في قلب مدينة جنيف، يلتقي ممثلو مجلس حقوق الإنسان، تزامنا مع وقفات سلمية وفعاليات حقوقية الإنسان على هامش الاستعراض الدوري الشامل، حيث كانت هذه الفعاليات بمثابة صوت موحد ضد التحديات التي تواجه حقوق الإنسان في مختلف بقاع الأرض، رافعين أصواتهم للمطالبة بإحقاق العدالة وتعويض الشعوب عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة للاستعمار، وعلى رأسها رفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، فضلا عن رفض المعايير المزدوجة في السياسة الدولية التي تؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية.

عقيل: الشعوب لا تٌقهر

ومن بين هذه الفعاليات، نظمت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي (الإيكوسوك) وقفة سلمية أمام مقر الأمم المتحدة بجنيف، حملت عنوان «اتحدوا من أجل السلام: التعويضات ليست مالية فقط» ووجمعت مشاركين من مختلف الدول الأفريقية والأوروبية، حيث جددوا مطالبهم بتعويضات عادلة عن فترة الاستعمار الذي امتد لأكثر من 140 عامًا، مؤكدين أن هذه المطالب تتجاوز التعويضات المالية لتشمل استعادة الآثار المنهوبة وتعديل المناهج الدراسية التي لا تعترف بحقوق الشعوب المظلومة وتاريخ الاستعمار.

وأثناء الوقفة، أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت ونائب رئيس الإيكوسوك الأفريقي، أن عام 2025 يمثل فرصة ذهبية لبدء تحقيق هذه المطالب، وتحديدًا في إطار الاتحاد الأفريقي الذي دعا لتعويض الشعوب الأفريقية عن مئات السنوات من الاستعمار، مطالبا بضرورة إعادة الاعتبار للحقوق الثقافية والتاريخية للشعوب المتضررة، كما شدد على أهمية رفض دعوات التهجير التي تنتهك حقوق الإنسان، مؤكدا أن هذه الدعاوى تتناقض مع قيم الإنسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

نرفض تهجير الفلسطنيين

وفي سياق متصل، نظم ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان ومركز حقي لدعم الحقوق والحريات، وقفة تضامنية أمام الكرسي المكسور في ساحة الأمم المتحدة، لمطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الإنساني لوقف الحروب في المنطقة، وخاصة في فلسطين، خلال مناقشة مصر تقريرها أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل، كما نددت الوقفة بمحاولات تهجير الفلسطينيين، مؤكدين تضامنهم مع مواقف الدولة المصرية الرافضة لهذه المحاولات، حيث شارك في الوقفة ممثلون عن الجاليات المصرية واليمنية والجزائرية والفلسطينية وبعض الجنسيات الأخرى في جنيف، حيث رفعوا لافتات تندد بدعاوى التهجير، وأعلنوا تضامنهم مع قضية فلسطين في رفض أي محاولات لتفريغ القضية من مضمونها.

مصر تتقدم في حقوق الإنسان 

وقال الدكتور محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، المشارك في الوقفة التضامنية، إن هذه الوقفة تأتي في وقت حاسم لتأكيد وحدة الحركة الحقوقية الدولية في مواجهة التحديات التي تهدد الشعوب المستضعفة، مؤكدا أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة سياسية، بل هي قضية حقوقية وإنسانية بالدرجة الأولى، قائلا:«نرفض بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني أو تفريغ قضيته من محتواها العادل».

كما أشار ممدوح في حديثه لـ«الوطن» إلى الموقف المصري الرافض لعمليات التهجير القسري، قائلا: «مصر تدرك جيدا أن الإنسانية لا تتجزأ، وأن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني هو التزام أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا»، مؤكدا أن موقف مصر في هذا الصدد يعكس التزامها بمبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، كما اعتبر أن هذه الوقفة ليست فقط دعمًا للموقف المصري، بل هي رسالة للعالم بأن الشعوب لا تُهجر ولا تُقهر، وأن الحلول الجذرية للأزمات تبدأ من احترام حقوق الإنسان.

 الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان

كما نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان فعالية بقصر الأمم المتحدة بجنيف، تناولت خلالها التقدم المحرز في تفعيل توصيات الدورة السابقة لاستعراض وضع حقوق الإنسان في مصر والعراق، حيث أكد علاء شلبي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن مصر أظهرت إرادة سياسية قوية لتحسين وضع حقوق الإنسان، مع تحقيق تقدم ملحوظ في عدة مجالات، كما ذكر أن إدماج توصيات الاستعراض ضمن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 يعكس هذا التوجه، فضلا عن أن هناك تقدمًا ملموسًا في تحقيق بعض الاستحقاقات، مثل قانون الإجراءات الجنائية الجديد، إلا أن هناك حاجة لتسريع تنفيذ إصلاحات أخرى، خاصة في قوانين مثل قانون المعلومات وقانون انتخابات المجالس المحلية.

من جانبه، أكد الأستاذ عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن رغم التقدم الذي أحرزته السلطات المصرية في العديد من الملفات، إلا أن الإنجاز الكامل يتطلب المزيد من الإصلاحات التشريعية. وأشار إلى ضرورة الإسراع بإصدار قوانين هامة، مثل قانون مكافحة جرائم الكراهية، لتكريس حقوق المواطنة والحرية الدينية والمساواة.

