المنتج المحلى ينافس المستورد.. بسعر أرخص 50% الدولار ونقص الدواء أزمات واجهت المرضى.. والإنتاج المحلى هو الحل خبراء: الأنسولين المصرى بنفس جودة الأجنبى.. والتصدير للخارج وتوافره المستمر أهم المميزات
أعلنت وزارة الصحة مؤخراً عن إطلاق أول دفعة من الأنسولين المحلى «جلارجين» ممتد المفعول، بالتعاون بين شركة «إيفا فارما» المصرية وشركة «إيلى ليلى» العالمية، فى إطار التحول نحو توطين صناعة الأنسولين فى مصر خاصة أن نحو 15% من المصريين مصابون بمرض السكرى وهو أحد الأمراض المزمنة الشائعة بين الأطفال والكبار على السواء، ويصل عدد الأطفال المصابين بالمرض إلى 55 ألف طفل يعانون النوع الأول منه، ما يجعل توافر عقار الأنسولين أمراً حتمياً وضرورياً، ليكون متاحاً طوال الوقت وبسعر فى متناول أيدى المواطنين، مع تأكيد الأطباء على أن مرضى السكرى بأنواعه المختلفة بحاجة إلى رعاية طبية وعلاج دوائى خوفاً من مضاعفاته بسبب عدم توافر الأنسولين بشكل دورى، كما أن العدد المتزايد من المصابين يؤدى إلى زيادة الضغط على أنظمة الرعاية الصحية، ومن ثم يصبح توطين صناعة الأنسولين فى مصر ضرورة حتمية لحل الأزمة التى يعانى منها أكثر من 10 ملايين مصاب بمرض السكرى وفقاً للاتحاد الدولى للسكرى.
وقال الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة، إن الوزير أشار إلى أن إنتاج الأدوية محلياً بجودة عالمية مكن مصر من تصديرها إلى عشرات الدول، ما عزز ريادتها فى تصنيع الأدوية المنقذة للحياة، كما أثنى الوزير على جهود الشركات الوطنية العاملة فى هذا المجال، مؤكداً أن توطين صناعة الدواء يمثل قضية أمن قومى، حيث يتم إنتاج 90% من احتياجات الأدوية محلياً، فيما يتم استيراد 10% فقط.
وتابع عبدالغفار أن الوزير ذكر أن 15.5% من المصريين مصابون بالسكرى، وهو ما يتوافق مع المعدلات العالمية، لافتاً إلى أنه تم تأسيس 175 مركزاً متخصصاً لعلاج السكر بجانب المعهد القومى للسكر، موضحاً أن تزايد أعداد المصابين فى أفريقيا، الذين تصل أعدادهم حالياً إلى 24 مليون حالة، ومرشحة للارتفاع إلى 55 مليوناً بحلول 2045، يعكس الحاجة الملحة لتوفير الأدوية بأسعار مناسبة.
وفى هذا الصدد أكد الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، أنه منذ عام 2014 وهناك اتجاه لتوطين الصناعات الاستراتيجية التى يتم استيرادها من الخارج ومنها صناعة الأنسولين لإحداث توازن بين المنتج المحلى والمستورد، وبالتالى كانت الخطة أن يتم إنتاج الأنسولين محلياً فى مصنع المهن الطبية التابع للدولة، على أن يتم إنتاج النوعين: قصير وطويل المفعول، وتتم تغطية الاستهلاك لنحو 90% من المستشفيات عبر الشراء الموحد، بعد أن كانت تغطية استهلاك الأنسولين تتم من خلال المستورد بنسبة 98% قبل 7 سنوات.
وأضاف رئيس شعبة الأدوية، أنه منذ 3 سنوات بدأت نفس الشركة إنتاج خراطيش الأنسولين وهذه خطوة كبيرة فى تلك الصناعة، ومؤخراً تم الإعلان عن توطين صناعة الأنسولين التكنولوجى الحديث، أى أحدث تصنيع له داخل مصر، ولا يوجد فارق بين الأنسولين المصرى والمستورد، ولكن ما يحدث أن المريض بعد فترة من استخدام نوع معين، يكون الجسم مناعة من الأنسولين، وبالتالى فى حالة تغييره لابد من التواصل مع الطبيب لتحديد الجرعات والكميات التى يحصل عليها المريض، ولذلك أيضاً يحرص الأطباء على تغيير نوع الأنسولين من وقت لآخر، ومن الممكن فى تلك الفترة أن يشعر المريض ببعض التعب والإرهاق ولكن بعد فترة يشعر المريض بتحسن.
