بعد وقف التطبيق في أمريكا.. مصير الـ «تيك توك» في مصر
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
تسبب قرار وقف تطبيق "تيك توك" وحظره من العمل في أمريكا لساعات، وعودته مرة أخرى للعمل ونموه المتسارع، في تصاعد الجدل بين المواطنين، حيث طُرحت العديد من التساؤلات حول تأثير الحظر المحتمل لتطبيق تيك توك على المستخدمين والمؤثرين، بالأخص أن عدد مستخدمي هذا التطبيق في أمريكا أصبح أكثر من 170 مليون مواطن أمريكي.
وفي هذا الصدد، تحدث الدكتور محمد خليف، مقرر لجنة الثقافة الرقمية والبنية المعلوماتية الثقافية بالمجلس الأعلى للثقافة لـ«الأسبوع» عن أسباب حظر استخدام تطبيق تيك توك في أمريكا، موضحًا أن أسباب حظره ترجع لتوتر العلاقة بينها وبين الصين.
وتابع الدكتور محمد خليف، أن المخاوف الأمريكية تتمحور حول إمكانية استخدام الحكومة الصينية تطبيق تيك توك المملوك لشركة «بايت دانس» الصينية، للوصول لبيانات المستخدمين الأمريكيين، والذي يهدد الأمن القومي للبلاد، أو تسريب التطبيق للمعلومات والبيانات الخاصة بالمستخدمين للحكومة الصينية، ومن ثم تقوم بالعمل بالذكاء الاصطناعي لتوجيه الرأي العام بأمريكا، أو فهم سلوكيات المواطن الأمريكي أو التجسس على المواطنين بشكل كبير.
وأضاف خليف، أن خطورة التطبيق تكمن في تأثيره القوي على الرأي العام ونشر المعلومات وخاصة إن كانت مغلوطة أو مضللة، ولا يقتصر الصراع على ذلك فحسب، بل يتسع لحجم السوق العالمي المتنامي في استخدام منصات التواصل الاجتماعي وبالأخص تطبيق تيك توك، مما يؤدي إلى مزاحمة الشركات الصينية للشركات الأمريكية المسيطرة على المنصات.
وأشار خليف، إلى أنه على الرغم من خضوع هذه المواقع للحكومة، إلا أن هناك جزءًا يتعامل مع بيانات المستخدمين بشكل أو بآخر، ولا يوجد منصة أو موقع تواصل اجتماعي خالٍ من التدخلات أو جمع البيانات.
وبشأن تأثير ذلك على مصر، أوضح الدكتور محمد خليف، أنه من الممكن أن يؤثر هذا القرار على مصر بشكل كبير، وبالأخص على المؤثرين وصناع المحتوى، الذين يعتبرون التيك توك كأحد المنصات واسعة الانتشار والمستخدمة في الاستثمار، والتي إن تم تقييدها أو وقفها في بعض الدول سيتم تقليل الاستثمار بها، لأنه يقلل من عدد المتابعين والمستخدمين عالميًا.
وشدد خليف، على ضرورة مراجعة أولويتنا، فالولايات المتحدة وهي القطب الأعظم في العالم، تخاف على سرية بيانات مستخدميها فماذا عنا نحن؟ وطرح خليف عدة تساؤلات: هل يمكن أن يكون هناك مبادرات للتفاهم بشكل قانوني مع المنصات لحماية البيانات؟ هل يمكن أن يكون هناك تعاون دولي لحماية حرية التعبير وتقليل المحتوى المضلل والمحتوى المغلوط؟ هل يمكن تعزيز المحتوى الإيجابي الثقافي المصري العربي على منصات التواصل الاجتماعي، بحيث نقلل من سلبيات المحتوى المغلوط؟ هل يمكن توعية المستخدمين بأهمية الخصوصية والأمان الرقمي واستخدام المنصات بشكل آمن؟
وتابع: إن كل هذه الأسئلة يمكن أن تُطرح في نقطة تأثير تقييد منصة تيك توك في بعض الدول على الشعب المصري، والإجابة عنها تكون في نطاق المجال البحثي والتعاون والدراسة، لأنها تؤثر بشكل كبير على مستقبل الأجيال القادمة، حيث يتلقى جيل زد وجيل الفا المحتوى من منصات التواصل الاجتماعي بشكل أكبر من الكتب ووسائل التلقين الأخرى مثل التليفزيون التقليدي، وذلك من خلال الفيديوهات والمنشورات.
واختتم الدكتور محمد خليف حديثه، بأن مصر تحتاج للوصول لمعادلة يكون بها الصالح الوطني للدولة غير متعارض مع ما يحدث على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتطلب مجهودا كبيرا جدًا من مؤسسات الدولة بكافة هيئاتها وجهاتها.
اقرأ أيضاًعودة الرقابة على «تيك توك» في أمريكا (تفاصيل)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التيك توك بايت دانس تيك توك قرار وقف تطبيق التواصل الاجتماعی تطبیق تیک توک فی أمریکا هل یمکن
إقرأ أيضاً:
ضريبة الدخل على الأفراد بين فلسفة التفكير ومنهجية التطبيق
ضريبة الدخل على الأفراد هي إحدى أدوات السياسة المالية التي تهدف إلى تحقيق نمو جيد في الاقتصاد، ويتحقق ذلك بوجود سياسة نقدية فاعلة. وتُعدّ الضرائب عموما موردا فاعلا لتنويع مصادر الدخل من خلال إسناد الميزانية العامة للدولة بنسبة معينة من الإيرادات المالية، وفقًا لنسبة الضريبة المتفق عليها ودخول الأفراد المستهدفة.
