جريدة زمان التركية:
2025-10-13@02:52:02 GMT

قنوات مغرضة

تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT

بقلم: دانيال حنفي
برلين (زمان التركية)ــ كانت قناة البلد البترولي في مطلع عملها حكاية كما يقولون. فقد كانت تعرض الأحداث عن قرب، وكانت تعرض وتناقش وقائعا لم تجرأ قنوات أخرى على عرضها أو طرحها للنقاش، وخاصة في المجتمعات العربية.

ولذلك لفتت القناة أنظار الناس إليها وشدت إليها المتابعين، كقناة عربية مملوكة لجهة عربية وتدار بمعرفة جهة عربية في مجتمعات لا تعرف الحياة السياسية، ولا تمارس ديمقراطية حقيقية، ولا ترحب بممارسة أفرادها للسياسة.

وقد ظهر انبهار الناس بالقناة يشكل واضح في الإقبال الكبير على المشاهدة، الأمر الذى شجع الدولة مالكة القناة على طرح قنوات كثيرة في المجالات المختلفة، حتى في مجال الرياضة مقابل اشتراكات وربح الكثير من الأموال واقتحام أسواق ربما لم يعرفها الإعلام في ذلك البلد البترولي من قبل.

ولا غبار على هذا الانتشار المصاحب لهذه الجرأة ولهذا النجاح، ولا غبار على المكاسب المختلفة الضخمة التي حققتها الدولة البترولية التي لا يتعدى تعداد شعبها ربع مليون نسمة فقط لا غير من وراء هذا التوجه الجريء الذي صادف توقيتا جيدا واستعدادا عظيما لدى الناس في المجتمعات العربية ولدى الجاليات العربية في الخارج بالطبع. فقد أصبحت الجاليات العربية التي تعيش في الغربة ترى بلادها بصورة غير مجملة بزيادة، وباتت ترى وتسمع وتعرف شيئا من الأحداث والأخبار التي لم تكن في المعتاد تنشر أو تناقش علانية من قبل.

ولكن القائمين على القناة أرادوا المزيد من الدهشة على وجوه الناس ومزيدًا من المشاهدات الحقيقية بلا تعب، فراحوا يفبركون الأخبار ويلقون بها إلى الناس ويحصدون المشاهدات بحسبهم القناة التي تتواجد في كل مكان وتغطي كل الأحداث الحقيقية، وذلك على خلاف الواقع ولا شك أن كثيرا من الناس رأوا هذا الخداع بأعينهم في بعض البلاد وأحسوه في بلاد أخرى. وقد حققت القناة انتشارا واسعا في سوق المشاهدة العربية، بسبب تفردها في هذه الجرأة الحقيقي منها والمزيف في آن واحد وغياب الجرأة الإعلامية المقابلة في الإعلام العربي الذى بدا باهتا. وبفضل هذه الأرضية من الانتشار والقبول الإعلامي تحولت الدولة إلى مؤثر له دور فعال في تحريك الجموع بالحق وبالباطل أيضا.

فقد كان الهدف من الاستثمار في تلك القناة وفي أخواتها من القنوات هو تحويل والمساعدة في تحويل البلد البترولي الشقيقة إلى لاعب مؤثر على الساحة العربية والإقليمية والدولية طبعا، ليكون لها دور سياسي أكبر ويكون لها درب الى تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية الصغيرة والكبيرة ما حلى للغير وما لم يحلو لهم أيضا. فلا يوجد شيء قيم بلا مأرب في الحياة، وإنما هناك دائما أهدافا مشروعة وأهدافا مغرضة وغير مشروعة. وقد تقدمت الخدع وتحسنت مهارات القائمين على القناة واستوت حرفيتهم كثيرا وأصبح لدى القناة من الإعلاميين الحرفيين القدماء الثعالب من يعرف كيف يختار ويمزج الطيب بالخبيث في نعومة ويسر، وكيف يرسم بقع النفور والكراهية والاعتراض على ثياب الآخرين في براءة الأطفال وسلامة نوايا الشيوخ الطيبين.

الحروب والصراعات لا تنتهى بين الأعداء وبين الأصدقاء أيضا، فليس الأصدقاء صفحات بيضاء لم يلمسها قلم، وإنما هم صفحات تشهد حروبا وصراعات يتحول اسمها إلى ” المنافسة الأخوية الشريفة ” بين الشعبين أو بين الشعوب الصديقة. ولذلك، ورغم نجاح الزعماء في التغلب على الخلافات السابقة مع الدولة مالكة القناة المغرضة و”تفهم الدوافع الأخوية النبيلة” التي كمنت خلف تلك الخلافات، تظل القناة المؤثرة على دأبها في فبركة الأخبار ولوى الحقائق ومحاولة التأليب داخل الدول وضد الدول، في العالم العربي وفى أفريقيا بصفة أساسية .

Tags: الاعلام الموجه

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الاعلام الموجه

إقرأ أيضاً:

كيف خسرت قناة السويس أكثر من نصف عائداتها؟

القاهرة– واصلت إيرادات قناة السويس انخفاضها للعام الثاني على التوالي، إذ أظهر بيان صادر عن البنك المركزي تراجعا حادا هو الأكبر منذ 20 عاما، بنسبة 45.5% خلال السنة المالية 2025/2024، لتسجل نحو 3.6 مليارات دولار، مقارنة بـ6.6 مليارات دولار في السنة المالية السابقة.

وبالمقارنة مع السنة المالية 2023/2022، التي سجلت فيها الإيرادات نحو 8.8 مليارات دولار، تكون إيرادات القناة قد تراجعت بنسبة تقارب 59%، مما يعكس حجم التدهور الكبير في واحدة من أهم مصادر الدخل القومي لمصر.

ويأتي هذا التراجع الكبير مدفوعا بهبوط حاد في حركة الملاحة والشحن، حيث:

تراجعت الحمولة الصافية للسفن العابرة 55.1%، لتقتصر على 482.8 مليون طن. انخفض عدد السفن العابرة 38.5%، ليسجل نحو 12.4 ألف سفينة فقط.

وألقى ذلك بظلاله على عجز الميزان غير البترولي الذي شهد ارتفاعا ملحوظا، حيث قفز بنحو 5.2 مليارات دولار، ليصل إلى 37.1 مليار دولار، مقارنة بـ31.9 مليار دولار. ويشكل هذا الارتفاع زيادة تقدر بنحو 16.3%.

ويؤكد هذا الانكماش في أعداد وحمولات السفن استمرار تأثر الممر المائي الحيوي بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة وتحول مسارات التجارة العالمية، مما أدى إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري غير البترولي، مما يمثل ضغطا متصاعدا على الاقتصاد المصري.

حمولة السفن العابرة لقناة السويس تراجعت بنسبة 55% وعدد السفن انكمش 38% (الجزيرة)

هذا الهبوط الحاد يضع القناة، التي تُعد شريانا حيويا للاقتصاد المصري، أمام تحديات غير مسبوقة ويفتح الباب أمام تساؤلات حول تأثير التوترات الإقليمية والتحولات في مسارات التجارة العالمية على أحد أهم مصادر الدخل القومي.

أهمية قناة السويس

تُعتبر قناة السويس من أهم الممرات البحرية في العالم، إذ تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، وتصل بين أوروبا وآسيا والمحيط الهندي، وتستوعب نحو 12% من حجم التجارة العالمية و30% من حركة الحاويات على مستوى العالم.

إعلان

وبعد التوسعات الأخيرة، أصبح طول القناة 193 كيلومترا بدلا من 164، مما يجعلها أطول ممر ملاحي في العالم. كما زاد عمقها من 8 أمتار إلى 24 مترا، واتسع عرضها من 52 مترا إلى 205 أمتار، وكانت الملاحة سابقا تقتصر على النهار، أما اليوم فتتم على مدار اليوم.

ضغوط جيوسياسية على مصر

من جهته، أرجع مستشار النقل البحري أحمد الشامي -وهو خبير اقتصاديات النقل ودراسات الجدوى- استمرار التدهور في إيرادات قناة السويس إلى ما وصفها "بالضغوط الجيوسياسية على مصر بسبب موقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، خاصة أن تلك الإيرادات هي أحد موارد العملة الصعبة المهمة للبلاد وتعويضها يكون بالاستدانة".

