ناشطون وسياسيون يعلِّقون على التظاهرات المتصاعدة في المحافظات المحتلّة: الحل إسقاطُ وصاية الاحتلال وأدواته
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
يمانيون../
تشهد المحافظاتُ المحتلّة غليانًا شعبيًّا متصاعدًا منذ عدة أسابيعَ إزاء الانهيار الاقتصادي المتواصل والغلاء المعيشي، إضافة إلى غياب شبه كامل للخدمات الأَسَاسية.
سيناريو انهيار العُملة المحلية وتردّي الخدمات الأَسَاسية من الكهرباء والماء والتعليم والصحة بدأ منذ سيطرة العدوان السعوديّ والإماراتي على المحافظات الجنوبية في نهاية العام 2015.
ولم تقتصر معاناة أبناء المحافظات الجنوبية على ما سبق ذكره وحسب بل مثّلت الفوضى الأمنية عاملًا إضافيًّا فاقم معاناة المواطنين في المناطق المحتلّة هناك؛ إذ إن الفوضى الأمنية أسهمت بحد كبير في انتشار العصابات الإجرامية التي تمارس السرقة والانتشال والسطو المسلحة على ممتلكات المواطنين.
غضب الجوعى مُستمرّ:
سنوات عجاف طويلة عاشها المواطنون في المناطق المحتلّة، وسط وعود وردية من قبل تحالف العدوان وأدواته بتحسين الأوضاع المعيشية والارتقاء بالعمل المؤسّسي، حتى بلغ السيل الزبى لتتفجر ثورة غضب شعبيّة كبرى للمطالبة برحيل التحالف السعوديّ والإماراتي وأدواته.
المظاهرات الشعبيّة الغاضبة تجول شوارعَ مدن وقرى المحافظات الجنوبية المحتلّة لا سِـيَّـما عدن التي تشهد أحياؤها تظاهرات غاضبة؛ تنديدًا بتفشي الفساد في مؤسّسات “الدولة”، وانهيار الخدمات الأَسَاسية وفي مقدمتها الكهرباء والتعليم والنظافة، فضلًا عن انقطاع المرتبات وغلاء الأسعار جراء انهيار “العملة”.
وفي هذا السياق يقول الناشط السياسي عادل الحسني: إن “الانتفاضة الشعبيّة مُستمرّة في عدن، وباقي المحافظات على موعد مع تظاهرات شعبيّة عارمة، وهناك دعوات تتصاعد من كُـلّ أرجاء المدينة، تحمل معها صرخات حق مدوية ضد الانهيار التاريخي للعملة المحلية”.
ويضيف في منشورٍ له على منصة “إكس” “وصل الدولار الواحد إلى 2300 ريال، والسعوديّ إلى 610 ريالات مقابل الريال اليمني، في ظل تدهور مخيف للأوضاع المعيشية والاقتصادية”.
ويؤكّـد الحسني أن “المظاهرات الشعبيّة الغاضبة ستتواصل حتى يتحقّق مطالبها المتمثلة في إيجاد حلول جذرية لانهيار العملة وتردي الخدمات الأَسَاسية”، موضحًا أن “المظاهرات شملت المنصورة والشيخ عثمان والممدارة وخور مكسر والمعلا وكريتر والبريقة”.
وتطرق إلى أن “المظاهرات الشعبيّة تمثل ثورة ضد الجوع والفقر والإذلال وإن لم تُلَبَّ المطالب؛ فالمظاهرات مُستمرّة والشعب لن يلين”.
ويلفت الحسني إلى أن من يسمى “الانتقالي” لا يملك مشروعًا حقيقيًّا يكفلُ كرامة الشعب، مؤكّـدًا أن “الانتقالي” لم يقدّم لعدن أي شيء بالرغم من حكمه لها على مدى سنوات طويلة.
وينوّه إلى أن “الانتقالي” يعيش في عالمٍ موازٍ، يفصل بينه وبين الناس جدارُ اللامسؤولية، ولا يعلم عن الدولة إلا التنظيرُ والوعود الوهمية، مؤكّـدًا أن “الدولة تحتاج رجالًا فاعلين، لا أقوال فارغة”، متسائلًا: “أخبرونا عن أي إنجاز حقّقه الانتقالي في عدن؟!”.