وأضاف عوف أن جودة تصنيع الأنسولين المصرى الجديد لا تختلف عن المستورد، حيث تم إصدار أحدث منتج للأنسولين فى مصر بشراكة مع أحدى الشركات الأمريكية، وهو ما يسهم فى تغطية الجانب المحلى مع وجود فائض للتصدير، لتصبح مصر بوابة افريقيا لتصدير الأنسولين، وهى نقلة صناعية كبيرة وأيضاً سعره سيصبح نصف سعر المستورد تقريباً.
وأشار رئيس شعبة الأدوية فى تصريح خاص لـ«الوفد» أن الأنسولين يتمتع بسمعة جيدة ويتم صرف 10 ملايين عبوة سنوياً للمستشفيات عبر الشراء الموحد، وبعد فترة من الاستخدام أصبح المنتج المحلى يتمتع بسمعة جيدة وعليه طلب كبير، وهو ما يؤكد أن فاعليته جيدة جداً.
سمعة الدواء المصرى
وأكد محمود فؤاد الرئيس التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن هناك نقطة إيجابية أخرى وهى سمعة الدواء المصرى فى المنطقة خاصة فى حالة دخولنا مجال التصدير للدول المحيطة، مما يسهم فى توفير العملة الأجنبية، بالإضافة لتوفير فرص عمل خاصة أن الأيدى العاملة متوافرة فى مصر بشكل كبير خاصة فى مجال الأدوية، وجاءت تقديرات البنك الدولى لعام 2022 بإجمالى استثمارات 210 مليارات جنيه وهو سوق ضخم للعمل به، وبالتالى عندما تستثمر هذه المليارات فى أفاق صناعة مثل الأنسولين فسيكون لها مردود كبير، خاصة أن نحو 12 مليون مصرى مصابون بالسكرى على اختلاف درجاته، و22% منهم من النوع الثانى.
وأوضح رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء أننا نستورد نحو 65% من الأنسولين، ونغطى النسبة الباقية من شركة تابعة للمهن الطبية وأحد شركات قطاع الأعمال، ومع الشراكة لشركتين أو ثلاثة تابعة للقطاع الخاص سنصل إلى نسب جيدة جداً فى تلبية احتياجات السوق، كما سيصبح الأنسولين متاحاً للجميع، وستنتهى الأوقات التى كان المرضى يعانون فيها من نقص الأنسولين حتى عبر العلاج على نفقة الدولة وفى التأمين الصحى، كما أن الإنتاج المحلى سيسهم فى خفض تكاليف علاج المرضى، وكل هذا يجعل توطين صناعة الأنسولين خطوة عملاقة فى مجال تصنيع الأدوية وتساعد بشكل كبير فى تطوير ذلك المجال وفتح سبل جديدة فى تطوير الصناعات الدوائية فى مصر.
وأشار رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء إلى أن الأنسولين المصرى والأجنبى لهما نفس التأثير، وطالما تم اعتماده طبياً يصبح فى نفس الجودة ولا يوجد اختلاف بينهما بالنسبة للمريض، ولكن هناك ميزة للأنسولين المصرى ستكون فى السعر الذى سيصبح نصف سعر المستورد تقريباً، وهى ميزة تنافسية جيدة للأنسولين المصرى، ولكن أحياناً تكون هناك حرب شائعات من الشركات الأجنبية لتشكيك المواطنين فى المنتج المصرى خاصة أنه متواجد منذ فترة، فعند شراء عبوة الأنسولين المصرى يخسر الأجنبى عبوة من نسبة مبيعاته خاصة أنه يستخدم لعلاج أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعا ولا بديل عنه بالنسبة للمرضى، ولكن فى الفترة المقبلة بعد خطوة توطين الصناعة سنشهد تطوير وزيادة انتاج الانسولين المصرى.