وأوضح في حديثه إلى الجزيرة نت أن إيرادات قناة السويس كانت في طريقها لتحقيق أرقام قياسية جديدة، غير أن الحرب على غزة وما صاحبها من توترات في جنوب البحر الأحمر وقيام شركات النقل البحري بتغيير خط سيرها حال دون ذلك.

القناة، بطبيعتها الجغرافية -حسب الشامي- تظل رهينة لأمن محيطها وحالة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط مهما بلغ حجم الاستثمار فيها، مؤكدا أن التهديدات الحالية أثبتت أن عامل الأمان يغلب عامل الكفاءة والوقت الذي توفره القناة، مما يُبرز الحساسية القصوى للممر المائي للأحداث الإقليمية.

شبح التوترات يتغلب على الاستثمارات في القناة

وأضاف خبير اقتصاديات النقل أنه يمكن القول إن المليارات التي أُنفقت على تطوير قناة السويس لم تضِع، بل ضمنّت بقاء القناة الخيار الأمثل في ظروف السلام والاستقرار، لكنها عاجزة عن حماية القناة من التداعيات المباشرة للصراع الإقليمي.

قبل 10 سنوات، أنفقت مصر مليارات الدولارات لتطوير قناة السويس، مما زاد من ازدواجية القناة إلى 50% من طولها، وخفض زمن العبور والانتظار بشكل كبير.

هذا التطوير عزز من كفاءة القناة، ورفع قدرتها الاستيعابية، وزاد من دورها بوصفها ممرا مائيا عالميا، ويدعم تحويل مصر إلى مركز تجاري ولوجستي عالمي.

التأثيرات على الاقتصاد المصري

وفي ما يتعلق بالتأثير المتوقع لهذا الانخفاض، أوضح حسن الصادي، أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، أن "تراجع مصادر مصر الدولارية جراء استمرار انخفاض إيرادات قناة السويس سيؤثر سلبا على ميزان المدفوعات واحتياطي النقد الأجنبي".

مصر أنفقت مليارات على تطوير القناة لكن التوترات قلّصت أثره (رويترز)

وحذر الصادي، في تصريحات للجزيرة نت، من أن تراجع الحصيلة الدولارية سيدفع البلاد إلى بيع مزيد من الأصول في ظل وضع سقف للاقتراض، وأن استمرار بيع الأصول التي تدر عوائد مالية ليس حلا مثاليا لسد العجز، "ومن ثم قد نشهد تراجعا في الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي لسد الفجوة الدولارية".

تعافٍ وتوازن مشروط

وتوقع الصادي أن تعود إيرادات قناة السويس إلى مستويات التوازن، لكن ذلك مشروط بوقف الحرب وعودة الهدوء التام إلى البحر الأحمر.

وأكد أنه حتى يتحقق هذا الاستقرار، ستحتاج القناة إلى فترة من الوقت للتعافي، تعتمد بشكل مباشر على عودة شركات الشحن البحري لاستخدام مسار القناة مجددا، مطمئنة إلى زوال المخاطر الأمنية.

ولكنه يرى أن الهبوط الكبير في إيرادات قناة السويس لا يشير إلى أن المشكلة أصبحت هيكلية، إنما هي مجرد تأثير مؤقت للأحداث الإقليمية الراهنة التي من المتوقع أن تتراجع حدتها إذا تم التوصل إلى اتفاق حقيقي لوقف الحرب في غزة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • شايفة فرحة الدنيا في عينيك.. هاجر الشرنوبي تنعى صالح الجعفراوي
  • ابن النادي يتصدر تريند X بعد تصاعد الأحداث في حلقاته الثالثة والرابعة
  • ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة
  • ضبط شبكة تستغل أطفالًا في التسول وبيع السلع بشرق القاهرة
  • القبض على 21 متهمًا باستغلال الأطفال في أعمال التسول بالقاهرة
  • إطلاق موقع القاهرة مباشر لتغطية الأحداث العاجلة في مصر والعالم
  • أوقفوا حربنا أيضا.. زيلينسكي يهنئ ترامب على وقف إطلاق النار في غزة
  • استغلال الأطفال للتسول.. حبس أفراد عصابات «الكتعة» في القاهرة
  • الليلة.. انطلاق أولى حلقات مسلسل لينك على شاشة DMC
  • كيف خسرت قناة السويس أكثر من نصف عائداتها؟