الحرب التجارية بين أكبر قوتين.. ماذا يحدث بين الولايات المتحدة والصين؟
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.. هل تؤدي لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي في العالم؟
أستاذ اقتصاد: الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تضع العالم بين خططه والحرب التجارية وحرب العملات.
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن فرض رسوم جمركية على الصين وكندا والمكسيك، الهلع بين دول العالم، على الرغم من أنه أرجأ تطبيقها على آخر دولتين، لكنه تمسك بفرضها على الصين.
هذا الأمر الذي يشير لاشتعال الحرب بين الولايات المتحدة والصين، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، خاصة بعدما فرضت الصين رسومًا جمركية مماثلة على واردات من الولايات المتحدة، ردًا على الرسوم الأمريكية على السلع الصينية.
وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور إبراهيم فضلون، أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد، أن للحرب التجارية آثارها التي تفوق كل الحروب كونها تضع العالم بين الحرب التجارية وحرب العملات وخطط ترامب.
وقال «فضلون» في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»: «الاقتصاد العالمي أمام صدام تجاري لا محالة وقائم بين أمريكا والصين، التي لا تزال تحتفظ بخيار نووي وهو خفض سعر اليوان لخفض كلفة صادراتها».
وأضاف: لا ننسى أنه خلال الأشهر الستة المنتهية في يونيو 2018، انخفضت الأسهم الأمريكية بنسبة 4% وتراجعت نظيرتها الصينية بنسبة 13%، وخسرت السندات الأمريكية ما بين 2% و5%، وانخفض اليوان بنسبة 3% مقارنة بالدولار.
وأكد أن الحرب التجارية الحالية، تأخذ طابعًا أكثر تعقيدًا، خاصًة وأنها تمتزج بالأزمات الجيوسياسية والتنافس التكنولوجى، وقرارات ترامب الشعبوية 2025، بفرض رسوم جمركية على الواردات من كندا والمكسيك بنسبة 25 ٪ والصين بنسبة 10 ٪ واتهام ترامب الصين بأنها لا تفعل ما يكفي للحد من تدفق عقار الفنتانيل القاتل ومشتقاته داخل الولايات المتحدة.
وتابع: ترد الصين بفرض رسوم جمركية تصعيدية على واردات الغاز الطبيعي والفحم والنفط الخام ومعدات المزارع القادمة من الولايات المتحدة بل وإقامة دعوى قضائية ضد شركة «جوجل» تتهمها بممارسات احتكارية، وفرض تعريفات جمركية على بعض صادرات السيارات القادمة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 10٪ على واردات الطاقة من كندا، في خطوة قد تشمل لاحقاً دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الرسوم الجمركية الحالية.
وأشار إلى أن العجز مع الصين وحدها قد بلغ 279.4 مليار دولار، والمكسيك 152.4 مليار دولار، وكندا 67.9 مليار دولار، موضحًا أن هذه الدول تسهم أيضاً في 40 ٪ من إجمالي الواردات الأميركية، التي بلغت قيمتها نحو 3.1 تريليون دولار العام الماضي.
هل تؤدي سياسة «ترامب» لإعادة التوازن في الميزان التجاري الأمريكي؟وشدد الخبير في العلاقات الدولية على أن سياسة ترامب الحمائية لن تجدي نفعًا لإعادة التوازن في الميزان التجاري الأمريكي، طالما سياساته الخارجية لاسيما فتح عدوات جديدة حتى مع جيرانه، فهو مقاول وعديم الإنسانية بالبشر مهما كانوا والدليل تهجيره لأهل غزة وبسلطوية تمهيداً لطريق الحزام والحرير، والتي قضى عليها رئيس بنما اليوم بالخروج من المبادرة.
وقال: «إن الحرب العالمية التجارية بدأت بين ثلاث من أكبر الدول التي تسهم في 65 ٪ من العجز التجاري للولايات المتحدة البالغ 773.4 مليار دولار في عام 2023، ليتراجع ترامب أمام وقفة الدول التي لا تقبل الإملاءات من أقوى رئيس دولة، بالاتصال بهم وإرجاء تطبيق الرسوم التي فرضها على المكسيك وكندا لمدة شهر، حيثُ تستورد الولايات المتحدة نحو 4 ملايين برميل يومياً من النفط الكندي، 70 في المائة، كما تستورد أكثر من 450 ألف برميل يومياً من النفط المكسيكي»، لافتاً إلى أن المكسيك لا تملك شركات وطنية لإنتاج السيارات، ولكن 80 ٪ من السيارات التي يتم تجميعها في هذا البلد مخصصة للتصدير، الجزء الأكبر منها إلى الولايات المتحدة، ومن ثم كندا.