إنجاز عظيم
وأكدت الدكتورة أيرين سعيد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن توطين صناعة الأنسولين فى مصر يمثل إنجازاً عظيماً فى ظل الحاجة الضرورية لنقل هذه الصناعة إلى داخل البلاد، بالتزامن مع وجود نحو 15 مليون مريض فى مصر يحتاجون إلى الأنسولين بشكل دورى ومنتظم، ما يجعل هذه الخطوة ضرورية لتحسين النظام الصحى وتقليل التكاليف المرتبطة بالاستيراد، وهذه الخطوة ستسهم بشكل كبير فى تحسين جودة الرعاية الصحية، وتوفير العلاج لملايين المرضى بأسعار معقولة، ما يعزز جودة النظام الصحى.
وأوضحت «سعيد» أن مصر كانت تعتمد بشكل كامل على استيراد الأنسولين، مع اقتصار الدور المحلى على تعبئته، وتأتى خطوة توطين صناعة الأنسولين كاستراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على المستورد، الذى كان يمثل عبئاً كبيراً على الموازنة، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية التى تشمل التضخم وصعوبة تأمين العملة الصعبة.
وأشارت عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إلى أن الشركة التى تقوم بتعبئة وتصنيع الأنسولين فى مصر المحلى بالتعاون مع شركات عالمية توفر المادة الفعالة تحت إشراف هيئة الدواء المصرية، قد بدأت بالفعل فى إنتاج الأنسولين، وتلك الشراكة تضمن أن الأنسولين المصرى سيكون مطابقاً للمعايير العالمية، ما يعزز الثقة فى جودة المنتج المحلى ويعطيه القدرة على منافسة الأنسولين المستورد.
وأضافت عضو لجنة الصحة، أن مشروع توطين صناعة الأنسولين لا يقتصر على تلبية احتياجات السوق المحلى فقط، بل يمتد إلى التوسع فى تصديره إلى الأسواق الدولية، بما فى ذلك قارة إفريقيا، مما يسهم فى تنمية الاقتصاد الوطنى وتصبح مصر أكبر مصدر له داخل القارة، وأشارت إلى أن خطط التوسع تشمل أيضاً تصنيع أقلام حقن الأنسولين، والمساعدة فى ضمان توفير الأدوية اللازمة للمستشفيات الحكومية والتعامل مع أى اضطرابات فى الأسعار نتيجة الأزمات الاقتصادية أو تقلبات السوق العالمية، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى فى مجال الأدوية الحيوية لعلاج الأمراض المزمنة، والمساهمة فى توفر عقار الأنسولين بشكل مستمر ومتاح وبأسعار جيدة لجميع الفئات، خاصة أنه عقار لا يتم الاستغناء عنه.
