رغم حالة الارتياح بقبول إسرائيل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة «اتفاق التهدئة وتبادل الأسرى»، الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو عشرة أيام، إلا أن هناك تخوفًا من انهيار الاتفاق وعودة القتال مجددًا، خاصة أن الداخل الإسرائيلي غير راضٍ عن قرار وقف إطلاق النار، فيما عدا عائلات الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة، وهؤلاء سيتوقفون عن الضغط على حكومة نتنياهو بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من تبادل الأسرى الأحياء.

يبدو أن المرحلة المقبلة ستلقي على الوسطاء، خاصة مصر، أعباء مسئولية الحفاظ على الاتفاق الذي يراه كثير من الساسة والمراقبين «هشاً»، كما ورد على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الحكومة، وزير الخارجية القطري، ما يضاعف المسئولية على إطالة عمر الاتفاق.

غرفة مراقبة العمليات التي تم إنشاؤها في القاهرة طبقاً لبنود الهدنة سيكون لها دور مهم في عمليات الدعم والإسناد لكي لا ينهار اتفاق التهدئة ونعود مجددا إلى نقطة الصفر، وسط حرص من القاهرة على حقن الدم الفلسطيني، والدور القومي العربي الذي تقوم به منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي باعتبار القاهرة الضامن الأساسي للأمن القومي العربي.

يرى مراقبون أن دور غرفة مراقبة العمليات في القاهرة الضامن الأساسي لنجاح واستمرار الهدنة من خلال الوسطاء الذين سوف يتحملون مسئولية استمرار التهدئة خاصة أنهم شاركوا في وضع بنودها ولديهم المعلومات الكاملة حول الاتفاق، الذي ينص على وقف الأعمال القتالية لمرحلة أولى مدتها 42 يوماً، سيتم خلالها إطلاق سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1900 فلسطيني محتجزين لدى إسرائيل، كثير منهم من أصحاب المؤبدات.

الجناح اليميني المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو هو الأعلى صوتاً والأشد رفضاً لوقف إطلاق النار في غزة، بل وفي لبنان وفي الضفة الغربية وتهجير مئات الأسر، كما أن عدداً من وزراء الكيان المحتل يطالبون بالاستمرار في احتلال أجزاء من لبنان وعدم التسرع في خروج جيش الاحتلال من جنوب لبنان. خاصة أن الظروف الدولية الحالية مواتية لتوسع إسرائيل.

ففي الوقت الذي تم فيه الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، كان وزير المالية الإسرائيلي، بتسئيل سموتريتش، يؤكد على أن نتنياهو وعده بأنه سوف يستأنف الحرب في غزة بعد الانتهاء من صفقة تبادل الأسرى الحالية، والمقرر لها أن تستمر في مرحلتها الأولى نحو 42 يوماً، وقد مضى منها الآن نحو عشرة أيام، والباقي نحو الشهر فقط، خاصة أن الهدف الأساسي هو الإفراج عن المحتجزين الأحياء الموجودين في حوزة كتائب المقاومة.

بعض البنود الغامضة الواردة في اتفاق الهدنة، فضلاً عن الثقة المنعدمة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، شواهد تشير إلى أن التوقعات باستئناف الحرب هي الأقرب من التوقعات باستمرار الهدنة، فكلا الطرفين لا يزال يتربص بالآخر، وينتظر اللحظة المواتية كي ينقض على غريمه ويستأنف القتال مجدداً.

ولم تكن الاستقالات التي جرت في قيادات جيش الاحتلال الأسبوع الماضي إلا إشارة تشير إلى أن ما جرى في غزة لا يمثل الطموح الإسرائيلي في تحقيق ما أطلق عليه «النصر الحاسم»، فضلاً عن أن الأهداف الرئيسية للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة لم تحقق أهدافها التي قامت من أجلها، وأهمها الإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى حماس والفصائل الأخرى بالقوة العسكرية.

