عاشت السينما العالمية ما يزيد على 10 سنوات من ازدهار أفلام الأبطال الخارقين، فقد احتلت هذه الأفلام قوائم الأعلى إيرادا، واستحوذت على شاشات العرض السينمائي حول العالم.

ونافست أفلام الأبطال الخارقين السينما المحلية، وحتى مجبرة إياها على محاولة مضاهاتها في بعض الأحيان، كما شاهدنا في تجربة فيلم "موسى" المصري من إخراج وتأليف بيتر ميمي وعُرض خلال 2021.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بعد اتهامه بالنفاق.. ليوناردو دي كابريو يتبرع بمليون دولار لضحايا حرائق كاليفورنياlist 2 of 2حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في تأجيل بعض الفاعلياتend of list

غير أن الحال تغير مؤخرا، ففي 2023 اعتلى عرش الأعلى إيرادا حول العالم فيلم "سوبر ماريو بروس، الفيلم" (The Super Mario Bros. Movie)، بينما في 2024 استحوذت 8 أفلام عائلية أو متحركة من أصل 10 على أعلى إيرادات شباك التذاكر العالمي، مع فيلمين فقط ينتميان إلى عالم الأبطال الخارقين، فكيف حصل هذا التحول؟

أحفاد جيل الألفية

أول سؤال يجب علينا طرحه هو: مَن الأطفال الذين يذهبون للسينما الآن؟

إنهم أحفاد أو أبناء أبناء جيل الألفية، أو أطفال الملينيالز (Millennials) بتعبير آخر، لفهم أهمية هذا السؤال، يجب تفهم أن لكل جيل طرقه الخاصة في تربية أبنائه، التي تتفق من ناحية مع أساليب الأجيال السابقة، غير أنها تعمل على تغيير سلبيات هذه الأجيال من ناحية أخرى.

واحدة من أهم سمات جيل الألفية في التعامل مع أطفاله تتمثل في قضائهم أوقاتا أطول معهم، حتى وإن كانت حياتهم تتسم بالانشغال وضيق الوقت أكثر من آبائهم وأجدادهم من أبناء الجيل إكس (X) أو البيبي بومرز (Baby boomers).

إعلان

وكذلك الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة لصحتهم النفسية والعقلية، الأمر الذي يحيل بالتبعية لاهتمامهم الشديد باتباع التصنيفات الرقابية بشكل دقيق، حتى لا يعرضوا أطفالهم لأعمال فنية لا تناسبهم لمحتواها سواء الجنسي أو العنيف.

يداعب الفيلم رقم 1 لعام 2024 الاهتمام بالصحة النفسية والعقلية للأطفال، وهو فيلم "قلبا وقالبا 2" (Inside Out 2) الذي يتناول صراع المشاعر لدى فتاة تدخل مرحلة المراهقة والبلوغ.

فيبدأ القلق في السيطرة على حياتها، الأمر الذي يستلزم قيام المشاعر الأخرى بثورة لإعادة الأمور لوضع التوازن مرة أخرى، ويركز الفيلم بشكل مباشر على الصورة المثلى للتعامل مع أزمات المراهقة والبلوغ، ويوضح طريقة عمل المخ في هذه الفترة الصعبة.

 

I’m still here. pic.twitter.com/xUe4mSx3CK

— wicked news hub (@wickednewshub) January 17, 2025

ويقدم فيلم "ويكد" (Wicked) أو "شريرة" قصة فتاة صغيرة سجينة، تكتشف أنها يمكن أن تتحكم في مصيرها عندما تصادق شابة أخرى تبدو من الخارج النسخة المعاكسة لها. الفيلم مقتبس من المسرحية الشهيرة التي عرضت على خشبات برودواي.

بينما تركز أفلام أخرى على أهمية العائلة مثل فيلم "موانا 2" (Moana 2) الذي تقف في خلفية مغامرة البطلة أسرتها وأختها الصغيرة الداعمة، أو "أنا فهلوي" (Despicable Me) الذي يتناول قصة عائلة حوّلت الأطفال فيها الأب من شخص شرير تعتمد حياته على القيام بجرائم مؤذية إلى نسخة أفضل من نفسه.

