الإصلاح الحقيقي يبدأ بأمور صغيرة ... ردّ الديك
تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT
يُحكى عن ملك في غابر الزمان كان يحكم مملكته المتنامية الأطراف بالعدل والقسطاس، ويعطي كل ذي حق حقه، فعاش أهل هذه المملكة في أمان ورفاهية وبحبوحة. وكان يدير شؤونهم بحكمة ودراية أصبحت مضرب مثل لدى القريب والبعيد. وكان يتفقد مملكته دوريًا، ويستمع إلى رعاياه وما لديهم من شكاوى. وبسبب هذه الرعاية لم يكن أحد يتذمر من أي نقص، وكان الجميع يعيشون في سلام ووئام، فعمّ الاستقرار كل أرجاء هذه المملكة المترامية الأطراف، وكان الناس ينامون وأبواب منازلهم مفتوحة.
ولم يكن يقع أي حادث يعكّر صفو هذه العيشة الهنية. وكان الجميع سعداء في ظل هذا الملك، الذي لم يجد الزمان بمثله.
ففي إحدى المرات رجع الملك المالك سعيدًا من جولة تفقدية، وبعدما اطمأن إلى أحوال الرعية، استدعى ابنه البكر، وأعرب له عن رغبته في أن يوليه على هذه المملكة السعيدة. واشترط عليه أمرًا واحدًا، وهو أن يطلعه دوريًا على أحوال البلاد والعباد. وهكذا كان، إذ تخّلى الملك عن عرشه، وأجلس عليه ابنه بصفته ولي العهد، وتمنى له التوفيق في تولي مسؤولية السهر على راحة الناس واسعادهم.
مهمة الملك الجديد كانت سهلة للغاية. فالبلاد تنعم بالأمان والسلام، وأهلها ينامون ملء جفونهم تاركين أبواب بيوتهم مفتوحة. ومع اطمئنان هذا الملك، الذي ترعرع وملعقة الذهب في فمه، انصرف إلى اللهو والسهر تاركًا أمور الناس لمساعديه، الذين استفادوا من هذا الظرف لتحقيق ما لا يتوافق كثيرًا مع ما أسّس له الملك الأب.
وبعد مرور شهر طلب الملك من ابنه أن يقدّم له جردة حسابية عمّا استجد من تطورات خلال الشهر الأول من تسلمه مقاليد الحكم، فطمأنه إلى أن أمور البلد على خير ما يُرام باستثناء حادثة صغيرة، إذ أن أحد الفلاحين الذي يقطن على أطراف المدينة تعرّض للسرقة، حيث أقدم مجهولون على سرقة ديك من مزرعته. فسأل الملك ابنه: وأنت ماذا فعلت، هل عملت على كشف الفاعل وردّ الديك إلى أصحابه؟ الجواب كان بالنفي، مع شيء من الاستخفاف بما طُلب منه.
وفي نهاية اللقاء – الجردة جدّد الملك مطالبة ابنه بأن يعمل ما في وسعه لكي يرد الديك إلى أصحابه.
وفي الشهر الثاني، وفي بداية اللقاء التقييمي، سأل الملك ابنه: هل نجحت في ردّ الديك إلى أصحابه، فسمع منه الجواب نفسه. ولكن تبيّن للملك الأب أن حوادث السرقة بدأت تتكاثر فما كان منه سوى تكرار ما طلبه في اللقاء الأول، وقال له: اعمل جهدك لردّ الديك إلى أصحابه. إلاّ أن الديك لم يردّ. وهكذا بدأت أحوال المملكة تسوء أكثر فأكثر، وبدأ الناس لا ينامون قبل إقفال أبواب منازلهم بعناية حتى أن البعض منهم قرّر التناوب على السهر لحماية الأرزاق من السارقين، الذين تكاثروا.
ومع كل لقاء بين الوالد وابنه كان السؤال نفسه يتكرّر: ماذا فعلت لردّ الديك إلى أصحابه؟ وكان الجواب هو نفسه: لا شيء. وينتهي اللقاء بالطلب ذاته: ردّ الديك.
وبعدما دبّت الفوضى وتكاثرت أعمال السرقة والنهب في المملكة تيقّن الملك الأبن من مغزى ما كان يطلبه منه والده في كل مرّة كان يسأله فيها عمّا إذا كان قد عمل على ردّ الديك إلى أصحابه.