انهيارٌ غير مسبوق:
وتعكسُ المظاهراتُ الشعبيّة الغاضبة في مختلف المحافظات المحتلّة الوضعَ المأساوي الذي وصلت إليه تلك المحافظات بفعل سياسَة الاستعمار السعوديّ والإماراتي وأدواته التي قادت تلك المحافظات إلى حَــدِّ الهاوية، حَيثُ يتم إدارة تلك المحافظات وفقَ سياسة التجويع والترويع.
وفي هذه الجزئية يؤكّـد محافظ عدن طارق سلام أن الوضع المعيشي للمواطنين في عدن والمحافظات الجنوبية المحتلّة “وصل إلى مستويات خطيرة وغير مسبوقة من الانهيار والتدهور”.
ويوضح أن الوضع في المحافظات الجنوبية “جحيم لا يطاق بفعل سياسة المحتلّ وأدواته”.
ويلفت إلى أن حالة الغضب والاحتجاج السلمي للمواطنين “تعكس الرغبة الشعبيّة الجامعة في طرد المحتلّ وأدواته التي عبثت بمقدرات الوطن وثرواته ودمّـرت كُـلّ مقومات الحياة ونهبت واستولت على أموال الشعب دون مراعاة لمعاناة المواطن وظروفه المتأزمة طيلة عشرة أعوام من الاحتلال”.
ويشير سلام إلى أن ما تشهده عدن والمحافظات الجنوبية المحتلّة اليوم “نتاجٌ لسياسة المحتلّ التي أغرقتها في الفوضى وتسببت بالانهيار المعيشي والخدمي غير المسبوق وانقطاع الكهرباء والمياه وتوقف الخدمات الطبية في المستشفيات” بالإضافة إلى الجرعات القاتلة التي فاقمت من معاناة المواطنين”، مشدّدًا على أهميّة التكاتف بين كافة القوى الوطنية ومختلف أطياف المجتمع؛ مِن أجلِ الوقوف بحزم أمام سياسة المحتلّ التجويعية.
وأمام تلك المظاهرات الشعبيّة الغاضبة التي تكتسحُ مدنَ وأحياء وشوارع المحافظات المحتلّة تؤكّـد حكومة المرتزِقة ومرتزِقة الانتقالي بذلَ جهود كبرى لتحسين الخدمات الأَسَاسية في مقدمتها العُملة الوطنية وإعادة الكهرباء، في مؤشرات واضحة وجليّة على تغلغل الفساد وتفشيه في مؤسّسات الدولة.
في المقابل يؤكّـد المتظاهرون عدمَ ثقتهم بأدوات العدوان السعوديّ والإماراتي، معتبرين ما يسمى بالشرعية والمجلس الانتقالي السببَ الرئيسي في معاناتهم.
ويوضح المتظاهرون أن غياب المشروع الوطني وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة دفعت ما يسمى بالانتقالي والشرعية لنهب موارد الدولة وتدمير مؤسّساتها، لافتين إلى أن الوضع المأساوي في المحافظات المحتلّة “يعكسُ فشلَ ما يسمى بمشروع الجنوب الذي تحاولُ تطبيقَه مليشيا الانتقالي بتلك المناطق، حَيثُ أثبتت للشعب الجنوبي أن هذا الكيان لا يملك رؤية وطنية لإدارة البلد”.
محاولة يائسة للتخفي:
وفي محاولات المرتزِقة البائسة للهروب من الواقع الأليم الذي تشهده المحافظات الجنوبية، تروج وسائل الإعلام التابعة للعدوان وأدواته بأن ما يحدث في عدن والمحافظات والمناطق المحتلّة هو مؤامرات تستهدف سلطات الارتزاق، وهو ما جعل هذه التصريحات محل سخرية واسعة من قبل نشطاء وسياسيين ومراقبين داخل وخارج اليمن.
وفي هذه الجزئية يقول الناشطُ من أبناء حضرموت المحتلّة، صلاح باجبع: “قبل شويه قلت اشوف قناة الانتقالي أيش بتقول؟ بدون خجل تقول ما يحدث في عدن مؤامرة حوثية واللي يحرقوا بالطرقات نازحين من الشمال”.
