ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، في عددها الصادر، اليوم الإثنين، أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وخطاباته الأخيرة التي أثارت جدلًا وانقسامات واسعة النطاق بين الخصوم والحلفاء على حد سواء هيمنت بشدة على الأجواء داخل الشارع الألماني، بالتزامن مع اقتراب إجراء الانتخابات البرلمانية.

وقالت الصحيفة في سياق تحليل إخباري، إن سياسات ترامب لفتت الانتباه بعيدًا عن الهجوم والقضايا التي تشغل ذهن الناخب الألماني، خاصة ما يدور حول سياسات الهجرة داخل البلاد، والتي كانت تُعتبر في السابق القضية الانتخابية الأكثر سخونة خاصة في مدينة ميونيخ، حيث صدم لاجئ أفغاني بسيارته حشدًا من الناس، مما أسفر عن مقتل طفلة تبلغ من العمر عامين ووالدتها وإصابة ما يقرب من أربعين آخرين.

وأضافت الصحيفة، أن وسائل الإعلام الألمانية والكثير من القيادات السياسية في البلاد انغمسوا إلى حد كبير في عاصفة من التصريحات المتعلقة بالسياسات الخارجية لإدارة ترامب بينما اجتمع زعماء الغرب في مؤتمر ميونيخ للأمن.

وأثار المؤتمر السنوي الذي انتهى، أمس الأحد، غضب العديد من الألمان الذين حضروه، حيث اتهموا فريق ترامب بمحاولة التأثير على التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة من خلال إلقاء محاضرات علنية للساسة الألمان بشأن منع حزب اليمين المتطرف من الوصول إلى الحكومة.

وغادر القادة الألمان ميونيخ وهم قلقون للغاية بشأن علاقة البلاد بالولايات المتحدة، حيث بدا أن إدارة ترامب، حسبما قالت الصحيفة، تستبعد أوروبا من المناقشات الجوهرية حول خطة السلام لأوكرانيا، على الأقل في الوقت الحالي.

وتابعت «نيويورك تايمز»، أن موجة الأخبار القادمة من المؤتمر دفعت بسياسات ترامب إلى قلب الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية في ألمانيا، مما حوّل التركيز جزئيًا بعيدًا عن القضايا المحلية، مثل سلسلة الهجمات الدامية التي نفذها مهاجرون ولاجئون في أنحاء البلاد خلال العام الماضي.

وتضمن المقال الرئيسي على الصفحة الأولى لأكبر صحيفة في ميونيخ، وهي صحيفة «زود دويتشه تسايتونج»، أمس الأول صورة لنائب ترامب، جيه دي فانس، وهو يلقي خطابًا ينتقد الأوروبيين، مما أذهل الحاضرين في المؤتمر، وكان عنوان المقال (خطاب غير دبلوماسي).

ففي خطابه، حث فانس القادة الألمان على السماح لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بالدخول إلى الحكومة الفيدرالية، دون ذكر أي من الأسباب التي جعلت الأحزاب الرئيسية تتجنب الحكم معه، بما في ذلك إدانة بعض أعضائه باستخدام شعارات نازية، كما امتلأت منافذ الأخبار الألمانية الأخرى بقصص عن تداعيات ظهور فانس وتحركات إدارة ترامب الأخرى في ميونيخ.

وأشارت التغطية الإعلامية في برلين إلى تحول واضح مفاده أنه حتى نهاية هذا الأسبوع، كان الرئيس الأمريكي يُهيمن على ذهن العديد من الألمان، ورغم أنه لم يكن حقًا قضية في السباق على منصب المستشار، أصبح كذلك الآن.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية في تحليلها، أنه لم يتضح بعد ما إذا كان أي حزب، إن وجد قد يستفيد من التركيز الجديد على ترامب، وقالت إن تصرفات إدارته منحت منصات للعديد من الأحزاب الرائدة، وتشمل هذه الأحزاب (البديل من أجل ألمانيا)، المعروف باسم A f D، الذي تلقى ما وصفته وسائل الإعلام الألمانية بـ(هدية الحملة) من فانس في خطابه يوم الجمعة الماضية.

وتضمن ذلك أيضًا حزب الديمقراطيين الاجتماعيين الحاليين والمستشار أولاف شولتز، اللذان يحتلان المركزين الثالث أو الرابع في استطلاعات الرأي، وفجأة سنحت لهما الفرصة لإبراز الدبلوماسية على المسرح العالمي والمحلي، وكان الأمر نفسه صحيحًا بالنسبة للديمقراطيين المسيحيين المتصدرين في استطلاعات الرأي ومرشحهم لمنصب المستشار فريدريش ميرز.

