جريدة الوطن:
2025-07-07@04:07:33 GMT

أصداف: «عصور» السرعة

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

أصداف: «عصور» السرعة

في مقابلة تلفزيونيَّة غير مؤرَّخة، لكن قَدْ تكُونُ في ستينيَّات القرن الماضي، يقول الكاتب الكبير الحائز على جائز نوبل للآداب نجيب محفوظ، إن «عصر السرعة» الذي يعيشون ـ في ذلك الوقت ـ أصبح يؤثِّر بقوَّة في حياتهم، وخصوصًا في كيفيَّة تنظيم وقْته بَيْنَ الوظيفة والكتابة. واللافت أنَّه يُسمِّيه «عصر السرعة» ويأتي ذلك في ضوء المعطيات المتسارعة في الحياة اليوميَّة السَّائدة.


بالتأكيد لو أراد محفوظ وصف عصرنا الحالي لاستخدم ذات الوصف «عصر السرعة» دُونَ أن يزيدَ عليه أيَّ شيء، إذ يتأثر بالعوامل الآنيَّة مُجتمعة ومقارنًا ذلك بالحقبة القريبة التي عاشتها المُجتمعات وبما سبقها، سواء عاشها الشخص أو تكرَّست صورتها من خلال ما يروى عَنْها.
قَبل ستينيَّات القرن العشرين بقرون حصل المتغيِّر الكبير عندما اخترع الألماني جولدسميث يوهان جوتنبرج المطبعة في نَحْوِ العام 1440، التي انتقلت بعالَم الطِّباعة والكتابة والقراءة انتقالًا هائلًا رغم بساطتها وبدائيَّتها في تلك الفترة، إلَّا أنَّها مثَّلت مفصلًا مُهمًّا وكبيرًا في حياة النَّاس. وبِدُونِ شكٍّ فقَدْ ولَّد الشعور الأهم لدى المهتمين في عالَم التأليف والقراءة، ويؤشِّر ذلك حجم السرعة التي بدأ العالَم يعيشها لحصول هذا المتغيِّر الكبير، وبالتأكيد وصف الكثيرون منتصف القرن الخامس عشر بـ»عصر السرعة» بسبب النافذة التي فتحها هذا الاختراع في حقل سيشهد من جرَّاء ذلك توسعًا كبيرًا وفي ميادين عديدة.
محطَّات كثيرة عاشتها البَشَريَّة عَبْرَ قرون وعقود وفي كُلِّ محطَّة يرى النَّاس أنَّ «عصر السرعة» قَدْ حلَّ بقوَّة وأنَّه قَدْ وصل مرحلة غير مسبوقة، وقَدْ تكُونُ الثورة الصناعيَّة التي انبثقت منتصف القرن التاسع عشر في بريطانيا من بَيْنِ الحقب الأكثر إثارة حتى ذلك الوقت، وشهدت نقاشات وجدلًا حَوْلَ طبيعة الحقبة وماذا تُشكِّل للبَشَريَّة قياسًا لِمَا سبَق وتحقَّق. وبِدُونِ نقاش، لا بُدَّ من أنَّ وقع ذلك قَدْ ترك قناعة لدى الغالبيَّة العظمى من النَّاس تؤكِّد أنَّ «عصر السرعة» قَدْ حلَّ بِدُونِ منازع على الإطلاق.
في ظلِّ الثَّورة الصناعيَّة تواترت الانتقالات العديدة، فقَدِ ارتبطت الاختراعات والابتكارات بعجلة الثَّورة الصناعيَّة وتطوُّراتها، وجاء اختراع ماركوني في العام 1901 حيث تمكَّن من صناعة أوَّل جهاز استقبال راديو لاسلكي، واضعًا بذلك اللبنة الرئيسة لإطلاق الإذاعة، ثم التلفزيون الذي دشَّن خدمته في العام 1936 بالنسبة للـ»بي بي سي» وفي العام 1935 للتلفزيون الفرنسي، وبذلك ازداد الحديث عن عصر السرعة لكن بلباس جديد وآليَّات مبتكرة.
وخلال عقد واحد من اختراع الإنترنت في العام 1990 حصلت تطوُّرات هائلة حتى دخلنا عصر الذَّكاء الاصطناعي في جيله المتقدِّم لكنَّه ليس النِّهائي.
جميع الذين يصفون عصرهم «بالسرعة» على حقٍّ، لكن لا نعرف حتى الآن ما هي الظروف الخاصَّة بوصفه في حقبته القادمة وما بعدها.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی العام ة التی

إقرأ أيضاً:

هل تعكس قائمة أفضل 100 فيلم الذوق العالمي أم الانحياز الأمريكي؟

تحوّلت قائمة “أفضل 100 فيلم في القرن الحادي والعشرين” الصادرة عن صحيفة The New York Times إلى ساحة نقاش سينمائي صاخبة، تجاوزت مجرد التصنيف لتغدو مرآةً تعكس طبيعة الذوق السينمائي العالمي، والانحيازات الثقافية والمهنية التي تحكم مثل هذه الاستطلاعات.

الاستطلاع الذي شارك فيه أكثر من 500 سينمائي، معظمهم من الممثلين والمخرجين، اعتمد على نظام نقاط يمنح الفيلم الأول 10 درجات وتتناقص حتى الدرجة الواحدة للفيلم العاشر.

