عربي21:
2025-07-05@11:41:27 GMT

الفساد والتنمية في سوريا

تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT

الفساد آفة العصر، وقد عرّفته الأمم المتحدة بأنه: "سوء استعمال السلطة العامة لتحقيق مكسب خاص"، وقد حارب الإسلام ونظامُه الاقتصادي الفسادَ على مدار الوقت، وجعله آفة ومعرة ومهلكا للأمم، فالفساد نقيض الإصلاح والتنمية، ومن خلاله تضيع الحقوق وتُنتهك المصالح وتقتل الروح المعنوية تقتيلا.

ويمثل الفساد في سوريا قضية ذات أهمية للحكومة الجديدة، فوفقا لمؤشر مدركات الفساد لعام 2023 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، حصلت سوريا على درجة 13 من 100، مما يضعها في المرتبة 177 من أصل 180 دولة، حيث تشير الدرجة الأقل إلى مستوى أعلى من الفساد.

وهذا التصنيف يضع سوريا ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، مما يعكس ما تواجهه الحكومة الجديدة من تحديات لمكافحة الفساد الذي تعمق في دولاب الدولة بفعل إدارة الفساد المنظم للنظام المخلوع، سواء كان فسادا إداريا من انتشار المحسوبيات والرشاوى على مختلف المستويات الحكومية، أو فسادا اقتصاديا من خلال استغلال الموارد الوطنية وغياب الشفافية في إدارة الأموال العامة والمشاريع، أو فسادا قضائيا من خلال تأثير النفوذ السياسي والمالي على استقلالية القضاء، أو فسادا في الخدمات العامة من خلال ضعف جودة تلك الخدمات.

محاربة الفساد يجب أن تكون أولى الأولويات للحكومة السورية، فخنق موروث الفساد المنظم للنظام المخلوع يعني توفير موارد يمكن للدولة السورية البناء عليها لتحقيق أهدافها التنموية، ولا يمكن أن يتحقق إصلاح أو تنمية مع فساد
والفساد لا تقتصر مفاسده ومضاره على صاحبه بل تمتد إلى جنبات المجتمع، فهو يمثل سرقة لثروات الأمة، ويؤثر سلبا على الخدمات العامة من صحة وتعليم وبنية تحتية، كما يؤدي إلى إهدار سيادة القانون، والتشكيك في فعاليته وفي قيم الثقة والأمانة، ويعوق عمليات التنمية ويضعف النمو الاقتصادي؛ حيث يؤثر على استقرار وملاءة مناخ الاستثمار، ويزيد من تكلفة المشروعات ويهدد نقل التقنية، ويضعف الأثر الإيجابي لحوافز الاستثمار بالنسبة للمشروعات المحلية والأجنبية؛ ومن ثم تطفيش رأس المال سواء أكان محليا أم أجنبيا، ويؤثر على روح المبادرة والابتكار ويضعف الجهود لإقامة مشروعات استثمارية جديدة، فضلا عن تأثيره على كل من العدالة التوزيعية والفعالية الاقتصادية، ويحول دون التخصيص الأمثل للموارد، ويحد من قدرة الدولة على زيادة الإيرادات.

ومن هنا، فإن محاربة الفساد يجب أن تكون أولى الأولويات للحكومة السورية، فخنق موروث الفساد المنظم للنظام المخلوع يعني توفير موارد يمكن للدولة السورية البناء عليها لتحقيق أهدافها التنموية، ولا يمكن أن يتحقق إصلاح أو تنمية مع فساد، فهما نقيضان لا يجتمعان، وشاء الحق سبحانه أن يجعل أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خير الأمم بشرط أن يأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ" (آل عمران: 110).

ومن أهم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قطع دابر الفساد وإعلان الحرب على المفسدين، لا سيما بقايا النظام المخلوع، من خلال تطبيق مبدأ من أين لك هذا؟ ومحاسبتهم، وعدم الاستهانة بترك مفسد من أنصار هذا النظام البائد في موقعه، مع إرساء مبادئ النزاهة والشفافية والإفصاح والحوكمة في جميع العمليات الحكومية، وإرساء مبدأ المساءلة قيدا على سلوك القائمين على شؤون السلطة، وإصلاح الجهاز الإداري وتحقيق الكفاية المعنوية والمادية له، ببناء كادر حكومي يتقاضى أجورا جيدة، مع الاعتماد في التعيين والترقي على الكفاءة لا الولاء، ووضع بنية تشريعية -كمّا وكيفا- لمكافحة الفساد وتفعيل تنفيذها.

