سواليف:
2025-08-12@11:54:53 GMT

مخاطر التهجير بين التهوين والتهويل

تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT

#مخاطر_التهجير بين التهوين والتهويل

د. #حفظي_اشتية

تصريحات الرئيس الأمريكي “ترامب” بشأن تهجير فلسطينيي غزة إلى الأردن ومصر ملأت الدنيا خلال الأيام الماضية وشغلت الناس، وتصدرت أحاديثهم في المجالس، وبادر المسؤولون في الدولتين إلى التعليق وبيان المواقف وإعلان الرفض، وخاض الكثيرون من الكتّاب في الموضوع، ونُشرت مقالات كثيرة في الصحف والمواقع الإخبارية، وأذيعت مقابلات عديدة لمتحدثين في الفضائيات.

والمراقب المتابع لكل ذلك يمكنه تصنيف المضامين في ثلاث فئات:

ــ الفئة الأولى:

مقالات ذات صلة كيف سنرد على مخططات التهجير؟ 2025/01/30

لجأتْ إلى تهوين الأمر، فالرئيس ــ وفق رأيها ــ يهرف بما لا يعرف، وهو لا يعني ما يقول، وله تصريحات سابقة مشابهة في مواضيع شتى لم تؤخذ بجدية، وقد يكون كلامه الآن مجرّد مجسّات اختبار، أو سبر نوايا، أو جبر خاطر للمحتل الذي اختل توازنه بالاتفاق على الهدنة دون تحقيق أهدافه، أو مهادنة وملاينة لليمين المتطرف المعارض الشرس، أو تهدف إلى التهويش على الدول العربية المعنية لابتزازها، والتلويح بعواقب عدم إذعانها للرغبات الأمريكية، والتلميح بمخاطر ترددها في ذلك أو معارضتها أو تفلّتها من الهيمنة المسلّطة على رقابها ترغيبا وترهيبا.

وقد تُحمل تلك التصريحات عند بعضهم على جناح حسن النية!! بأن الرئيس يريد فعلا أن يخفف الزحام في القطاع الذي يعيق الإعمار، وأنه ينظر للأمر نظرة مجردة من العواطف، وتعلّق السكان بأرضهم، وتشبثهم في وطنهم بعد عذاب التشرد والتهجير والحرمان على مدى قرن من الزمان، فلا بأس لديه أن تُلبّى رغبتهم!! بإزاحتهم وإراحتهم، طالما أن أمريكا لا تلتزم باستضافتهم، ولن تخسر شيئا مقابل استيعابهم، بل بالعكس ستربح كثيرا في الاستثمار بأرضهم، وتخدم بذلك أهداف المحتل، وتلتحم مصالحها بمصالحه.

ــ الفئة الثانية:

وهذه ترى أن ما يريده الرئيس الأمريكي سيتم حتما، وأن أمره قضاء مبرم، وأن ما يجمجم به في المنام ليس أضغاث أحلام، بل هو أمر نافذ محتوم.

تصريحاته ليست مجرد ثرثرة، ولا هي فقاعات متناثرة في طائرة، إنه يعي حقا ما يقول، ويعني جيدا ما صرّح به، والأمر ليس وليد لحظته، بل هو مخطط له طويلا، تمّ بحثه عميقا، وكان الوعد بتنفيذه سببا في قبول اتفاق الهدنة الفوري، ليتم استرداد الأسرى أولا، والتفرّغ بعد ذلك لإنجاز إخلاء غزة من معظم سكانها، تليها الضفة، تمهيدا للسعي قُدما نحو تحقيق المشروع الكبير الخطير في المشرق العربي بأسره. وما فعله هذا الرئيس خلال فترة رئاسته الأولى دليل يؤيد هذا التحليل، واختياره للمسؤولين حوله يوحي بنيّته المبيّتة لفرض صفقة غُبن جديدة معدلة، تفرض أمرا واقعا، وتقتلع القضية الفلسطينية من جذورها، وتطمسها من التاريخ الحديث لتنزوي بعيدا في مخيّلات أهلها الذين ستهدّهم مرارة واقعهم، وتهدم آمالهم، وينحصر جهدهم في مراقبة قطار التطبيع السريع الذي يدوس أحلامهم، بينما نظرهم يرتد إليهم كليلا حسيرا، فقد دهمهم ما لا قِبل لهم به، وليس أمامهم إلا الرضا بالهمّ وإن لم يرضَ الهمّ بهم.