وفي كل الأحوال، تُعدّ الضريبة أداة مالية سهلة التحصيل وسريعة التنفيذ، كما أن أثرها على المالية العامة أسرع مقارنة بأدوات السياسة النقدية التي تتطلب وقتا أطول لظهور نتائجها على المالية العامة والاقتصاد عموما. وبالتالي، يمكن الجزم بأن تطبيقها على المدى القصير أو المتوسط هو لتمويل بعض النفقات المتغيرة أو المرنة (flexible cost) في الميزانيات العامة، كالإنفاق على الجوانب الاجتماعية، على سبيل المثال لا الحصر: منافع الحماية الاجتماعية والبرامج الاجتماعية الأخرى.
وهنا نعتقد أن ضريبة الدخل على الأفراد هي أحد التوجهات الوطنية لتحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع العُماني، من خلال فرض ضريبة على أصحاب الدخول المرتفعة بنسبة معقولة لا تتجاوز 5%، لتمويل مشروعات تنموية وبرامج اجتماعية تستهدف أصحاب الدخل المنخفض، كالنهج المتبع حاليا في تمويل صندوق الأمان الوظيفي وصندوق الحماية الاجتماعية.
ربما فكرة فرض ضريبة مباشرة على دخل الأفراد، بغض النظر عن مستوى دخولهم، ليست محبّذة لدى غالبية أفراد المجتمع، لأسباب مرتبطة بحداثة الفكرة أو بنمط التفكير المبني على الادخار لفترات طويلة أو لوضع خطط تنفيذية مبنية على حجم معين من الأموال. إلا أن فلسفة التفكير لا بد أن تطرح العديد من الأسئلة التي ينبغي على الفرد توظيف العلم والعقل للإجابة عنها، من بينها: آلية تمويل البرامج الاجتماعية التي تُحدث ربكة في التخطيط المالي، بسبب توسّع الفئات المستهدفة في منظومة الحماية الاجتماعية أو زيادة الأعداد الحالية في منافع الحماية.
كذلك، فإن تأدية ضريبة الدخل المرتفع، خصوصا على الأفراد، هو شعور إنساني نبيل، واستشعار لسنة رسول الله - في الزكاة، كما ورد في الحديث الشريف عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «إن الله عز وجل فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم».
أرى أن منهجية تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد لا بد أن تُفرض عند تحقيق نمو اقتصادي معيّن، بحيث يكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مبلغ (8.000) ريال عُماني، بزيادة مقدارها (1.000) ريال مقارنة بالمبلغ الحالي المقدر بنحو (7.000) ريال عُماني سنويا لكل فرد، حتى تشمل ضريبة الدخل على الأفراد أكبر عدد من أفراد المجتمع، من باب المساواة في فرض الضريبة، على غرار ضريبة القيمة المضافة التي شملت جميع فئات المجتمع.
ولا ضير أن يتم تأجيل تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد سنتين أو ثلاث سنوات، حتى يتم استهداف المقدار المناسب لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. كما أقترح البدء بفرض ضريبة الدخل على الأفراد ممن يتجاوز دخلهم السنوي أكثر من (40.000) ريال عُماني بنسبة لا تتجاوز 5%، على أن تُفرض بنسب متفاوتة، ترتفع بنسبة 1% عن كل (10.000) ريال إضافي على الـ (40.000) ريال، على سبيل المثال: تُفرض ضريبة بنسبة 6% على من يتجاوز دخله السنوي (50.000) ريال، و7% لمن يتجاوز دخله (60.000) ريال، وتُثبت النسبة عند 10% لمن يتجاوز دخله (90.000) ريال وأكثر.
وفي ظني، فإن عدد من يتجاوز دخله السنوي أكثر من (40.000) ريال لن يتجاوز 2% من إجمالي سكان سلطنة عُمان، مما يجعل الأثر المتوقع من تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد محدودا.
وأقترح الآتي:
الاشتغال على مصطلح تدوير المال مجتمعيا، والاستعانة بالجهات ذات العلاقة لغرس مفهوم التكافل الاجتماعي.
بث رسائل إيجابية ومطمئنة لأفراد المجتمع عن ضريبة الدخل على الأفراد، وتقليل التهويل من ضررها مجتمعيا. المضي في تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد، لضمان وجود مصدر تمويل مستدام للبرامج الاجتماعية، وتحقيقا للتكافل المجتمعي، وعدم تأثر صرف مبادرات الحماية الاجتماعية مع التقلبات الاقتصادية الناتجة عن المتغيرات العالمية.
إطلاق منصة إلكترونية تحوي جميع البيانات عن دخل الفرد، لمعرفة مقدار الضريبة المستحقة، من خلال ربط إلكتروني بجميع مداخيله.
ضرورة الاشتغال على نظام ضريبي محكم، يضمن عدم لجوء البعض لممارسات غير مسؤولة، مثل التهرب الضريبي بكافة أنواعه.
رفع الوعي المجتمعي بأهمية تعزيز الجوانب الإيجابية، والاعتماد على المصادر الرسمية في تحليل الأخبار والبيانات عند التفاعل مع التوجهات الحكومية، وعدم الانسياق خلف المعلومات المغلوطة أو المضللة.