محالج مشروع الجزيرة في العصر الذهبي
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
محالج مشروع الجزيرة في العصر الذهبي
رجال ومنجزات (١)
بقلم صلاح الباشا
*************
إلحاقا لما نشرناه قبل عدة ايام عن رجل ذو كفاءة مهنيه ووطنية عالية المقام من اهل السودان والذي كان له الاسهام الكبير في طاقم الإدارة بمشروع الجزيرة وامتداد المناقل ألا وهو طيب الذكر والسيرة المرحوم السيد عبد المجيد عبدالرحيم والذي شغل منصب أول مدير عام لمحالج مشروع الجزيرة في مدينتي مارنجان والحصاحيصا ، فإننا يسعدنا هنا ان نتحدث عن سيرته الذاتية منذ مراحل الدراسة بالمدارس وحتي تخرجه من قسم المحاسبة لكلية غردون التذكرة ثم تتناول السيرة بداياته العملية حتي إلتحاقه بادارة المشروع والذي تقلب فيه بمختلف الوظائف بالغيط( التفاتيش) حتي وصوله الي منصب مدير عام المحالج.
ثم نتحول الي أدائه في ادارة المحالج لأن قطن مشروع الجزيرة والمناقل طويل الليلة هو الذي كان يمثل ثمانين بالمائة من صادرات السودان منذ إنشاء المشروع في العام ١٩٢٥م وحتي صدور قانون ٢٠٠٥م والذي إستبعد دور المشروع في زراعة القطن.
تقول السيرة الذاتية للسيد عبدالمجيد عبدالرحيم والتفصيل المحدد علي النحو التالي:
المرحوم/عبدالمجيد عبد الرحيم محمد النصيح (1914-1998م)
المولد: ولد عام 1914
المكان: ود مدني
الجنسية: سوداني والقبيلة(جعلي)
التعليم: الأولي – الكتّاب بود مدني
الابتدائي-
ود مدني
الثانوي –
كلية غردون من (1929-1932)
نوع الدراسة: محاسبة - تخرج في ديسمبر 1932
الخدمة: محاسب بالسكة حديد بعطبرة 1932-1936
محاسب بالمالية بالخرطوم 1937-1938
محاسب بالري بسنار 1939-1942.
عند نشوب الحرب العالمية الثانية التحق بقوة دفاع السودان كضابط مؤقت برتبة نقيب (يوزباشي) في عام 1943 و حارب في شمال أفريقيا, ليبيا, مصر ثم أريتريا.
و عند انتهاء الحرب عام 1945 عاد الي الخدمة المدنية بالمالية ثم استقال ليعمل في شركة جلاتلي هانكي 1945-1947.
ثم تركها ليعمل بالاعمال الحرة ’’مصنع صابون’’ في عام 1950.
و في فبراير 1951 التحق بخدمة مشروع الجزيرة في وظيفة مفتش غيط( مفتش زراعي) .
وفي ديسمبر 1953 نقل الى المحالج بمارنجان ليكون مفتشا بها.
و في عام 1954 تقلد مسؤولية إدارة محالج الحصاحيصا و ظل بها الى عام 1955 حيث اسندت اليه ادارة محالج الجزيرة كلها( مارنجان والحصاحيصا)
و ظل يعمل مدير عام بهذه الوظيفة الى ان تقاعد بالمعاش في العام 1969 وانتقل الي السكن بأم درمان ثم الي منزله بامتداد الدرجة الأولي بالخرطوم العمارات.
و في أوائل عام 1970 حين كان متقاعدا بالمعاش اسندت اليه ادارة مصنع الكولا بالخرطوم و ظل بهذا المصنع الى عام 1979 حيث توقف المصنع عن الانتاج.
