الصحة للميسورين فقط .. صرخة مواطن أمام ارتفاع تكاليف العلاج
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
17 يناير، 2025
بغداد/المسلة: في أحد أحياء بغداد، تحدث المواطن عباس الجبوري عن تجربته الأخيرة في زيارة عيادة طبيب اختصاصي، حيث اضطر إلى دفع مبلغ 75 ألف دينار عراقي مقابل الكشف الطبي. يقول عباس: “كان لدي ألم في الظهر ولم أستطع الانتظار في المستشفيات العامة بسبب طوابير الانتظار الطويلة. لكن المبلغ الذي دفعته استنزف ما كنت أدخره للأسبوع”.
تحدثت مصادر من لجنة الصحة والبيئة النيابية، مشيرة إلى أن ارتفاع أسعار الكشف الطبي أصبح ظاهرة مقلقة، حيث زادت بنسبة تتراوح بين 20% و40% في بعض المناطق الحضرية خلال العام الماضي.
وقال مصدر مطلع من اللجنة إن عدم تفعيل قانون الضمان الصحي بالدرجة الكافية ساهم بشكل مباشر في زيادة العبء على المواطنين، مضيفًا: “تعمل اللجنة على رفع توصيات للحكومة لتسريع تطبيق القانون وضمان توفير خدمات صحية بأسعار معقولة”.
في منشور على فيسبوك، كتبت مواطنة من البصرة، اسمها رباب علي: “أخذت والدتي إلى الطبيب لارتفاع ضغط الدم، ولم يكتفِ الطبيب بسعر الكشف المرتفع، بل طلب تحليلات مختبرية كلفتني نصف راتبي. لماذا أصبح العلاج للميسورين فقط؟”.
تفاوت أسعار الأدوية والتحليلات المختبرية يمثل وجهًا آخر للأزمة، إذ أفاد الباحث الاجتماعي حسن فاضل بأن هذه التفاوتات تعكس ضعف الرقابة الحكومية وغياب تنظيم السوق.
وأوضح في تصريحات خاصة: “تشهد الصيدليات حالة من الفوضى، حيث يبيع بعضها الأدوية بأسعار مرتفعة دون رقابة كافية. الأمر يتطلب تعزيز الدور الرقابي لوزارة الصحة وتفعيل القوانين الرادعة”.
في السياق نفسه، أشار الدكتور قاسم الخالدي، وهو طبيب يعمل في عيادة خاصة ببغداد، إلى أن ارتفاع تكاليف المواد الطبية والمعدات المستوردة انعكس على أسعار الكشف الطبي. وقال: “لسنا تجارًا، لكننا نعاني أيضًا من ارتفاع الأسعار العالمية، ما يضعنا أمام معادلة صعبة بين التكاليف المرتفعة ومراعاة ظروف المرضى”.
أما المستشفيات الحكومية، فلا تزال تعاني من ضعف الكفاءة والخدمات، ما يدفع المواطنين للجوء إلى المستشفيات الخاصة، خاصة في العمليات الجراحية الكبرى.
يتحدث علي الحسيني، مواطن من النجف، عن تجربة شقيقه الذي اضطر لإجراء عملية قلب مفتوح في مستشفى خاص: “كان علينا بيع قطعة أرض لتغطية النفقات. الانتظار في المستشفى العام كان مستحيلًا لأن الوقت كان حساسًا”.
وقالت تغريدة نشرها أحد النشطاء على منصة إكس: “القانون يضمن للمواطن العلاج، لكن الواقع يفرض عليه الاختيار بين الدين أو الألم. متى ستكون الصحة حقًا لا امتيازًا؟”.
ويرى محللون أن الحلول لا تقتصر فقط على تفعيل قانون الضمان الصحي، بل تشمل أيضًا تحسين البنية التحتية للمستشفيات الحكومية وإطلاق مبادرات رقابية لضبط الأسعار في القطاع الخاص. وذكرت تحليلات اقتصادية أن تشجيع الاستثمار في قطاع الصحة العامة يمكن أن يخفف الضغط عن القطاع الخاص، مما سيؤدي إلى خفض تكاليف الكشف الطبي والخدمات العلاجية تدريجيًا.
وفقًا لتقديرات صادرة عن مصادر صحية، فإن استمرار هذا الوضع سيزيد من معدلات الديون الشخصية بين الأسر العراقية. واعتبر الباحث في الاقتصاد الصحي، سامر العبيدي، أن “الأزمة ليست فقط صحية، بل تمتد لتصبح أزمة اجتماعية واقتصادية ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الکشف الطبی
إقرأ أيضاً:
الانتخابات تبدأ من الأرصفة.. من يخسر أمام الصورة؟
2 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: شهدت شوارع العاصمة العراقية تزايدًا لافتًا في عدد الصور واليافطات التي تمجد شخصيات سياسية محلية، في وقت لم تبدأ فيه الحملة الانتخابية رسميًا.
وانتشرت مجسمات وصور كبيرة في مناطق الكرادة والشعب ومدينة الصدر، تحمل عبارات شكر وثناء على “خدمات” قدمها هؤلاء السياسيون، وسط غياب أي ترقيم انتخابي رسمي أو إشارة صريحة للترشح، في سلوك يرى فيه مراقبون التفافًا ناعمًا على القوانين الانتخابية، وبداية مبكرة لحملة انتخابية غير معلنة.
وأكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أنها لم تصادق بعد على قوائم المرشحين، ولم تجرِ القرعة الخاصة بتوزيع الأرقام الانتخابية، ما يجعل تلك الحملات تندرج تحت “حرية شخصية”، على حد وصف المتحدثة الرسمية جمانة الغلاي، التي أشارت إلى استمرار استقبال الترشيحات حتى 24 حزيران الجاري.
وانتقد نشطاء وصحفيون هذه الممارسات في تغريداتهم، إذ كتب الإعلامي علي وجيه: “لم تبدأ الانتخابات بعد، ولكن بدأت الفوضى.. الصور في كل مكان وكأننا في سباق تماثيل لا انتخابات!”، فيما علّق مغرد باسم “مواطن غاضب”: “أي خدمات؟ رصيف مُبلط صار تمثال؟!”.
وتكررت هذه الظاهرة في تجارب سابقة، أبرزها ما شهدته محافظة ديالى قبيل انتخابات 2018، حين غطّت صور مرشحين موالين لأحزاب نافذة مداخل المدن والأسواق، ما دفع مفوضية الانتخابات وقتها لإزالة أكثر من 800 إعلان وفرض غرامات على 26 مرشحًا تجاوزوا السقف الزمني والقانوني للحملة، بحسب تقرير للمفوضية نُشر في حزيران 2018.
وواجهت بعض الأحزاب المدنية والمستقلة صعوبات في منافسة تلك الحملات المبكرة، بسبب ضعف التمويل وغياب النفوذ المحلي، ما يفتح الباب أمام أسئلة مشروعة حول مدى تكافؤ الفرص في العملية الديمقراطية، رغم تأكيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على “ضرورة حياد الدولة ومؤسساتها في الانتخابات”، وذلك في اجتماع عقده في 17 نيسان الماضي مع هيئة النزاهة.
ويُنتظر أن تشهد الأسابيع القادمة تصاعداً في وتيرة هذه الحملات غير الرسمية، ما لم تُفعّل آليات الردع القانونية، وتُفرض قواعد تضمن عدالة المنافسة، لاسيما في ظل ضعف ثقة المواطن بالعملية السياسية وتراكم إخفاقات الدورات السابقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts