يشهد العالم تحولات كبيرة على مختلف الأصعدة حيث تتداخل القيِّم والتوجهات الفكرية بين الدول والمجتمعات، ممَّا يخلق فجوات فكرية تؤثر على العلاقات الدولية والاستقرار العالمي. من أبرز القضايا التي سلطت الضوء على هذه الفجوة الفكرية، تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، والتي أثارت موجة واسعة من الاستنكار والإدانة عربياً وعالمياً.
هذا الطرح يثير تساؤلات عدة حول الدوافع الحقيقية وراءه، فهل هو مجرد مناورة سياسية، أم استهتار بالقيم والمواثيق الدولية؟ أم أنه استعراض للقوة يعكس سذاجة سياسية، وفجوة فكرية بين الأفراد والمجتمعات؟ لا شك أن هذه الفجوة الفكرية بين ترامب والعالم، ظهرت في عدة محاور رئيسية، حيث تبنى سياسة “أمريكا أولاً”، التي ركَّزت على المصالح الوطنية الضيقة وأهملت التعاون الدولي، كما انتهج سياسات حمائية تتعارض مع النظم التجارية العالمية، واعتبر المؤسسات الدولية كيانات طفيلية غير فعالة، مثل منظمة الصحة العالمية. بالإضافة إلى ذلك، تميزت خطاباته بالعدائية تجاه بعض الدول كالصين والمكسيك، ممَّا أسهم في تصعيد التوترات السياسية والتجارية على المستوى العالمي.
الفجوة الفكرية بين العرب والغرب، هي نتيجة اختلافات ثقافية متجذِّرة، إذ تعتمد الثقافة العربية على القيَّم الدينية والأعراف والتقاليد، بينما تقوم الثقافة الغربية على الفردية والعلمانية والمصالح النرجسية المتغيرة . كما أن التاريخ الاستعماري للغرب، ترك بصماته السلبية على العلاقات بين الطرفين، ما أدى إلى تعميق الفجوة بينهما. وجاءت صراعات الشرق الأوسط والحروب الإسرائيلية، والتعامل غير العادل مع القضية الفلسطينية، لتزيد من حدِّة هذا التباعد، خصوصاً مع صمت المجتمع الدولي على الإبادة العرقية في غزة، التي فاقمت الأوضاع الإنسانية والاجتماعية، وأنتجت تحدِّيات معقَّدة، يصعب حلها في ظل الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل والتغاضي عن مبدأ حل الدولتين.
تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين، لم تكن سوى تجسيد واضح لهذه الفجوة الفكرية المتذاكية، بل إنها شكلت صدمة كبرى للمجتمع الدولي. فطرح القضية الفلسطينية كمشروع استثماري لأراضي غزة، يعكس سطحية متعمَّدة، وعدم إدراك للعواقب الوخيمة التي ستترتب على المنطقة والعالم. إصرار ترامب على تهجير الفلسطينيين، يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم الوطنية، بل هو محاولة لإلغاء قضيتهم وتذويب هويتهم في الشتات، ممَّا ستكون له تداعيات خطيرة على استقرار مصر والأردن، وسيؤدي إلى تغيير التوازن الديموغرافي في البلدين. كما أن هذا الطرح، سيخلق اضطرابات أمنية، قد تمتد من شمال سيناء إلى إسرائيل، ممَّا يزيد من مخاطر الإرهاب الإقليمي والدولي، ويؤدي إلى تفكُّك العلاقات العربية الأمريكية، مع تعزيز النفوذ الروسي والصيني في المنطقة. ومن شأن هذه السياسات، أن تؤدي إلى اندلاع مزيد من النزاعات والحروب بدلاً من تحقيق السلام، ممَّا يجعل العالم أكثر اضطراباً.
وأخيراً، إن أفكار ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين، ليست مجرد فجوة فكرية، بل هي الضربة القاضية لنضالهم المشروع من أجل إقامة دولتهم وفق القرارات الأممية والدولية، ممَّا يجعل هذا الطرح ليس فقط غير منطقي، بل مستحيلاً، ويشكِّل تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي والعالمي.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: زين أمين تهجیر الفلسطینیین
إقرأ أيضاً:
حنفي جبالي: مصر تشهد طفرة تنموية شاملة وترفض أي تهجير أو تقسيم في غزة
قال رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، إن المنطقة تشهد تحديات غير مسبوقة، متابعا: الشعب الفلسطيني في غزة تعرض لعدوان إسرائيلي يرقى لإبادة جماعية.
وأوضح رئيس مجلس النواب خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية لمنتدى الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط وقمة الرؤساء : أن الحرب في غزة عرضت المنطقة لحرب إقليمية، مشددا على أن جهود مصر توجت بالتوصل لاتفاق لوقف الحرب في غزة.
وأكد أن مصر ترفض أي محاولة لتقسيم قطاع غزة أو تهجير سكانه، متابعا: لا سبيل للسلام الدائم إلا بإقامة الدولة الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
ولفت إلى أن مصر تشهد طفرة تنموية شاملة، كما أن مصر تضطلع بدور محوري في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وشدد رئيس مجلس النواب، على أن مصر ستظل داعمة لكل جهد إقليمي يعزز السلام.