وبعد أكثر من 15 شهراً من الحرب الضروس، راح ضحيتها أكثر من 160 ألف شهيد ومصاب، إلا أن جيش الاحتلال لم يتمكن من الحصول على أسراه إلا من خلال التهدئة والاتفاق على وقف إطلاق النار، بل كان استمرار القتال فيه خطورة على أرواح من تبقى من الأسرى المحتجزين، فضلاً عن أن الحرب تسببت في مقتل بعضهم أثناء وجودهم في حوزة المقاومة.

ومن بين العوامل الأخرى التي تستدعي استئناف الحرب، لا توقفها، أن المقاومة ما زالت المتحكم الأول في كل مناحي غزة، وأن تصميمها على استكمال الحرب وعدم تسليمها المحتجزين بالقوة يعتبر انتصاراً في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي استخدم جميع أسلحته وإمكاناته في تحقيق أهداف الحرب، لكن كل هذا لم يستطع فرض إرادته على فصائل المقاومة التي أصرت على موقفها رغم الخسائر الهائلة التي أصابتها وأدت إلى هدم أكثر من 85% من منشآت قطاع غزة.

ومن بين الأهداف الرئيسية التي فشل جيش الاحتلال في تحقيقها في غزة القضاء على المقاومة، ورغم نجاح إسرائيل في قتل إسماعيل هنية وصالح العاروري وغيرهم في إيران ولبنان ومقتل يحيى السنوار في غزة، إلا أن عدداً كبيراً من القادة الميدانيين لا يزال يقود الأمور في قطاع غزة، بل إن بعض القيادات التي أعلن جيش الاحتلال أنها قتلت أثناء القتال في غزة تم اكتشاف أنها لا تزال على قيد الحياة، بل وتمارس نشاطها المقاوم ضد الاحتلال، آخرهم قائد كتيبة بيت حانون حسين فياض الذي أعلن جيش الاحتلال عن استهدافه منذ 8 أشهر وفوجئ العالم بظهوره بعد وقف إطلاق النار.

كان الظهور الاحتفالي لعناصر المقاومة بعد سريان وقف إطلاق النار وظهور عدد كبير من سيارات أمن المقاومة في غزة وعناصرها في القطاع رسالة للداخل الإسرائيلي تشير إلى أن الحرب التي شنتها إسرائيل لم تتمكن من إضعاف المقاومة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الكثير في الداخل الإسرائيلي وأدى إلى هز ثقته في جيشه الذي فشل على مدى أكثر من 15 شهراً في فرض سيطرته وإرادته أمام مقاومة بسلاح بدائي في مواجهة جيش متخم بأحدث أسلحة في العالم.

في الوقت الذي تزداد فيه الشكوك حول قدرة التهدئة على الصمود، فإن تسارع الأحداث وتزايد الخلافات حول «اليوم التالي» لإدارة قطاع غزة يشير إلى أن الوضع قد يظل غير مستقر، حيث تتصاعد الضغوط الداخلية، سواء في إسرائيل أو في غزة، تطالب حماس ببقاء سيطرتها على القطاع في مقابل رفض قاطع من الاحتلال الإسرائيلي لاستمرار سيطرة الحركة.

هذا التباين في الرؤى، بالإضافة إلى غموض بعض بنود اتفاقية التهدئة، يزيد من احتمالات انهيار الاتفاق في أي لحظة، مما يثير القلق لدى جميع الأطراف المعنية، ومن جانب آخر، تتزايد الاتهامات بشأن فشل الاستخبارات الإسرائيلية في تحقيق أهدافها خلال الحرب على غزة، وهو ما يعكس حجم الإخفاق العسكري والاستخباراتي.

ورغم نجاح إسرائيل في بعض العمليات ضد قيادات المقاومة في لبنان وإيران، إلا أن الوضع في غزة يكشف عن ضعف في تنفيذ الخطط على الأرض، هذا الفشل، إلى جانب القصف العشوائي الذي أوقع ضحايا من المدنيين، يثير تساؤلات حول مصداقية القدرة العسكرية الإسرائيلية، ويزيد من ترقب الجميع للمرحلة القادمة من المفاوضات حول تبادل الأسرى.