وأكد «فضلون» أن تلك الحرب ستسهم في خسارة الجميع، مشيرا إلى أن أوروبا ستخسر 1.6% من الناتج القومي، والولايات المتحدة والصين 1.4%، وكندا 2.6%، والمكسيك 3%من الناتج القومي.
وأوضح أنه مع ارتفاع التضخم في أمريكا بنسبة 0.7%، وكذلك أسعار الفائدة بما يهدد النشاط الاقتصادي، وإضعاف سوق العمل على المدى الطويل، سيدفع المكسيك وكندا ودول الاتحاد الأوروبي إلى أحضان الصين
وعلى الجانب المحلي، أشار «فضلون»، إلى أن مصر قد يكون لديها فرصة كبيرة للاستفادة من الحرب التجارية الأمريكية الصينية الراهنة عبر جذب استثمارات صينية ضخمة وتحويل نفسها إلى مركز صناعي عالمي، لتصبح واحدة من أهم مراكز الإنتاج الصينية خارج الصين، ما يحقق فوائد اقتصادية طويلة الأمد.
وأوضح أن قطاع السجاد اليدوي والمشغولات اليدوية له فرصة كبيرة في السوق الأمريكي دون جمارك، من خلال اتفاقيتيّ الكويز والنظام المعمم للمزايا، وكذلك بدعم قطاع الحرف اليدوية، وخصوصا مشغولات الفضة والنحاس لفرصهما الواعدة في السوق الأمريكي وتميزه عن منافسه الصيني، مما يؤهله للاستحواذ على حصة كبيرة من السوقين الأوروبي والأمريكي.
وأضاف: ستؤدي الجمارك إلى تباطؤ الطلب الصيني على وارداتها من الجلود المدبوغة من مصر، لتراجع الطلب على منتجاتها من المنتجات الجلدية والأحذية في أمريكا، لترتفع أسعار أحذية الأطفال من 10 دولارات إلى 15 دولاراً، أما الأحذية المخصصة لرياضة السلة، فسترتفع من 130 دولاراً إلى 179 دولاراً، وبالنسبة لأحذية الصيد ستصل إلى 249 دولاراً بدلاً من 190 دولاراً، بواقع 169 دولاراً خسارة سنوية لأمريكا، لافتاً إلى أن ذلك ينطبق ذلك على كافة المنتجات الأخرى، وبالتالي فمصر لا تستغل جميع الأبواب المفتوحة أمامها لرفع حجم وقيمة صادراتها، خصوصا إذا كانت تستطيع النفاذ إلى دول كبرى ومنها أمريكا، دون جمارك من خلال النظام المعمم للمزايا.
وبدوره، قال الدكتور وليد جاد الله، الخبير الاقتصادي: «إن الأسواق العالمية تعيش حالة اضطراب شديدة منذ بداية كورونا وما ارتبط بها من اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية، وجاءت إجراءات الرئيس ترامب لتنذر بحرب تجارية جديدة ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وستكون لتلك الإجراءات تأثيرات مباشرة ستنعكس على البلدين».
وأوضح أن هناك علاقات اقتصادية متشابكة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وتقرير الولايات المتحدة الأمريكية للرسوم أو عقوبات، ورد الصين على ذلك سيكون له تأثيرات سلبية مباشرة على البلدين وسينعكس بصوره غير مباشرة على بقية دول العالم.
الرسوم الجمركية تضر بالمواطن الأمريكيوأشار الدكتور وليد جاد الله إلى أن فرض ترامب لتلك الرسوم سيترتب عليه إما أن تكون السلعة لها بديل في دولة أخرى، ويتم الحصول عليها من تلك الدولة ولكن هذا البديل سيكون أكثر تكلفة لأن المنتجات الصينية أقل تكلفة.
وأضاف «جاد الله»: في حالة لم يكن لها بديل، سيترتب عليه الحصول عليها من الصين وسداد الرسوم الجمركية، مما يترتب عليه ارتفاع في الأسعار ومزيد من التضخم للمواطن الأمريكي، لافتاً إلى أن الحكومة الأمريكية في تلك الحالة ستحصل على رسوم جمركيه تستهدف على المدى المتوسط نقل مراحل الإنتاج إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأن يتم التصنيع فيها، ولكن هذا الأمر سيقترن بارتفاع في الأسعار ومزيد من التضخم داخل أمريكا سيما في الصناعات التي لا تمتلك فيها أمريكا ميزه نسبية
وبين أن التأثير الإجمالي على الولايات المتحدة لا يمكن إجماله في عباره واحدة، حيث سيتفاوت التأثير من سلعة إلى أخرى ومن منتج إلى آخر، ومن عنصر من عناصر الإنتاج لآخر.
وقال الخبير الاقتصادي: إن الصين حتى الآن ترد على الإجراءات «الترامبية» بأسلوب متعقل، ولكنها جاهزة هي الأخرى لكي تأخذ إجراءات تجارية»، متوقعاً بأن الحوار بين البلدين سيتجه نحو التفاوض، خاصة وأن ترامب دائماً ما يتخذ تصريحات شديدة القسوة ثم يحدث التفاوض.
وأردف: ترامب يريد أن يدعم الصناعة الأمريكية ويدعم الاقتصاد الأمريكي، ويزيد من فرص العمل في السوق الأمريكية، بأن تعود كافة الصناعات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فهو غير مقتنع من الأصل بفكرة التعاون الدولي ويرغب في أن تمتلك أمريكا كل شيء.
وأوضح «جاد الله» أن سياسة ترامب لفرض الرسوم لا يمكن أن تنجح، لأن التشابكات الاقتصادية ما بين الولايات المتحدة والصين تشابكات عميقة، ولا توجد دولة في العالم تستطيع أن تصنع كل شيء، ولا بد من وجود تعاون، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب لا ترغب في وقف التعاون ولكنها ترغب في تعاون يصب في مصلحتها بصورة أكبر.
الحروب التجارية تُزيد نسب التضخم العالميةوعن تأثير تلك الحرب على الجانب المصري، فقال: «إن مصر مثلها مثل دول العالم ترغب في وجود استقرار وعمليات تعاون دولي عادل»، موضحاً أن أي إجراءات وأي حروب تجارية يترتب عليها ارتفاع في نسب التضخم العالمية تؤثر في كل دول العالم وبما فيها مصر تأثير غير مباشر.
وأنهى «جاد الله» حديثه، بأن مصر ستستفيد من توجهات الرئيس ترامب إيجاباً عندما يتحدث عن اتخاذه إجراءات بشأن خفض لأسعار الطاقة، الذي سيصب إيجاباً في الاقتصاد المصري، ولكن ما يقوم به من إجراءات تدفع نحو مزيد من التضخم ومزيد من ارتفاع الأسعار في العالم له تأثير سلبي على مصر، وعلى الإدارة الاقتصادية المصرية أن تستفيد بما هو إيجابي، وتتعامل مع ما هو سلبي للحد من آثاره السلبية.
اقرأ أيضاًرغم التحذيرات الدولية.. «ترامب»: لا حق للفلسطينيين بالعودة إلى غزة ضمن خطتنا فى إدارة القطاع
ترامب يشعل النار مجددا.. وقيادات حزبية: تصريحاته تكشف الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية الاستعمارية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الصين الرسوم الجمركية ترامب دونالد ترامب بكين رسوم جمركية التضخم النظام الاقتصادي الحرب التجارية الحرب التجارية الأمريكية الصينية الحرب العالمية التجارية الحرب بين الولايات المتحدة والصين الميزان التجاري الأمريكي المنتجات الصينية الولایات المتحدة الأمریکیة الولایات المتحدة والصین بین الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة الحرب التجاریة ملیار دولار دول العالم فی العالم جاد الله إلى أن رسوم ا
إقرأ أيضاً:
سي إن إن: السلطات تراقب التهديدات الإيرانية المحتملة داخل الولايات المتحدة
كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن تحركات أمنية واستخباراتية جديدة داخل البلاد، تشمل إعادة تقييم ومراقبة مشددة للمشتبه في ارتباطهم بحزب الله اللبناني، وذلك في إطار جهود السلطات الأميركية لرصد أي تهديدات محتملة قد تظهر على خلفية التصعيد الحالي.