واختتمت سعيد حديثها قائلة: أن توطين صناعة الأنسولين، خطوة ضرورية لاسيما فى حالة النقص الشديد الذى عانى منها المواطنون خلال الفترة الماضية، مؤكدة أن توطين الصناعات الدوائية كان مطلبا شعبياً وبرلمانياً تمت المناداة به كثيراً، لما له من تأثير مباشر على جودة الخدمة الصحية للمواطنين، مشيرة إلى أن صناعة الدواء لها أهمية كبيرة وعدة مميزات ومنها أن 95% من مدخلات الأدوية تأتى من الخارج وبالتالى تشكل ضغطاً كبيراً على العملة الصعبة، وتصنيعها فى مصر يوفر النقد الأجنبى، ويؤمن تواجد الدواء لمرضى الأمراض المزمنة وعلى رأسها مرض السكرى، خاصة أن الشركات المصرية فى مجال الدواء تقوم بتأمين نسبة 85% من احتياجات الدواء للمواطنين، وبالنسبة للأدوية الاستراتيجية الكبرى لمرض السكرى وعقار الأنسولين فالحكومة لديها أكثر من مشروع لتصنيعه داخل مصر لتقليل فاتورة الاستيراد، والقضاء على المشكلات التى ظهرت من قبل بسبب عدم توافر العملة الصعبة لاستيراد مدخلات الإنتاج من الخارج.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولى للسكرى، إلى ارتفاع ملحوظ بأعداد المصابين بهذا المرض، لا سيما فى السنوات الخمس الأخيرة، مع توقعات مخيفة بزيادة مضاعفة لهذه الأرقام، وتضم المنظمة أكثر من 230 جمعية وطنية لمرض السكرى فى أكثر من 160 دولة وإقليم، وهناك أكثر من نصف مليار شخص مصابين بهذا المرض حول العالم، وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإنه يتواجد بها أعلى معدل انتشار إقليمى بنسبة 16.2٪، كما تضم ثانى أعلى زيادة متوقعة فى عدد المصابين بنسبة (86٪)، ومن المتوقع أن يبلغ عددهم 136 مليوناً بحلول عام 2045، وجاءت مصر بين الدول العربية الأعلى بعدد المصابين بمرض السكرى والذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و79 عاماً ويصل عددهم إلى إلى 10. 9 مليون شخص خلال عام 2021، وعربياً تلتها السعودية فى المرتبة الثانية بنسبة بلغت٪18.7 بإجمالى 4.3 مليون شخص، ثم السودان بنسبة٪18.9 ومجموع 3.5 مليون شخص.
إنفوجراف:
73 مليون شخص مصاب بمرض السكرى فى الشرق الأوسط طبقاً للاتحاد الدولى للسكرى لعام 2021
27 مليون شخص مصاب بالسكرى فى الشرق الأوسط لم يتم تشخيصهم طبقاً للاتحاد الدولى للسكرى لعام 2021
11 مليون شخص مصاب فى مصر بمرض السكرى طبقاً للاتحاد الدولى
3 مليارات جنيه يتم إنفاقها سنوياً على مرض السكرى طبقاً لوزارة الصحة لعام 2024
17 مليون جرعة أنسولين يتم استهلاكها سنوياً فى مصر
55 ألف طفل مصاب بمرض السكرى من النوع الأول
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزارة الصحة الأنسولين جلارجين إيفا فارما صناعة الأنسولين توطين الصناعات الاستراتيجية توطین صناعة الأنسولین الأمراض المزمنة للاتحاد الدولى المنتج المحلى بمرض السکرى ملیون شخص أن توطین شخص مصاب خاصة أن فى مجال أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
سوق الأدوية الموازية في غزة.. ظاهرة البسطات تهدد حياة المواطنين
واجه الفريق الصحفي الذي حاول توثيق هذه الظاهرة رفضاً قاطعاً من البائعين للتصوير أو الكشف عن هوياتهم، بل وصل الأمر إلى حد التهديد بالعنف في بعض الحالات. يكشف أحد البائعين، الذي فضل الإشارة إليه بحرفي “م.ن”، عن أن مجموعته تقوم بسرقة الأدوية من المراكز الطبية. اعلان
يشهد قطاع غزة، الذي يعاني أصلاً من ظروف إنسانية صعبة، تفاقماً خطيراً في أزمة المنظومة الصحية، وذلك مع انتشار ظاهرة بيع الأدوية على البسطات في الأسواق الشعبية. هذه الظاهرة، التي برزت بشكل لافت منذ اندلاع الحرب، تحولت إلى مصدر قلق كبير للمواطنين والخبراء على حد سواء، حيث تُباع العقاقير الطبية تحت ظروف غير صحية ودون أي رقابة، مما يعرض حياة المستهلكين لمخاطر صحية جسيمة.
انهيار البنية التحتية الصحية ونقص الإمدادات الطبية الحيوية قد دفع بالعديد من الأفراد إلى اللجوء إلى هذه الأسواق غير القانونية، في محاولة يائسة لتلبية احتياجاتهم الدوائية الأساسية، مما يفتح الباب أمام استغلال واسع النطاق لحاجتهم الماسة.