ويضيف متسائلًا في منشورٍ له على منصة “إكس” “الآن هؤلاء القائمون على القناة ساكنون في عدن أم بالخارج؟ معقولة هذه العقليات تمثل الجنوب؟ معقولة الاستخفاف بعقول الناس وصل لهذه الدرجة؟”، مؤكّـدًا أن المظاهرات الغاضبة ستستمر حتى يخمد غضبها بتحقّق أهدافها.
أدوات العدوان السعوديّ والإماراتي لم تستهدف المتظاهرين بالوعود البراقة والتشويه الإعلامي لمطالبهم فحسب وإنما عمدت لقمع المتظاهرين، منفذة حملة اعتقالات واسعة بحقهم، طالت أطفالًا ونساء.
وفي هذا السياق يقول الناشط السياسي أنيس منصور: “النساء يصطفن في الشارع للتسول داخل عدن والرجال يمشون بحالة مزرية كالمجانين، هذه عدن، هذه منجزات الإمارات والسعوديّة، وهذه صورة من عاصمة الشرعية!”.
ويضيف في منشورٍ له على منصة “إكس”: “الآن احتجاجات شعبيّة في محافظة الضالع، عقر دار قيادات وأتباع المجلس الانتقالي، تطالب برحيل التحالف، تزامُنًا مع توسع الاحتجاجات في عدن إلى منطقة صلاح الدين، وأنباء عن تحَرّك شعبي الآن في لحج”، مردفًا بالقول: “مليشيات الانتقالي تتخبط وتنشر عصاباتها لاستخدام القوة ضد المحتجين الأحرار”.
بينَ الوعود الكاذبة والواقع المرير، يصارع المواطن جنوبيَّ اليمن، الحياة للحصول على أبسط الحقوق المتمثلة في الكهرباء والماء، شريان الحياة صارت حلمًا بعيد المنال. ويبقى التساؤل: لماذا يريد العدوان وأدواته إبقاء المحافظات المحتلّة حبيسة الفساد والنهب والارتزاق كحال عدن الآن؟، فيما يجيب سياسيون بالتأكيد على أن التحرّر من الوصاية الخارجية وتمكين المؤهلين النزيهين ذوي الولاء الوطني الخالص هو السبيل الأمثل للخروج بالمحافظات الجنوبية المحتلّة من مستنقع التردي المعيشي والفساد إلى وهج السيادة والاستقلال، وبالتالي تنمية وبناء البلد كما يحدث في عاصمة القرار صنعاء.
المسيرة: محمد ناصر حتروش
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المحافظات الجنوبیة المحتل ة المحافظات المحتل ة المظاهرات الشعبی ة إلى أن فی عدن
إقرأ أيضاً:
14 أكتوبر.. ثورة لم تكتمل بعد، وطرد المحتل الجديد هو السبيل الوحيد لإعادة الاعتبار لأكتوبر المجيد
في الرابع عشر من أكتوبر، لا يمر التاريخ مرور الكرام، بل يقف شاهدًا على قصة بطولة نسجها ثوار اليمن الأحرار بدمائهم، معلنين نهاية حقبة مظلمة من الهيمنة الأجنبية. لقد كانت ثورة 14 أكتوبر 1963م لحظة ميلاد الكرامة الجنوبية، الشرارة التي أضاءت طريق التحرر بعد أكثر من 129 عامًا من الاحتلال البريطاني البغيض الذي لم يجلب سوى الظلم، القهر، وتكريس التخلف.
لقد واجه الثوار الأبطال – الذين انطلقوا من جبال ردفان الشمّاء – إمبراطورية “لا تغيب عنها الشمس”، لم يكن سلاحهم يتوازى مع ترسانة السلاح البريطاني المهول، بل كان إيمانهم بوطن حر، ورفضهم القاطع للعبودية، هما عنصر الحسم في هذه المعركة غير المتكافئة وغير العادلة إطلاقا.
لقد عزز الاحتلال البريطاني وجوده الطويل في الأراضي اليمنية على مبادئ وأهداف متعددة، أبرزها تمثلت في زرع الكيانات والإمارات الصغيرة لضمان سهولة السيطرة على المشيخات والسلطنات آنذاك، بالإضافة إلى استغلال الموارد من خلال نهب خيرات البلاد وتسخير ميناء عدن لخدمة الأهداف والأولويات الاستراتيجية للاحتلال البريطاني، ناهيك عن الاستهداف المباشر للإنسان والعمل على الإبقاء على السكان في حالة من الفقر المدقع والجهل، لضمان خضوعهم له، وهذه الأهداف بمجملها لم تختلف عن أهداف المحتل الجديد الذي يعمل على استكمال ما بدأ به المحتل البريطاني وما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة خير دليل.
