السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»
تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT
الحكومة «الموازية» التي يجري طبخها هذه الأيام في نيروبي هي حكومة «قوات الدعم السريع» مهما حاول المنتسبون إليها، والملتفون حول مشروعها، إنكار ذلك، أو الالتفاف عليه بعبارات فضفاضة. فمن دون بندقية هذه القوات وأموالها لم يكن مخطط الحكومة سينشأ، ومن دون مناطق سيطرتها لن تجد مكاناً يؤويها إن رأت النور.
ولادة المشروع جاءت متعثرة، بدءاً بانقسام في تنسيقية القوى المدنية «تقدم» وحلها، سواء كان الطلاق بين الجناحين حقيقياً أم تكتيكياً.
قيل إن سبب تأجيل توقيع الميثاق كان بطلب من عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية - شمال لإتاحة الفرصة لمشاركة عدد من ممثلي مؤسسات حركته، مع أن الرجل كان موجوداً في القاعة وخاطبها بكلمة ركز فيها على مطالبته بالعلمانية وتضمينها في ميثاق تأسيس المنصة الجديدة وحكومتها.
الحقيقة أن لعنة الخلافات والانقسامات بقيت ملازمة لفكرة هذه الحكومة من انقسام «تقدم»، إلى تبرؤ حزب الأمة من رئيسه اللواء متقاعد فضل الله برمة ناصر الذي مضى في طريق المشاركة في ترتيبات إعلانها. كذلك أدت الخلافات بشأنها إلى انقسام ضد سليمان صندل في حركة العدل والمساواة، تبعه انقسام في حركة الحلو بإعلان أحد أعضاء مكتبها في واشنطن استقالته احتجاجاً على موقف رئيسه ومشاركته في تجمع نيروبي وظهوره إلى جانب قيادة «قوات الدعم السريع»، على الرغم من التاريخ المرير بين الطرفين.
على صعيد متصل، برزت مؤشرات على حدوث انقسام في الحكومة الكينية وتباينات مع رئيسها ويليام روتو بسبب توفيره غطاء لمشروع الحكومة الموازية باستضافة مؤتمر تأسيسها في نيروبي، وهي الخطوة التي أدانتها الحكومة السودانية في بيان شديد اللهجة وصف الموقف الكيني بأنه انتهاك للقوانين الدولية واحتضان جماعة مارست الإبادة الجماعية. ما زاد في حرج الحكومة الكينية أنها لم تقدم أي حكومة أخرى، إقليمية أو دولية، على دعم هذه الحكومة «الموازية»، على الأقل علناً، وهو ما ظهر في عدم مشاركة أي رؤساء بعثات دبلوماسية أو ممثلي دول في مؤتمر إعلان ميثاق مشروعها.
هذه الانطلاقة المتعثرة تنبئ بما هو قادم في طريق هذه الحكومة إن اكتملت ولادتها، والفشل المتوقع لمخطط محركيها. فهي في جوهرها خطوة إعلامية لرفع المعنويات بعد الهزائم المتلاحقة التي تلقتها «قوات الدعم السريع»، أكثر من كونها مشروعاً حقيقياً لدولة لا توجد إلا في خيال من فكروا فيها وحاكوا مؤامرتها.
«قوات الدعم السريع» تريد بهذه الخطوة تحقيق ما فشلت فيه بالسلاح، لكنها سوف تصطدم بأن حسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر. فالحكومة «الموازية» لن تجد الاعتراف الذي تأمله، ولا تملك مقومات الحديث عن امتلاك الشرعية أو انتزاعها، لأنها تستند في الأساس إلى بندقية «الدعم السريع» التي لطختها الدماء، والانتهاكات، والاغتصابات من دارفور إلى الخرطوم والجزيرة، فنشأت هوة هائلة مع المواطنين الذين كانوا يهربون منها ويبحثون عن الأمن في مناطق وجود الجيش. وحتى في دارفور التي ربما يفكرون في انفصال بها، فإنها ليست كلها تحت سيطرتهم، ولا هم يمثلون كل سكانها الذين من بينهم من تعرض للتنكيل على أيدي قواتها، فأصبحت هناك مجموعات كبيرة من أهل الإقليم تقاتلهم.
أمّا مزاعم تمثيل أهل الهامش فهي تبدو مثيرة للسخرية أمام سجل ممارسات القتل والإبادة في دارفور، واستهداف أهل القرى الوادعة في الجزيرة، والخطاب العنصري الموجه ضد مكونات الشمال، والدعوات المتكررة لاستهدافهم في مناطقهم، وأخيراً ظهور أحد المتحدثين من مقاتلي «الدعم السريع» في مقطع فيديو هذا الأسبوع مهدداً منتقديهم في شرق السودان بالقصف بالطائرات بعد تكوين الحكومة الموازية التي وصفها بـ«حكومتنا».