* أما حياته العملية في مشروع الجزيرة*:
• بدأ عمله في مشروع الجزيرة عام 1951 في عدة تفاتيش (شمعون- شلّعوها- الرميتاب- ود بلّال), حيث كان على المفتش أن يمتطي الحصان في موسم الخريف و ذلك لأن الأمطار لا تسمح بسير العربات داخل الحوّاشات. فكان عليه أن يمر بحصانه حتى المساء و يواصل عمله بدون تأخير أو تكاسل أو تقاعس وذلك لمتابعة الزراعة و الري و نظافة الحوّاشات. فكان لا يرضى أن تقع زهرة قطن واحدة على الأرض, كان يعمل على جمع المحصول كله في موسم لقيط القطن.
و في المواسم الوفيرة تعطل الدراسة في المدارس و يعمل جميع التلاميذ و الطلاب و الأهالي في جمع القطن.
و أخيرا في أكتوبر عام 1965 أقام احتفالا كبيرا سمّاه بعيد القطن لأن الموسم كان ناجحا, و كانت ابنته منى (احدى التوأم) ملكة القطن.
• و في 31 مايو 1955 كتبت عنه جريدة الجزيرة و هي جريدة خاصة بالمشروع و بالعنوان الكبير((سودنة أول وحدة في مشروع الجزيرة)) وهي محلج الحصاحيصا الذي كان يشرف عليه و اجرت الصحيفة لقاءا معه و التقطت له صورا نشرت مع المقال.
إن هذا النجاح , الذي كان بمعاونة زميليه ميرغني الطيب و حسن أحمد, يمثل نقلة كبيرة في الإدارة و نجاحا غير مسبوقا في ذلك الوقت و دلالة على دقة عمله و إخلاصه. ذلك لأن العمل في المحالج فيه الكثير من التعقيدات الفنية و الإدارية لأن المحلج الواحد يعمل فيه 2200 (اثنين ألف و مئتان) عامل بينهم 500 (خمسمائة) فتاة و 230 (مئتان و ثلاثون) دولاب للحلج و 361 (ثلاثمئة و واحد و ستون) موظف من موظفين و ملاحظين و فنيين.
و هذه الإحصائيات حسب ما جاء في الجريدة. كما ذكرت الجريدة أن إتحاد المزارعين في ذلك الوقت أرسل له خطابا شكر لمجهوداته العملية و فيه كثير من الإشادة و التقدير و الثناء لهذا النجاح و الإخلاص . و ذلك يدل على أن أبناء البلد قادرون على تحمل المسؤولية و الإدارة في أعمالهم و مصالح الدولة يضعونها نصب أعينهم.
بعدها سافر في نفس العام إلى الولايات المتحدة الأمريكية لجلب آلآت و معدات للمحالج.
نتوقف هنا ونواصل بقية منجزاته في المحالج في الحلقة القادمة.
ابقوا معنا؛؛؛؛؛
abulbasha009@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مشروع الجزیرة فی
إقرأ أيضاً:
أدلة متزايدة على أن الانقراضات الجماعية الخمسة الكبرى لم تحدث
الانقراض الجماعي في نهاية العصر البرمي كان الحدث الأكثر فتكًا في تاريخ الأرض. يُطلق عليه أحيانًا «الفناء الشامل»، ويُعتقد أنه قضى تقريبًا على جميع أشكال الحياة على الأرض قبل 252 مليون سنة. في بداية هذا العام، علمنا بوجود نظام بيئي قديم في جنوب تاودونغو (موقع جيولوجي في الصين)، حيث كانت النباتات والحيوانات تزدهر بعد مرور 75,000 سنة فحسب – وهي تعتبر فترة قصيرة بل خاطفة من الناحية الجيولوجية. ويمكن جدا أن نصفها بالمعجزة المنعزلة.
من المدهش أن عالم الحفريات هندريك نواك (Hendrik Nowak) في جامعة نوتنغهام، المملكة المتحدة، لا يرى الأمر بهذه الطريقة. حيث يشير إلى حبوب لقاح أحفورية من مواقع أخرى تشير أيضًا إلى أن حدث نهاية العصر البرمي كان «تأثيره ضئيلا أو قصير الأمد». في الواقع، يجادل نواك بأن التأثير كان ضئيلًا لدرجة أنه – بالنسبة للنباتات على الأقل – لم يكن هناك انقراض جماعي في ذلك الوقت، وهو استنتاج مثير للجدل.