إلى أين ستأخذنا السينما العائلية؟

كما حدث من قبل مع الموجات السينمائية العالمية الأخرى، ستتكرر الأفلام العائلية في السنوات المقبلة لاستغلال نجاح هذه الأفلام العام الماضي، والتي بدأت بالفعل بعرض فيلم "بادنغتون في بيرو" (Paddington in Peru) والذي يتناول قصة الدب بادنغتون الذي يعود سريعا إلى موطنه الأصلي في بيرو للبحث عن أسباب اختفاء عمته التي ربّته طفلا قبل هجرته إلى إنجلترا وبدئه حياة جديدة، ليصطحب معه أسرته البديلة في المغامرة التي تحقق الإيرادات من ظهورها على الشاشة.

إعلان

ومن المنتظر عرض عدة أفلام عائلية أخرى خلال 2025 مثل "أسطورة أوتشي" (The Legend of Ochi) والذي يدور حول شابة تدعى يوري تكتشف قردًا من نوع "أوتشي" -وهو نوع يخشاه الجميع ويعيش في الغابة القريبة- وتنطلق في رحلة لإعادته إلى القطيع الذي تركه وراءه.

والنسخة الحية من فيلم "سنو وايت" (Snow White)، وفيلم بيكسار "إليو" (Elio) ويقدم قصة مخلوق فضائي انطوائي يبلغ من العمر 11 عامًا، يتم نقله إلى الفضاء الخارجي بعد أن تم الخلط بينه وبين سفير الأرض، وفي "كوميونيفيرس"، وهو نوع من الأمم المتحدة في الفضاء، يجتمع ممثلو الأجناس الفضائية لحل الأزمات في جميع أنحاء الكون ويصبح إليو واحدًا منهم، بالإضافة إلى الجزء الثاني من "ويكد".

لن يغير هذا التحول (من أفلام الأبطال الخارقين إلى الأفلام العائلية) تراتبية الأستوديوهات العالمية، فبينما استحوذت شركة ديزني على "مارفل"، وهي أهم سلسلة أفلام أبطال خارقين، ديزني كذلك هي الشركة المسيطرة على بيكسار صاحبة العلامة الشهيرة "بيسكار ديزني" صانعة فيلم "قلبا وقالبا" وغيره، وبالتالي تضمن ديزني الإيرادات ذاتها، وإن كانت ستأتي من استثمار مختلف هذه المرة.

‘MOANA 2’ crossed $989M globally.

The film had a $150M budget. pic.twitter.com/gkV1yyKetO

— The Hollywood Handle (@HollywoodHandle) January 12, 2025

أين السينما العربية؟

على الرغم من عرض مسلسلات تلفزيونية عائلية ناجحة كل عام، جمهورها الأهم يتمثل في الأطفال وأولياء أمورهم، فإن السينما العربية لا تزال تقف في دور المُستَقبِل للأفلام العالمية العائلية ولا تقدمها، وإن صنعتها فهي لا تتبع معايير أخلاقية واضحة، فعلى سبيل المثال تم الترويج لفيلم "من أجل زيكو" على أنه فيلم لكل أفراد الأسرة، غير أنه في الحقيقة يحمل بعض الشخصيات والأفعال غير المناسبة للأطفال.

إعلان

يمتد الأمر للتصنيفات العمرية للأفلام، فعلى سبيل المثال يُعرض الآن فيلم "الهنا اللي أنا فيه"، والذي تبعا لموقع السينما حاصل على تصريح "جمهور عام"، بينما تشمل أحداثه الكثير من المحتوى الجنسي غير الصالح للأطفال بأي شكل من الأشكال، بداية من حبكته الأساسية، الأمر الذي يجعله يقع تحت تصنيف للبالغين فقط، أو على الأقل +16.

هذا بالإضافة إلى عدم قيام دور العرض السينمائية بدورها في تطبيق ما يأتي في التصريحات الرقابية، فتسمح بدخول الأطفال أفلام للبالغين فقط، سواء برفقة ذويهم أو وحدهم، وبالتالي يسهل على الأطفال الوصول إلى أفلام ذات محتوى غير ملائم لهم من الناحية العمرية، ما له تأثيراته السلبية الخاصة عليهم نفسيا وعقليا.

وبالتالي لا تزال السينما العربية على الحياد فيما يخص الأفلام العائلية، وبعيدا للغاية عن تحقيق أي تقدم فيما يخص أفلام الرسوم المتحركة، تاركة الساحة فارغة أمام الأفلام العائلية العالمية!