اقرأ أيضاًبعد 15 شهرا من حرب الإبادة.. آلاف الفلسطينيين يعودون إلى شمال قطاع غزة

عاجل.. بدء تحرك السيارات استعدادا لعبور شارع صلاح الدين باتجاه شمال قطاع غزة

رفض فلسطيني لتصريحات ترامب عن تهجير سكان غزة.. وحماس: تتماهى مع المخططات الإسرائيلية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل قطاع غزة الرئيس الأمريكي ترامب دونالد ترامب غزة وزير المالية الإسرائيلي الأمن القومي العربي وزير الخارجية القطري اتفاق غزة وقف إطلاق النار جیش الاحتلال قطاع غزة أکثر من خاصة أن إلا أن فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

ضباط في جيش الاحتلال: الحرب على غزة استنفدت نفسها بسبب ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود

#سواليف

قال #ضباط كبار في #جيش_الاحتلال إن #الحرب_على_غزة استنفدت نفسها، بسبب #إرهاق_الجنود، وكذلك بسبب عدد #الجنود_القتلى المرتفع منذ أن خرقت #إسرائيل وقف إطلاق النار، واستأنفت الحرب على غزة، في آذار/مارس الماضي.

وأضاف الضباط وفق ما ذكرته صحيفة /هآرتس/ العبرية ، إنهم لا يرصدون تغييرا في شروط ” #حماس ” من أجل #إنهاء_الحرب والتوصل إلى #اتفاق #تبادل_أسرى في أعقاب الحرب على إيران، رغم أن تقديرات جيش الاحتلال هي أن “حماس” معنية بالتوصل إلى اتفاق.

وبحسب الصحيفة، فإن الاعتقاد في جهاز الأمن أنه تتزايد احتمالات التوصل إلى اتفاق، لكنهم ينسبون ذلك إلى تغيير في الرأي العام الإسرائيلي، الذي يؤيد إنهاء الحرب من خلال اتفاق تبادل أسرى، وإلى احتجاجات عائلات الجنود المنهكين، والتراجع العام في تأييد الجمهور لأهداف الحرب.

مقالات ذات صلة ارتفاع إصابات التسمم الكحولي إلى 50 حالة / تفاصيل جديدة 2025/07/01

ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير قوله إنه “لا توجد ضربة نوجهها إلى “حماس” بعد سنتين من الحرب، وفي وضع الحركة الحالي، التي ستؤدي إلى نتيجة مختلفة عن تلك التي نتواجد فيها اليوم. وبالإمكان الاستمرار في توغل آخر وممارسة ضغط آخر، لكن لدينا أسرى هناك، وهذه قيود كبيرة للغاية في القتال، وتتسبب بتوتر في صفوف القوات في الميدان”.

وأضافت أن جيش الاحتلال وضع تحذيرا أمام المستوى السياسي بأنه يجب إعادة النظر في الاعتماد على “مؤسسة غزة الإنسانية” وحراسة الجيش لمراكز توزيع المساعدات. ويدعي الجيش الإسرائيلي أنه في حال انسحابه من القطاع في إطار اتفاق، سيكون من الصعب ضمان دخول آمن للمساعدات الإنسانية ومنع حماس من السيطرة عليها.

وتواصل قوات الاحتلال وبدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

مقالات مشابهة

  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يحذر الوزراء من أن استمرار القتال في غزة يعرض الأسرى للخطر
  • ضباط في جيش الاحتلال: الحرب على غزة استنفدت نفسها بسبب ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود
  • المقاومة ترفع تكلفة عربات جدعون والاحتلال يمهّد للانسحاب
  • جنوب قطاع غزة مسرح لتصاعد وتيرة عمليات المقاومة ضد الاحتلال
  • كيف تغلّبت المقاومة على تقدم الاحتلال من محاور عدة بخان يونس؟
  • الاحتلال الإسرائيلي: نسعى للسلام مع سوريا ولبنان دون التنازل عن الجولان
  • إسرائيل لا تنتصر.. بل تغرق في وحل غزة
  • الرئاسة الفلسطينية تحذّر من توسيع عمليات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة
  • جنرال التغريدات.. كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي الذي وعد بحرق طهران
  • تقرير: استمرار المخاوف الأمنية يعيق استئناف الطيران بين روما وطرابلس