وعلى الرغم من اختلاف الأعلام واللغات، فإن أساليب الهيمنة تتشابه بشكل مخيف بين احتلال الأمس واحتلال اليوم وإليكم وجه المقارنة بين الاحتلال البريطاني (القديم) والاحتلال الجديد الذي تتبناه دول عربية، فيما هو بالاساس احتلال أمريكي بريطاني تحت ذريعة التحالف العربي، والبداية من تجزئة الوطن، حيث عمل المحتل البريطاني على زرع الكيانات (سلاطين ومشايخ)، فيما تقوم اليوم دول الاحتلال الجديد بدعم القوى الانفصالية والتشكيلات المتقاتلة، استغل الاحتلال البريطاني السيطرة على ميناء عدن والنفط، فيما سعت دول الاحتلال الجديد الى السيطرة على الموانئ والجزر ومنشآت الغاز، قام الاحتلال البريطاني بالعديد من الجرائم والانتهاكات، اليوم في الجنوب المحتل العشرات من السجون السرية ومراكز الاعتقال غير الشرعية والآلاف من السجناء والمخفيين قسرا، ناهيك عن جرائم القتل والاغتيالات التي تجاوزت جرم الاحتلال البريطاني .
ترسيخ الولاء للمحتل، حيث قام الاحتلال البريطاني بتكريس ثقافة الولاء للتاج البريطاني، نشاهد اليوم تكريس الولاء للأجندات الإقليمية والممولة، تفكيك النسيج المجتمعي من خلال قيام الاحتلال البريطاني بطمس الهوية وزرع ثقافة التمييز العرقي والاجتماعي، نجد اليوم تغذية الصراعات المناطقية والجهوية التي تمارسها دول الاحتلال الجديد وتغذية الصراعات المناطقية بين أبناء الوطن الواحد.
إن الثورة لم تكن يوما مجرد “تغيير مستعمر بآخر”، بل قامت من أجل استرداد القرار الوطني، وعندما نرى اليوم جيوشا موازية تتلقى أوامرها وتمويلها من الخارج، ونرى ونشاهد جرائم دموية واعتقالات تعسفية ونهب لثروات البلاد، فإننا ندرك أن ثورة أكتوبر بحاجة إلى ثورة جديدة تستكمل مسارها.
المفارقة المؤلمة اليوم، أننا نرى بعض القوى العميلة والمرتزقة التي عينها المحتل لإدارة المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، ترفع الأعلام وتلقي الخطابات الحماسية بمناسبة أكتوبر، في الوقت الذي تعيش فيه بكل وضوح تحت رحمة المحتل الذي يمارس ذات السياسة الاحتلالية التي ضحى آباؤنا واجدادنا بأرواحهم الزكية لمقارعتها .
إن الاحتفال بـ 14 أكتوبر، بينما تكون اليد الممدودة هي للمحتل الجديد، هو تشويه للثورة، وخيانة لمبادئها. الثوار ضحوا ليروا علماً يمنياً واحداً يرفرف بحرية وسيادة، لا ليروا ألوية الولاء ترفع لمحتل خارجي جديد يملي القرارات المهينة ويتحكم بالموانئ والمؤسسات والقرار السيادي وينهب ويستنزف الثروات.
خاتمة:
إن 14 أكتوبر هي مناسبة لتجديد العهد على أن السيادة لا تقسم ولا تباع ، وعلى أولئك الذين يحتفلون تحت كنف “المحتل الجديد” أن يتذكروا أن الشهداء لم يقدموا أرواحهم ليحل محل المحتل البريطاني محتل أمريكي وصهيوني الكرامة الوطنية ليست شعارات ترفع، بل قرار وطنيا يمارس، الثورة لم تكتمل بعد، وطرد المحتل القديم أو الجديد، هو السبيل الوحيد لإعادة الاعتبار لأكتوبر وكرامة اليمن.
محافظ محافظة عدن