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سينما الأبطال الخارقین الأفلام العائلیة

إقرأ أيضاً:

فيلم باليرينا.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة جون ويك

في السنوات الأخيرة، تحوّلت السلاسل السينمائية إلى عوالم متكاملة، تتفرع منها قصص لاحقة وأخرى سابقة، إضافة إلى حكايات جانبية تعمّق من تجربة الجمهور أو تُعيد استثمار نجاح سابق. وبين موجة من الأعمال التي تبدو تجارية بحتة، تظهر أحيانا محاولات تستحق التوقف، لأنها تقدم إضافة حقيقية لعالمها السردي.

من بين هذه المحاولات يبرز فيلم "باليرينا" (Ballerina)، أحدث امتداد لعالم الأكشن الشهير "جون ويك" (John Wick)، الذي رسّخ بصمته عبر 4 أفلام أعادت تعريف المعارك السينمائية. الفيلم، من إخراج لين وايزمان وتأليف شاي هاتن، وبطولة آنا دي أرماس وكيانو ريفز، يسعى لتقديم قصة جديدة ضمن هذا العالم، تمزج بين الأناقة المميتة والإثارة الحركية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع بين باكستان والهند؟list 2 of 2فيلم "ريستارت".. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراءend of list عالم "باليرينا" واختلاف عن كل أفلام الأكشن

يُصنَّف فيلم "باليرينا" كـ"جزء بيني" (Interquel)، إذ تدور أحداثه ضمن العالم نفسه لسلسلة "جون ويك"، لكن في فترة زمنية تقع بين الجزأين الثالث والرابع، ما يمنحه استقلالا نسبيا مع الحفاظ على ترابطه بالسلسلة الأصلية.

وتتمحور القصة حول شخصية جديدة هي إيف ماكار، المعروفة لاحقا بلقب "الباليرينا"، وتؤدي دورها آنا دي أرماس. نراها في البداية طفلة تهرب مع والدها من عصابة غامضة، تنجح لاحقا في قتله، قبل أن ينقذها ونسون (إيان ماكشين) ويأخذها إلى عصابة الروسكا روما؛ وهي منظمة غامضة تجمع بين تدريب الباليه وفنون القتال، لتنشئ فتيات قاتلات يعملن كحارسات نخبويات لمن يملك المال والسلطة.

كما هو متوقع، فإن إيف تكبر وتحمل نية الانتقام لوالدها، غير أنها لا تعرف حتى هوية قاتليه. وخلال أحد مهامها، تتعرف على أنهم ينتمون إلى جماعة مهووسة يقيم أفرادها في مكان مجهول. وتوجد معاهدة سلام بين الجماعة وعصابة الروسكا روما، لذا إن هاجمتهم، فستفقد حماية العصابة التي تعتبرها بمثابة عائلة.

يتميز عالم "جون ويك" السينمائي عن أفلام الأكشن التقليدية بأنه لا يقدم صراعا بين الخير والشر بشكل صارم، فهنا لا توجد شخصيات عادية، بل حروب بين جماعات مختلفة من القتلة المحترفين جدا. ومع ذلك، فإن للسلسلة بوصلتها الأخلاقية الخاصة: على سبيل المثال، جون ويك (كيانو ريفز) قاتل ذو تاريخ إجرامي طويل، لكن يتماهى معه الجمهور لأنه يدافع عن وجوده وحياته ضد القتلة الذين قضوا على كلبه الذي تركته له زوجته المتوفاة. ويتعاطف الجمهور مع إيف حتى وهي تذبح أعداءها بدم بارد، فهؤلاء الأعداء معتدون يحاولون قتل أو خطف عملائها، أو هم قتلة والدها الذين يستحقون الإبادة عن بكرة أبيهم.

إعلان

بالإضافة إلى هذا الميزان الأخلاقي المختلف، يتمتع عالم "جون ويك" الإجرامي بهيكلية مميزة، فهي ليست مجرد عصابات تتقاتل وتتدخل في مناطق نفوذ بعضها البعض، بل تشبه إلى حد كبير العائلات التي لها قواعدها الخاصة، والتي يدين لها الأعضاء بالولاء التام، ويخضعون لقوانينها، حتى الصارمة جدا منها.

