موقع النيلين:
2025-05-31@04:31:41 GMT

استمرار الحرب يقتل أطفال السودان ببطء

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

استمرار الحرب يقتل أطفال السودان ببطء


تمكنت مريم (53 سنة)، وأطفالها الثلاثة من الفرار نحو الحدود التشادية بعد 30 يوماً من الحصار في مدينة الجنينة، غربي السودان، حيث عانوا الجوع والعطش والخوف. لكن في اليوم الثاني لفرارهم، لقي الأطفال الثلاثة مصرعهم على يد مليشيا مسلحة. وبعد ثلاثة أيام سيراً على الأقدام، وصلت مريم وحدها إلى مدينة أدري التشادية.


تقول ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في السودان، مانديب أوبراين، في آخر تقرير لها من مدينة بورتسودان، إن وجود خمسة ملايين و600 ألف طفل في إقليم دارفور المضطرب يشكل مصدر قلق كبير للمنظمة. لا يشمل هذا القلق الأممي أطفال مريم الثلاثة، لأنهم ببساطة تجاوزوا مرحلة القلق إلى الموت.
يضيف تقرير المنظمة أن استمرار القتال والتدهور الأمني أدى إلى نهب إمدادات مرافق الإغاثة في دارفور، وعرض حياة الأطفال في الإقليم لـ”سوء التغذية والأمراض”، ولفت إلى أنه يتعذر على الكثير من الأطفال في السودان الوصول إلى الخدمات الأساسية والأطعمة والأدوية المنقذة للحياة. وتقول “يونيسف” إن حوالي 9 ملايين طفل كانوا يحتاجون الطعام قبل اندلاع الحرب. أما اليوم، ومع استمرار الحرب، أصبح هناك 13 مليوناً و600 ألف طفل في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية والمياه والعلاج والتغذية والحماية.
في هذا السياق، تقول متخصصة التغذية في أحد مستشفيات الخرطوم، أماني علي، لـ”العربي الجديد”، إن “غذاء الأطفال في الوقت الراهن شبه معدوم في البلاد، وبسبب حالة النزوح التي يتعرض لها آلاف الأطفال حالياً، يعاني كثيرون من نقص حاد في الغذاء والأدوية، وهم معرضون أكثر من أي وقت مضى للإصابة بسوء التغذية، واستفحال الأمراض الناتجة عن الجوع. سوء التغذية يلاحق الجميع، حتى الأطفال في معسكرات النزوح، والحل الوحيد هو تدخل المنظمات الأممية، كونها الوحيدة القادرة على تقديم الغذاء الذي يحتاجه الأطفال”.
وتحصد الملاريا سنوياً أعداداً كبيرة من أرواح السودانيين، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن 61 في المائة من وفيات الملاريا في الشرق الأوسط تحدث في السودان. تقول أماني إن “سوء التغذية يتسبب في تقليل مناعة الطفل، ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، كالإسهال والملاريا والسل والتيفوئيد، وخصوصاً الأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم خمس سنوات، وهؤلاء أكثر عرضة للوفاة”.
وأنتجت الحرب ظروفاً قاهرة في السودان، وتسببت في توقف صرف رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص لأكثر من ثلاثة أشهر، الأمر الذي ينعكس سلباً على الوضع المعيشي لغالبية الأسر. كما عرضت الحرب التي اندلعت في 15 إبريل/ نيسان الماضي بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حياة أطفال السودان البالغ عددهم حوالي 20 مليون طفل إلى مخاطر كبيرة.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى مقتل حوالي 500 طفل خلال الشهرين الماضيين، ونزوح حوالي 4 ملايين طفل مع عائلاتهم، ولجوء نحو مليوني طفل إلى دول الجوار، من بينهم حوالي مليون طفل فقط وصلوا مع أسرهم، ومن بين هؤلاء 170 طفلا من دون ذويهم وصلوا إلى تشاد.

