مكتبة الإسكندرية.. عراقة التاريخ وازدهار الحاضر
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكثر من ألفي عام مضت منذ أن أنشأ خلفاء الإسكندر الأكبر مكتبة الإسكندرية القديمة، والتي عرفت حينها بمكتبة الإسكندرية الملكية، أو المكتبة العظمى، أُنشئت المكتبة بقرار من بطليموس الأول “سوتر” أول ملوك البطالمة بعد وفاة الإسكندر الأكبر، ويعتبر بطليموس الثاني “فيلادلفوس” الذي حكم مصر من سنة 285 وحتى سنة 246 ق.
قامت المكتبة على مؤسستين أولهما “الميوسيوف” أو المتحف، وثانيهما المكتبة التي تضم لفائف الكتب التي تخدم جهود العلماء الباحثين، احتلت المكتبة مكانين، الأكبر وكان مجاور للميوسيون، والأصغر في معبد السرابيوم والتي توجد بقاياه عند عامود السواري.
كان بطليموس الثاني يرسل البعثات لجمع الكتب من كافة مصادرها، حتى بلغ مجموع ما تضمنته المكتبة نحو 750 ألف لفافة، من بينها اللفائف التي حفظت تراث أدباء اليونان العظام، مثل مسرحيات استخيلوس وسوفوكليس ويوربيوس.
لم تقف عظمة المكتبة فقط من خلال ما جلبته من كتب، وإنما أيضا من مكانة العلماء الذين اجتذبتهم ووفرت لهم مناخ البحث، وقد شغل بعضهم وظيفة أمناء المكتبة، ومن بينهم “زنودوتس” الذي وضع بمعاونة بعض علماء اللغة أسس علوم الأدب ونقد دقيق للكلاسيكيات كالإلياذة والأوديسة أعظم تراث اليونان، وخلفه في رئاسة المكتبة “أبوللو دنوس السكندري” وهو مؤلف الملحمة المسماة “الحملة الأرجونيتية” التي ما زالت تقرأ حتى الآن، أما ثالث أمناء المكتبة فهو الجغرافي ذائع الشهرة “اراتوستينوس”، الذي أثبت نظرية كروية الأرض، وحسب محيط قطرها بدقة مذهلة.
يرجع الفضل لهؤلاء العلماء في رسم خريطة للفضاء الخارجي وتنظيم التقويم وتطوير المعارف لحدود لم تكن معروفة من قبل، وأقاموا حوارًا حقيقيًا للحضارات، حتى أصبحت الإسكندرية منارة للعلم لما يزيد عن ستة قرون.
تكونت مكتبة الإسكندرية القديمة من ثلاثة مباني، وهي المتحف الأصلى في الحي الملكي للمدينة، ومبنى إضافي كان يستخدم لتخزين الكتب يقع في الميناء، والمكتبة الأبنة وكانت تقع في “السيرابيوم” في موقع معبد “سيرابيس” إله العبادات الدينية بالإسكندرية.
شهدت مكتبة الإسكندرية انهيارا بطيئا، بدأ من عصر يوليوس قيصر وكليوباترا، حيث احترقت المكتبة في ظروف غامضة عام 48 ق.م ، أثناء معارك إحتلال يوليوس قيصر، الذي أرسل سفنه الحربية لتدمير سفن البطالمة، حيث يعتقد بعض المؤرخين أن هذه السفن قد قصفت الحي الملكي بالمدينة، مما دفع مارك أنطونيو لتعويض كليو باترا، بإهدائها مائتين ألف لفافة كتعويض للخسائر الفادحة التي نجمت عن الحريق، وقد أدت الاضطرابات العنيفة التالية التي حدثت داخل الإمبراطورية الرومانية إلى إهمال المكتبة ودمارها الشامل حتى اندثرت تماما عام 400 ميلادية، لتطوى صفحة مجيدة ناصعة، احتلت فيها مكتبة الإسكندرية مكانة علمية وثقافية عظيمة.
تم إنشاء مكتبة الإسكندرية الجديدة فى نفس الموقع الذي كانت تشغله المكتبة القديمة، فقد طرحت فكرة إحياء المكتبة آواخر حقبة ثمانينات القرن الماضي، عندما قامت منظمة اليونسكو بالدعوة للمساهمة في إحياء المكتبة، وعلى الفور أصدر الرئيس المصري حسني مبارك الأسبق قرارا بتشكيل الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية، حيث تم إجراء مسابقة دولية لتصميم المكتبة ، لتفوز بالجائزة الأولى شركة “snohetta” ومقرها أوسلو بالنرويج، وقد شمل تصميم المكتبة أربعة مستويات تحت الأرض وستة طوابق علوية ويقع بالقرب منها القبة السماوية ومتحف علمي.
يبلغ إرتفاع المكتبة عشرة طوابق وتقع جميع مستوياتها السفلية تحت سطح الماء، حيث يغوص جسم المبنى أسفل الأرض لحماية محتوياته النفيسة من عوامل البيئة الخارجية.
استغرق العمل بالمكتبة فترة طويلة نسبيا، حيث بدأت الأبحاث الأثرية عام 1992، حيث لم يستدل على أية آثار عن المكتبة القديمة، وبدأ التشييد عام 1995 ليتم إفتتاح المكتبة في أكتوبر 2002.