وتشير دراسات أخرى أجريت على مجموعتين رئيسيتين أخريين من الكائنات الحية – الحشرات والحيوانات البرية ذات الأربعة أطراف – إلى نتائج مماثلة لتلك المتعلقة بالنباتات. المستخلص مما سبق يعني أن نواك ليس العالم الوحيد الذي يتساءل عما إذا كان تأثير الانقراض الجماعي أو الفناء الشامل في نهاية العصر البرمي بالضخامة التي كنا نعتقد! ويذهب سبنسر لوكاس (Spencer Lucas) في متحف نيو مكسيكو للتاريخ الطبيعي والعلوم أبعد من ذلك – إذ يشتبه أن الحياة على البر لم تشهد أبدًا انقراضًا جماعيًا حيث يقول: «أعتقد أن لديك فرصة أفضل للتغلب على الانقراض الكلي إذا كنت على البر مقارنة بالبحر».
هذا التفكير الثوري يمكن أن يعيد كتابة تاريخ الحياة على الأرض وتغير فكرة أن القارات شهدت خمسة انقراضات جماعية – ويؤثر على التأطير المفاهيمي لأزمة التنوع البيولوجي الحالية الناجمة عن الإنسان.
ضحايا الانقراض الجماعي الأشهر هم الديناصورات التي انقرضت منذ حوالي 66 مليون سنة، لكن الكثير مما نعرفه عن مثل هذه الأحداث يأتي من دراسة الحياة البحرية. في الواقع، فكرة أن الأرض شهدت خمسة انقراضات جماعية جاءت من تحليل أجري عام 1982 للسجل الأحفوري البحري. تتبع عالما الحفريات، الراحل ديفيد روب وجاك سيبكوسكي، التغيرات في التنوع البيولوجي البحري على مدى نصف مليار سنة الماضية ولاحظا أن السجل تخللته خمسة انهيارات. كانت هذه الأحداث في نهاية العصر الأوردوفيشي (445 مليون سنة مضت)، أواخر العصر الديفوني (372 مليون سنة مضت)، نهاية العصر البرمي (252 مليون سنة مضت)، نهاية العصر الترياسي (201 مليون سنة مضت)، ثم نهاية العصر الطباشيري، وهي الفترة التي انقرضت فيها معظم الديناصورات. أصبحت هذه الأحداث تُعرف بالخمسة الكبار.
ما وراء المحيطات
لا يزال من المؤكد أن هذه الانقراضات الجماعية دمرت الحياة البحرية، لكن – باستثناء الديناصورات – لم يكن واضحًا في البداية أنها أثرت أيضًا على النظم البيئية البرية. يتذكر مايك بنتون (Mike Benton) في جامعة بريستول، المملكة المتحدة، أن الكتب الدراسية من أواخر الثمانينيات «ذكرت بوضوح» أنه لا تتوفر سوى أدلة قليلة على انقراض جماعي في نهاية العصر البرمي للحيوانات ذات الأربعة أطراف، أو الرباعيات الأطرف، التي عاشت على البر. وتشمل رباعيات الأطراف الحديثة جميع الزواحف والبرمائيات والطيور والثدييات. يقول بنتون إن ذلك كان يرجع إلى حد كبير إلى نقص البيانات. من السهل نسبيًا أن يُدفن كائن بحري ميت في الطين ويبدأ عملية التحجر، بينما من غير المرجح أن تصبح الكائنات البرية أحافير.
