تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكثر من ألفي عام مضت منذ أن أنشأ خلفاء الإسكندر الأكبر مكتبة الإسكندرية القديمة، والتي عرفت حينها بمكتبة الإسكندرية الملكية، أو المكتبة العظمى، أُنشئت المكتبة بقرار من بطليموس الأول “سوتر” أول ملوك البطالمة بعد وفاة الإسكندر الأكبر، ويعتبر بطليموس الثاني “فيلادلفوس” الذي حكم مصر من سنة 285 وحتى سنة 246 ق.

م، المؤسس الحقيقي وصاحب الفضل في إزدهارها، فهو الذي وضع نظامها وجلب لها العلماء ووفر لها الكتب في شتى المعارف ومن شتى المصادر، لتصير مثالا لمكتبات البحر الأبيض المتوسط.

قامت المكتبة على مؤسستين أولهما “الميوسيوف” أو المتحف، وثانيهما المكتبة التي تضم لفائف الكتب التي تخدم جهود العلماء الباحثين، احتلت المكتبة مكانين، الأكبر وكان مجاور للميوسيون، والأصغر في معبد السرابيوم والتي توجد بقاياه عند عامود السواري.
كان بطليموس الثاني يرسل البعثات لجمع الكتب من كافة مصادرها، حتى بلغ مجموع ما تضمنته المكتبة نحو 750 ألف لفافة، من بينها اللفائف التي حفظت تراث أدباء اليونان العظام، مثل مسرحيات استخيلوس وسوفوكليس ويوربيوس. 

لم تقف عظمة المكتبة فقط من خلال ما جلبته من كتب، وإنما أيضا من مكانة العلماء الذين اجتذبتهم ووفرت لهم مناخ البحث، وقد شغل بعضهم وظيفة أمناء المكتبة، ومن بينهم “زنودوتس” الذي وضع بمعاونة بعض علماء اللغة أسس علوم الأدب ونقد دقيق للكلاسيكيات كالإلياذة والأوديسة أعظم تراث اليونان، وخلفه في رئاسة المكتبة “أبوللو دنوس السكندري” وهو مؤلف الملحمة المسماة “الحملة الأرجونيتية” التي ما زالت تقرأ حتى الآن، أما ثالث أمناء المكتبة فهو الجغرافي ذائع الشهرة “اراتوستينوس”، الذي أثبت نظرية كروية الأرض، وحسب محيط قطرها بدقة مذهلة.
يرجع الفضل لهؤلاء العلماء في رسم خريطة للفضاء الخارجي وتنظيم التقويم وتطوير المعارف لحدود لم تكن معروفة من قبل، وأقاموا حوارًا حقيقيًا للحضارات، حتى أصبحت الإسكندرية منارة للعلم لما يزيد عن ستة قرون.

تكونت مكتبة الإسكندرية القديمة من ثلاثة مباني، وهي المتحف الأصلى في الحي الملكي للمدينة، ومبنى إضافي كان يستخدم لتخزين الكتب يقع في الميناء، والمكتبة الأبنة وكانت تقع في “السيرابيوم” في موقع معبد “سيرابيس” إله العبادات الدينية بالإسكندرية.
شهدت مكتبة الإسكندرية انهيارا بطيئا، بدأ من عصر يوليوس قيصر وكليوباترا، حيث احترقت المكتبة في ظروف غامضة عام 48 ق.م ، أثناء معارك إحتلال يوليوس قيصر، الذي أرسل سفنه الحربية لتدمير سفن البطالمة، حيث يعتقد بعض المؤرخين أن هذه السفن قد قصفت الحي الملكي بالمدينة، مما دفع مارك أنطونيو لتعويض كليو باترا، بإهدائها مائتين ألف لفافة كتعويض للخسائر الفادحة التي نجمت عن الحريق، وقد أدت الاضطرابات العنيفة التالية التي حدثت داخل الإمبراطورية الرومانية إلى إهمال المكتبة ودمارها الشامل حتى اندثرت تماما عام 400 ميلادية، لتطوى صفحة مجيدة ناصعة، احتلت فيها مكتبة الإسكندرية مكانة علمية وثقافية عظيمة.

تم إنشاء مكتبة الإسكندرية الجديدة فى نفس الموقع الذي كانت تشغله المكتبة القديمة، فقد طرحت فكرة إحياء المكتبة آواخر حقبة ثمانينات القرن الماضي، عندما قامت منظمة اليونسكو بالدعوة للمساهمة في إحياء المكتبة، وعلى الفور أصدر الرئيس المصري حسني مبارك الأسبق قرارا بتشكيل الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية، حيث تم إجراء مسابقة دولية لتصميم المكتبة ، لتفوز بالجائزة الأولى شركة “snohetta” ومقرها أوسلو بالنرويج، وقد شمل تصميم المكتبة أربعة مستويات تحت الأرض وستة طوابق علوية ويقع بالقرب منها القبة السماوية ومتحف علمي.
يبلغ إرتفاع المكتبة عشرة طوابق وتقع جميع مستوياتها السفلية تحت سطح الماء، حيث يغوص جسم المبنى أسفل الأرض لحماية محتوياته النفيسة من عوامل البيئة الخارجية.