احتوت مكتبة الأسكندرية وقت افتتاحها على مجموعة من الكتب بلغت 200 ألف كتاب، بالإضافة إلى مجموعة من الوسائط الإلكترونية بلغت 25 ألف مجلة إلكترونية وحوالى 200 ألف كتاب إلكتروني، وتعتبر أول مكتبة رقمية تتبع النظم التكنولوجية الحديثة في نشر المعرفة، وتشترك مع مكتبة الكونجرس الأميركي أكبر مكتبة إلكترونية عالمية في مشروع يحمل اسم المكتبة الرقمية العالمية، والذي يقوم على رقمنة مواد نادرة كالمخطوطات والخرائط والكتب النادرة بالإضافة لألحان موسيقية وأفلام وصور فوتوغرافية من جميع أنحاء العالم تساهم في دعم البحث العلمي.
تعمل المكتبة بالتعاون مع شركاء من دول الصين والهند وأميركا على رقمنة مليون كتاب في إطار مشروع المليون كتاب، وهي في كل هذا تسعى إلى استعادة روح الإنفتاح والبحث التي ميزت المكتبة القديمة، بوصفها مؤسسة ثقافية هائلة، تضم مكتبة قادرة على استيعاب ملايين الكتب، وستة مكتبات متخصصة وهي كالتالي:
1- مكتبة للفنون والوسائط المتعددة والمواد السمعية والبصرية
2 - مكتبة للمكفوفين
3- مكتبة للأطفال
4- مكتبة للنشء
5- مكتبة للميكروفيلم
6- مكتبة للكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالإضافة لقاعة استكشاف لتعريف الأطفال بالعلوم.
تضم المكتبة أربعة قاعات للمعارض الفنية المؤقتة ومركز للمؤتمرات يتسع لآلاف الأشخاص بالإضافة لثمانية مراكز للبحث الأكاديمي.
تستقبل المكتبة روادها من مصر وكافة أنحاء العالم بوصفها منارة ثقافية هائلة على أرض الأسكندرية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مكتبة الأسكندرية القديمة الإسكندر الأكبر البحر الأبيض المتوسط مکتبة الإسکندریة
إقرأ أيضاً:
مكتبة محمد بن راشد تنظّم ورشة متخصّصة في إدارة الوثائق والأرشيف الحكومي
دبي (الاتحاد)
نظّمت مكتبة محمد بن راشد، بالتعاون مع الأرشيف والمكتبة الوطنية، ورشة عمل متخصّصة تحت عنوان «تنظيم وإدارة الوثائق والأرشيف في الجهات الحكومية»، وذلك بحضور نخبة من الخبراء والمختصين في مجال الأرشفة وإدارة الوثائق.
وهدفت الورشة إلى تعزيز المعرفة المهنية وتطوير ممارسات الأرشفة في الجهات الحكومية، بما يسهم في رفع كفاءة إدارة الوثائق وحفظ التراث الوطني بشكل متكامل يواكب أفضل المعايير العالمية.وفي كلمته الافتتاحية، أشار الدكتور محمد سالم المزروعي، عضو مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، إلى إنَّ «تنظيم هذه الورشة واستضافتها في مكتبة محمد بن راشد، يعكس إيماننا بأن الأرشفة وإدارة الوثائق تُعدّ جزءاً أساسياً من منظومة الحوكمة الحديثة، فالاجتماع تحت مظلة هذا الصرح الثقافي يمنحنا فرصة لتعزيز الوعي بأهمية بناء أرشيف وطني متكامل، وتبادل الخبرات مع الجهات الحكومية، وتطوير الممارسات التي تحفظ الذاكرة المؤسسية وتدعم استدامة المعرفة»، مضيفاً: «هذه الورشة تشكّل خطوة استراتيجية نحو تطوير قطاع حيوي يؤثر في جودة الأداء الحكومي وفي حماية الإرث الثقافي والمعرفي للدولة». من جانبه، قال الدكتور عبد الله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية: «تعكس هذه الورشة المتخصصة موضوعاً بالغ الأهمية لنا جميعاً، لأنه يشكّل محطة محورية في مسار حفظ الذاكرة المؤسسية، ويؤدي دوراً أساسياً في تعزيز الكفاءة، ودعم عملية اتخاذ القرار، وحماية حقوق الأفراد والجهات، إضافةً إلى ترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة وتعزيز الشفافية، وقد ازدادت أهميتها في ظل التطور المتسارع للتقنيات الحديثة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، التي دخلت بقوة إلى مجال إدارة الوثائق والسجلات، فسهّلت الوصول إلى المعلومة، ومهّدت الطريق أمام عمليات تنظيم أكثر دقة وفعالية». وأضاف: «أن تنظيم الوثائق وإدارتها في أرشيفات الجهات الحكومية يمثل تحدياً متنامياً أمام الكم الهائل والمتزايد من البيانات. ونحن في الأرشيف والمكتبة الوطنية نعمل باستمرار على تطوير الحلول والآليات الكفيلة بمعالجة هذه البيانات وتحليل محتواها وإتاحتها وفق أرقى الممارسات وأحدث المعايير الدولية». وشهدت الورشة تقديم عدة محاضرات متخصّصة، حيث قدم الدكتور حمد المطيري المدير التنفيذي في الأرشيف والمكتبة الوطنية، عرضاً شاملاً حول التشريعات والمعايير المعتمدة لإدارة الوثائق والأرشيف، مع التركيز على الممارسات العالمية، وأهم القوانين التي تضمن تنظيم الوثائق وحفظها بشكل آمن وموثوق. كما استعرضت أمل عبد الحميد، نظام إدارة الوثائق الجارية والوسيطة والإجراءات الفنية، بينما ناقش الدكتور سفيان بوحرات، إدارة الوثائق الإلكترونية وأبرز الحلول التقنية الحديثة للحفاظ على المستندات الرقمية.
واختتمت الورشة بجلسة نقاشية تفاعلية، أتيحت خلالها الفرصة للمشاركين لطرح الأسئلة ومناقشة التحديات والفرص في مجال الأرشفة وإدارة الوثائق.