ومع ذلك، هناك مواقع قليلة تلتقط سجلاً أحفوريًا جيدًا نسبيًا للحياة على البر خلال أحداث الانقراض الجماعي. على مدى الثلاثين عامًا الماضية، قضى الباحثون ساعات لا تحصى في جمع وتحليل بقايا الرباعيات الأطراف من هذه المواقع. عندها بدأت الصورة بالوضوح، كما يقول بنتون: كانت هناك انقراضات جماعية للرباعيات الأطرف على البر تتطابق مع تلك الموجودة في البحر. هذا منطقي، بالنظر إلى أن الخمسة الكبار كانت مدفوعة بشكل رئيسي بمزيج من التغير المناخي السريع والاضطرابات البيئية الهائلة، التي تسببت بها أشياء مثل اصطدام الكويكبات والأنشطة البركانية. يواصل بنتون: «هناك تفاعلات كبيرة بين البر والبحر.» على سبيل المثال، الاحتباس الحراري الجامح يضع ضغطًا على كل من الحياة البحرية والبرية. على هذا النحو، يجادل بأنه من الصعب تخيل انقراض جماعي يؤثر على أحدهما دون الآخر.
هذا الارتباط واضح لدرجة أن العديد من الباحثين يجعلونه الآن محورًا لفهمهم لهذه الأحداث الدرامية. يقول بول ويغنال (Paul Wignall) من جامعة ليدز في المملكة المتحدة: ”تحدث الانقراضات الجماعية في كل مكان، في وقت واحد، على اليابسة وفي البحر“. ومع ذلك، بدأ البعض في التعبير عن شكوكهم، ولوكاس من أبرزهم. في ورقة بحثية صدرت عام 2017، درس الادعاء بحدوث انقراض جماعي للرباعيات الأطراف في نهاية العصر البرمي. وخلص إلى انقراض حوالي 20 جنسًا - وهو ما لا يمثل دليلًا على فقدان كارثي للتنوع، بالنظر إلى أنه ولا بد عاشت مئات أو حتى آلاف من أجناس رباعيات الأطراف في ذلك الوقت. يقول: ”لم يكن هناك انقراض كبير لرباعيات الأطراف على اليابسة في نهاية العصر البرمي“.
من حينها، ولوكاس يتبنى نظرة نقدية على بقية الخمسة الكبار. في مراجعة نُشرت عام 2021، استنتج أن رباعيات الأطراف البرية لم تتأثر تقريبًا بأي منها. يقول: «أعتقد أن هناك الكثير من المبالغة في هذا الأمر». ويشير إلى أن العديد من رباعيات الأطرف البرية الكبيرة الأخرى، بما في ذلك التماسيح، نجت. وبالطبع، نعلم الآن أن مجموعة واحدة من الديناصورات – الطيور – لم تنقرض، ولا الثدييات. يجادل لوكاس بأن رباعيات الأطراف على البر في
وضع أفضل لتجنب الانقراض لأن الهواء أقل لزوجة من الماء، ما يجعل الهجرة إلى مناطق جديدة بعد تدهور البيئة المحلية أقل تكلفة للحيوانات البرية من ناحية الطاقة المبذولة مقارنة بنظيراتها البحرية.
الحشرات معدة على نحو مذهل للنجاة عبر الأزمنة
الجدل حول الانقراضات الجماعية، وخاصة حدث نهاية العصر البرمي، يبرز التوتر في علم الحفريات بين الآراء التقليدية والآراء الناشئة المشككة. ويرفض بنتون وويغنال وجهات نظر لوكاس بوصفها تركز بشدة وبشكل ضيق جدا علي المراحل النهائية لأحداث العصر البرمي.
تشير الأبحاث حول الحشرات والنباتات أيضًا إلى أن هذه المجموعات لم تعانِ من انقراضات جماعية بالطريقة التي كنا نعتقدها. في عام 2021، خلصت ساندرا شاشات (Sandra Schachat) وكونراد لابانديرا (Conrad Labandeira) إلى أن الحشرات لم تعانِ أبدًا من انقراض جماعي، على الرغم من التغيرات الكبيرة في مجتمعات الحشرات بالقرب من نهاية العصر البرمي.