هي قصة قد تكون مستوحاة من الخيال، ولكن فيها من الحقائق اليومية ما يجعلها عنوانًا لما يمكن أن تكون عليه حال كل مسؤول جديد تُسند إليه مسؤولية إدارة شؤون البلد. فالإصلاح الحقيقي يبدأ بأمور صغيرة وصولًا إلى الأمور الكبيرة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رغم وقف الحرب في غزة.. السبب الحقيقي وراء خسارة ترامب جائزة نوبل للسلام 2025
خيبت لجنة نوبل النرويجية أمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وحرمته من جائزة نوبل للسلام لعام 2025، رغم ضغوطه ومزاعمه بأنه أخمد نيران 8 حروب، وكان آخرها حرب غزة بعد التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن.
وذكرت صحيفة «نيويورك بوست»، الجمعة، أن سبب خسارة ترامب كان مسألة توقيت، فاللجنة النرويجية المسؤولة عن تسليم الجائزة اتخذت قرارها يوم الإثنين، أي قبل يومين من الإعلان عن اتفاق وقف النار في غزة.
وأعلنت اللجنة منح جائزة نوبل للسلام لعام 2025 لزعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، وعزت ذلك إلى «فضلها في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا ونضالها من أجل تحقيق انتقال عادل وسلمي من الديكتاتورية إلى الديمقراطية».
وقال مصدر مقرب من ترامب إن فوزه بالجائزة كان ليكون «مفاجأة»، مضيفاً أن احتمال فوزه سيكون أقوى العام المقبل.
وأشار بعض منتقدي ترامب إلى أن تصرفاته المثيرة للجدل، مثل قصفه منشآت نووية إيرانية في يونيو الماضي، وحديثه عن شراء جزيرة جرينلاند من الدنمارك، إلى جانب اقتراحه تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، كانت من بين أسباب عدم اختياره كصانع للسلام هذه السنة.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، ضغط ترامب على اللجنة النرويجية لإعطائه الجائزة، وزعم مراراً أنه أنهى 8 حروب خلال 8 أشهر، قائلاً الشهر الماضي أمام الوفود الحاضرة في الدورة 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة: «الجميع يقول إنني يجب أن أحصل على جائزة نوبل للسلام»، مضيفاً أن حرمانه من هذه الجائزة سيكون «إهانة كبيرة» لأمريكا.
ولحد الآن لم يصدر أي تعليق من ترامب بعد منح الجائزة للمعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو.
موقف البيت الأبيضمن جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن عدم حصول ترامب على جائزة نوبل للسلام يثبت أن اللجنة وضعت السياسة قبل السلام، مؤكدة أن الرئيس الأمريكي سيواصل إبرام الصفقات لإحلال السلام.
وسادت حالة من الترقب حول العالم قبل الإعلان عن الجائزة بسبب إعلان ترامب سابقاً أنه يستحق الجائزة لأنه نجح في إنهاء «8 حروب وصراعات»، كانت آخرها الحرب بين إسرائيل وحماس، وفق تعبيره.
وأكد رئيس لجنة نوبل النرويجية يورجن واتني فريدنيس أن «الموعد النهائي للترشيح للجائزة 31 يناير من كل عام، وفي هذا اليوم نفتح قائمة المرشحين، كما لو كانت عشيّة عيد الميلاد، نبدأ العمل على جميع المرشحين لإعداد القائمة القصيرة، ولدينا باحثون في أنحاء العالم يساعدوننا في ما يتعلق بخلفية كل المرشحين».
وكان ترامب كثّف في الأسابيع الأخيرة حملته للحصول على الجائزة، مقدّماً نفسه كـ«مستحق» لها بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، وإمكانية إبرام اتفاق سلام، لكن هذا الأمر تحقق بعد نحو 10 أشهر من إغلاق باب الترشيح.
اقرأ أيضاًأضاعت حلم ترامب.. من هي المعارضة الفنزويلية «ماريا ماتشادو» الفائزة بجائزة نوبل للسلام؟
عاجل | المعارضة الفنزويلية «ماريا ماتشادو» تفوز بجائزة نوبل للسلام 2025
الرئيس السيسي لـ ترامب: تستحق جائزة نوبل للسلام