ظهرت الروسكا روما من قبل في أفلام "جون ويك"، وكانت لافتة لدرجة أعطتها فرصة أكبر في "باليرينا"، فهي هنا العائلة التي تحتضن الصغيرة إيف، وتكسبها مهاراتها، وتعمل على تهذيب طباعها، وتحاول حمايتها حتى من طبيعتها الانتقامية.

لا ضيوف شرف بل شخصيات فاعلة

تغلب على أفلام السلاسل الممتدة ظهور نجوم الأفلام السابقة كضيوف شرف في مشاهد قصيرة، وذلك للعب على شعور المتفرجين بالحنين لهذه الأفلام، وهو تقليد كرسته أفلام مارفل وتبعها العديد من الأفلام التالية. غير أن "باليرينا" قرر الخروج عن هذا التقليد بشكل يوضح مدى احترام صناع الفيلم لهذا العالم السينمائي، والأهم، احترامهم لمشاهديهم.

توقع المتفرجون ظهور النجم كيانو ريفز في لقطة أو اثنتين في نهاية الفيلم، مع شخصيات شهيرة من السلسلة مثل ونستون وشارون (لانس ريديك). غير أنهم هنا كانوا أجزاء رئيسية من الحبكة، بما يليق مع الشخصيات التي أُسس لها بشكل ممتاز في السلسلة.

يأخذ ونستون إيف تحت جناحه، كما يفعل مع الكثير من الشخصيات التي يعتبرها "شريفة" في هذا العالم الإجرامي، بينما تتطلع إيف إلى جون ويك كمثل أعلى استطاع هزيمة عائلات إجرامية مختلفة بذكائه وقدراته القتالية التي لا يُجارى فيها. وأضاف صناع الفيلم قرب النهاية فصلا آخر لشخصية جون ويك بشكل يتناغم مع أحداث الفيلم بسلاسة.

غير أن أهم ما ينتظره محبو أفلام "جون ويك" في فيلم "باليرينا" هو مشاهد الأكشن، التي تُعد من أبرز مزايا السلسلة الأصلية. وهنا لم يخيب صناع الفيلم آمالهم، فعلى الرغم من التمهيد الطويل نسبيا في بداية الفيلم، إلا أن بعد ذلك ظهرت تتابعات حركية مميزة للغاية، سواء من حيث التصوير، أو استغلال الإضاءة والديكورات، أو تصميم مشاهد القتال نفسها. بل إن الفيلم أضفى على هذه التتابعات دموية أكثر مما كان في أفلام "جون ويك" المعتادة.

على الجانب الآخر، يتضح منذ أول مشاهد الأكشن الجهد البدني الذي بذلته الممثلة آنا دي أرماس، والتدريبات المطولة لتعزيز قدرتها على تقديم هذه اللقطات بشكل ممتاز. بل استغل صناع الفيلم أن البطلة امرأة، ووفقا لحبكة الفيلم أيضا راقصة باليه، مما جعل تتابعات الأكشن تشبه إلى حد كبير استعراضات دموية رشيقة ومبهرة.

تستحق سلسلة "جون ويك" أن تكون ممتدة، فهي تمنح جمهورها ما يتطلعون إليه في كل مرة، و"باليرينا" لا يختلف عن أفلام السلسلة الأخرى في ذلك، ليصبح واحدا من أفضل أفلام الأكشن لعام 2025 حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • "جمعية السينما" تدشّن الأفلام الفائزة بـ"الدعم والإنتاج" في الاحتفال بذكرى التأسيس الثالثة والعشرين
  • فيلم باليرينا.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة جون ويك
  • في ذكراه الـ30.. عاطف الطيب مخرج المهمشين الذي حوّل السينما إلى مرآة للوطن(تقرير)
  • مسؤول صحي: تقاعس عن التطعيمات وظهور لحالات الحصبة مجددا
  • كل ما تريد معرفته عن طريقة الاستعلام عن تأشيرة الزيارة العائلية في السعودية 2025
  • نبوءة قديمة.. إغلاق هرمز بداية نهاية الزمان وظهور يأجوج ومأجوج
  • «5 أفلام جديدة.. دور العرض السينمائي تستعد لاستقبال باقة مميزة من الأفلام
  • صلاح أبو سيف في ذكراه.. رائد الواقعية الذي نقل المرأة والشارع إلى شاشة السينما
  • رواية وأكشن.. عمرو يوسف يقتحم السينما بـ 3 أفلام
  • حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع بين باكستان والهند؟