ــ الفئة الثالثة:

تشعر بالمهانة العظمى من حالتنا العربية التي تسمح للرئيس الأمريكي بمثل تلك التصريحات، وقبل أن تندفع في هبّة عاطفية أبيّة “كولومبية”، وذلك هو الذي تتمناه، تراها تستذكر قول الشاعر:

ولو أن قومي أنطقتْني رماحُهم            نطقتُ، ولكنّ الرماحَ أجرّتِ

لذلك، تكظم غيظها، وتحكّم عقلها، وتحجب عاطفتها، وتفرد أمامها حساباتها، وتصل إلى نتيجة مفادها أنّ رفضَ تصريحات الرئيس ومعارضتَها أرحمُ ألف مرة وأسلم من مسايرتها والخضوع لها.

وهي تعلم يقينا أنّ الكلفة باهظة، وأنّ نسبة المخاطرة عالية، لكنْ لا بدّ مما ليس منه بدّ.

سنتعرض إلى ضغوط اقتصادية هائلة، ونحن غارقون أصلا في معاناة نئنّ من أعبائها، وستدور حولنا مكائد سياسية وألاعيب مكر هُم سادتها.

سيتم الضغط على سكان القطاع والضفة فوق طاقة البشر على التحمل، في بيئة طاردة لكل وسيلة للنجاة أو الحياة، سيتعثر الإعمار، ستتأخر المساعدات الإنسانية، سيُنفخ في نيران الفتنة والفرقة بين الأهل، ستُفتعل الإشكالات في المفاوضات لإعاقتها أو وقفها…. لكنْ لا مناص من استمرار الصمود الذي قلّ نظيره في العالم قديما وحديثا، والحفاظ على صورة البطولة الخارقة التي أبداها هذا الشعب العظيم، والتضحيات الجسيمة التي تحمّلها، فالموت بشرف مرة واحدة على أرض الوطن أهون ألف مرة من موتة مذلة كل يوم خارجها.

مأمولٌ من مسؤولينا في الأردن ومصر أن يطرقوا كل باب للدبلوماسية لدرء الخطر، وأن يستثمروا كل نقاط القوة لديهم، وأن ينسقوا فيما بينهم، وأن يصارحوا الشعب، فالشعب يتفهم عميقا أن هذين البلدين قلعتان عربيتان لا بدّ من تحصين صمودهما أمام الخطر الداهم القادم، ولا بدّ من الاستعداد الواعي لكل احتمال، والبحث سريعا عن البدائل المتاحة للمساعدات الأمريكية المهينة، والبدائل كثيرة لمن يسعى إليها ويبحث عنها، وأقلها ترشيد الإنفاق في كل شيء، والسعي بجدّ ودأب لاستئصال الفساد الذي نهب الكثير من الثروات. الشعب سيصبر إنْ أيقن أنّ صبره ضريبة لكرامته وصون القضية الدينية القومية. الشعب سيصبر فوق طاقته عندما يستحضر أن التهجير سيهدّ أركانه، ويزعزع أمانه، ويضيّع وطنه وقضيته العادلة ومقدساته، ويكون “حصان طروادة” لتمرير المشاريع الخطيرة القادمة التي لن يسلم منها أحد، ولعل ذلك يوقظ الحس العربي الإسلامي بأن المخاطر تطال الجميع، ولا بدّ من أن يبادر سريعا القادرون ماديا لمساعدة إخوانهم على الصمود، وفي ذلك منفعة عظمى لهم أنفسهم، وخطٌّ أوليّ متقدمٌ للدفاع عنهم.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: حفظي اشتية

إقرأ أيضاً:

مدينة القصير في ريف حمص تستعيد نبض الحياة بعودة خمسين عائلة بعد سنوات من التهجير

حمص-سانا

بدأت مدينة القصير الواقعة في ريف حمص، تستعيد عافيتها تدريجياً بعودة خمسين عائلة كانت قد نزحت منذ سنوات طويلة؛ نتيجة التهجير القسري جراء إجرام النظام البائد.

العودة تمت بجهود مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في إدلب، التي سعت لمنح العائلات فرصة لاستئناف حياتها الطبيعية ولترك سنوات المعاناة خلفها.

وأوضح مدير مكتب المنتدى السوري في المنطقة الوسطى ومحافظة إدلب محمد عقيل قناص لمراسل سانا، أن عملية إعادة نحو خمسين عائلة من أبناء مدينة القصير الذين نزحوا إلى الشمال السوري قبل أربعة عشر عاماً، تُعد إنجازاً كبيراً، وذلك بعد تأمين عودة آمنة وكريمة، حيث تولى المنتدى تمويل هذا المشروع، مع العمل على برامج مشابهة مستقبلاً لدعم المزيد من العائلات.

عمر مطاوع، أحد العائدين إلى المدينة، عبّر عن مشاعره قائلاً: إن العودة إلى ديارهم وأرضهم تمثّل لحظة لا تُقدّر بثمن، فالغربة والنزوح كانا تجربة مُرّة، دائمًا كانوا يتوقون لإنهائها، وبيّن أن عودتهم تمنحهم الأمل مجددًا لاستصلاح أراضيهم وترميم بيوتهم، والعيش إلى جانب أهاليهم وجيرانهم.