 الجهود المصرية لتحسين الوضع الحقوقي

وفي إطار متابعة التزام مصر المستمر بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان بالتعاون مع المعهد الدانماركي لحقوق الإنسان حدثًا جانبيًا على هامش مناقشة تقرير مصر أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل في جنيف، هذا الحدث جاء بمثابة تأكيد على الجهود المصرية لتحسين وضع حقوق الإنسان، كما تم خلاله تسليط الضوء على التحديات المشتركة التي تواجهها الدول في هذا المجال وسبل التعاون بين الأمم المتحدة والدول المختلفة لتعزيز حقوق الإنسان على مستوى العالم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حقوق الإنسان الشعب الفلسطيني تهجير الشعب الفلسطيني مدينة جنيف الاستعراض الدوری الشامل الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان تنتخب ماليا رئيسا وجزائرية نائبة له

في تطور مهم على صعيد حماية حقوق الإنسان في أفريقيا، انتخبت المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب القاضي المالي موديبو ساكو رئيسًا لها، والقاضية الجزائرية شفيقة بن صاولة نائبًا له، خلال الجلسة 77 التي عقدت في مقر المحكمة بمدينة أروشا التنزانية.

يتولى القاضي موديبو ساكو منصب الرئاسة خلفا للقاضية التنزانية إيماني داود عبود التي انتهت فترة رئاستها بعد 4 سنوات من القيادة بين عامي 2021 و2025.

وكان القاضي ساكو قد شغل منصب نائب الرئيس في آخر عامين من تلك الفترة.

يحمل القاضي ساكو شهادتي دكتوراه في القانون؛ الأولى في القانون الخاص عن بحثه بعنوان "قمع انتهاكات حقوق الإنسان في أوقات النزاع المسلح: حالة مالي" عام 2019، والثانية في القانون العام حول "الاستخبارات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب" عام 2023.

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع بخبرة واسعة في القضاء بجمهورية مالي، إذ شغل مناصب استشارية عدة في وزارة العدل وحقوق الإنسان هناك.

ويعمل حاليا قاضيًا في المحكمة العليا، ويُدرّس في عدد من الجامعات والمعاهد العسكرية والأمنية.

القاضية شفيقة بن صاولة

تتولى القاضية شفيقة بن صاولة منصب نائب الرئيس عقب انتخاب القاضي ساكو رئيسًا للمحكمة.

إعلان

كانت قد انتُخبت قاضية في المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في يناير/كانون الثاني 2017، وأُعيد انتخابها في فبراير/شباط 2023 لولاية ثانية مدتها 6 سنوات.

تحمل القاضية بن صاولة شهادة دكتوراه في القانون العام، وتشغل حاليا منصب مستشارة لدى مجلس الدولة ومحكمة المنازعات في الجزائر.

وشغلت العديد من المناصب القضائية والإدارية، منها قاضية في غرف الجنايات ومحاكم الاستئناف، ومفتشة بالمحاكم الإدارية والقضائية، ومستشارة لوزير العدل.

للقاضية منشورات عديدة في مجالات الوساطة، والمصالحة الإدارية، وتنفيذ الأحكام الإدارية، واستخدام الأدلة السمعية البصرية.

القاضية شفيقة بن صاولة (مواقع التواصل الاجتماعي) مدة المهام

سيتولى الرئيس ونائب الرئيس المنتخبين مهامهما لمدة عامين، تبدأ في عام 2025 وتنتهي في عام 2027، وفقًا للمادة 21 من البروتوكول الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، التي تنظم عمل المحكمة.

مهام المحكمة

أسست المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بموجب اتفاقية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، وتهدف إلى ضمان حماية حقوق الإنسان والشعوب في القارة.

وتعد الهيئة القضائية التابعة للاتحاد الأفريقي، التي تكمل وتعزز عمل اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

تشكيل المحكمة

تتألف المحكمة من 11 قاضيًا من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، ينتخبون بصفتهم الفردية. تعقد المحكمة 4 جلسات عادية سنويا، بالإضافة إلى جلسات استثنائية عند الحاجة.

ومن المتوقع أن تسهم الدورة الجديدة في تعزيز دور المحكمة في حماية حقوق الإنسان في أفريقيا وضمان الالتزام بالمعايير التي تحددها المواثيق الأفريقية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: العثور على 77 جثة في طرابلس داخل مناطق يسيطر عليها فصيل مسلح
  • بسبب مهمة دولية.. استقالة مشيرة خطاب من رئاسة المجلس القومي لحقوق الإنسان
  • القومي لحقوق الإنسان يقبل استقالة مشيرة خطاب ويكلف كارم بالرئاسة
  • قارة إفريقيا تختار قيادتها الحقوقية.. مالي تتصدر والجزائر تحجز مقعد النيابة
  • لجنة الحقوق الاجتماعية بالقومي لحقوق الإنسان تزور مستشفى أهل مصر
  • انتخابات البرلمان.. توجيه مهم من القومي لحقوق الإنسان للأحزاب السياسية
  • المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان تنتخب ماليا رئيسا وجزائرية نائبة له
  • خالد أبو بكر: منصب المجلس القومي لحقوق الإنسان ليس تشريفيًا
  • مجزرة جديدة يرتكبها الاحتلال بمواقع توزيع المساعدات في رفح
  • مطالب حقوقية بتحقيق عاجل في "تجاوزات إدارية" ضد الجمعيات