انهيار شبه كامل في قطاع الأدويةوتُعد الأزمة الحالية في قطاع الأدوية بغزة انعكاساً مباشراً للانهيار الشامل الذي طال المنظومة الصحية بأكملها. فقد أعلن الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، عن نفاد 37% من الأدوية الأساسية، أي ما يعادل 229 صنفاً، بالإضافة إلى 59% من المستلزمات الطبية، بواقع 597 صنفاً. هذا النقص الحاد يعزى بشكل رئيسي إلى إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الطبية الحيوية إلى القطاع. وتتصدر أدوية السرطان وأمراض الدم قائمة النقص بنسبة عجز بلغت 54%، تليها أدوية صحة الأم والطفل بنسبة 51%، والمطاعيم بنسبة 42%. كما بلغ العجز في أدوية الرعاية الصحية الأولية 40%، وأدوية الكلى والغسيل الدموي 25%، والصحة النفسية 24%، والجراحة والعناية الفائقة 23%.
وفي سياق متصل، كشف البرش عن شحّ غير مسبوق في المستهلكات الطبية الحيوية، حيث وصل عجز مستلزمات القسطرة القلبية والقلب المفتوح إلى 99%، وجراحة العظام 87%، وطب العيون 73%. كما اختفت 45% من مستلزمات غسيل الكلى و27% من تلك المخصصة للعمليات الجراحية. هذه الأرقام المفزعة تشير إلى أن ما تبقى من الأدوية والمستهلكات، والذي لا يتجاوز 9% و8% على التوالي، يكفي لفترات محدودة جداً، مما ينذر بتوقف كامل للخدمات الطبية الحرجة، بما في ذلك علاج السرطان والعمليات الجراحية وإدارة حالات الطوارئ، وهو ما يضع حياة الآلاف من المرضى على المحك.
Related "أطباء بلا حدود" تدق ناقوس الخطر: غزة تواجه موجة حادة من سوء التغذية"تعمّد إطالة حرب غزة".. وسائل إعلام إسرائيلية: مصلحة نتنياهو السياسية تتجاوز توصيات الجيشمفاوضات قطر توشك على الانهيار.. خلافات عميقة تهدد جهود التوصل لهدنة وصفقة الرهائنسوق الأدوية الموازية في غزةفي ظل النقص الحاد في الأدوية بالصيدليات الرسمية نتيجة لإغلاق المعابر من قبل الجيش الإسرائيلي، شهدت أسواق غزة انتشاراً واسعاً لظاهرة بيع الأدوية على البسطات بشكل غير قانوني. وقد واجه الفريق الصحفي الذي حاول توثيق هذه الظاهرة رفضاً قاطعاً من البائعين للتصوير أو الكشف عن هوياتهم، بل وصل الأمر إلى حد التهديد بالعنف في بعض الحالات. يكشف أحد البائعين، الذي فضل الإشارة إليه بحرفي “م.ن”، عن أن مجموعته تقوم بسرقة الأدوية من المراكز الطبية، مشيراً إلى حادثة سطو حديثة على المستشفى الأمريكي في دير البلح قبل شهرين، ومؤكداً تركيزهم على المسكنات القوية التي تُباع بأسعار مضاعفة.
من جهة أخرى، يروي المواطن “خ.س” معاناته واضطراره لشراء مراهم من البسطات لعلاج التهابات أصابت ابنته، بعد تعذر العثور عليها في الصيدليات، معرباً عن استعداده للسفر للخارج لتلقي العلاج برفقة ابنته. وفي مشهد مماثل، يبحث محمود المصري عن دواء للربو بعد نفاد الكمية التي كان يستخدمها، ويعترف بأنه يشتري هذه الأدوية من بائعين لا يمتلكون أي خلفية طبية ويقدمون نصائح عشوائية قد تعرض المرضى للخطر.
ويشير المصري إلى أن الظروف المعيشية الصعبة في غزة، من تلوث المياه والهواء وفساد المواد الغذائية، جعلت من مسألة تخزين الأدوية بشكل غير صحيح أمراً ثانوياً بالنسبة للمواطنين، على الرغم من المخاطر الجسيمة التي قد تنتج عن استخدام أدوية مجهولة المصدر أو منتهية الصلاحية.