لكن من جهة أخرى يجادل ويغنال بأنه من المنطقي ربط التغيرات في مجتماع الحشرات بحدث انقراض جماعي. هذا محتمل تقول شاشات لكن ويغنال يتجاهل نقطة مهمة: أن أنواع الحشرات مجهزة بشكل مذهل للنجاة واجتياز الأوقات الصعبة. وتخلص هي ولابانديرا في دراسته 2021 إلى أن أعداد الحشرات الهائلة وقصر مدة آجالها/حياتها تمكن سيراً استثنائياً للانتخاب الطبيعي، ما يساعد أنواع الحشرات علي التكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة هائلة.
ولكن ماذا عن حقيقة أن لبعض اللافقاريات البحرية خصائص مماثلة؟ وفقا لشاشات ولاباندرا أن التغيرات في مستويات الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يمكن أن تودي إلى توقف حركة المحيط ما يسبب موت الكائنات البحرية بالاختناق. «نرى تغيرات هائلة في المجتمعات البحرية تتزامن مع انخفاض مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي، ولكن السجل في اليابسة لا يظهر شيئا كهذا» تقول شاشات.
سجل الحفريات النباتية أيضا لا يتوافق مع رواية الانقراضات الجماعية الخمسة الكبرى. في عام 2013 قام بورخا كاسكاليس مينيانا (Borja Cascales-Miñana) وكريستوفل كليل (Christopher Cleal) من جامعتي ليل - فرنسا وجامعة بريستول بدراسة دقيقة للسجل وخلصت إلى أن الانقراضات الجماعية للنباتات نادرة بشكل مدهش. فعلى سبيل المثال لم تنقرض أي عائلة من النباتات الوعائية، وهي مجموعة تشمل نباتات مثل السراخس والصنوبريات، خلال ما يفترض أنه الانقراض الجماعي الخامس في نهاية العصر الطباشيري. خلص بورخا كاسكاليس-مينيانا وكريستوفر كليل إلى أن انقراضات النباتات الجماعية نادرة جدًا، وأن الانقراض الجماعي الوحيد المحتمل للنباتات حدث في نهاية العصر البرمي – وهو ما يُشكك فيه الآن البعض بناءً على دراسات مثل تلك التي أجريت في جنوب تاودونغو.
يتضح من المنظور الواسع لسجل الحفريات، أن النباتات قد تغيرت بشكل كبير كما يقول نواك. ولكن هل يمكن إعتبار اختفاء الغابات التي كانت تهيمن عليها أنواع جلوسوبيتريس* الجنس الأكبر والأكثر شهرة من رتبة النباتات البذرية، في نهاية العصر البرمي انقراض جماعي؟ في دراسة أجريت 2019 جادل نواك وزملائه بأن ذلك غير ممكن. وخلصوا إلى أن هذا الحدث أثر على بعض النباتات، ولكن كان له تأثير ضئيل علي أنواع أخرى، بل أن الصنوبريات زادت في تنوعها. هذا بينما يتمسك كاسكاليس وكليل برأيهما حول انقراض جماعي للنباتات في نهاية العصر البرمي مشيرين إلى أن نواك وفريقه ركز بشكل رئيس على حبوب اللقاح والجراثيم التي هي بالمليارات. في النهاية يقول كليل أعتقد أن هذا الخلاف لا يجب أن يقلل من الرسالة الأوسع والأكثر مقبولية وهي أن النباتات لم تتأثر بشكل كبير بمعظم الانقراضات الجماعية الخمسة الكبرى، وهذه فكرة مقبولة علي نطاق واسع بين علماء النباتات القديمة.
يبقى أن مرونة النباتات في مواجهة الانقراضات الجماعية تعود إلى تكيفاتها البيولوجية، خاصة قدرتها علي البقاء كبذور أو جراثيم لعقود أو حتى لقرون. عكس الحيوانات التي تواجهه انهيارا فوريا في أعدادها بعد الكارثة.