عندما اندلعت الحرب كانت الخطة «أ» انقلاباً خاطفاً للسيطرة على مقاليد الأمور في السودان، وفي الوقت ذاته القيام بتدمير ونهب واسعين، والاستيلاء على بيوت المواطنين، لكن صمود الجيش أفشل الخطة. وبعد الهزائم في الجزيرة، وبداية الاندحار في الخرطوم، دعا قائد «الدعم السريع» قواته إلى الانتقال إلى ما سماه الخطة «ب» التي اتضح أنها تقوم على استهداف محطات الكهرباء والخدمات بالمسيرات، واستهداف الأسواق والمستشفيات وحتى المدارس بالقصف المدفعي وذلك لإثارة سخط الناس على الجيش والضغط عليه للعودة إلى المفاوضات.
هل محاولة تشكيل الحكومة الموازية هي الخطة «ج»؟
بغض النظر عن أبجدية وصفها، فإنها تبدو آخر طلقة في بندقية «قوات الدعم السريع» وحلفائها، وفي تقديري وتقديرات الكثيرين أنها ستفشل، ولن توقف تقدم الجيش وحلفائه نحو تحقيق هدفهم الذي بات معلوماً... بل وقريباً.
(الشرق الأوسط)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نيروبي الدعم السريع السودانية الخرطوم السودان الخرطوم نيروبي الدعم السريع رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع هذه الحکومة
إقرأ أيضاً:
سرديّة القوى المدنيّة (قحت\تقدم\صمود) وأتباعهم تقتضي إنّه: (..)
#شهادتي_لسجل_التاريخ
سرديّة القوى المدنيّة (قحت\تقدم\صمود) وأتباعهم تقتضي إنّه:
١- الجنجويد غير مكلّفين: أيّ إجرام بيمارسوه بتقع مسئوليته على الحرب ومن أشعلها، أو على الأسّسًوا الدعم السريع، لكن الدعّامة نفسهم ما عليهم شي!
٢- الكيزان بتحمّلوا مسئوليّة جريمة تأسيس الدعم السريع، لكن الدعم السريع في نفسه ما حاجة كعبة، بل أفضل من الجيش القومي نفسه.
٣- الجيش العمره ١٠٠ سنة، من قبل ما يولد حسن الترابي، حق الكيزان، لكن الدعم السريع الأسّسوه الكيزان كيان مستقل ما عنده علاقة بالكيزان، بل وتسند إليه مسئوليّة تطهير الجيش من الكيزان!
٤- الجيش البيضم كافّة السحنات والأعراق ما قومي، لكن الدعم السريع المبني على قبائل جنيد ويتباهى نظارها بأنّهم أساسه قومي!
٥- الجيش القاتل أفراده واستشهدوا دفاعاً عن المعتصمين في ٧ و٩ و١١ أبريل ٢٠١٩ ما شارك في الثورة لأنّه ما حمى المعتصمين تاني في ٣ يونيو ٢٠١٩، والدعم السريع الشارك في قتل المعتصمين في ٣ يونيو ٢٠١٩ شارك في الثورة لأنّه ما شارك في قتل الثوّار قبل ذلك!
٦- الجيش اللي هم بي روحهم جابوا قيادته رمز سيادة ضد التحوّل الديموقراطي، والدعم السريع البتملكه أسرة مع التحوّل الديموقراطي!
٧- الدعم السريع ما بتلقّى أيّ دعم أو تمويل خارجي، بصنع المسيّرات في الضعين بمجهودات ذاتيّة، بالإضافة للأسلحة البدّوها ليه البلابسة.
٨- لا توجد دولة ولا سيادة، لكن جوازات اللادولة دي سارية ومعتمدة، وحق مستحق.
٩- البرهان فقد الشرعيّة بمشاركته في انقلاب ٢٥ أكتوبر، لكن حميدتي شريكه استعاد شرعيته باعتذاره عن المشاركة بعد اكتشف إنّه الانقلاب فيه كيزان، أمّا حمدوك الأدّى القسم لتشكيل حكومة الانقلاب فشرعيته مستدامة: irrevocable!
١٠- الإرهاب البتمارسه قوّات الدعم السريع ما مشكلة، المشكلة في الإرهاب المحتمل يحصل في جانب الجيش!
وهكذا!
Abdalla Gafar
إنضم لقناة النيلين على واتساب