من الأهمية بمكان الاقتداء بنموذج إسلامي عملي تمكن من تحقيق التنمية والرفاهية للبلاد بحربه على الفساد وهو الخليفة العادل عمر بن عبد العزير
وكذلك تكاتف قوى المجتمع المدني والقطاع الخاص والدولة في جهود مكافحة الفساد من خلال إنشاء الدولة هيئات مستقلة لمكافحة الفساد، وإتاحة الفرصة لوسائل الإعلام المسؤول والصوت الحر المسموع في مكافحة الفساد. وكذلك رفع الوعي وتفعيل القيم الإيمانية والخلقية وإرشاد وتربية الأفراد على حرمة المال العام، فذلك أقرب الوسائل لمنع الفساد، مع ترسيخ مفهوم الإدارة بالقدوة التي أرساها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبيَّنها القرآن الكريم في قوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا"، وسار على نهجه خلفائه الراشدين من بعده حتى قال علي بن أبي طالب، لعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قولته المشهورة: "عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا".

كما أنه من الأهمية بمكان الاقتداء بنموذج إسلامي عملي تمكن من تحقيق التنمية والرفاهية للبلاد بحربه على الفساد وهو الخليفة العادل عمر بن عبد العزير، حتى إنه في نحو ثلاثين شهرا فاض بيت مال المسلمين بالأموال، فأغنى الناس وعجز أن يجد من بين رعيته فقيرا محتاجا.

x.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفساد سوريا التنمية سوريا اسلام فساد تنمية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من خلال

إقرأ أيضاً:

ما مصير سعر صرف الليرة السورية؟ وهل ستفرض ضرائب جديدة على المواطنين؟ محافظ “المركزي السوري” يوضح

سوريا – أكد محافظ مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أن “الليرة السورية لن تُربط بالدولار أو اليورو بل ستخضع لآلية العرض والطلب، وأنه سيتم توحيد سعر صرفها خلال بضعة أشهر”.

وفي مقابلة خاصة مع “CNBC عربية”، أوضح عبد القادر الحصرية أن “الليرة السورية لن تُربط بالدولار أو اليورو بل ستخضع لآلية العرض والطلب”، مشيرا إلى أنه “يتم العمل على اعتماد سياسة تعويم مدار لضمان استقرار تدريجي لسعر الصرف”.

وأضاف “الحصرية” أنه “سيتم توحيد سعر صرف الليرة السورية خلال بضعة أشهر”، لافتا إلى أن “الحكومة تسعى إلى الحد من المضاربة على العملة لحماية استقرار السوق”.

وبين محافظ مصرف سوريا المركزي أنه “سيتم تحديد معدل الفائدة وفق السوق وآلية العرض والطلب دون تقديم إغراءات بفوائد مرتفعة”، موضحا أنه “يجري العمل على ضمان استقلالية البنك المركزي وفقًا للمعايير الدولية”.

وأشار المتحدث نفسه إلى أن “البنوك السورية بدأت التحويلات المباشرة وغير المباشرة لأول مرة منذ 2012، وأن “النظام المصرفي السوري يعود للانفتاح على المنظومة العالمية بعد عزلة دامت نحو 50 عاما”، حيث أن “نظام “سويفت” عاد للعمل بعد فك العزلة التقنية”.

وشدد عبد القادر الحصرية على أن “مؤسسة ضمان الودائع مفعّلة لحماية حقوق المودعين”، مؤكدا أنه “لا توجد أزمة ودائع إذ إن معظمها بالليرة السورية”.

وأوضح “الحصرية” أنه “بعد رفع العقوبات أصبحت هناك ودائع مجمّدة يمكن تسييلها لدعم السيولة”، مشيرا إلى صدور قرارات بعد 7 مايو لتعزيز السيولة في القطاع المصرفي.