ولفتت «نيويورك تايمز» إلى حقيقة أن ميرز وشولتز أمضيا وقتهما في مؤتمر ميونيخ في إخبار ترامب وفريقه علنًا بالبقاء بعيدًا عن السياسة الألمانية.. فمن جانبه، قال ميرز ردًا على سؤال منسق لجنة ميونيخ حول خطط السلام في أوكرانيا، إن الألمان يحترمون انتخابات أمريكا، ونتوقع من الولايات المتحدة أن تفعل الشيء نفسه هنا.

وقال ستيفن إي سوكول، رئيس المجلس الأمريكي لألمانيا، الذي حضر المؤتمر، إن رد الفعل كان قويًا للغاية بسبب (التجارب التاريخية العميقة لألمانيا مع الفاشية، لقد كان فانس بمثابة صدمة للنظام)، وحذر سوكول من أنه (لا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كان الخطاب له تأثير على نتائج الانتخابات المقبلة).

وكانت الحملة الألمانية قصيرة نسبيًا خاصة وفقًا للمعايير الأمريكية، إذ تم الدعوة إلى الانتخابات المبكرة بعد انقسام الائتلاف الحاكم الأخير في نوفمبر، وبعد بداية بطيئة للعطلة فلم تشتعل المنافسة حقًا إلا في يناير الماضي وحتى نهاية هذا الأسبوع، ركز المرشحون بشكل كبير على قضيتي الهجرة والاقتصاد الراكد في ألمانيا.

وكان المتنافسون الرئيسيون على منصب المستشار، بمن فيهم ميرز وشولتز، يتنافسون في الغالب حول الإنفاق الحكومي والاقتراض وسياسة الطاقة وأفضل السبل لإصلاح قوانين الهجرة والتعامل مع الملايين من طالبي اللجوء الذين دخلوا ألمانيا على مدى العقد الماضي.

وانتقد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت تعليقات مماثلة أدلى بها فانس في مقابلة إعلامية، وقال إن الأجانب لا ينبغي لهم التدخل في الشئون الداخلية لدولة صديقة، مضيفًا أنهم قد لا يكون لديهم رؤية كاملة للنقاش السياسي في ألمانيا.

اقرأ أيضاًترامب: الرئيس الروسي يريد وقف القتال في أوكرانيا

خبير بالشؤون الأمريكية: ترامب لن يستجيب للضغوط بشأن سياسته الخارجية |فيديو

غزة.. من جحيم نتنياهو إلى جحيم ترامب

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ألمانيا الرئيس الأمريكي ترامب الانتخابات البرلمانية الألمانية نیویورک تایمز

إقرأ أيضاً:

نصف الألمان يفكرون بالهجرة.. هذه أهم الأسباب والجهات الجديدة

كشف استطلاع للرأي أجرته منصة "يوجوف" لأبحاث السوق وتحليل البيانات، أن أكثر من نصف سكان ألمانيا يفكرون بجدية في الهجرة إلى الخارج، في دلالة واضحة على تزايد مشاعر الإحباط وانعدام الرضا عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلاد.

ووفق نتائج الاستطلاع، الذي نُشر مؤخرًا، فإن 31 بالمئة من المشاركين قالوا إنهم "بالتأكيد" يمكن أن يفكروا في مغادرة ألمانيا، فيما أجاب 27 بالمئة بأنهم "ربما" سيفعلون ذلك، إذا ما توفر لهم الاستقلال المهني والشخصي والمالي في الخارج. بالمقابل، قال 22% إنهم "على الأرجح" لن يهاجروا، بينما أكد 15% أنهم "لن يغادروا على الإطلاق".

ناخبو اليمين المتطرف يرغبون بالهجرة
نتائج الاستطلاع أظهرت مفارقة لافتة؛ إذ أن نسبة الراغبين في الهجرة كانت الأعلى بين ناخبي حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الذي يُعرف بموقفه المعادي للمهاجرين. 

وعبّر 55% من أنصار الحزب عن رغبتهم المؤكدة بالهجرة، فيما قال 24% منهم إنهم قد يُفكرون بالأمر.

ويرى مراقبون أن هذه الظاهرة تعكس مستوى الغضب المتزايد بين قطاعات واسعة من المجتمع الألماني، لا سيما في الولايات الشرقية التي كانت جزءًا من ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقًا، حيث لا يزال كثير من السكان يعانون من تحديات التحول من الاقتصاد المركزي إلى اقتصاد السوق الحرة منذ إعادة توحيد ألمانيا عام 1990.