وجاء على رأس القائمة الفيلم الكوري Parasite لبونج جون-هو، يليه Mulholland Drive للراحل ديفيد لينش، ثم There Will Be Blood لبول توماس أندرسون، فـIn The Mood For Love، وMoonlight في المركز الخامس.

ورغم ما تحظى به هذه الأفلام من إشادة نقدية، إلا أن ردود الفعل كشفت عن حجم الجدل الذي تثيره هذه القوائم، خاصة عندما يتم تهميش أعمال راسخة أو تجاهل تحف سينمائية لا تقل أهمية، كـA Separation لأصغر فرهادي الذي جاء في المركز 33 رغم حصوله على أعلى عدد من الاختيارات الأولى، أو Roma لألفونسو كوارون الذي تراجع إلى المرتبة 45.

من يشاهد كل الأفلام؟

النقد الأبرز الموجه لهذا النوع من الاستطلاعات يتمحور حول أمرين: أولاً، ضخامة عدد الأفلام التي يُفترض بالمشاركين الاختيار منها، وهي مسألة شبه مستحيلة حتى بالنسبة للنقاد المحترفين؛ وثانياً، غياب المراحل التصفوية كما هو الحال في الأوسكار، حيث يتم تقليص القوائم تدريجياً لضمان مستوى أكثر عدالة من التقييم.

نزعة أميركية واضحة

ورغم دعوى “العالمية”، فإن قائمة The New York Times بدت أميركية الهوى، ليس فقط بسبب جنسية الصحيفة، بل أيضاً لأن معظم المشاركين أميركيون، أو على الأقل يختارون من أفلام عُرضت ووزعت بكثافة في السوق الأميركية، ولهذا لم يكن مفاجئاً غياب أفلام بارزة كـShoplifters الياباني أو La La Land أو سلسلة The Lord of The Rings، مقابل وجود مفاجئ لأفلام مثل Borat وBridesmaids وحتى Black Panther الذي دخل القائمة كأحد ممثلي أفلام مارفل.

الممثلون… و”الانحيازات الشخصية”

سيطرة الممثلين على نسبة كبيرة من الأصوات أضفت طابعاً عاطفياً على الاختيارات، إذ لا يُتوقع من ممثل، مهما كانت ثقافته، أن يملك رؤية نقدية شاملة كالتي يملكها ناقد أو مخرج. وبرزت في بعض القوائم اختيارات مرتبطة بعلاقات شخصية، كما فعلت مايكي ماديسون بضمها فيلماً لزميلها الممثل وآخرين لمخرج فيلمها.

ومع ذلك، يُحسب لغالبية المشاركين تجنّبهم ترشيح أعمال شاركوا فيها، باستثناء شيويتل إيجيوفور الذي منح المركز الأول لفيلم 12 Years A Slave الذي أدى فيه الدور الرئيسي.

“قوائم داخل القائمة”

رغم ما يمكن أن يُؤخذ على المنهجية، إلا أن الاستطلاع أتاح فرصة نادرة لاستكشاف ذائقة صُنّاع السينما، ومن المثير مثلاً مقارنة قائمة شون بيكر المليئة بالأفلام الأوروبية الغريبة، بقائمة بونج جون-هو المتنوعة، التي ضمت مفاجآت كالفيلم الياباني Asako 1&2 والفرنسي Stranger by the Lake.

نولان… الأفضل بلا منازع؟

من الآثار الجانبية للاستطلاع بروز كريستوفر نولان كأكثر المخرجين حضوراً بخمسة أفلام، يليه بول توماس أندرسون والأخوين كوين، ما دفع البعض للتساؤل: هل نولان هو “مخرج القرن”؟ وهل براد بيت هو “ممثل القرن” لوجوده في 6 أفلام؟ بالطبع، هذه استنتاجات غير دقيقة نظراً للفوارق في الإنتاج والانتشار، لكنها تعكس شعبية بعض الأسماء في الوسط السينمائي.

فن الجدل… ومتعة الاكتشاف

الاستطلاع، رغم عيوبه البنيوية، يحقق غاية مهمة: إشعال النقاش الثقافي وتحفيز المشاهدين على استكشاف ما فاتهم من أفلام، ربما لا تكون Parasite أعظم فيلم في ربع القرن، كما لن تكون Jeanne Dielman أعظم فيلم في تاريخ السينما كما ادعى استطلاع Sight & Sound، ولكن من المؤكد أن مثل هذه القوائم تفتح أبواب الحوار وتثري النقاش، وتدعو كل مشاهد لصياغة “قائمته الخاصة”، وهي المهمة الأمتع في عالم السينما.

مقالات مشابهة

  • الاثنين ..  الأجواء حارة نسبياً 
  • غداً.. ارتفاع درجات الحرارة والطقس رطب ليلاً
  • هل تعكس قائمة أفضل 100 فيلم الذوق العالمي أم الانحياز الأمريكي؟
  • طقس فلسطين: ارتفاع آخر يطرأ على درجات الحرارة
  • ورش تثقيف لسائقي مؤسسة تاكسي دبي الوطني
  • مدحت العدل: شيكابالا أسطورة القرن الـ21.. ولن يتكرر
  • إعادة فتح الطريق الإقليمي بالمنوفية أمام السيارات بعد تصادم سيارتين
  • أغلى مكان للموت في العالم.. الضريبة التي دفعت الأثرياء للهروب السريع!
  • السبت .. الحرارة حول المعدل
  • الإمارات.. أمطار خفيفة صباح غد السبت على الساحل الشرقي