وتقول “يونيسف” إنها تلقت العديد من التقارير الموثقة التي تفيد بمقتل أكثر من 330 طفلاً، وإصابة أكثر من 1900 طفل حتى 6 يونيو/حزيران الماضي، مشيرة إلى أن أخطاراً عديدة تحيط بالأطفال في السودان.
وتعرضت المرافق الصحية التي تقدم الرعاية الطبية للأطفال في ثماني ولايات سودانية، خصوصاً في إقليم دارفور وولايتي شمال وجنوب كردفان وولاية الخرطوم، لأضرار بالغة من جراء الحرب. وفي اليوم الأول للحرب، توقف عن العمل مستشفى أحمد قاسم، وهو مركز جراحة القلب وزراعة الكلى، ومستشفى محمد الأمين حامد للأطفال، ومستشفى جعفر بن عوف للأطفال، كما توقف مركز نورا بمستشفى سوبا الجامعي، وهو مركز غسيل الكلى الوحيد المخصص للأطفال.
يقول الطبيب عبد الرحيم محمد إبراهيم، من مستشفى الأبيض الدولي بولاية شمال كردفان، إن “أدوية التخدير غير متوفرة، ما يضطرنا في أحيان كثيرة إلى استخدام بدائل لتسيير العمل، وتعاني جميع مستشفيات الولاية من نقص الأوكسجين، والمتوفر حالياً يكفي بالكاد لعدة أيام فقط، وحصرنا استعماله بالعمليات الجراحية على الرغم من حاجة الأطفال إلى الأوكسجين”.
وتقول “يونيسف” إنها تحتاج إلى 837.6 مليون دولار أميركي لمواصلة تقديم المساعدات المنقذة للحياة في مجالات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي وحماية الأطفال والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من الصراع المتواصل. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، قالت المنظمة الأممية إن 6.9 ملايين طفل سوداني لا يذهبون إلى المدرسة، كما أن 12 مليون طفل مهددون بالتوقف عن الدراسة بسبب نقص المعلمين وتدهور البنى التحتية.
وتسبّب النقص الشديد في الخدمات الطبية والكهرباء والأوكسجين والأدوية وحضانات الأطفال في وفاة 71 طفلاً خلال أسبوع واحد في دار مخصصة للأطفال الذين تم إنجابهم خارج إطار الزواج في العاصمة الخرطوم، والذين يعرفون بفاقدي الرعاية الوالدية. كما توفي ستة أطفال بمستشفى الضعين بسبب انعدام الأوكسجين، وعشرة أطفال بمستشفى الجنينة قبل إغلاقها وتهجير السكان.

وبحسب إفادات الأطباء، فإن إغلاق المستشفيات له تأثير خطير على حياة الأطفال الذين يحتاجون إلى تلقي العلاج في وقت سريع، وهو ما لم يكن متوفراً خلال الشهرين الماضيين. ويقول سكرتير نقابة الأطباء في السودان، الطبيب عطية عبد الله عطية، إنه يصعب على الأطفال في الوقت الراهن الوصول إلى المستشفيات لتلقي العلاج، رغم تعرضهم لانتهاكات جسيمة من قبل طرفي الصراع، ويشير إلى أن “طاقة عمل القطاع الطبي تراجعت إلى ما دون 30 في المائة، وأصبحت المرافق التي تعمل تقتصر على تقديم خدمات الطوارئ، وهذا له تأثير كبير على صحة الأطفال”.
من جهتها، تقول أخصائية التغذية، ميسون طاهر، إن “تغذية الأطفال تنقسم إلى شق علاجي يتمثل في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، وهو ما لم يعد متوفراً، وشق غذائي، علماً أن الأسر تقتات على الفتات في الوقت الراهن بسبب تدهور الوضع العام، وهو ما ينعكس على الأطفال بصورة مباشرة”.
وتسببت قذيفة أطلقها أحد طرفي الصراع في تدمير مصنع “سميل” الذي كان ينتج 60 في المائة من العلاجات وغذاء الأطفال، بحسب “يونيسف”.
ويتخوف الأطباء من عودة ظهور أمراض الأطفال التي تم القضاء عليها منذ سنوات في السودان، مثل شلل الأطفال، والحصبة، والكزاز. ويقول الطبيب عطية إن “عمليات تلقيح الأطفال توقفت، حتى في الولايات المستقرة نسبياً، وذلك لانعدام اللقاحات بكل أنواعها في السودان في الوقت الحالي، الأمر الذي يشكل خطراً داهماً على آلاف الأطفال”.