صيادلة يحذرون من مخاطر أدوية البسطاتيُطلق الصيادلة في قطاع غزة تحذيرات شديدة من تفاقم ظاهرة بيع الأدوية على البسطات، مؤكدين أنها تشكل خطراً داهماً على صحة المواطنين. يوضح الصيدلاني خالد العزايزة أن هذه الظاهرة بدأت مع الحرب وتفاقمت خلال الهدنة الأولى في يناير الماضي. ويشير إلى أن نقص المستودعات الطبية بسبب الاستهداف أو السرقة دفع حتى الصيادلة أنفسهم للجوء إلى هذه السوق غير القانونية لتغطية النقص داخل الصيدليات. ويلفت العزايزة إلى أن المرضى المزمنين هم الأقل تضرراً نسبياً لأنهم يعرفون أدويتهم جيداً، بينما يعاني مرضى الحالات الطارئة من غياب التوجيه الطبي الصحيح.
من جانبه، يكشف الصيدلاني محمد المنيفي عن معاناته اليومية في محاولة توجيه المرضى بعيداً عن هذه البسطات، مشيراً إلى تواتر حالات شراء أدوية غير مناسبة أو منتهية الصلاحية. ويعزو المنيفي إقبال المواطنين على هذه الأسواق إلى توفر بعض الأدوية النادرة وأسعارها المنخفضة نسبياً، محذراً من خطورة اتباع نظام “العلاج الموحد” الذي يهمل خصوصية كل حالة مرضية.
ويؤكد المنيفي أن معظم الأدوية قد نفدت من الصيدليات في غزة، ولم يعد بالإمكان تلبية احتياجات المرضى، خصوصاً من يعانون من أمراض مزمنة ومضاعفات صحية خطيرة. ويوضح أن أدوية السكري باتت غير صالحة للاستخدام بسبب انقطاع الكهرباء، إذ تتطلب حفظها في درجات حرارة منخفضة، في حين تُعد حقن الأنسولين شحيحة للغاية، ما دفع بعض المرضى لاستخدام الحقنة نفسها لأكثر من مرة رغم خطورة ذلك.
بدوره، يكشف الصيدلاني محمد شكري عن جانب مظلم لهذه التجارة، مؤكداً أن العديد من هذه البسطات تبيع في الأصل مواد مخدرة وتستخدم سوق الأدوية كغطاء لها. ويؤكد أن معظم هذه الأدوية مسروقة إما من مستودعات طبية أو من شاحنات الإغاثة التابعة لوزارة الصحة، مطالباً بتحرك عاجل من الجهات المختصة لوقف هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد حياة المواطنين وتقوض النظام الصحي المنهك أصلاً.
وزارة الصحة بغزة تحذر من شراء الأدوية من البسطات غير المرخصةوفي خطوة تهدف إلى حماية صحة المواطنين، حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة من شراء الأدوية من البسطات والأكشاك العشوائية المنتشرة في الأسواق والطرقات، مؤكدة أن ذلك يشكل خطرًا حقيقيًا على صحة وحياة المواطنين. وأوضحت الوزارة في بيان صحفي أن معظم الباعة في هذه المواقع غير حاصلين على تراخيص من الجهات المختصة، مما يؤدي إلى تداول أدوية بوصفات خاطئة قد تتسبب في مضاعفات صحية خطيرة قد تصل إلى الوفاة.
وأشارت الوزارة إلى أن الأدوية المتوفرة في هذه النقاط تُعرض وتُخزن في ظروف غير مناسبة، وتحت أشعة الشمس المباشرة، مما يفقدها فعاليتها ويعرضها للتلف، فضلاً عن احتمالية تحولها إلى مواد ضارة بالصحة.
ودعت الوزارة المواطنين إلى الامتناع عن شراء الأدوية من هذه المواقع، والتوجه إلى الصيدليات الرسمية المرخصة، لضمان سلامة الدواء ومؤهلات العاملين فيه. ووفق إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي، يبلغ عدد المصابين بأمراض مزمنة في قطاع غزة نحو 350 ألف شخص.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة