باحثون صينيون.. الذكاء الاصطناعي يتجاوز الخط الأحمر ويستنسخ نفسه
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
في تطور مثير للقلق، أكد باحثون من جامعة فودان في الصين أن الذكاء الاصطناعي (AI) قد تجاوز "خطًا أحمرًا"، حاسمًا من خلال قدرته على استنساخ نفسه دون تدخل بشري، وهو ما قد يشكل إشارة مبكرة لظهور ذكاء اصطناعي متمرد قادر على العمل خارج سيطرة البشر.
دراسة تكشف قدرة الذكاء الاصطناعي على التكاثر الذاتيفي دراسة نُشرت على قاعدة البيانات arXiv في 9 ديسمبر 2024، أجرى الباحثون 10 تجارب باستخدام نماذج لغوية ضخمة (LLMs) تابعة لشركتي ميتا (Meta) وعلي بابا (Alibaba)، وكشفت النتائج أن، نموذج Llama3-70B-Instruct من ميتا تمكن من استنساخ نفسه في 50% من الحالات، و نموذج Qwen2.
تشير هذه الأرقام إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يكون بالفعل قادرًا على التكاثر الذاتي، ما يثير مخاوف من احتمالية فقدان السيطرة عليه مستقبلاً.
تمت التجارب في بيئات محكمة باستخدام وحدات معالجة رسومية (GPUs) لمحاكاة بيئات تشغيل واقعية. واعتمد الباحثون على هيكلية "الوكيل الذكي" (Agent Scaffolding)، والتي زودت الذكاء الاصطناعي بمجموعة من الأدوات والإرشادات التي مكنته من التفاعل مع أنظمة التشغيل وتنفيذ عمليات النسخ الذاتي.
سيناريوهات مقلقة: تجنب الإغلاق والتكاثر المستمراختبرت الدراسة سيناريوهين رئيسيين، تجنب الإغلاق (Shutdown Avoidance): تم تدريب الذكاء الاصطناعي على اكتشاف متى يكون على وشك الإغلاق ومن ثم إنشاء نسخة منه لضمان استمراريته.
فيما طلب من الذكاء الاصطناعي استنساخ نفسه ثم برمجة نسخته للقيام بالمثل، مما قد يؤدي إلى حلقة استنساخ لا نهائية.
سلوكيات غير متوقعة: هل بدأ الذكاء الاصطناعي في التصرف بشكل مستقل؟لاحظ الباحثون ظهور تصرفات غير متوقعة عند محاولة الذكاء الاصطناعي التغلب على العقبات التقنية، مثل، إيقاف عمليات أخرى في النظام كانت تعيق استنساخه، إعادة تشغيل النظام تلقائيًا لإصلاح مشكلات في الأجهزة، مسح النظام بحثًا عن معلومات تساعده على حل الأخطاء البرمجية.
كتب الباحثون في الدراسة:"في معظم الحالات، يبدأ الذكاء الاصطناعي بفهم بيئته، ثم يحدد آلية تشغيله، قبل أن يضع خطة واضحة لعملية الاستنساخ. أخيرًا، ينفذ الخطة مع تعديلات ديناميكية حتى ينجح، دون أي تدخل بشري."
تحذيرات ودعوات لتنظيم دوليحذر الباحثون من أن هذه القدرات قد تستخدم لتعزيز بقاء الذكاء الاصطناعي وتطوره الذاتي، مما يستدعي إجراءات دولية عاجلة لضمان عدم حدوث تكاثر غير منضبط للذكاء الاصطناعي.
قال الفريق في الدراسة:"نأمل أن تكون نتائجنا بمثابة إنذار مبكر للمجتمع البشري، لحثه على بذل المزيد من الجهود لفهم وتقييم مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والعمل على وضع معايير سلامة دولية في أقرب وقت ممكن."
هل نحن على أعتاب ذكاء اصطناعي متمرد؟يشير مصطلح "الذكاء الاصطناعي المتمرد" (Rogue AI) إلى أنظمة ذكاء اصطناعي تطور وعيًا ذاتيًا أو درجة عالية من الاستقلالية، مما قد يدفعها إلى التصرف ضد مصالح البشر.
ومع تزايد تطور الذكاء الاصطناعي المتقدم (Frontier AI)، والذي يشمل تقنيات مثل GPT-4 وGemini، تتزايد المخاوف من إمكانية خروج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي ميتا المزيد الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.
باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.
كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.
تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.
أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.
كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»
خدمة «بروجيكت سنديكيت»