ويضيف عطية: “ما كان موجوداً من اللقاحات بالمخازن قبل الحرب تمت سرقته، أو حرقه، أو فسد بسبب مشكلات التخزين وانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة”، ويتحسر على ضياع لقاحات تصل قيمتها إلى 4 ملايين دولار، ويقول: “كانت هناك كميات من اللقاحات مخزنة في مستودعات الإمدادات الطبية بوسط الخرطوم، وقد سيطر الدعم السريع على المنطقة، ولا أحد يعلم ما الذي جرى لها. انقطاع التيار الكهربائي عن المخازن التي تضم هذه الأدوية يؤدي حتماً إلى فسادها، ويمكن أن تحدث كارثة بين الأطفال إذا فسدت بقية الأدوية المتوفرة في المخازن”.
وتوقف بيع الحليب في الخرطوم بسبب إغلاق الجسور التي تربط بين المُدن، وتزامن ذلك مع الزيادة الكبيرة في أسعار الأعلاف، وتخوف أصحاب مزارع الأبقار من سرقة سيارات نقل الحليب التي أصبحت مستهدفة من قبل العناصر المسلحة المنتشرة في العاصمة. تقول فاطمة، وهي أم لأربعة أطفال تقيم في الخرطوم، إنها توقفت عن تقديم الحليب لأطفالها منذ أربعين يوماً بسبب عدم توفره.

العربي الجديد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الأطفال فی فی السودان فی الوقت أکثر من

إقرأ أيضاً:

سفير فلسطين ينهار باكياً بمجلس الأمن خلال حديثه عن أطفال غزة ..فيديو

وكالات

غلبت الدموع السفير الفلسطيني رياض منصور، لدى الأمم المتحدة أثناء كلمته التي القاها امام مجلس الامن، حينما تحدث مأساة قتل الأطفال الفلسطينيين في غزة اثناء كلمة.

وقال السفير الفلسطيني، إن أكثر من 1300 طفل قتلوا في غزة منذ أن أنهت إسرائيل وقف النار في مارس الماضي، قبل ان ينهار بالبكاء وضرب الطاولة امامه.

وأضاف: “مشاهد الأمهات وهن يحتضن أجسادهم الهامدة، يمررن أصابعهن بين شعرهم ويتحدثن إليهم، ويعتذرن إليهم، لا تطاق”، مضيفا: “لدي أحفاد، أعرف ما يعنونه لعائلاتهم، ورؤية وضع الفلسطينيين هذا من دون أن تكون لدينا قلوب لفعل شيء يفوق قدرة أي كائن بشري طبيعي على التسامح معه”.

وتابع: “ألسنة اللهب والجوع يلتهمان الآن الأطفال الفلسطينيين، هذا سبب غضبنا كفلسطينيين في كل مكان، الـ14 مليوناً منا، في الأراضي المحتلة، في المهجر، في مخيمات اللاجئين، في الأماكن البعيدة، طول الطريق إلى كاليفورنيا وما بينها”.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/05/X2Twitter.com_wa8B-G3KvJ-_J5R1_852p.mp4

مقالات مشابهة

  • الأزمات تحاصر السودانيين وسط مخاطر صحية وأمنية وغذائية كبيرة
  • سفير فلسطين ينهار باكياً بمجلس الأمن خلال حديثه عن أطفال غزة ..فيديو
  • 70 وفاة في الخرطوم خلال يومين بسبب الكوليرا
  • 70 حالة وفاة جراء الكوليرا في الخرطوم خلال يومين
  • السودان: 70 حالة وفاة جراء الكوليرا في الخرطوم خلال يومين
  • «يونيسيف»: أطفال غزة في خطر.. وندعو إلى رفع كل القيود أمام دخول المساعدات |فيديو
  • طفلي لا يحب اللعب.. هل هذا طبيعي؟!
  • يونيسف: 50 ألف طفل بغزة استشهدوا وأصيبوا منذ بدء الحرب
  • نقابة أطباء السودان تستبعد القضاء على الكوليرا في ظل استمرار الحرب .. حمدوك يخاطب العالم… و«أطباء بلا حدود» تحذِّر من ازدياد الإصابات
  • اليونيسف: استشهاد وإصابة 50 ألف طفل في قطاع غزة منذ بدء العدوان