إذا تم القضاء على العجز التجاري في التصنيع بواسطة حمائية ترامب. وبما أن ترامب مهووس بالعجوزات فهذا هو السؤال الصحيح.
نقطة البداية في حساب الأرقام هي الفصل بين القيمة المضافة (في السلع المصنَّعة) من إجمالي قيمة المبيعات. لماذا؟ لأن إنتاج القيمة المضافة هو الذي يوجد الوظائف. مثلا، إذا حلَّت سيارة انتُجت في الولايات المتحدة محل سيارة مستوردة قيمتها 30 ألف دولار ستكون القيمة المضافة الأمريكية (بخلاف المدخلات غير الصناعية كالمواد الخام) حوالي 15 ألف دولار.
في عام 2019 كانت قيمة إجمالي الصادرات الأمريكية من السلع الصناعية 820.1 بليون دولار وقيمة إجمالي الواردات 1605.4 بليون دولار. يعني ذلك عجزا يبلغ 785.3 بليون دولار. لكن القيمة المضافة المحلية في صادرات الولايات المتحدة كانت 456.7 بليون دولار فقط في حين بلغت القيمة المضافة الأجنبية في واردات الولايات المتحدة 860.5 بليون دولار. وهكذا كان العجز في القيمة المضافة 403.8 بليون دولار أو أكثر قليلا من نصف حجم العجز الإجمالي. تلك النسبة تبدو مستقرة تماما.
إجمالا، يلاحظ لورانس أن نسبة صافي القيمة المضافة في العجز التجاري في السلع المصنَّعة في عام 2024 كانت 21.5% من إنتاج الولايات المتحدة. وستكون تلك هي الزيادة في القيمة المضافة الأمريكية إذا تم القضاء على العجز التجاري.
كم هو حجم التوظيف الذي يمكن أن يتحقق من ذلك؟ حوالي 2.8 مليون وظيفة، وهو ما سيشكل ارتفاعا بنسبة 1.7 % فقط في حصة الصناعة التحويلية إلى 9.7% من إجمالي الوظائف بالولايات المتحدة. لكن نصيب عمال الإنتاج في الصناعة التحويلية الأمريكية في هذه الحالة سيكون 4.7%، أما الباقي (نسبة الـ 5% الأخرى) فتتكون من المديرين والمحاسبين والمهندسين والسائقين وموظفي المبيعات وما إلى ذلك. ستكون الزيادة في وظائف «العمال الكادحين أصحاب الأيدي المتشققة» 1.3 مليون وظيفة فقط أو 0.9% من إجمالي التوظيف في الولايات المتحدة. وهكذا قد «يتمخض جبل» رسوم ترامب الجمركية. لكنه «سيَلِد فأرا».
مثل هذا التقديرات تقريبية وتؤدي الغرض منها. لكنها أيضا متفائلة. فما لم يتغير التوازن بين الإنتاج والإنفاق لن يتقلص العجز التجاري على الإطلاق.
المصدر الداخلي الرئيسي للطلب والذي يعزز العجوزات الخارجية هو العجز المالي، لذلك المزيد من التشدد في الموازنة الفدرالية شرطٌ ضروري لتقليص العجز التجاري، خصوصا في اقتصاد يقترب من التوظيف الكامل.
لكن في الوقت الحاضر الأثر الصافي لكل من الرسوم الجمركية وقانون موازنة ترامب «الكبير والجميل» على العجز المالي قريب من الصفر. إضافة إلى ذلك، إذا تم القضاء على العجز الخارجي سيقلّ إنفاق الولايات المتحدة وستشعر بأنها أكثر فقرا.
ما هو أسوأ أن الرسوم الجمركية تشكل ضريبة على السلع. وبشكل عام، الناس الأكثر فقرا ينفقون نسبة أكبر من دخلهم على السلع مقارنة بمن هم أكثر ثراء. لذلك الرسوم الجمركية تراجعية (يعني ذلك أن تأثيرها النسبي على دخل الفقراء أكبر- المترجم). وقانون الإنفاق الكبير والجميل تراجعي أيضا في كل من الضرائب والإنفاق.
وكما يؤكد بول كروجمان، سيتضرر نفس الناس الذين يُفترض أن تساعدهم رسوم ترامب من التخفيضات في التأمين الصحي الذي تسبب في إغلاق الحكومة. فهذه (إذن) شعبوية من أجل الأثرياء.
ويقول خبير آخر في التجارة هو ريتشارد بولدوين الأستاذ بالمعهد الدولي للإدارة في لوزان ما يحاول ترامب أن يفعله هو بالضبط إحلال الواردات بتصنيعها محليا. إنها السياسة التي جربتها بلدان نامية عديدة خصوصا الهند ومعظم أمريكا اللاتينية ثم تخلت عنها قبل عقود. تركتها هذه البلدان لأنها فشلت؛ فالصناعات المحمية لم تنافس تلك التي خاضت المنافسة العالمية بلا حماية وكانت أكثر قدرة على استغلال الأسواق العالمية. لقد تخلفت كثيرا عنها. وسيأتي الوقت الذي سيحدث فيه نفس الشيء حتى للولايات المتحدة خصوصا إذا وضعنا في بالنا رفضها للعلم وتخليها عن الطاقة النظيفة. حمائية ترامب جريمة وحماقة.
وكما قال الفيلسوف الإغريقي القديم هيراقليطس لا يمكنك أن تعبر نفس النهر مرتين. الحنين إلى الماضي ليس استراتيجية. فهو لا يمكن أن يعود. وكما ذكرتُ في مقال في نوفمبر الماضي من المستحيل استعادة الوظائف الصناعية المفقودة. فحصة التوظيف في الصناعة تراجعت حتى في بلدان لديها فوائض تجارية ضخمة.
في البلدان الغنية ارتفع الطلب على السلع المصنَّعة ببطء نسبيا لأن الناس يرغبون في الخدمات فيما تقلل التقنية الحاجة إلى عمال الإنتاج. وفي الأجل الطويل من المؤكد تقريبا أن يكون كل هؤلاء العمال «روبوتات». لا شك أن تفكيك الصناعة أوجد مشاكل اجتماعية وسياسية كبيرة. في الواقع إذا قارنا تدهور الفرص في الصناعة بالنسبة لمن هم أقل تعليما مع ارتفاع حصة السكان الحاصلين على تعليم ما بعد ثانوي يمكننا أن نرى عاملا محركا للشعبوية اليمينية الحالية. وترامب والآخرون من أمثاله من نتائج ذلك. لقد كانوا بارعين تماما في استغلال سخط «من تخلفوا وراء الركب» ضد أولئك الذين أطلق عليهم توماس بيكيتي وآخرون وصف «اليسار البراهمي».
المأساة هي أن الشعبويين لا يقدمون حلولا. هم فقط يستغلون غضب وإحباط الطبقات العاملة التي تتردى أحوالها من أجل مصلحتهم ومصلحة الأثرياء الأنانيين. وحمائية ترامب الحمقاء تجسيد مثالي لهذه المقاربة.
وكما ذكر (الكاتب الأمريكي الساخر) هنري لويس منكن «هنالك دائما حل لكل مشكلة إنسانية... حل جذاب ومعقول وخاطئ» الرسوم الجمركية أوضح مثال لهذا الحل الزائف. على العقلاء إيجاد حل أفضل بكثير.