وأكدت الشبكة -نقلا عن عدد من المسؤولين الأميركيين في إنفاذ القانون- أنه لا توجد حتى اللحظة مؤشرات على وجود تهديدات مؤكدة أو وشيكة داخل البلاد، إلا أن تصاعد التوتر الإقليمي وتزايد احتمالات تدخل واشنطن في الحرب دفع الجهات الأمنية إلى تشديد الرقابة الاستباقية على أفراد وجماعات تعتبر على صلة بطهران.
وقال مسؤول أميركي في إنفاذ القانون "هناك دائما تهديد بشأن إيران، لكن الفرق يكمن في مدى جديته وتأكيده" مشيرا إلى أن الجهات الفدرالية تتعامل بجدية مع أي إشارات أو تحركات غير معتادة داخل البلاد.
وأضاف أن التهديدات المرتبطة بإيران عادة ما تستهدف المصالح الأميركية في الخارج، لكن الأجهزة الأمنية لا تستبعد أيضا خطر وقوع هجمات داخلية، خصوصا من خلال "الذئاب المنفردة" أو عبر شبكات تعمل بشكل غير مباشر داخل الولايات المتحدة.
تحركات أمنية بعد تحذيرات خامنئيوتأتي هذه الإجراءات الأميركية بعد تحذيرات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي من تداعيات قد تطال الولايات المتحدة مباشرة، خاصة في ظل تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن احتمال توجيه ضربات عسكرية إلى إيران خلال أسبوعين، إذا لم تُظهر الأخيرة مؤشرات على التراجع.
وكان ترامب قد أشار مؤخرا إلى أن إسرائيل "تقوم بعمل جيد" في تدمير البرنامج النووي الإيراني، مؤكدا في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة قد تتدخل إذا استدعت الحاجة لذلك.
وأكدت "سي إن إن" أن مكتب التحقيقات الفدرالي يركّز بشكل خاص على تتبع مصادر تمويل قد تصل من داخل الولايات المتحدة إلى منظمات قالت إنها مرتبطة بإيران مثل حزب الله، مشيرة إلى أن هذا الملف بات يحظى بأولوية قصوى منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلانوفي السياق ذاته، حذر مسؤولون من تصاعد خطر الهجمات الفردية التي يصعب رصدها أو التنبؤ بها، في ظل وجود عدد من القضايا السابقة التي تورط فيها أفراد تلقوا توجيهات أو دعما غير مباشر من إيران.
تهديدات سابقة واعتقالات
وفي العام الماضي، أعلنت وزارة العدل الأميركية عن اعتقال عدة أشخاص قالت إنهم متورطون في مؤامرة لاغتيال ترامب وعدد من المسؤولين السابقين، كما اتُهم قراصنة إيرانيون بمحاولة اختراق حملة ترامب الانتخابية.
ووجهت وزارة العدل أيضا تهما لمواطن أفغاني كلفه الحرس الثوري الإيراني باغتيال شخصيات أميركية وإسرائيلية داخل الولايات المتحدة.
وكذلك، وُجهت تهم لمواطنين أميركيين اثنين بالتجسس لصالح طهران ومراقبة معارضين إيرانيين مقيمين في نيويورك.
وأفادت "سي إن إن" بأن السلطات الأميركية عززت الإجراءات الأمنية حول مواقع إستراتيجية في العاصمة واشنطن، بما في ذلك البيت الأبيض والبنتاغون والسفارة الإسرائيلية، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على إيران.
وأوضح مسؤولون في الخدمة السرية أن هذه الإجراءات لا ترتبط بتهديد مباشر، بل تُفعّل تلقائيا ضمن بروتوكولات الطوارئ عند اندلاع نزاعات إقليمية كبرى.
وفي ختام تقريرها، نقلت الشبكة الأميركية عن مصادر أمنية أن التهديدات المرتبطة بإيران قابلة للتغير في أي لحظة، وأن جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في حالة "يقظة قصوى".
وقال أحد المسؤولين "نحن نقيم الوضع بشكل دائم… الأمر قد يتغير بسرعة، وكل الاحتمالات قائمة".
ومنذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تشن إسرائيل هجمات واسعة على إيران استهدفت منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين. وردت إيران بإطلاق صواريخ باليستية ومسيرات باتجاه العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.