استغرق العمل بالمكتبة فترة طويلة نسبيا، حيث بدأت الأبحاث الأثرية عام 1992، حيث لم يستدل على أية آثار عن المكتبة القديمة، وبدأ التشييد عام 1995 ليتم إفتتاح المكتبة في أكتوبر 2002.
احتوت مكتبة الأسكندرية وقت افتتاحها على مجموعة من الكتب بلغت 200 ألف كتاب، بالإضافة إلى مجموعة من الوسائط الإلكترونية بلغت 25 ألف مجلة إلكترونية وحوالى 200 ألف كتاب إلكتروني، وتعتبر أول مكتبة رقمية تتبع النظم التكنولوجية الحديثة في نشر المعرفة، وتشترك مع مكتبة الكونجرس الأميركي أكبر مكتبة إلكترونية عالمية في مشروع يحمل اسم المكتبة الرقمية العالمية، والذي يقوم على رقمنة مواد نادرة كالمخطوطات والخرائط والكتب النادرة بالإضافة لألحان موسيقية وأفلام وصور فوتوغرافية من جميع أنحاء العالم تساهم في دعم البحث العلمي.
تعمل المكتبة بالتعاون مع شركاء من دول الصين والهند وأميركا على رقمنة مليون كتاب في إطار مشروع المليون كتاب، وهي في كل هذا تسعى إلى استعادة روح الإنفتاح والبحث التي ميزت المكتبة القديمة، بوصفها مؤسسة ثقافية هائلة، تضم مكتبة قادرة على استيعاب ملايين الكتب، وستة مكتبات متخصصة وهي كالتالي:
1- مكتبة للفنون والوسائط المتعددة والمواد السمعية والبصرية 
2 - مكتبة للمكفوفين
3- مكتبة للأطفال
4- مكتبة للنشء
5- مكتبة للميكروفيلم
6- مكتبة للكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالإضافة لقاعة استكشاف لتعريف الأطفال بالعلوم.
تضم المكتبة أربعة قاعات للمعارض الفنية المؤقتة ومركز للمؤتمرات يتسع لآلاف الأشخاص بالإضافة لثمانية مراكز للبحث الأكاديمي.
تستقبل المكتبة روادها من مصر وكافة أنحاء العالم بوصفها منارة ثقافية هائلة على أرض الأسكندرية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مكتبة الأسكندرية القديمة الإسكندر الأكبر البحر الأبيض المتوسط مکتبة الإسکندریة

إقرأ أيضاً:

مكتبة قطر الوطنية تطلق مسابقة للاحتفاء بجمال الخط العربي

أطلقت مكتبة قطر الوطنية مسابقة فنية للاحتفاء بروعة الخط العربي وجماله الخالد، وذلك بهدف تشجيع أفراد المجتمع على الإبداع من خلال أعمال فنية في الخط العربي، مستلهمة من مخطوطات ولوحات التراث العربي والإسلامي.

وتسلط المسابقة الضوء على نماذج من النصوص التراثية والشعر العربي، وتحفز المشاركين على الإبداع الفني باستخدام أحد الخطوط العربية التقليدية مثل النسخ أو الثلث أو الديواني، حيث يتعين على المتسابق استخدام واحد من خمسة نصوص مقترحة في إنتاج عمل فني بالخط العربي، على أن تكون الأعمال الفنية بوسائل رقمية أو مكتوبة باليد (مع مسحها ضوئيا بدقة عالية) بحجم A4 أو A3، وسيتم استبعاد أي أعمال يستخدم الذكاء الاصطناعي في إنشائها.

وستكون المسابقة مفتوحة لجميع المواطنين والمقيمين في دولة قطر الذين لديهم عضوية سارية في مكتبة قطر الوطنية، ويبلغون من العمر 16 عاما فما فوق، على أن يتم إرسال الأعمال عبر النموذج الإلكتروني الرسمي على موقع مكتبة قطر الوطنية في موعد أقصاه العاشر من يوليو المقبل.

وسيتم فتح باب التصويت للجمهور على الأعمال المقدمة للمسابقة عبر حساب مكتبة قطر الوطنية على إنستغرام خلال الفترة من الخامس عشر إلى الحادي والثلاثين من يوليو المقبل، ويتم إعلان اسم الفائز في الثالث عشر من أغسطس المقبل، بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للخط، حيث سيحصل الفائز على جهاز (آيباد برو) دعما لموهبته الفنية وتشجيعا لإبداعه المستقبلي.

مقالات مشابهة

  • الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية توقع بروتوكول تعاون مع مؤسسة عصير الكتب
  • مشعل بن محمد بن سعود في ضيافة مكتبة محمد بن راشد
  • مكتبة الإسكندرية تستضيف مؤتمر الشباب المحلي لتغير المناخ LCOY Egypt 2025
  • نهيان بن مبارك يفتتح «المكتبة الشاملة» في مركز المستقبل للتأهيل بأبوظبي
  • «محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة» تطلق ورشة «نقد الكتب» في الأردن
  • وزير التعليم: توزيع «البوكليت» التعليمي مع الكتب المدرسية بداية من العام المقبل
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • مدير مكتبة الإسكندرية: جهود مصر في حفظ التراث والآثار غير مسبوقة وتنال إشادات عالمية
  • مكتبة قطر الوطنية تطلق مسابقة للاحتفاء بجمال الخط العربي
  • جامعة القاهرة تحتفي بمائة عام من التميز العلمي في مؤتمر تاريخي بدار الكتب