تشير بيانات الاستطلاع إلى أن 36% من الذين سبق أن فكروا في الهجرة، باتوا أكثر جدية في قرارهم خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما يؤشر إلى تصاعد مشاعر القلق والاستياء العام في البلاد.

ولدى سؤال هذه الشريحة عن أسباب ازدياد رغبتهم في مغادرة ألمانيا، أجاب 60 بالمئة بأن سياسات الهجرة الحالية تشكل عاملًا رئيسيًا، في حين أشار 41 بالمئة إلى الركود الاقتصادي وتباطؤ النمو، و29 بالمئة إلى القلق من تزايد شعبية حزب "البديل" اليميني المتطرف.

يُذكر أن "البديل من أجل ألمانيا" بدأ نشاطه عام 2013 كمجرد حزب معارض لسياسات الاتحاد الأوروبي، قبل أن يتحول لاحقًا إلى تيار قومي يميني متشدد، ويُصنّف رسميًا من قبل السلطات كحزب "يميني متطرف"، رغم أن هذا التصنيف لا يزال بانتظار حسم قضائي.


الوجهات المفضلة.. حيث اللغة والأمان السياسي
وحول الوجهات المفضلة للمحتملين للهجرة، تصدّرت سويسرا القائمة، تليها النمسا 23 بالمئة ثم إسبانيا 22 بالمئة وكندا 17 بالمئة، وهي دول تجمع بين الاستقرار السياسي ونوعية الحياة المرتفعة، إلى جانب تشابه القيم الثقافية. وفي حالة سويسرا والنمسا، يُعد عامل اللغة الألمانية المشتركة من أبرز محفزات التفضيل.

مخاوف من "نزيف سكاني صامت"
ويحذر خبراء في علم الاجتماع والديموغرافيا من أن نتائج هذا الاستطلاع لا تعبّر فقط عن انزعاج ظرفي من الأوضاع الاقتصادية أو السياسية، بل تعكس تحولًا تدريجيًا في نظرة قطاعات من المواطنين لمستقبلهم في ألمانيا، وربما بوادر ما يمكن تسميته بـ"نزيف سكاني صامت" نحو الخارج.

ويرى مراقبون أن تصاعد الخطاب السياسي المتطرف، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والركود المتواصل، والتوترات بشأن الهجرة،تدفع كثيرين، وخصوصًا من فئة الشباب أو الفئات المتوسطة، إلى البحث عن فرص حياة أكثر استقرارًا خارج البلاد.

تأتي هذه المؤشرات في وقت تواجه فيه حكومة المستشار أولاف شولتس تحديات سياسية واقتصادية مركبة، في ظل أزمة الطاقة، وتباطؤ النمو، واحتجاجات المزارعين، وتراجع شعبية الائتلاف الحاكم.

وبينما تواصل أحزاب الوسط محاولات احتواء تمدد اليمين المتطرف، فإن تنامي مشاعر الهجرة حتى داخل معاقل "البديل" يشير إلى فقدان الثقة المتزايد في النظام السياسي القائم بكامله، وهو ما قد يُفاقم الأزمات المستقبلية التي تهدد استقرار ألمانيا الداخلي.


مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: التراجع عن دعم الديمقراطية يقوّض مكانة أميركا
  • أربعة من أيداهو.. جريمة هزّت أمريكا في كتاب يتصدّر قائمة نيويورك تايمز
  • بعد تعديل تقرير عن طفل غزة.. احتجاجات واتهامات لصحيفة نيويورك تايمز بـالكذب
  • عاجل. الخارجية الألمانية: إسرائيل أصبحت ضمن الأقلية في موقفها من المسألة الفلسطينية
  • نصف الألمان يفكرون بالهجرة.. هذه أهم الأسباب والجهات الجديدة
  • نيويورك تايمز: 5 تكتلات تتشكل في نيويورك لهزيمة ممداني
  • ترامب يستبعد حضور قمة مجموعة العشرين اعتراضا على سياسات جنوب إفريقيا
  • محذرًا من غموض سياسات واشنطن.. صندوق النقد يرفع توقعات النمو العالمي بعد تخفيف ترامب للرسوم
  • فايننشال تايمز: تعهدات أوروبا باستيراد النفط والغاز الأميركي مستحيلة
  • نيويورك تايمز: ناشطون إسرائيليون يعتبرون الانتقام من غزة جريمة