أما أحمد السماعيل، أحد وجهاء مدينة القصير، فقد عبّر عن تفاؤله الكبير بعودة العائلات، معتبرًا ذلك خطوة مهمة في إعادة إعمار المدينة بعد سنوات طويلة من الدمار والنزوح، وشدد على أهمية هذه الخطوة في تعزيز الروابط الاجتماعية واستعادة النسيج الحضاري للمدينة، بما يساهم في إحيائها وازدهارها على مختلف الصعد.

يوسف فخر الدين شهاب، من أهالي القصير، أعاد سرد معاناته قائلاً: إنهم اضطروا للنزوح إلى مدينة إدلب في ظل ظروف عصيبة فرضتها سياسات النظام البائد، ورغم التحديات التي واجهوها هناك ، إلا أنهم اليوم عادوا إلى القصير بقافلة وصفها بأنها “قافلة عز وكرامة”، معرباً عن شكره للجهات التي أسهمت في تنظيم هذه العودة، ومنها إدارة المنطقة ووجهاء إدلب ومؤسسة إحسان، التي لعبت دورًا كبيرًا في إعادة لمّ شمل الأهالي.

مدينة القصير 2025-08-11Ali Ghaddarسابق محافظة حمص تعقد مؤتمراً صحفياً حول مشروع بوليفارد النصر والرد على التساؤلات حوله انظر ايضاًمجلس أعيان مدينة القصير بحمص يبحث سبل إعمار المدينة

حمص-سانا بحث مجلس أعيان مدينة القصير اليوم في لقاء تعارفي اجتماعي، ضم وجهاء المدينة وريفها، …

آخر الأخبار 2025-08-11عواصف قوية وفيضانات تجتاح ولاية ويسكونسن الأمريكية 2025-08-11التعليم العالي تناقش مع جامعة قرطبة تحدياتها وسبل دعمها 2025-08-11الهيئة العامة للتدريب السياحي تطلق أول دورة للأدلاء عن بعد 2025-08-11مدير الشؤون الآفروآسيوية والأوقيانوسية بالخارجية السورية يلتقي مساعد وزير الخارجية الياباني 2025-08-11سوريا والجزائر تبحثان التعاون المشترك في إطار الاستجابة للكوارث 2025-08-11صحفيون وإعلاميون سوريون ينظمون وقفات تضامنية مع صحفيي غزة وأهلها- فيديو 2025-08-11وزير الطاقة السوري يصل إلى بغداد لبحث التعاون الثنائي 2025-08-11وزير التعليم العالي يبحث مع خبراء سوريين في اليابان مجالات التعاون 2025-08-11وزير الطوارئ السوري يبحث مع القائم بأعمال السفارة اليونانية التعاون عند وقوع أي كارثة 2025-08-11وزير الطوارئ والكوارث يزور عائلة حمزة العمارين في نوى بريف درعا

صور من سورية منوعات تحطم نيزك في الولايات المتحدة أقدم من الأرض ب 20 مليون سنة 2025-08-11 فريق صيني ينجح برقمنة نقوش عظام الأوراكل القديمة في أوروبا 2025-08-11
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • مستشار الرئيس الفلسطيني: نشكر مصر والرئيس السيسي الذي أفسد مخطط الاحتلال في تهجير غزة
  • خلال كلمته بمؤتمر الإفتاء العالمي.. مستشار الرئيس الفلسطيني: نشكر مصر والرئيس السيسي الذي أفسد على الاحتلال خطته لتهجير غزة.. وسننعم قريبًا بصلاة في المسجد الأقصى
  • وزير الأوقاف: فلسطين ستظل قضيتنا الكبرى.. وسنظل رافضين لمحاولات التهجير
  • مدينة القصير في ريف حمص تستعيد نبض الحياة بعودة خمسين عائلة بعد سنوات من التهجير
  • فلسطين: إعلان الاحتلال السيطرة على غزة يؤكد مخطط التهجير
  • بين قيادة إيمانية ووعي شعبي .. التكامل الذي هزم المشروع الصهيوأمريكي
  • الدعم الإماراتي لأهالي غزة.. درع إنساني في وجه التهجير
  • اللجنة الوزارية العربية: التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية
  • أحمد فؤاد أنور: خطة نتنياهو لاحتلال غزة أفكار فاشلة.. والدول العربية تحبط مخطط التهجير
  • "المتابعة" بالداخل: مظاهرة قطرية في 17 أغسطس ضد مخططات التهجير بالنقب