ولفت محافظ مصرف سوريا المركزي إلى أنه “سيتم تفعيل هيئة التمويل العقاري لخلق سيولة مستدامة”، مبينا أن “صكوكا محلية ستُصدر لتمويل العجز بدلا من الاعتماد على الاقتراض الخارجي”.

وأكد “الحصرية” أنه “لا توجد خطة للاقتراض من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي”، موضحا أن “الاقتراض الداخلي سيُستخدم لخلق سيولة داخلية دون تضخم مفرط”.

وأفاد بأنه “يجري التشاور مع صندوق النقد لتبني أفضل الممارسات العالمية في منظومة المدفوعات”، وأن “هناك توجها لإطلاق إصدارات داخلية لتمويل الاقتصاد”.

وقال “الحصرية” إن “الحكومة تسعى إلى بناء اقتصاد صحي قائم على الإنتاج والصادرات، دون الاعتماد على فوائد مرتفعة أو مغريات استثمارية محفوفة بالمخاطر”.

وذكر أن البيئة الاستثمارية باتت مؤهلة لتوفير عوائد مستقرة للمستثمرين، بعد أن دخل الاقتصاد السوري، وللمرة الأولى منذ 70 عاما، في مرحلة استعادة النشاط الكامل لكافة قطاعاته.

وأكد محافظ مصرف سوريا المركزي أنه “لا نية لفرض ضرائب على المواطنين رغم التشريعات الضريبية الجديدة”، حيث أنه “مع تخفيض الرسوم الجمركية، حققت وزارة المالية إيرادات جيدة دون إثقال كاهل المواطن”.

وتابع  عبد القادر الحصرية أن “من المتوقع أن تنخفض أسعار المستوردات بنسبة تتراوح بين 25% و30% بعد رفع العقوبات”.

وأوضح “الحصرية” أن “سوريا تمتلك احتياطيا من القطع الأجنبي يمكن استخدامه تدريجيا”، وأن ” الودائع المجمّدة ستُحرر وتُستخدم بعد تخفيف القيود والعقوبات”، لافتا إلى أن “التدفق النقدي بالقطع الأجنبي سيستمر من خلال الاقتراض المحلي والخارجي لفترة تتراوح بين 15 إلى 20 عاما”.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أصدرت يوم الاثنين الماضي، بيانا أكدت فيه أن الرئيس دونالد ترامب وقع على الأمر التنفيذي التاريخي الذي ينهي برنامج العقوبات على سوريا لإعطاء الشعب السوري الفرصة لبداية جديدة بعد نهاية نظام الأسد.

كما أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لنظيره السوري أسعد الشيباني خلال اتصال هاتفي، “العمل مع الكونغرس لإلغاء قانون قيصر خلال الأشهر المقبلة”، وفق ما ذكرت الخارجية السورية في بيان لها اليوم الجمعة.

 

المصدر: “CNBC عربية” + RT

مقالات مشابهة

  • صيانة وتأهيل أربع مدارس في طرطوس متضررة من الزلزال الذي ضرب سوريا
  • وزارة التربية السورية تستكمل تحضيراتها لامتحانات الشهادة الثانوية العامة
  • ما مصير سعر صرف الليرة السورية؟ وهل ستفرض ضرائب جديدة على المواطنين؟ محافظ “المركزي السوري” يوضح
  • من ليبيا إلى فرنسا.. تدريب عالمي يعزز صمود النيابة العامة ضد الجرائم المالية
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني: خلال الأشهر الماضية لم تقبل الدبلوماسية السورية بالواقع المتهالك الذي ورثناه، وكانت في حركة دؤوبة لاستعادة حضور سوريا الدولي
  • وزراء الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والتنمية المحلية ومحافظ مطروح يفتتحون المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين والمستثمرين بجهاز مدينة العلمين الجديدة
  • تفجيرات تعز تفضح فساداً عسكرياً وتحركات لتغييرات كبرى
  • الخمر المغشوش.. سمّ يباع على قارعة الفساد
  • قيمة الريال من قيمة الشرعية