أول شهيدة فلسطينية، بعد نكسة 1967، وأول شهداء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، استشهدت في بيتها بنابلس خلال التحضير لعملية مسلحة.

كانت متفوقة في دراستها، جدية، صامتة، وكانت تحب أن تردد بيت الشعر "أنا أن سقطت فخذ مكاني..
يا رفيقي في الكفاح" والذي كتب على ضريحها فيما بعد.

ولدت شادية أبو غزالة في البلدة القديمة في مدينة نابلس عام 1949، لعائلة فلسطينية لجأت من يافا، وتوفيت والدتها بعد ثلاث سنوات من ولادتها.





تلقت شادية تعليمها الابتدائي والثانوي في مدارس نابلس، ثم التحقت عام 1966 بجامعة عين شمس في القاهرة، قسم علم الاجتماع وعلم النفس.

 درست سنة واحدة في الجامعة ومن ثم عادت إلى فلسطين في الطائرة الأخيرة الّتي هبطت في مطار القدس/قلنديا، وقالت يومها: "لا فائدة للشهادة الجامعية إن لم يكن هناك جدارا تعلقها عليه". وأكملت دراستها في جامعة النجاح الوطنية في نابلس في تخصص علم الآثار. أحبت قراءة الأدب والشعر، وقرأت في علم النفس وفي الفلسفة، وتأثرت بسارتر وفكره الوجودي الاشتراكي.

انتسبت في سن السادسة عشرة إلى حركة القوميين العرب التي سيتحول فرعها الفلسطيني لاحقا إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي  كان رمزها الأول جورج حبش، حكيم الثورة، إلى جانب وديع حداد وأبو علي مصطفى وأحمد اليماني أبو ماهر.

تلقت أبو غزالة تدريباتها العسكرية فيها، وتعتبر من المساهمين في تأسيس الجبهة الشعبية وإحدى قادتها.

وحازت شادية احترام زملائها ورفاقها المناضلين لتمتعها بصفات قيادية ظهرت من خلال عملها الصامت، وصوتها الهادئ الرصين. والأهم من كل هذا شخصيتها الديمقراطية، فقد كانت تحترم الآراء المخالفة لها وتناقش أصدقاءها بتفهم وحب واحترام.

وبالرغم من أنها انتمت إلى تنظيم تقدمي طليعي إلا أنها لم تكن فئوية أو فصائلية، وهو الأمر الذي جعلها تتعاون مع غيرها من أبناء التنظيمات المختلفة، ومع المستقلين خدمة للهدف الفلسطيني الـمشترك وهو تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

بعد حرب حزيران/يونيو عام 1967 رفضت شادية العودة إلى الدراسة في مصر وظلت في الأرض المحتلة حيث شاركت في العمل السري في تنظيم الأفراد وتأمين الاتصالات وجمع التبرعات وإخفاء السلاح والمقاومين، وطباعة المنشورات، وشاركت في هجمات مسلحة، يذكر منها عملية تفجير حافلة لشركة "إيجد" الإسرائيلية في تل أبيب.


                          صورة شادية أبو غزالة في أرشيف المتحف الفلسطيني الرقمي.

شكلت شادية نقطة تحول في نضال المرأة الفلسطينية، والانتقال من العمل الاجتماعي والمقاومة الشعبية المتمثلة في المظاهرات والاعتصامات وكتابة المنشورات التوعوية والتحريضية ضد الاحتلال إلى العمل العسكري المباشر، خاصة أنها كانت تدربت سرا على السلاح والمتفجرات.

وعلى نحو مفاجئ وفي الأول من شهر رمضان استشهدت شادية أبو غزالة في 28 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1968، في منزل عائلتها بانفجار قنبلة كانت قد أعدتها، كان المفترض أن تقوم بتفجيرها في بناية في تل أبيب، وتروي أختها إلهام أبو غزالة الحادثة كالتالي:

"كنا جميعا حول مائدة الطعام، كانت غرفة الطعام في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من بيتنا القديم الكبير، ذي الأقواس العالية والقبب المرتفعة، قرع الجرس قفزت شادية لتفتح الباب، وفي لحظة، انفجر المنزل، واقتحم اللهيب كل مكان من البيت، رأينا ألسنة النيران من كل حدب وصوب، تراكضنا مذعورين لمعرفة ما الذي جرى وسط الظلام الدامس، أخذت الأصوات تتعالى، ابحثوا عن شادية. ابحثوا عن شادية".

آنذاك لم يمهل الاحتلال وجيشها المحتل لنابلس أهل شادية وأقاربها وقتا كافيا لإخراج أثاثهم والبحث عن ابنتهم بين الأنقاض، فداهم الجنود المدججون بالسلاح المنزل في حارة الغرب في البلدة القديمة، وهدموا ما تبقى منه على رأس العائلة وفوق أشلائها المترامية هنا وهناك التي بدأت العائلة في جمع أشلاء شادية تمهيدا لدفنها في مقبرة نابلس الغربية إلى جوار والدتها، ونقشت على القبر أبيات شعرها المفضلة، "أنا إن سقطت فخذ مكاني.. يا رفيقي للكفاح" للشاعر الفلسطيني معين بسيسو.

المصادر

ـ رحاب الخترشي، "شادية أبو غزالة: أول شهيدة فلسطينية بعد النكبة"، مجلة ميم الإلكترونية، 14/12/2017.
ـ "شادية أبو غزالة"، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، 2019.
ـ نبيل السهلي، "شادية أبو غزالة..سيرة أول شهيدة فلسطينية بعد النكسة"، عربي21، 16/10/2021.
ـ- عاطف دغلس، "شادية ورفيقاتها..شهيدات فلسطين وجذوة نضاله"، 25/5/2021، الجزيرة نت.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير فلسطينية فلسطين مقاومة مسيرة امرأة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يعتقل شابا من مدينة نابلس

نابلس - صفا

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، شابا من مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة.

وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال اقتحمت مدينة نابلس، واعتقلت الشاب عبود بلبيسي، عقب مداهمة منزله، وتفتيشه.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يعتقل شابا من مدينة نابلس
  • الاحتلال يعتقل شابًا من نابلس
  • مستوطنون يهاجمون منزلًا في جالود جنوب نابلس
  • ثورة تعيد تشكيل العمران.. مدن المستقبل بهندسة الذكاء الاصطناعي
  • هل كانت ضوابط النشر العلمي خطأً جسيما أم فضيحة مستورة؟
  • الخارجية الفلسطينية ترحب بإعلان البرتغال نيتها الاعتراف بدولة فلسطين
  • مقررة أممية: المرأة الفلسطينية تتعرض لعنف إنجابي ممنهج
  • رئيس جامعة القاهرة: الابتكار بصمة شخصية ونستهدف ربط الجامعة بالصناعة والاستثمار
  • الخارجية الفلسطينية: إعلان كندا الاعتراف بدولة فلسطين تاريخى
  • وزيرة الخارجية الفلسطينية تدعو 3 دول للاعتراف بـ فلسطين ودعم حل الدولتين