فناء سادس؟
أن مرونة النباتات خلال الانقراضات الجماعية تثير سؤالا فلسفي طرحه كاسكاليس وكليل: هل من الصحيح أن نسمي حدثا ما انقراضاً جماعياً إذا أثر بشدة علي مجموعات معينة من الكائنات بينما هناك مجموعات رئيسية أخرى، مثل النباتات ظلت دون تأثير يذكر؟ يقول لوكاس أن انقراضا جماعيا علي اليابسة يتطلب انهيار الهرم الغذائي من خلال القضاء على النباتات، وهذا تاريخيا لم يحدث. ما يثير شكوكا حول كيفة انهيار مجتمعات الحيوانات دون خسائر مماثلة في النباتات.
يعتقد جون وينز (John Wiens) من جامعة أريزونا أن فكرة الانقراض السادس تستخدم غالباً كدعوة لحماية التنوع البيولوجي وان صياغتها بذلك الشكل تحدد هدفا غير طموح حيث أنه لا يوجد تعريف دقيق للانقراض الجماعي، لكن هنالك إجماع عام علي أنه ينطوي علي خسارة 75% من الأنواع على مدى يتراوح بين آلاف ومليوني سنة. في المقابل اقرض أقل من 01% من الأنواع المعروفة خلال الـ500 سنة. في ورقة بحثية نُشرت في وقت سابق من هذا العام، يشير وينز وزميلته كريستين سابان من جامعة هارفارد إلى أن هذه الأرقام تشير إلى أن تجنب الانقراض الجماعي السادس سيكون من أسهل ما يكون.
يحذر وينز أن هدفاً متساهلاً مثل منع الانقراض الجماعي، المُعرّف بخسارة 75% قد يكون مضللا ومؤذيا. ويمضي إلى القول إن فقدان نصف أنواع الكوكب خلال الـ3000 سنة القادمة يمكننا من الادعاء أننا تجنبنا الانقراض الجماعي. بدلا من ذلك يقترح وينز هدفا أكثر طموحا للحفاظ علي التنوع البيولوجي: الحفاظ على الانقراضات الناجمة عن الإنسان دون 02% بدلاً من السماح بخسائر تصل إلى 50% أو 75% . ويؤكد أن النقاش المستمر بين علماء الحفريات حول ما إذا كانت الأرض قد شهدت خمسة انقراضات جماعية أو واحدا أو حتى لا شيء على اليابسة لا يقلل من الحاجة الملحة لمواجهة أزمة التنوع البيولوجي البنية. كما يرى أيضا أن تسمية الأزمة بـ(الانقراض السادس) هي مقاربة مضللة وغير مثمرة.
تثير الشكوك المتزايدة حول ما يُعتبر انقراضًا جماعيًا تساؤلات حول كيفية تأطير أزمة التنوع البيولوجي الحالية الناجمة عن الأنشطة البشرية. يطلق عليها العديد من الباحثين «الانقراض الجماعي السادس»، ولكن بالنسبة للحياة على البر، قد يكون هذا هو الأول من نوعه. يقترح جون وينز أن التخلي عن هذه الخطابة قد يفيد جهود الحفاظ على البيئة، حيث إن الهدف من منع «الانقراض الجماعي السادس» قد يكون سهل التحقيق للغاية ويقلل من الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة. يقول: «إذا خسرنا نصف الأنواع على الكوكب خلال الثلة آلاف سنة القادمة، لا يزال بإمكاننا القول إننا منعنا الانقراض الجماعي السادس.»
بغض النظر عن استنتاجات علماء الحفريات، فإن الحاجة الملحة لمعالجة أزمة التنوع البيولوجي الحالية لا تزال قائمة. يقول وينز: «من الشائع الآن الحديث عن انقراض جماعي سادس. لكنها الطريقة الخاطئة للتفكير في الأمر».
مروان عثمان باحث ومترجم
خدمة نيو ساينتست